الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (176) من الكراسة الأولى

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ صفحة (176) من الكراسة الأولى

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس:  13-11 – 2014

السنة الثامنة

العدد: 2631

 mahfouz 2

ص 176 من الكراسة الأولى

13-11-2014بسم الله الرحمن الرحيم

نجيب محفوظ

أم كلثوم نجيب محفوظ

فاطمة نجيب محفوظ

لم يكن فى الغرفة بصيص نور

وجاء هو من آخر البيت يسعى

فاعترض سبيله شيطان رجيم

وتواصلا يتقدم  فى المسير

فعلم ان المسير ينتهى إلى خير

صمم على المسير

وفقد الآخر نذيره

وزادت المآسى واحدة جديدة

نجيب محفوظ 5/8

  القراءة:

هل هى إرهاصات إبداع أحلام فترة النقاهة؟

لست متأكدا متى بدأ شيخى كتابة أحلام فترة النقاهة بانتظام، ربما لم تظهر فى نصف الدنيا بخط يده إلا فى يناير 2001، لكن الصديق د. زكى سالم أخبرنى أنه قبل أحلام فترة النقاهة كان قد حاول كتابة قصة أو اثننين شديدة القصر، ربما من نوع أصداء السيرة الذاتية، لكنه لم يكمل ولم ينشرها أصلا ولم تصل إلى علمى ولا فاتحته فى ذلك أبدأ.

اليوم فى هذه الصفحة فوجئت بأنه بعد البسملة وكتابه اسم كريمتيه لم يكتب عبارات منفصلة كما تعودت، كان أكبر  تواصل سابق ألتقطته على ما أذكر هو بين سطرين متتالين، لكنه كتب اليوم فى هذه الصفحة ما وصلنى على أنه إرهاصات، أو مسودة أو تخطيط لقصة قصيرة ربما كانت بمثابة حلم لم يكتمل كما ظهر لاحقا فى هذا الإبداع الفريد بعنوان “أحلام فترة النقاهة”، جمعت العبارات إلى بعضها فمثلت أمامى القصة الجنين، أو مسودة المسودة،

 قبل أن أقدمها على أنها كذلك أذكر القارئ أن الإبداع عموما ما يبدأ فى شكل نبضات متباعدة متفرقة تتجمع النبضات، بل الومضات فى مستوى ما من الوعى حتى فى النوم، ثم تتقابل وتتبادل ثم تخرج أولا تخرج فى شكل مسودة تامة النضج أو قابلة للإعادة والتحديث والتشكيل حتى تتم ولادتها بالسلامة، يحدث ذلك فى إبداع معادلة رياضية كما وصفها أينشتاين أو إبداع رواية من ألف صفحة كما عاناها ديستويفسكى.

تصورت أن كل هذه العبارات التى طفت على سطح وعى شيخنا طوال فترة تدريبه كانت تمثل هذه النبضات الإبداعية المتفرقة، وأنه حين بدأت تتبلور فكرة احتمال العودة إلى السماح لها بالتآلف فى إبداع قد يصلح للنشر تماسكت هذه الإرهاصات أكثر لتمثل: مشروع قصة قصيرة، ربما مثل تلك التى ظهرت فى القصة التى أشرت إليها حالا ولم تنشر، ولم أعرف عنها شيئا إلى من حكى الصديق د. زكى سالم، ثم تجمعت هذه النبضات لاحقا فى أحلام فترة النقاهة التى بدأ نشرها فى نصف الدنيا منذ عام 2001.

الفرض لصفحة اليوم (176):

هذه هى مسودة مشروع ما تصورته علامات الحمل الباكرة لأحلام فترة النقاهة وإذا كان قد  بدأ نشرها فى فبراير 2001 فإنى أتصور أنه بدأ كتابتها فى منتصف سنة 2000 مثلا وكان الحمل وعلاماته قد ظهرت فى هذه الصفحة 5/ أغسطس سنة 1999، وبالتالى يكون الحمل تسعة أشهر !!

لعل ما شجعنى أن اقرأها مسودة مشروع قصة هو ما أورده من حروف عطف (و”الواو”، و”الفاء”) بشكل غير مسبوق فى التدريبات، وهذه الحروف تربط الجمل ببعضها، حتى أن القصة نفسها  بدأت بحرف العطف “الواو” ثم خذ عندك: “وجاء” ثمفـاعرضوتواصلا …….. فـعلم، وفقد، وزادت.

 تقول علامات الحمل نبضات المسودة القصة ما يلى:

“لم يكن فى الغرفة بصيص نور، وجاء هو من آخر البيت يسعى، فاعترض سبيله شيطان رجيم، وتواصلا، يتقدم  فى المسير، فعلم ان المسير ينتهى إلى خير

صمم على المسير، وفقد الآخر نذيره، وزادت المآسى واحدة جديدة”

لا يصح إطلاقا أن أتناول هذا النص بالنقد وهو ليس إلا إرهاصات فى مسودة، كل ما أسمح به لنفسى هو أن أبدى ملاحظات شخصية تخصنى أنا، تخطئ أو تصيب على الوجه التالى:

أولاً: البداية مثل كثير من بدايات محفوظ الجميلة تبدو إكمالا لحديث متصل “وجاء….” وهذا ماوصلنى من كل أعمال محفوظ: أنها “جملة مفيدة واحدة”.

ثانياً: ما أشرت إليه من التتابع بدليل كثرة حروف العطف هكذا لأول مرة تقريباً.

ثالثا: لم أتيقن نهائيا من الكلمة فى أول السطر بعد “شيطان رجيم” فقرأتها بالتقريب جدا وما زلت مترددا أنها “وتواصـَلاَ.

رابعا: تذكرت الصفحة السابقة أو قبل السابقة وهو يقول: “وجاء فى المدينة رجل يسعى، وأحبيت هذه الحركة هنا وهناك  كما أثبت فى تلك النشرة: 25-9-2014 “صفحة التدريب رقم (170) من الكراسة الأولى” .

خامساً: رجحت أن الرجل هو الذى  يتقدم الشيطان الرجيم فأصبح مسئولا وفى نفس الوقت لا يقوده الشيطان، ولا يوجهه ، وليس عليه سلطان.

سادسا: ربما أصبح المتقدم فى السير مطمئنا حتى أيقن أن المسير ينتهى إلى خير.

سابعا: لم يعد للشيطان تأثير ففقد نذيره وتهديده.

ثامنا: ما دام الرجل أصبح هو القائد، والشيطان فقد نذيره، والمسير ينتهى إلى خير فـمن أين تأتى المآسى؟.

تاسعا: ربما تأتى المآسى من التصدى لحمل الأمانة مع احتمالات العجز عن ذلك، فيصبح بها الرجل مع أنه المتقدم ظلوما جهولا، لأنه هو الذى أورد نفسه موارد أصعب من قدراته، ولا عذر له أن الشيطان هو الذى دفعه لذلك، لأنه كان هو الذى يتقدم فى المسير وهو الذى رأى أن الخير هو نهاية المسار، ومع ذلك يفاجئا محفوظ بهذه النهاية التى تحملنا المسئولية كاملة دون أن تحيلها إلى شيطان رجيم من الإنس أو من الجن.

مرة أخرى: هذا ليس نقدا، لكنه نقلة فى قراءة تدريبات شيخى وهو يحضِّر نفسه لإبداعات أحلام فترة النقاهة (1).

[1] – يحيى الرخاوى: (دراسة نقدية  فى: “أحلام فترة النقاهة” نجيب محفوظ) – دار الشروق 2011.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *