نشرة “الإنسان والتطور”
26-4-2012
السنة الخامسة
ص 73 من الكراسة الأولى
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
عندما يأتي المساء
من اد ايه كنا هنا
سكتّ ليه يا لسانى
أهون عليك
كلنا نحب القمر
فيك عشرة كوتشينة
نجيب محفوظ
14/4/1995
القراءة:
وكأن محمد عبد الوهاب قد زاره شخصيا هذا اليوم، كلها أغانى عبد الوهاب، وأغلبها قديم، بل قديم جدا، أنا أعرف، كما سمعت، الكثير عن حب شيخنا لأم كلثوم، وفن أم كلثوم، وصوت أم كلثوم، وأعرف أيضا أنه يحب سيد درويش جدا، ربما لعلاقته بثورة 1919 بالذات، لكنه نادرا ما حدثنى عن محمد عبد الوهاب بنفس الدفء أو الود، صحيح أنه وردت فى الصفحات السابقة مقاطع كثيرة من أغانيه، لكننى لا أذكر أنه احتل جبل الوعى، أو ركب سحابته بهذا الحضور فى تدريباته مثلما حدث اليوم
بعد البسملة وكتابة اسمه واسم كريمتيه كالعادة دخل شيخنا مباشرة إلى سهرة غناء محمد عبد الوهاب بدءا بما ذكره سابقا، وكانه تذكر ما كتب، وهم أغنيتا “عندما يأتى المساء” (1938)، “ومن قد إيه كنا هنا“، وهما حديثتان نسبيا، ثم إذا بنا فى وجْد رحاب أغانيه القديمة العريقة.
سبق أن انطلقت تداعياتى مع “عندما يأتى المساء” حين جاءت فى صفحة التدريب رقم 62، نشرة 23-2-2012، وكان من أجمل ما وصلنى منها ذلك المقطع الذى يقول فيه :
كلَّما وجَّهتُ عينى نحو لمَّاح المحيَّا
لم أجد فى الأفقِ نجماً واحداً يرنو إليَّا
هل تُرى يا ليل أحظى منكَ بالعطف عليَّا
فأغنى وحبيبى، والمنى بين يديَّ
وقد عقبت حينذاك قائلا: “… كان هذا التلاقى بين العبق والأنوار فى ذوبان الأرواح من أرق ما شكرت الأستاذ أن هدانى إليه”
ثم إنى توقفت الآن من جديد عند المقطع الذى بقى فى ذاكرتى بوجه خاص لست أدرى لماذا،
يا حبيبى، لك روحى، لك ما شئت وأكثر
إنَّ روحى، خير عبقٍ، فيه أنوارك تظهر
لكننى حين عدت أتأمله اليوم وصلتنى تفاصيل الصورة التى جذبتنى فأوضحت لى ظاهرة بشرية فى العلاقات الإنسانية الجميلة لم تخطر لى من قبل، وقد تبينت من هذه الصورة كيف يمكن أن تظهر أنوار شخص ما من خلال روح آخر يحبه كل هذا الحب النقى القادر المحتوى المخترق معا.
الأغنية الثانية المعادة لعبد الوهاب سبق ورودها مرتين فى كل من صفحة التدريب رقم 1 نشرة، 31-12-2009، وصفحة التدريب رقم 40، نشرة 20-10-2011 وهى أغنية احدث، وليس عندى ما أضيفه على ما قلته سابقا.
ننتقل الآن إلى الجديد القديم من أغانى عبد الوهاب، الجديد بالنسبة لوروده فى صفحات التدريب، والقديم بالنسبة لتاريخه بالعقد الثالث من القرن الماضى:
أولا: “سكت ليه يا لسانى”
بصراحة، أنا لم أستطع لأول وهلة أن أقرأ ما كتبه الأستاذ بخطه فيما يخص هذه الكلمات الثالث، أو الأربع، برغم محاولات كثيرة، حتى قررت أن أبدأ من الآن ترك ما أعجز عن قراءته فى تدريباته بحرج أقل من ذى قبل، لكننى حين اكتشفت أن هذه الصفحة قد خصصت لمحمد عبد الوهاب، خطر لى خاطر أنها لا بد أن تكون إحدى أغانيه، فكتبت “أغينة عبد الوهاب، ثم كلمة لسانى” على جوجل، وانتظرت الفرج ، وجاءنى الفرج فعلا، وتعرفت على الأغينة التى لم أكن أعرفها من قبل “سكت ليه يا لسانى”، وهى من كلمات “أحمد رامى”، ولم أسمعها من قبل، وإن كنت نويت أن أسمعها فيما بعد، قرأت كلماتها ولم ترقنى إطلاقا، بل – بصراحة – ملأنى الغيظ من أحمد رامى، ما هذا؟ “ما كانشى يرحمنى منه إلا بكاى ونوحى”!! ما هذا؟، تعجبت: ما الذى أعجب الأستاذ فى هذا الكلام؟ كنت أعذر رامى حين يكتب مثل هذه الكلمات لتغنيها أم كلثوم لعله يوصل لها من خلاله ما لم يصلها بالكلام، لكن أن يكتبه لعبد الوهاب، فلم أفهم ، ثم قلت لعله استعمل عبد الوهاب مرسالا للغرام، ما علينا، رجعت فى كلامى وألغيت تأجيل الاستماع للأغنية آملا أن يصالحنى اللحن والأداء على ما رفضت من كلمات، دخلت إلى النت اليوتيوب، يالهذه التكنولوجيا الرائعة!! وكأننى ملك الزمان يطلب إحدى الجوارى أو المغنين ليطربوه بلحن بذاته فى وقت بذاته، ما أروع أن يعيش المرء هذا الزمن الجميل مع هذه التكنولوجيا القادرة، كلما سمعت تعبير الزمن الجميل يطلق على الماضى جدا بتحسرات كهلة، تعجبت كيف يفضلون ذلك الزمن الطيب فعلا مع قصور إمكانياته مقارنة بإمكانيات هذا الزمن الرائع الذى نعيشه الآن بفضل التكنولوجيا ونحن نحصل على المعلومات والفن بهذه السهولة والإحاطة؟ المهم، اتوقف عن الاستطراد، وأقر أن اللحن والأداء لم يصالحانى على الكلمات كما تصورت، فتعجبت من جديد: ما الذى أعجب الأستاذ فى هذه الأغنية بالذات حتى تطفو هكذا من ذاكرته على سطح وعيه، فتتصدر أغانى عبدالوهاب فى هذه الصفحة؟ هل يا ترى هى مرتبطة بذكرى معينة؟ بخبرة معينة؟ بأم كلثوم؟ ليكن ما يكون ، لكنه الأستاذ مستودع الفن والأسرار والإبداع
الأغنية التالية لعبد الوهاب اليوم هى:
“أهون عليك ” 1928
وهى من كلمات يونس القاضى (وقد سبق أن كتبت طويلا عن هذا المبدع الجميل فى قراءتى (نشرة 7 – 7 – 2011 صفحة 28) بما لا أريد أن أزيد عليه، كلمات هذه الأغنية أجمل جدا (من الأغنية السابقة: سكت ليه يا لسانى)، وإن كانت تحمل نفس الاستجداء، والشكوى والبكاء، لكننى توقفت عند بيتن كم ترددا فى أذنى صغيرا، ليس بالضرورة من محمد عبد الوهاب، ربما كان أخى الأكبر يرددهما ، كما كان يردد أغنية ليلى مراد فى الشرفة فى طنطا فى أواخر الثلاثينيات وهو يلوح لجارتنا عبر الشارع “بتبص لى كده ليه ما تقولى قصدك إيه”
ربما هذين البيتين هما :
كان عهدى عهدك فى الهوى يا نعيش سوا يا نموت سوا
أحلام وطارت فى الهوا تركت مريض من غير دوا
معقول،
ثم إن المرحوم يونس القاضى أنهى الأغنية بما يشبه رفض هذه المهانة أو الاستهانة قائلا :
ليه ضاع الوفا، ليه ضاع الوفا؟!
ليه زاد الأسى؟ ليه روحى تهون!!
لا مانع، لن أذهب لسماعها الآن، مكتفيا بهذين البيتين يترددان داخلى “كان عهدى عهدك فى الهوى”..إلخ، ربما عزوفى عن سماعها الآن يرجع إلى أننى حين رحت أبحث عن هذه الأغنية عند مولانا جوجل، وردت لى عدة أغان حديثة بنفس العنوان (أهون عليك)، (المطربة شيرين – المطرب هيثم شاكر – وفرقة ميامى الكويتية) وأحببت أن أستمع إلى الأغنية القديمة، وأنا فى حالة استعداد للاستماع لما حدث للأغنية بالمحدثين من خير أو غير ذلك، وليس هذا وقته!!.
أيضا عثرت على بحث موسيقى رائع عن إبداع عبد الوهاب فى تلحين هذه الأغنية وأدائها، بحث وتحليل موسيقى: د.أسامة عفيفى لم أفهم فيه حرفا، إلا أن عبد الوهاب كان مجددا عبقريا فعلا، فأسفت على جهلى بأبجدية النقد الموسيقى وأسرعت بالانتقال إلى ما بقى من أغان:
أغينة “كلنا نحب القمر” كلمات: احمد عبد المجيد تاريخ: 1928 (ما حكاية هذه السنة التى جمعت كل هذه الأغانى هكذا ؟َََ!)
