نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 25 – 2 – 2016
السنة التاسعة
العدد: 3100
ص 226 من الكراسة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
اصنع بنفسك ما تحب
تصالح مع ما تكتئب منه تقهر
الاكتئاب
لا شىء يستحق أى شىء
الهموم سجن سخيف
الانسان لا يقع اسيرا للهموم
إلا بإرادته يعنى ارادته الضعيفة
اصعد الجبل على (“عارض””(?)”) من
الحكمة.
نجيب محفوظ
25/9/1995
القراءة:
مازال شيخنا يرسل لنا هداياه الدالة الصادقة الجميلة التى لا تصلنى باعتبارها نصائح وإنما باعتبارها خلاصة ما عاشه يبلغها أمانة إلى من يهمه الأمر– أو حتى من لا يهمه!!
الهدية الأولى: “اصنع بنفسك ما تحب”
هدية جديدة واضحة، إذا كنت تحب شيئا فعلا، فلماذا تنتظره من خارجك طول الوقت؟ ولماذا لا تصنعه بنفسك لنفسك؟ قد تقول أن ما تحبه ليس فى مقدروك أن تحصل عليه، فما رأيك لو تعرف أن هذه الأمانة من شيخنا تفيد أيضا أن تتدرب أن تحب ما هو فى متناولك، فتزداد قدرة على الحب، فتحب ما هو أكثر منه، وهكذا، ولم لا.
الهدية الثانية: “تصالح مع ما تكتئب منه تقهر الاكتئاب”
فى الاسبوع قبل الماضى لعبت مع المجموعة العلاجية من عامة عامة الناس فى قصر العينى، لعبة فى العلاج الجمعى (مينى دراما) بأن يقول كل منا شكواه ثم يلحق بها هذه الجملة “….وحاقبلها لحد ما تروح ولاّ انشالله ما راحت”، لعبناها جميعا: مثلا: واحد يقول “أنا متألم وحاقبل ألمى لحد ما يروح ولا انشالله ما راح”، وأخرى تقول: “أنا متوترة وحاقبل توترى لحد ما يروح ولاً انشالله ما راح”، نقولها ونحن نعيشها تمثيلا بالكلمات وتعبيرات بالوجه ومشاركة الجسد، لعبناها أطباء ومرضى جميعا.
وطبعا قال اكتر من واحد منا: “أنا حزين، وحاقبل حزنى لحد ما يروح ولا ان شاالله “ما راح” وعندما انتهت اللعبة وجد أغلبنا (بل كلنا) أن التصالح ثم التحدى أصلح له من كثرة الشكوى طول الوقت تحت زعم يروجه بعض النفسيين عبر الإعلام والمسلسلات “طلع اللى ف قلبك”.
وهل قال شيخنا غير ذلك؟ “تصالح مع تكتئب منه تقهر الاكتئاب!”
يوجد علاج ضمن الموجه الثالثه للعلاج المعرفى اسمه علاج “القبول والالتزام”!! يتبع نفس الأسلوب تقريبا، كما أن العلاج الذى تمارسه المدرسة التى أقودها فى قصر العينى وغيره منذ سنوات اسمه علاج “المواجهة – المواكبة – المسئولية” (م.م.م) وقد ابتدعناه بما يتفق مع ثقافتنا قبل أن نعرف شيئا عن ذلك العلاج المستورد بسنوات طويلة.
ألم يئن الأوان أن تصدقوا أننى وجدت لى طبيبا نفسيا فى آخر حياتى هو شيخى هذا الكريم؟ كان طبيبى، حين كنت معه فى سنوات كرم صحبته، ومازال طبيبى بعد أن أصبح معى فى كراسات تدريبة؟
شكراً يا شيخى الفاضل.
الهدية الثالثه: “لا شىء يستحق أى شىء”
هذا ليس موقفا عدميا ولكنه أقرب إلى: “لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ”، وأسمح لنفسى أن أضيف من عندى هذه الجملة “إلا هذه اللحظة” فتصبح “لاشى يستحق أى شىء إلا هذه اللحظة” وبذلك ابلغ شيخى مدى ارتباطى بمبدأ “هنا والآن” الذى أصبح زادى وزوادى فى كل العلاجات وخاصة العلاج الجمعى.
الهدية الرابعة: “الهموم سجن سخيف”
ألفنا أن نتكلم عن ثقل الهموم، ولكننا لا ننتبه عادة إلى كيف تسجننا سواء داخل أسوار مخاوفنا أو وهى تعوقنا بقيودها تلف حول وجودنا كله، فيحضرنى أمرؤ القيس فى معلقته الجميلة:
ولَـيْـلٍ كَـمَـوْجِ الـبَـحْـرِ أَرْخَـى سُـدُوْلَــهُ عَــلَـيَّ بِـأَنْـوَاعِ الـهُــمُــوْمِ لِــيَــبْــتَــلِـي
……
فَــيَــا لَــكَ مَــنْ لَــيْــلٍ كَــأنَّ نُــجُــومَــهُ بــكــل مُــغــار الـفــتـل شُــدّت بـيـذبل
كَـأَنَّ الـثُـرَيّــا عُـلِّـقَــت فـي مَـصـامِــهـا بِــأَمْــرَاسِ كــتَّـانٍ إِلَــى صُــمِّ جَــنْــدَل ِ
هكذا نرى التوقف والإعاقة يمتدان حتى إلى حركة النجوم حين تتوقف وهى مربوطة إلى جبل قاس فنفهم رسالة شيخنا كيف أن الهموم سجن سخيف.
الهدية قبل الأخيرة: “الانسان لا يقع اسيرا للهموم إلا بإراداته يعنى ارادته الضعيفة”
ويحدد شيخنا هنا دور الإرادة هنا بأنها أضعف من أن تدفع الهموم بعيدا، لكننى أضيف نوعا آخر من الإرداة كم أشرت إليه فى تداعياتى هنا، وفى غيرها من نشرات، وهو كيف أن ثم إرادة تسمى إرادة المرض (ليست ادعاء) تختار الهموم أحيانا اختيارا….الخ.
الهدية الأخيرة: “اصعد الجبل على (“عارض””(?)”) من الحكمة”
حاولت أن أقرأ هذه الكلمة بين تنصيص غير ذلك فلم أستطع، وحين رجعت إليها فى المعجم لم أجد لها إلا معانى المعارضة والخلاف، فقررت أن أقرأ الجملة بدونها وأكتفى بحكمة الأمر بصعود الجبل تحديا للهموم والضعف مستعينا بكل ما يستعان به من الحكمة (ولتكن الكلمة ما تكون).
عذراً فهذا غاية ما عندى.
وبعد
ياه يا عمنا!! كل هذا فى صفحة واحده، ربنا يخليك.