الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ: صفحة 122 من الكراسة الأولى

قراءة فى كراسات التدريب نجيب محفوظ: صفحة 122 من الكراسة الأولى

نشرة “الإنسان والتطور”

الخميس: 29-8-2013

السنة السادسة

العدد: 2190

ص 122 من الكراسة الأولى

نجيب‏ ‏محفوظ

نجيب‏ ‏محفوظ

نجيب‏ ‏محفوظ

(ك.غ.م)‏ ‏كتب‏ ‏يكتب‏ ‏أكتب

قرأ‏ ‏يقرأ‏ ‏أقرأ

عرف‏ يعرف ‏أعرف

سمع‏ ‏يسمع‏ ‏أسمع

إن‏ ‏كنت اسامح
شرّف‏ ‏حبيب‏ ‏القلب
إمتى‏ ‏الهوى
النوم‏ ‏يداعب‏ ‏جفوني
نجيب‏ ‏محفوظ‏

نجيب محفوظ

             7 / 6

 

 

القراءة:

هذه صفحة عجيبة لم أعتدها: لم تبدأ بالبسملة ولا بالاستعاذة، ولم يذكر فيها اسماء كريمتيه بعد أو قبل اسمه، وبعد كتابة اسمه ثلاث مرات، وتخطّى الكلمة الأولى فى السطر الرابع (لأننى لم أستطع قرأءتها)، وجدنا أنفسنا- قبل ذكر الأغانى السابق التعليق عليها- فى درس من دروس تعلم الكتابة والقراءة!!.

ما وصلنى هو احتمال أن الوعى الذى طغى على السطح اليوم، هو نكوص جميل أحضر لنا نجيب محفوظ الطفل فى أولى سنّى تعرفه على ما هو كتابة، وبالتالى وردت هذه الأفعال البسيطة وتتابعت هكذا، ولكن كيف وردت الكتابة قبل القراءة مع أن التسلسل الطبيعى هو أن تأتى القراءة قبل الكتابة؟ وأيضا كيف وردت المعرفة قبل السمع مع أننى أتصور أن الترتيب العادى أيضا يجعل السمع قبل المعرفة؟

أوحى لى هذا الترتيب الخاص احتمالا أرجو ألا يكون تعسفا وهو أن شيخنا انطلق وينطلق إبداعه كتابة تشكيلية طليقة ليس لها علاقة خانقة مباشرة بما قرأ ويقرأ، مع أننى اكتشفت فيه أعظم قارئ عرفته وأدقه،  أعلم أن الإفراط فى القراءة (حتى الموسوعية) قد تحول دون طلاقة الكتابة الإبداعية (أقول أحيانا)، لكن مع مثل هذا المبدع حين ينطلق الإبداع سلسا مرنا مسامّيا يصبح لا خوف عليه مما يقرأ، فهو الأصل وبالتالى فهو قادر على استيعاب ما يصله قراءة بلا وصاية، وكأن الكتابة تأتى لتدعمها القراءة أو لا تدعمها لاحقا، وأيضا: لعله يعرف حدْسا ثم تتحدد معرفته بحوار تكاملى مع ما يسمعه، وما يقرأه، وما يكتبه.

الإبداع لا يحتاج إلى معلومات منتظمة مترابطة بقدر ما هو يستعمل أبجدية حرة فيعيد تشكيلها كتابة (أو بأى أداة موازية للكتابة)، ثم تنمو إلى غايتها لمن يقرأها لتثرى المعرفة.

ثم إنى تذكرت فجأة تلك الآيات الكريمة التى كانت أول نزول الوحى (فى أغلب الروايات) من أول “إقرأ باسم ربك الذى خلق” حتى “علم الإنسان ما لم يعلم”، فاهتز كيانى كما اعتدت وأنا أتلقى هذه الآيات من جديد،

 أكرر الآن ما وصلنى وسبق أن أشرت إليه فى تدريب سابق عن هذه الأيات الكريمة (1)، قلت:

“…أذكر أنه  – شيخنا- شاركنى الرأى فيما توحيه سورة “إقرأ” أول نزول القرآن الكريم، وما صاحبها من اعتذار أو إعلان عن عدم القدرة “ما أنا بقارىء”، وقد أبلغته كيف أن هذا أوصل لى أن الأمر بالقراءة هنا ليس له أية علاقة بأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمى لا يعرف القراءة والكتابة (وإن اختلف معنى “أمى” عند الباحثين والمفسرين) كما أنه لا علاقة له أيضا بالقراءة التى نعرفها أصلا، وإنما وصلنى أنها إذْن بالكشف للداخل والخارج على حد سواء بالطول والعرض امتدادا بلا حدود مما لا مجال لتفصيله الآن هنا”.

كذلك انتبهت إلى ما سبق أن أوردته، وأنا أنظر فى ترتيب الآيات الأربع الأولى فى سورة الرحمن: “الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ”، قلت: الذى لفت انتباهى دون جزم، هو احتمال أن يكون لهذا الترتيب دلالة خاصة، الله سبحانه علّم القرآن ثم خلق الإنسان، فنحن فى منطقنا العادى نتصور أن التعلم يأتى فى مرحلة لاحقة بعد الخلق، الطفل يولد أولا، ثم يتعلم، فلماذا يا ترى لم نجد هذا الترتيب هنا كما يقولالمنطق، بل تقدم التعليم على الخلق؟

وأضيف الآن: أن التعلم هنا كان تعلم القرآن الذى أصبحت أراه حاليا يأتى قبل القراءة والكتابة، وهو أصل القراءة والكتابة بعد أن وصلنى أنه “وعى خالص“، فنلاحظ هنا أيضا أن الأستاذ لم يكتب عِلمَ يعلم أعلم، وإنما عَرَفَ يعرف أعرف. وأخيراً فانظر إلى ترتيب الضمائر: أن “أكتب” و”أقرأ” و”أعرف” هى ختام الأفعال بعد “يكتب” و”يقرأ” و”يعرف”، وأيضا لاحظ بعد الزمن الماضى فى كَتَبَ قَرَأَ عَرَفَ، هل فى ذلك إشارة إلى أن البدء هو بتغطية سالف الذى حدث، ثم تعميمه إلى الآخر قبل أن أنطلق منه فأصف به نفسى وهو ما قد يساير الترتيب الأول؟ أو لعلها الصيغة المألوفة فى المعاجم حين الكشف عن “فعلٍ ما”.

ثم أختم بأن أشير إلى ما ورد من أغان، وكلها قد سبق – كما قلت فى المقدمة – التعليق عليها وأثبت ذلك فيما يلى:

– “ان كنت اسامح” ورد هذا النص فى صفحة التدريب (117)  نشرة  25-7-2013

– “شرَّف حبيب القلب”  ورد هذا النص فى صفحة التدريب (105) نشرة 22-11-2012 ،  وصفحة التدريب (117) نشرة 25-7-2013

-“إمتى الهوى”  ورد هذا النص فى صفحة التدريب (105) نشرة 22-11-2012 وأيضا صفحة التدريب (11) نشرة 4-2-2010 ، وأيضا صفحة التدريب (117) نشرة 25-7-2013

-“النوم يداعب جفونى” ورد هذا النص فى صفحة التدريب (27) نشرة 30-6-2011، وأيضا صفحة التدريب (105) 22-11-2012

 

[1] – صفحة التدريب رقم (15) نشرة  18-2-2010 ،  صفحة التدريب رقم (47)، نشرة 1-12-2011، صفحة التدريب رقم (54) نشرة 19-1-2012 ،  صفحة التدريب رقم (113) نشرة 27-6-2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *