الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (198) من الكراسة الأولى (10)

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (198) من الكراسة الأولى (10)

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس: 25-6-2015

السنة الثامنة

العدد: 2855

mahfouz 2 (1)

مازلنا فى نفس صفحة 198 من الكراسة الأولى (10)

4-6-2015

بسم الله الرحمن الرحيم

نجيب محفوظ

أم كلثوم نجيب محفوظ

فاطمة نجيب محفوظ

الأصدقاء الأعداء المسيح يصلب من جديد

الشيخ والبحر، الصخب والعنف، فرانسوا

ساجان، عن الحرب والسلام، الأخوة كرامازوف

اللصوص، يوسف واخوته، البحث عن

الزمن المفقود، القلعة، الحكمة،

(ك.غ)(1)، الجريمة والعقاب، لمن تدق الأجراس، أحلام شهر زاد ، سليمان

 الحكيم، أهل الكهف، سارة، إبراهيم       

الكاتب، زينب، ماجدولين

                     نجيب محفوظ

                      27/8/1995

القراءة:

مقدمة:

أبدأ بالتذكرة (فى الهامش) بما ورد سابقا(2) وأشرت إليه فى أول محاولة قراءة لهذه الصفحة الموسوعية، ثم أقول:

آن الأوان أن أحسم الأمر، وأن أنتقل من هذه الصفحة بكل ما احتوت من تداعيات دالة ومحفـِّزة وجوهرية، مع أنه يبدو أن ما تبقى فيها يمثل قيمة خاصة لشيخنا، هى التى جمعت هذه الأسماء وهذه الأعمال بجوار بعضها هكذا عفو الخاطر، بالرغم من ذلك فلابد أن أشير ولو فى عُجالة إلى ما تبقى فيها، ذلك لأننى لو تركت تداعياتى واستلهاماتى تنطلق فربما أجد لنفسى مبررا يدعم خاطرا خطر لى أن أتوقف عند الصفحة “200”، وهو أمر يرادونى منذ أسابيع مع أننا مازلنا فى الكراسة الأولى.

لم أقرر ذلك بعد، ذلك لأنه كلما خطر لى هذا الخطر قفز إلىّ تساؤل يقول: ولمن أترك هذه الأمانة إذا أنا توقفت، وكيف أرجع إلى الدراسة الشاملة – إن كان فى العمر بقية- وقد ترك شيخنا لنا ستة كراسات بالتمام والكمال نتعرف من خلالها على طبقات وعى هذا المصرى: التاريخ الشامخ، ومن ثم نتعرف على مصر وعلى أنفسنا؟

ما علينا، ليس هذا وقته، والذى فى علمه سوف يتمـّه، وعلىّ الآن أن أخرج من هذه الصفحة بالسلامة، ما أمكن ذلك – وسوف ألزم نفسى بألا يزيد تعقيبى على ما بقى فيها عن بضعة أسطر لكل اسم أو عمل مما تبقى (مع أننى قد جمعت لكلٍّ ما استثاره واستقدمه من مواد تفضل علىّ بها عمنا “جوجل” وغيره) ثم دعونى آمل أن ترد أى من هذه الأسماء أو هذه الأعمال فى صفحات قادمة مرة أخرى فأوفيها حقها حينذاك معتذراً،

وبعد

 إليكم نبذة عن ما تبقى:

1)   ذكرتُ الأسبوع الماضى يا شيخنا أننى كنت قد قمت بدراسة نقدية لهذا العمل الرائع لهمنجواى، “لمن تدق الأجراس” وأننى قدمتها فى إحدى الندوات الثقافية فى جمعية الطب النفسى التطورى، وأننى بحثت عن هذه الدراسة فى حاسوبى ولم أجدها، ولا أنا وجدت أصل الرواية وبه ملاحظاتى على الهامش وتخطيطى لبعض أسطرها بالمتن، لكن بلغنى – الآن – بعد الندوة المذكورة بأكثر من ثلاثين عاما. أن كلا من المرشحين للرئاسة الأمريكية “جون ماكين” و”باراك أوباما”: ذكر هذا الكتاب أكثر من مرة فى خطبه، فباراك أوباما أعلن أمام الملأ أن «لمن تقرع الأجراس؟» هو واحد من ثلاثة كتب ألهمته طوال حياته، بينما زايد عليه جون ماكين بقوله: إن كتاب همنغواى هذا هو كتابه المفضل طوال حياته. والحقيقة أن ماكين لم يكن مغالياً فى هذا القول، إذ أنه ذات يوم اختار لكتاب وضعه عنوان «تستحق النضال لأجلها»، وذلك فى استعارة واضحة من آخر جملة يتفوه بها روبرت جوردان بطل «لمن تقرع الأجراس؟» قبل الخاتمة،  طبعاً ما كان من شأن هذا كله إلا أن يعيد كتاب همنغواى الى الواجهة.

