الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (168) من الكراسة الأولى (2)

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (168) من الكراسة الأولى (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس:  4-9-2014

السنة الثامنة

العدد: 2561

mahfouz 2

 ص 168 من الكراسة الأولى (2)

 

4-9-2014………………..

………………..

(سبق التداعى على

هذه الأسطر فى نشرة

 الأسبوع الماضى)

………………..

………………..

………………..

………………..

بهاء  زهير

بهاء ؟؟ طاهر

فل على ياسمين

نجيب محفوظ

        27 يوليو 1995

القراءة:

الأسبوع الماضى أجلت ما حضرنى من تداعٍ بالنسبة للأسطر الثلاث الأخيرة عـَلـَمـَيـْن وأغنية. العلمان هما “شاعر”، و”روائى” بهاء زهير، وبهاء طاهر، ثم أغنية جديدة علينا منه.

نبدأ بالشاعر “بهاء زهير“، استشرت مصادرى، وكنت أحسب أن شيخى يقصد زهير بن ابى سلمى، وأنا أحب هذا الشاعر الجاهلى حبا جماً فانطلقت معه بما جاءنى من أخبار عنه حتى ارتويت، لكننى فجأة انتهبت إلى أن الأرجح أن الأستاذ لا يقصده، فكيف أغفلت الاسم الأول؟! عاودت البحث، وفعلا وجدت شاعراً أوْلى بنص ما كتب الأستاذ هو الشاعر “البهاء زهير” من العصر الأيوبى من تهامة الذى ولد بمكة 581 هـ، ثم رحل مع أسرته صبيا إلى مصر وأقام بمدينة “قوص” مجتمع بعض الأمراء والعلماء والفقهاء، آنذاك (وربما حتى اليوم انظر بعد) فرحت وقد تنقل هذا الشاعر بين القاهرة وغيرها في مصر. ولما ظهر نبوغه وشاعريته التفت إليه الحكام بقوص فأسبغوا عليه النعماء وأسبغ عليهم القصائد. وطار ذكره في البلاد ، وصاحب بعضهم فى أسفارهم،

وقد انتهزتها فرصة لأتعرف عن هذه البلدة “قوص”، فكم سمعت أنها بلدة مصرية جدا لها تاريخ تستأهل الإشارة والتنويه:

كانت قوص عاصمة للصعيد ومعبر الحجاج إلى البحر الأحمر. يقول عنها عباس محمود العقاد: “ليس في وادي النيل بلد أوفى أخباراً من قوص في المراجع العربية بعد القاهرة والإسكندرية”، أما في المراجع الأخرى فقوص هي “قيسيت” الفرعونية القديمة، قيل أنها في اليونانية بلد أبوللون رب الفنون، لأن أبوللون عند اليونان يقابل حورس الأكبر الذي يعتقد المصريون أنه ولد في قوص، وقوص ذكرها العديد من المؤرخين والرحالة فقد زارها الشريف الإدريسي وأوردها في كتابه “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق” فقال: “ومدينة قوص مدينة كبيرة”  كما ذكرها أيضاً ياقوت الحموي وابن جبير وفقد قال ابن جبير عنها “وهذه المدينة حفيلة بالأسواق متسعة المرافق كثيرة الخلق لكثرة الصادر والوارد من الحجاج والتجار اليمنيين والهنديين وتجار أرض الحبشة لأنها مخطر للجميع ومحط للرحال ومجتمع الرفاق”.

بينما يقول عنها العلامة القلقشندي في موسوعته “صبح الأعشى في صناعة الإنشا: “مدينة جليلة في البر الشرقي عن النيل ذات ديار فائقة ورباع أنيقة ومدارس وربط وحمامات يسكنها العلماء والتجار وذو الأموال وبها البساتين المستحسنة”.

هذا ويبدو أن هذا التاريخ مازال ممتدا حتى الآن، فقد نشر منذ أيام (أغسطس 2014) هذا الخبر هكذا:

 “أقامت اللجنه الثقافية بنادي الشعب الرياضي بقوص بمحافظة قنا، ندوة أدبية، لمناقشة دواوين الشعراء بهاء الدين الخولي، وديوانه «قول العصاري»، وأحمد محمد حسن، وديوانه «بدر الغلابة»، وفاطمة محمد إبراهيم وديوانها «صرخة وطن»”.

ودعونى اقتطف من شعر بهاء زهير هذا ما أشار به إلى موقعه من بقائه معمرا وأسفه على ما فاته وتوقعه ألا يعوض الآتى هذا الذى لم يحققه الذى مضى، فقال فى ذلك:

فاليوم أبكي على ما فاتني أسفا … وهل يفيد بكائي حين أبكيه

ثم رأيت أن أتحف القارىء بهذه الهدية من شيخنا عن “زهير بن أبى سلمى” ما دام شيخى قد جدد حبى له وهو يذكرنى به، فعشمى أن يحبه من يصاحبنا فى هذه التداعيات:

 “زهير بن أبى سلمى” أحد أشهر شعراء العرب وحكيم الشعراء في الجاهلية وهو أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء وهم: امرؤ القيس وزهير بن أبي سلمى والنابغة الذبياني، وتوفي قبيل بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام.

قيل عنه أنه كان ينظم القصيدة في شهر, ويهذبها في سنة، فكانت قصائده تسمى الحوليات.

فاستفدت من ذلك فى هذه المرحلة بالذات وأنا أستعد لنشر شعرى المؤجل نشره منذ سنين، وكلما هممت بتغيير كلمة واحدة أرعب بناءً على نصيحة أحد الشعراء الذين أثق فيهم ألا أقرب ما خرج منى شعراً أول مرة، حتى لا يقفز عقلى إليه وصيا مشوِّها، لكن حين بلغنى الآن بفضل شيخى هذا الخبر عن هذا الشاعر الفحل “زهير بن أبى سلمى” اطمأننت قليلا وآمل ألا أبالغ فى هذه الطمأنينة.

ومن أجمل المديح الذى أنشده بن أبى سلمى (وأنا لا أحب المديح أصلا) مما جاءنى منه: هذا البيت:

تراهُ إذا ما جئْتَه مُتَهَلِّلا . . كأنَّك تُعطيه الذي أنتَ سائلُهْ

هل تصورت المنظر وفرحت به معى؟

قصة معلقة زهير:

أما معلقته، فحدث عنها ولا حرج، فلم أكن أعرف من هى “أم أوفى” التى جاءت فى أول بيت فيها حتى علمت الآن أنها زوجته الأولى التى طلقها، ثم ندم لاحقا لكن غالبا ليست “ندامة الـُكـَسـِعّى لما غدت منه مطلقة نوارُ!َ!

(وأمنع نفسى من الاستطراد لحكى هذه الحادثة الطريفة)

وأتوقف هنا لاختيار أبيات من حكمته الفياضة، وابتداء، وبصراحة لم أكن أعرف أنه قائل البيتين الذين أرددهما دائما:

وَمَا الحَرْبُ إِلا ما عَلِمْتُم وَذُقْتُمُ… ومَا ُهَو عَنْهَا بالحَديثِ الُمرَجَّمِ

 مَتَى تَبْعَثُوها تَبْعَثُوها ذَميمَةً…. وَتَضْرَ إِذا ضَرَّيْتُمُوها فَتَضْرَم

وهذان البيتان كثيرا ما أستشهدت بهما حين تكتسب أية عملية خطيرة زخمها من نفسها وتستغنى عن باعثها.

ثم انظر معى أداب المجاملة التى تسمى “الأتيكيت” وأيضا هى لب السياسة.

وَمَنْ لم يُصانِعْ في أْمُورٍ كَثِيرَةٍ…. يُضَرَّسْ بِأَنْيَابٍ وَيُوطَأْ بِمَنْسِمِ

أما عن هذا العقاب الذى يلحق بمن لا يكرم ويرعى الأحق من الناس به – قومه- فهو عقاب قاس ساخر، “يـُسـْتـَغـْنَ عنه ويُذمَمَ، فيذكرنا بقول العامة عندنا “يغور هوّا واللى عنده، والله مايستاهله!!”

يقول زهير:

وَمَنْ يَكُ ذا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بفَضلِهِ…. على قَوْمِهِ يُسْتَعْنَ عنْهُ وَيُذْمَمِ

وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الَمنَايَا يَنَلْنَهُ… وَإِنْ يَرْقَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ

ثم هو ينبه إلى أن نضع المعروف عند من يستأهله دون غير.

وَمَنْ يَجْعَلِ الَمعْرُوفَ في غَيْرِ أَهْلِهِ…. يَكُنْ حَمْدُهُ ذَمّاً عَلَيْهِ وَيَنْدَمِ

وأخيراً يعلمنا كم علينا أن نحترم الرأى العام.

وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِىءِ مِنْ خْلِيقَةٍ…. وَإِنْ خَالَها تَخْفَى على النّاسِ تُعْلَمِ

وبعد

استأذنكم مرة أخرى أن أؤجل الحديث عن “بهاء طاهر” فعندى عنه ما لا يصلح أن يأتى ثانويا هكذا.

وأيضا أؤجل تعقيبا قصيرا على ما ختم به شيخنا الصفحة “فل على ياسمين” وهى أغنية لسيد دوريش، كلمات: بديع خيرى، ألحان: سيد درويش، سنة 1919.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *