نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 11-6-2015
السنة الثامنة
العدد: 2841
مازلنا فى نفس صفحة 198 من الكراسة الأولى (8)
بسم الله الرحمن الرحيم
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
الأصدقاء الأعداء المسيح يصلب من جديد
الشيخ والبحر، الصخب والعنف، فرانسوا
ساجان، عن الحرب والسلام، الأخوة كرامازوف
اللصوص، يوسف واخوته، البحث عن
الزمن المفقود، القلعة، الحكمة،
(ك.غ)(1)، الجريمة والعقاب، لمن تدق الأجراس، أحلام شهر زاد، سليمان
الحكيم، أهل الكهف، سارة، إبراهيم
الكاتب، زينب، ماجدولين
نجيب محفوظ
27/8/1995
مقدمة:
انهيت نشرة الاسبوع الماضى باستئذانك شيخى فى أن أقوم بدراسة نقدية مقارنة للأعمال الأدبية التى استلهمت ألف ليلة وليلة التراثية وخاصة عمل طه حسين وتوفيق الحكيم وعلى احمد باكثير، وغيرهم بالاضافة إلى “الليالى” التى كتبتها أنت “بكل ما هو أنت، وفعلا جمعتهم وقرأتهم وأعدت قراءة لياليك كلها مرة أخرى، وقبل أن أبدأ المقارنة رحت أبحث عن الأعمال النقدية التى تناولت تلك الروايات ومن بينهما “لياليك” وهذا هو بعض ما وجدت:
1- الشخصيات التراثية فى – ليالى ألف ليلة – لنجيب محفوظ
سروه يونس احمد (مدرس مساعد)
رسالة: جامعة الموصل / كلية الأداب قسم اللغة العربية
2- شهرزاد فى الأدب المصرى المعاصر
شهرزاد الحكيم – شهرزاد باكثير – طه حسين: أحلام شهرزاد
عيد عبد الحليم
3- بنية التحولات فى “ليالى ألف ليلة” لنجيب محفوظ
(ست حلقات) 1/6، 2/6، 3/6، 4/6، 5/6، 6/6
دراسة نقدية لـ د. مصطفى بيومى عبد السلام
أستاذ النقد الأدبى المشارك (كلية دار العلوم / جامعة المنيا)
4- اشتغال الفانتاستيك وتجليات المسكوت عنه فى رواية “ليالى ألف ليلة” لنجيب محفوظ
د. محمد المسعودى (موقع الكتابة – يناير 2012)
5- هذا فضلا عن دراستى “القتل بين مقامىْ العبادة والدم” فى ليالى ألف ليلة نجيب محفوظ و(قراءات فى نجيب محفوظ الهيئة العامة للكتاب، 1992، ومكتبة الأسرة، سنة 2005) …الخ
ثم إنى رجعت إلى نشرة الاسبوع قبل الماضى بتاريخ 28/5/2015 وراجعت وعدى باقتطاف ما وصلنى مما فوجئت به فى عمل طه حسين “أحلام شهرزاد” من لوحات الطبيعة التى شكلها شعرا رائقا جميلا، إلى نبضات الوجدان البشرى التى سجلها فى حركيتها الجدلية المتكاثفة المتجادلة. ليشكل منها سيمفونية لم أتوقعها.
وبعد
استسمحك يا شيخى العزيز أن أؤجل هذه الدراسة المقارنة لأننى اكتشفت أنها قد تستغرق عدة أسابيع، فضلا عن أنها لا تصلح أن تصدر مسلسلة فى مثل هذه النشرات، وأكتفى اليوم بالوفاء بوعدى بعرض مقتطفات من رواية طه حسين(2)
أولا: اللوحات
هى لوحات الطبيعة الساحرة فى حوارها مع الوجدان البشرى بكل ما تحمل من جمال وتنوع وروائح وحسٍّ وألحان.
اللوحة الأولى
- (ص 12) “… حتى انتهى إلى نافذة من نوافذ الغرفة ففتحها، وكان ذلك إذنا لضوء القمر فى أن ينسلّ فى هذه الغرفة، ولكنه لم ينسل، وإنما اندفع إلى الغرفة اندفاعا أضاء له كل ما فى الغرفة من فضاء ومن أثاث.”
اللوحة الثانية
- (ص13) “… ومد بصره!!(3) فى الفضاء العريض المنبسط أمامه، فلم ير إلا هذه الأشجار الباسقة الشاهقة فى السماء، وقد لبست من ضوء القمر أردية ناصعة وامتدت غصونها تضطرب فى الهواء اضطرابا خفيفا، كأنها ترغِّب هذه الطير وقد سكنت إلى حركتها الخفيفة المنتظمة فنامت لولا أحلام خفية كانت تمر بنفوسها الضئيلة الوادعة فتبعث من أفواهها أصواتا قصيرة حلوه، وتبعث فى أجنحتها خفقات يسيرة لا تكاد تبدأ حتى تنقطع”.
اللوحة الثالثة
- (ص 16) “….وكأنما أسكره هذا العزف الذى تهديه إليه من شاطئيه أنفاس الورد والنرجس والياسمين”
- (ص 21) “…. لولا أن أحس على جبهته شيئا يشبه ما تعود أن يجد حين يستقبل نسيم الصباح حين تدبر النجوم ويبتسم الليل عن كوكب النهار.”
ثانيا: نبض الوجدان البشرى
مرة أخرى: أقر وأعترف أن الكاتب قد اكتشف فكشف ما لم أحط به علما إلا مؤخرا من عجائب وأغوار وحركية الوجدان البشرى، فراح يعزف ألحان الوجدان المتكاثفة المتحاوره المتبادلة كأبدع ما يكون، والأهم كأصدق ما يكون: فى سيمفونية شديدة الاختراق والإلهام، فأكتشف أنه أثبت فى بضعة أسطر الكثير مما شغلنى فى ملف الوجدان الذى يبدو أننى كتبته من نبض الإبداع الذى وصلنى من خلال محاولاتى النقدية أكثر مما وصلنى من المراجع العلمية، وأن اهتماماتى بنقد النص الأدبى (فالنص البشرى) هو الذى هدانى إلى ما غمرنى من معرفة فى ملفىْ “الادراك” “فالوجدان” وحاليا فى ملف “الوعى”.
الحركة الأولى:
- (ص 12) “…. وثارت فى نفسه عاطفة ضيئلة، ولكنها حادة، فيها شىء من حسرة، وفيها شىء من يأس، وفيها شىء من حزن على عهد انقضى..”.
الحركة الثانية:
- (ص 12) “….. ودعا النوم إلى نفسه دعاءً قويا، وكأن النوم كان ينتظر أن يبلغه هذا الدعاء، فما أسرع ما مد ذراعيه(4) تطوق عنق الملك الحزين فى كثير من الرأفة والحنان، وإذا الملك ينسى نفسه ويمعن فى هذا الرقاد الحلو الهادىء المطمئن”.
الحركة الثالثة:
- (ص 24) “…. وكان ضيقا أشد الضيق بشهر زاد قد كلّ عن احتمال عشرتها، فكان عليها ساخطاً أشد السخط، وكان لها محبَّا أشد الحب. وكان يهم أحيانا بأن يتقاضاها شيئا من الوضوح والجلاء فى سيرتها وفى لفظها ولحظها، ويهم أحياناً أخرى أن يتقدم إليها فى أن تستأنف ذلك القصص الذى لا يستطيع عنه صبراً. ولكنه كان واثقاً بأنه يستطيع أن يتقضاها ما شاء فلن يظفر منها إلا بما تشاء هى. ولن تشاء هى إلا هذا الغموض الذى أصبح لا يطيق له احتمالا.
الحركة الرابعة:
- (ص 24) “…. هنالك كانت خواطر نفسه تصطبغ بحمرة الدم. فقد كان يرى نفسه مقبلا على شهر زاد يضمها إليه ضمًّا شديداً عنيفاً، ويهدى إليها قبلات محرقة ملتهبة، حتى إذا بلغ به الحب والهيام أقصاه أغمد خنجره هذا الدقيق فى صدرها هذا الناصع الجميل، وتلقى ما يفيض به هذا الينبوع من دمها الحار، فلعله أن يشفى ما كان يجد من هذا الظمأ الذى لا شفاء له.
الحركة الخامسة:
- (ص 25) “…. فقد كان ضيقاً بشهرازاد أشد الضيق، ولكنه كان يجد سعادته فى هذا الضيق، ولذته فى هذا الألم، وراحة نفسه فى تعبها من هذا الغموض. ومن يدرى! لعله لو انجلت له نفس شهر زاد وألغيت بينه وبينها الحجب فرآها واضحة ناصعة كأنها فلق الصبح لامتلأت نفسه حزنا وحسرة، فإن العشاق لا يكرهون شيئا كما يكرهون الراحة المطردة. ولا يضيقون بشىء كما يضيقون بهذا الوضوح الجلى.
الحركة السادسة:
- (ص 11) “… وما أكثر ماتهيم فى ظلمات الليل هذه، الأرواح المشردة التى تنطق فى لغاتها الخفية بألفاظ تصل إلى نفوس الرقود أحيانا كما تصل إلى نفوس الأيقاظ أحيانا أخرى(5)، فيفهمون عنها مرة ويخطئون الفهم مرات ويكون لهذه الألفاظ الغريبة المبهمة فى حياة الناس آثار غريبة مختلطة…”
ولم تنته السيمفونية ….
(تذكرة: هذا هو طه حسين أيضا)
شكراً يا شيخى الجليل وكأنك تعرّفنى على من حسبت أننى كنت أعرفه، فإذا به أكبر وأقدر مما حسبت كثيرا: مصرى عريق شاعر أصيل جميل.
[1] – كلمة غير مقروءة من الجائز أن تكون “ريبيكا”
[2] – علما بأنه بقى فى الصفحة غير ذلك ما يحتاج إلى وقفة أعود لها الأسبوع القادم، وفيما يلى لوحات، ونبضات أبداع هذا العظيم: طه حسين.
[3] – تذكر أنهم يزعمون أن هذا المبدع قد بصره منذ كان طفلا!! رحمه الله
[4] – النوم هو الذى مدّ ذراعيه!!
[5] – لمن يشاء أن يرى كيف أن النوم وبداخله الحلم هو وعىٌ بداخل وعى يمكن أن يتابع ذلك فى الأسابيع القليلة المقبلة فى النشرات الخاصة بكتاب الأساس، ملف “متاهة الوعى”، وأيضا يمكن أن يرجع إلى دراستى (عن طبيعة الحلم والإبداع” دراسة نقدية فى أحلام فترة النقاهة. نجيب محفوظ)