نشرة “الإنسان والتطور”
2012-8-9
السنة الخامسة
العدد: 1805
ص 88 من الكراسة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
اذا جاء نصر الله والفتح
ورأيت الناس يدخلون فى
دين الله أفواجا
فسبح بحمد ربك واستغفره
إنه كان توابا.
نجيب محفوظ
ابريل 1995
القراءة:
بعد مراجعتى المعتادة، قلت أكتفى اليوم بالإشارة إلى آخر نشرة جاءت فيها هذه السور كاملة بوجه خاص نشرة 5-7-2012 ، وبالرجوع إلى هذه النشرة وجدت أننى أنهيتها بقولى:
فإن لى موقف بشأن التسبيح يطول شرحه، من أول “تسبيح الجبال والطيور” إلى “تسبيح ما بين السموات والأرض”، ويختلف عندى “سبحان الله” فقط عن “سبحانه وتعالى عما يصفون” كما يختلف كل هذا عن التسبيح إذا أتى فى سياق الحمد “يسبح بحمده”، فما بالك إذا ألحقه بالاستغفار فعطاء التوبة….الخ
وقد سألنى، أو طلب منى الصديق “عمر صديق” فى بريد الجمعة أن أقول فى ذلك أكثر، وها هى ذى الفرصة تلوح، ولكن فى حدود.
التسبيح أقرأه كله فى سياق مرتبط “بالإيقاع الحيوى” من أول دورات جزيئات الذرة حتى تكامل الهارمونية فى ملكوت الله كدحا إليه، وأرجو أن يعتبر الصديق عمر هذه الإضافة الآن مجرد مقدمة للرد على تساؤله بصفة مبدئية.
ابتداءً أنفى نفيا قاطعا أن تكون هناك أية علاقة بين ما سوف أذكره هنا باجتهاد شخصى وبين ما يسمى العلم الحديث أو حتى القديم فقد أعلنتها مرار وبوضوح أن هذا المنهج المسمى “التفسير العلمى للقرآن” هو إهانة للقرآن وتجهيل للعلم فى نفس الوقت وأنه لا يفيد أيا منهما.
المنهج الذى اسمح لنفسى أن أجتهد من خلاله هو احترام منطقى السليم ولغتى الرصينة مع طرح التفاسير الجاهزة جانبا، لا إنكارا، أو استهانة، ولكن احتراما للمعرفة الأشمل ولعقلى البسيط فى حدود قدراتى، واستلهاما من كلمات القرآن الكريم مباشرة، وأحيانا ربطا بينها وبين بعضها البعض فى سياق ما أعايشه مع كلام الله وعيا خالصا.
النظر فى التسبيح بإمعان هادئ بدأ عندى حين انتبهت إلى التدرج من الأعم للأخص، ومن الجماد للأحياء للإنسان، وايضا بموازاة الإيقاع الحيوى بشكل أو بآخر.
سوف أرتب يا شيخى الخطوط العريضة لصديقنا عمر صديق كما وصلتنى فى دوائر متصاعدة وذلك بعد استبعاد المعنى الأكثر تواترا وهو التسبيح بمعنى عن “تنزيه” الله سبحانه وتعالى عن كل ما هو دونه، وأيضا بعد استبعاد (مؤقتا) التسبيح بحمده، ومثال الأول:
“وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ” سورة الأنعام آية (100)
والمثال الثانى:
“فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا” سورة النصر آية (3)
ثم رحت أتابع تصاعد التسبيح كما ذكرت بدءً من “كل شىء” بما فى ذلك الجماد إلى “كل شىء” بما يشمل ما فى السماوات والأرض وما بينهما، ومن ذلك على الوجه التالى:
“تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا” سوره الأسراء آية (44)
“فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ” سورة الانبياء آية (79)
“وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ” سوره الرعد آية (13)
بالله عليكم كيف نفصل تسبيح الجبال والطير والرعد والصواعق عن تسبيح البشر والإبداع والعبادة والكدح، ليتناسق الكل فى اللحن الأعظم إلى وجه الله.
أما علاقة التسبيح بالإيقاع الحيوى فلها مجال أوسع وأكتفى بمثالين:
“إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاق” سورة ص آية (18)
“فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى” سورة طه آية (130)
ولنا عودة مستهدين بالعلوم الكموية غالبا وبفكرة الإيقاع الحيوى تفصيلا التى ناقشتك فيها يا سيدى مرارا حين طرحت عليك فروضى عن الهارمونى الكونى المتصاعد، وعن فروض الالحاد نيزكا ساقطا نشازا ضد هذا اللحن الكونى، وكل ذلك يبدأ من النظر فى تسبيح دورات مكونات الذرة فى مدارها تناسقا واتزانا إلى تشكيلات الوعى البشرى تخليقا وإبداعا، ومن تنظيمات أسراب الطيور المهاجرة إلى بناء النمل الأبيض بيوتها.
عذرا يا شيخى
شكرا يا عمر
ولنا عودة