ما هذا يا شيخنا الغالى؟ يحضرك عبد الوهاب، فتقفز إلى سطح وعيك كل هذه الأغانى فتخطها فى تدريباتك، أسعدتنى، وعلمتنى (ثم أسعدتنا وعلمتنا إن شاء الله)، لكن أن تصطبغ أغلبها بهذا التذلل، والاستجداء والخضوع، حتى لو كان هو صفة الحب آنذاك، فهذا ما تعجبت منه حتى الرفض، أحببت بداية هذه الأغنية الجديدة، “كلنا نحب القمر” ونهايتها بالعافية، وحين استمعت إليها ازددت خصاما معها،
لماذا يا شيخى ربنا يخليك، هل أنا زعلتك فى شىء؟
الآن: يبدو أننى صعبت عليك، فختمت حفل عبد الوهاب الساهر بهذه الأغنية التى أحبها جدا جدا
- فيك عشرة كوتشينة، وهى من : كلمات: محمد يونس القاضى أيضا وتاريخها سنة (1927)، وبالرغم من أنها من غناء محمد عبد الوهاب إلا أنها من تلحين سيد درويش!!
أحب هذه الأغنية لأسباب كثيرة:
فأنا أحب لعب الكوتشينة (الواد يقش، الورق بتلاتين والبصرة بعشرة وليس الثمانية المجنونة (Crazy 8) وأخواتها، وأنصح بلعبها لإنهاء أو الوقاية من الخلافات الزوجية والتليفزيون مغلق، وأحب اللعب “مرابعة” أكثر للجمع بين التنافس والتعاون والتلميح الشفرى، ثم إنه كان عندى ممرض شاب، رحمه الله، كان يتقن غناءها بشكل جميل جدا (لا أعرف لماذا مات وهو شاب هكذا؟) ثم إنى حين كتبت شعرى بالعامية ، جاءتنى صورة وأنا أنبه أن يكون اللعب “عالمكشوف” (اللعب) بيننا وبين أنفسنا، وأيضا بيننا وبين السلطة وهو ما يسمى “الشفافية!!” حاليا حيث قلت:
نكشف ورقنا قبل ما الواد يتحرق
واللى يبصّر “بالبنيّة” يبقى ذنب التانى على جنبه ما لوش يزعل بقى،
ما كان يشوف!!
ما اللعب عالمكشوف أهه.
أنظر الشرح على المتن إن شئت (نشرة 1-7-2009 “….علـّمنى ضـَربْ النار، بكلمةْْ صدق طالعهْْ مولـَّعـَةْ”)
ثم إننى كلما كنت أسمع ممرضى وصديقى المرحوم عبد التواب يغنيها، وأتتبع الخطوات والأدوار التى تقولها الأغنية، أشعر أننى جالس فى التراسينة (البلكونة) فى بلدنا، بما يؤكد لى كيف هو جميل رائع هذا التصوير شديد الإتقان والجمال معا، لا ما نع أن أسمى هذا الزمن بالزمن الجميل، ولكن زمننا نحن أيضا هو جميل رائع بهذا النت، واليوتيوب، وكل هذه الموسوعية المتاحة للعامة أمثالى.
شكرا يا شيخى الجليل، ثم دعنى أهدى كلمات الأغنية لمن يحب لعب “الواد يقش”، على أن يتابعها معنا دورا بدور، نسمعها ، ونتخيل أنفسنا نلعب مع ألحان سيد درويش، وغناء محمد عبد الوهاب (على فكرة لأ أعرف هل غناها سيد درويش أصلا، ثم غناها محمد عبد الوهاب أم ماذا؟)
فيك عشرة كوتشينة، فى البلكونة
بصرة، بشكة، عادة، مجنونة
كلت بولد آه يا حلوللى و شوف بقى اللعب الرايق
الطيبة الدوه و البللى و آهى فورة من أول طابق
تلاعبنى ليه .. ليه بقى برهان
آدى بصرة بالكومى و البنت و آدى بصرة تانى بالشايب
اللى ما شفتك مرة كلت باين ما لكش هنا نايب
تلاعبنى ليه .. ليه بقى برهان
شوف الحساب فاضل بنطين ياللا قوام أوفى بوعدك
جانى ولد لأ دول اتنين نهايته أهى راحت عندك
فيك عشرة تانية .. انما برهان