أنتهز من خلال ذكر هذه المعلومة أن أنبه إلى مدى تأثير العمل الإبداعى الأصيل فى تكوين وتركيب مثل هؤلاء الأشخاص المهمين أثناء تشكيل وعيهم السياسى والقومى فيتباهون به أمام ناخبيهم، وأعتقد أن بعض ما يوازى ذلك قد جاء فى إشارة من جمال عبد الناصر إلى تأثره برواية “عودة الروح” لتوفيق الحكيم.

2)   ثم أنتقل إلى مسرحية سليمان الحكيم بعد أن استدرجتنا مسرحيته: “سر شهرزاد” ونحن نقارن بينها وبين “أحلام شهرزاد” لطه حسين مع أن شيخنا لم يذكرها نصا فى هذه الصفحة، ولكنه ذكر “سليمان الحكيم” و”أهل الكف” لتوفيق الحكيم.

مسرحية سليمان الحكيم ظهرت سنة 1948 وقوبلت بترحيب ونقد مهمين حتى  غدت رمزاً لذلك الصراع الدائر الآن على مسرح الدنيا، إن الجنى المنطلق من القمقم هو المتسلط الساعة على النفوس، وأن القوة عمياء، ما نالها أحد حتى اندفع يدوس بها الاخرين وإن القدرة مغرية، ما ملكها أحد حتى بادر إلى استخدامها فيما ينبغى وما لا ينبغى….الخ، لتنتهى بأن نأمل أبداً في أن نقيم فى نفوسنا الخيرة سداً يقف فى وجه ما تحمل من ميل إلى طغيان وسيطرة!

وبرغم أننى لم أرجع إلى المتن الأصلى حالا، إلا أننى لم أفرح بهذه النهاية، وبالذات بهذا السد بعد أن تطور فكرى إلى ضرورة قبول ما ألهم الله نفوسنا من فجور وشرور كجزء ضرورى فى عملية جدل النمو فى حركية إبداع تطور الذات باستمرار!، وبالتالى فإن التفكير بأن “الحل هو السد” تفكير ساكن أو فض اشتباك.

3)   أما مسرحية “أهل الكهف” لتوفيق الحكيم(3) فربما هى أشهر من مسرحيتى “سر شهرزاد” و”سليمان الحكيم” وقد ترجمت إلى الفرنسية والايطالية والانجليزية، وكانت أول العروض المسرحية التى افتتح بها المسرح القومى نشاطه وأخرجها زكى طليمات، ويقال إنها لم تنجح على المسرح.  واصطدم الجميع بذلك حتى توفيق الحـكيم نفسه الذي عزا السبب في ذلك إلى أنها كتبت فكرياً ومخاطبة للذهن ولا يصلح أن تعرض عملياً. إن محور هذه المسرحية يدور حول صراع الإنسان مع الزمن.

وعلاقة شيخنا محفوظ بالزمن متعددة الأبعاد وحضوره فى إبداعه يشمل إدراكه كيف أن للزمن “طولا” و”عرضا” و”عمقا” و”اتساعا” طول الوقت ويظهر ذلك خاصة فى إبداعه الطليق، وقد قمت بدراسة عن الزمن عن محفوظ فى “أحلام فترة النقاهة”(4)، وتأكدت الآن أنه إذ كان توفيق الحكيم  قد تناول الزمن فى هذه المسرحية فقد تناوله فى بعده الطولى وهو بعد محدود مهما تغيرت وحدة القياس، بالمقارنة بالأبعاد التى كشفها محفوظ وقدمها لنا فى إبداعاته بالطول والعرض والعمق كما ذكرنا.

وسوف أعود إلى “أهل الكهف” غالبا وأحاول أن أجد سبيلا للمقارنة ، ويجدر أن أضيف الآن رأيا خاصا لى عن فكرة أهل الكهف وعلاقتها بفكرة البيات الشتوى للأحياء، وكيف أنها ممتدة فى الأساطير وفى الإبداع الجيد حتى الإنسان.

4)    ثم ننتقل إلى “سارة“، وموقع العقاد ككاتب قصة وهو المفكر الفحل والمثقف الموسوعى، وهل يا ترى نجح مثلما نجح طه حسين كروائى امتلك كل أدوات الرواية وأحسن تشكيلها؟ أم كانت إلحاحا شخصيا على العقاد لظرف خاص، وخاصة وأنه قد صرح قائلا: “قصة سارة هى فى حقيقتها تجربة نفسية كان لابد أن تكتب فى يوم من الأيام” وأيضا أنها “قصة لابد أن تحدث، أو أنها تقبل الحدوث“، وبصراحة لم أتوقف طويلا كما توقف عدد من النقاد عند البحث عن شخصية سارة فى الواقع، وهل هى مصرية أم أجنبية أم اسرائيلية حتى ذهب  بعضهم إلى تحديدها بالاسم، وما أظن أن هذا جائز أو هو مفيد، وقد رفضت طوال اجتهاداتى النقدية أن أُرْجِعَ أى شخصية من شخصيات روايات محفوظ إلى شخص بعينه حتى ما ورد منهم فى “المرايا”، وأيضا تحفظت على ما صرح لى به توفيق صالح عن أصل شخصية عمر الحمزاوى فى رواية “الشحاذ”، كذلك فإن ما أثير عن كون كمال أحمد عبد الجواد فى الثلاثية هو الأقرب إلى شخص محفوظ نفسه وضعته عندى بين قوسين ومعه علامات استفهام كثيرة، كل هذا كنت أبتعد عنه ولا أجد فيه فائدة نقدية، فما اسميه “الواقع الإبداعى” هو واقع قائم بذاته، وقد يكون أكثر موضوعية من الواقع الماثل أمامنا.

5)    ثم أنتقل إلى رواية المازنى “ابراهيم الكاتب” فيحضرنى المازنى فى علاقته بالعقاد، وأنا أحب هذا الرجل بقدر ما احترم العقاد، وأعاهد نفسى بالعودة لقراءة هذا العمل كاملا حيث لا أذكر تفاصيله حالا، لكن ما وصلنى أن المازنى قد صوَّر قضية هامة تقع فى صلب اهتمامى، وهى التى تتناول الفرق بين حدث فعل “الحب” ومساحة “القدرة على الحب”، وأن الذى يملك القدرة على الحب يستطيع أن يجمع عددا من الأحبة دون تعارض صارخ، ودون خيانة، حتى لو كان هذا الجمع بالتتالى تقريبا، والأهم هو أن المازنى ترك النهاية مفتوحة ليؤكد لنا أن القدرة على الحب لا تتطلب جدول مقارنة بين الأسخاص الذين نحبهم، وهى لا تلتزم بالضرورة بنهاية سعيدة أو عكس ذلك تجاه أى من مواضيع (شخوص) الحب.

6)   وأخيراً أختتم ملاحظاتى، وليس تداعياتى كما اعتدت واعتدتم، برواية “زينب“، للسياسى والزعيم محمد حسين هيكل ومثلما تعجبت لطه حسين وهو يكتب سر شهرزاد وتعجبت للعقاد وهو يكتب سارة، شعرت أن لنا أن نـَتعجب ونـُعجب بهذا السياسى الكبير وهو يدلى بدلوه مع الرواة المبدعين.

هذه الرواية صدرت فى القاهرة سنة 1945، وقيل أنها بذلك تعتبر تأسيسا للبداية الرسمية للإبداع الروائى (بعد محاولات تمهيدية) وقيل إنه صدرت قبلها رواية “غاية الحق” لفرنسيس فتح الله، ولكن هذا ليس موضوعنا اليوم .

كذلك كان العنوان الفرعى للرواية أشبه بأطروحة عن الوعى الشعبى وبعض تقاليد الريف أكثر من عنوان رواية إذ كان هذا العنوان يقول “مناظر وأخلاق ريفية” وقيل إن المؤلف أضافه حرجا من أن يؤاخذ على عَنْوَنة رواية باسم أنثوى عارٍ هكذا “زينب”، وربما كان هذا غير مقبول فى ذلك التاريخ، وخاصة من زعيم سياسى بهذا الحجم، ولم يعجبنى هذا الراى وتذكرت الخطأ الذى وقعت فيه حين كتبت رواية “الواقعة” وكتبت لها عنوانا فرعياً “رواية علمية”، ثم حذفته بسرعة قبيل الطبع أو فى الطبعة الثانية لا أذكر.

[1] – كلمة غير مقروءة من الجائز أن تكون “ريبيكا”

[2] –  الشيخ والبحر: جاءت فى ص 110(الحلقة التاسعة) نشرة 30-5-2013

 – عن الحرب والسلام: جاءت فى ص 110(الحلقة الرابعة) نشرة 25-4-2013

–  الأخوة كرامازوف : جاءت فى ص 110(الحلقة الثانية) نشرة 11-4-2013

– اللصوص:  جاءت فى ص 110(الحلقة السابعة) نشرة 16-5-2013

–  يوسف واخوته: جاءت فى ص 110(الحلقة الرابعة) نشرة 25-4-2013

–  البحث عن الزمن المفقود: جاءت فى ص 110(الحلقة التاسعة) نشرة 30-5-2013

– الجريمة والعقاب: جاءت فى ص 110(الحلقة الرابعة) نشرة 25-4-2013

– ماجدولين:  جاءت فى ص 106 نشرة: 13-12-2012

الحكمة: يؤتي‏ ‏الحكمة‏ ‏من‏ ‏يشاء‏ : فى صفحة التدريب (36) نشرة: 8-9-2011، وأيضا فى صفحة التدريب 56، نشرة 26-1-2012،

[3] – لعلى ذكرت من قبل تعليق الأستاذ بعد أن نال جائزة نوبل أنه يحمد الله أنه اختار توفيق الحكيم إلى جواره قبل هذا الحدث، وهو (محفوظ) يرى أنه أحق بالجائزة، وأنه كان سوف يخجل لو أنه نالها دونه وهو على قيد الحياة.

[4] – دورية نجيب محفوظ (التاريخ والزمن “قراءات فى الزمن”) مقدمة عن: حركية الزمن، “وإحياء اللحظة” فى إبداع (أحلام) نجيب محفوظ – العدد الثالث – ديسمبر 2010  المجلس الأعلى للثقافة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *