نشرة “الإنسان والتطور”
25 – 4 – 2013
السنة السادسة
بقية ص 110 من الكراسة الأولى (4)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . ، الحرب والسلام،
أنا كارنينا، الفرسان دوما، الجبل
السحرى، الكراسى الموسيقية، يوسف
وأخوته، فاوست، اللصوص، الزنبقة
السوداء البحث عن الزمن المفقود،الشيخ والبحر
موبى ديك (ك.غ؟؟ ربما؟ جارثيا)
نجيب محفوظ
أم كلثوم نجيب محفوظ
فاطمة نجيب محفوظ
مقدمة:
مازلنا فى صفحة التدريب رقم (110) التى وضعت لها عنوانا يقول: “بعض قراءات نجيب محفوظ فى الأدب الروائى (وغيره)” طبعا هو قرأ أضعاف أضعاف ذلك، لكن أن تتوارد فى تدريباته عناوين هذه القصص العالمية الخالدة متلاحقة هكذا فى صفحة واحدة، فهذا يعرفنا أكثر بهذا المبدع وطبيعة تركيبة وعيه المتكاثف إشراقا، وبالإبداع الفائق عموما، وكأنه يعيش طول الوقت وسط مبدعين، أنا لا أعرف أى هذه الروايات قرأها بلغتها الأصلية وأيها قرأها مترجمة، وإن كان قد بلغنى منه ومن صحبته أنه قرأ الكثير بلغته الأصلية الانجليزية وإلى درجة أقل الفرنسية كما أننى لا أعرف كيف يمكن أن أعقب على بعض هذه الأعمال وأنا حاضر معه إليكم اليوم، وإلى أى حد استطيع أن أوقف نفسى، كل ما أعرفه فى هذه اللحظة هو أننى شاكر له فضله أنه يواصل تثقيفى هكذا طول الوقت كما أدعو الله أن تصل للقارئ دعوته هذه وهو يلوح له (لنا) ببعض ما احتواه وعيه بكل هذا الثراء، ما بلغنى هو أنه مهما بلغ اعجابه بهؤلاء الرواد، فإنه لم يَزِدْ عن أن هضمه وتمثـّله حتى امتلك زمامه فأحاط وعيه الخلاّق بكل ما وصله من إبداع العقل البشرى، حتى نَتَحَ (1) جديدا فريدا فى إبداعه الخاص!!!.
أحاول أن أتصوره وهو يقرأ هذه الأعمال معجبا، أو ناقدا، أو استاذا، أو مواكبا، أو مقارنا أو حتى داعيا لأصحابها فرحا بهم وبإضافاتهم، أعتقد أن كل ذلك وارد، فيحضرنى سؤال يقول: هل يا ترى قرأ كل هذا أو أغلبه قبل أن تنضج كتابته إلى “ملحمة الحرافيش”؟ أم أن القراءة كانت تواكب الكتابة طول الوقت؟ وهل يا ترى كان يتأثر برواية خالدة ورائعة يقرأها فى نفس الوقت أثناء مواصلة كتابته روايته الخاصة الخالدة الرائعة أيضا؟ فلتسمح لى يا سيدى أن أبلغهم الاجابة التى وصلتنى منك حالا وهى: “كل ذلك وارد”.
فهرس لقراءة ما تبقى
ثم أرجع إلى نفس الصفحة: صفحة تدريب (110) والتى قمت بترقيمها شخصيا، واستنتجت تاريخها من الصفحة السابقة واللاحقة وهو 23/5/1995 لأنك سيدى، استثناء، لم تثبت التاريخ تحت توقيعك فيها كما اعتدت.
كنت فى الاسبوع الماضى قصرت التداعى على قراءتى “الاخوة كارامازوف” دون “الجريمة والعقاب” لديستويفسكى مع أنه خطر لى بعد ذلك أننى لو أعدت قراءة الجريمة والعقاب فقد أجد فيها أبعادا نفسية تفسر لى كثيرا من خبايا النفس الانسانية كعادتى مع ديستويفسكى ومحفوظ مما سوف يعطينى فرصة أكبر أتمكن منها من تحقيق المنهج الذى أحاول إرساءه، بما تيسر من الذى ذكرته سابقا تحت عنوان: “التفسير الأدبى للنفس” وقد خطر لى أيضا أن ثم احتمالا أن أجد فى هذه الرواية (الجريمة والعقاب) بعض ما يستأهل أن أقارنه على الأقل بـ “اللص والكلاب” أساسا، وربما بعض لقطات من “الطريق”، وغيرهما من أعمال شيخنا، ومازلت أتصور أن الفرصة متاحة قبل صدور الطبعة الورقية، خاصة وأنه كتب فى نفس صفحة التدريب الحاليه كلمة “اللصوص”، ولم أجد – حتى الآن – “رواية معينة، بهذا الاسم تقف فى مصاف هذه الأعمال العملاقة التى تلاحقت وراء بعضها فى هذه الصفحة (2)
نجحت أن أوقف نفسى قسرا عن الاسترسال فى إعادة نشر ما كتبته فى نقد الاخوة كارامازوف وكنت أود أن أبلغ الأستاذ ولو فى إشارة محدودة عن مناقشتى البعد الإيمانى فى هذا العمل، وأنا أرفض اختزاله إلى ما شاع عنه، وذلك تمهيدا لما خطر من خواطر حول إيمان كل من “تولستوى” و”جوته” الذين جاءت بعض أعمالهما فى هذه الصفحة، فألح الأستاذ بـِصَمْته البليغ أن أذكر له موجز الفكرة حتى نعود إلى “تولستوى” و”جوته” تفصيلا، فقرأت له ما يلى عن الإيمان فى الاخوة كارامازوف وأنا خجلا أو أدعى الخجل.
…..ومن أسطح ما استشهد به المسطحون (3) هو ذلك القول الذى تكرر طوال الرواية من أنه “إذا لم يكن الله موجودا، فكل شئ مباح” وكأن مجرد وجود الله هو الذى لا يجعل كل شئ غير مباح، وكأن المتدينين التجار – سامحهم الله – يروجون لدينهم بطريقة التسويق فى سوق السبت، أو إعلانات التليفزيون، وهذا كله إستهانة بالدين، وتسطيح للعمل، أما كيف قرأت وعى ديستويفسكى بالدين والإيمان من خلال هذا العمل فإليكم (شيخى) ما كان:
1- أكاد أستطيع أن أعمم قائلا: إنه لم يظهر فرد فى الرواية صغيرا أو كبيرا لم تمثل عنده قضية الإيمان ووجود الله (وليس فقط الدين) محورا خطيرا وأرضية متفجرة، لا الأب: الشهواني/ الفيلسوف/الطفل.. المنحل الوحيد. ولا إيفان: الملحد المثقف المتألم المحتج الجاف المنسحب. ولا أليوشا: المؤمن الراهب الطيب المسامح الشاك قليلا. ولا ديمترى: المندفع اللذى. ولا إيليوشا ابن الكابتن سينجريف ولا أبوه. ولا إخوته. ولا أمه. ثم ها هو سمردياكوف يعرى القضية منذ البداية، ويجردها من أية ليونة أو تقريب، ثم يعيشها بعنفها، ويدفع ثمنها كاملا غير منقوص، ويتركنا دون أن نتركها مرغمين، وهو يعلن بيقين مباشر أن الله ثالثها (هو وإيفان)…، … وينتحر.
2- كانت قضية الإيمان تزدهر فى وعيى – كمتلقٍ- كلما بعدنا عن الدير والرهبان والشيوخ والكتبة، كما كان وعيى يتسطح ويكاد يُـفرغ منها – إلا قليلا – كلما أفرط (ديستويفسكى) فى الخطب والوصايا والوعود والتفسيرات.
3- كان التناول الفكرى لقضية الله/الإيمان تناولا حيا يـُـرى ويعاش لدرجة أنه يتجاوز الإقناع المنطقى، برغم أنه ملئ بأفكار الإقناع المنطقى، وكان الحد الفاصل واضحا بين معايشة القضية: مثلما يفعل الأب فيدور الذى يعلن كفره بالآخرة، وفى نفس الوقت يمارس كل تحفظات ومخاوف واستغفار ودعاء المتدينين، وبين الحديث فيها مثل حديث سمردياكوف بالذات (أكثر من إيفان) الذى وصفه فيدور فى هذا الموقف أنه “يجمع آراء ويراكم أفكارا”.
والآن:
أعتقد أن كل ذلك يتعلق بما سيرد من مناقشة قضية زعم إسلام “تولستوى”، و”جوته”،وقد وردت أهم أعمالهما فى هذه الصفحة، وكيف أننى رجحت أن إيمان شيخى محفوظ إنما يلامس هذه المنطقة الأعمق بشكل أو بآخر وهو يعلمنا كيف نحترم ديننا إلى وجه الله من خلال الإبداع مثلما نفعل من خلال العبادة.
ولكن اسمح لى شيخى أن أكتفى اليوم بأن أخطرك – والأصدقاء – كيف قررت أن أنظم قراءتى لما تبقى فى هذه الورقة الشديدة الثراء فى الأسابيع القادمة، خاصة وأننى أحتاج عون الأصدقاء فى فك بعض شفراتها:
أولا: ظهرت فى النشرتين السابقتين الكلمة الأخيرة فى السطر السادس على أنها (ك.غ) أى “كلمة غير مقرؤة”، وبالتالى قرأت أول كلمة فى السطر السابع على أنها “رواية”، وفى المراجعة اليوم رجحت أن الكلمة الأولى هى: “الزنبقة” غالبا، فتكون الثانية هى “السوداء“، وسوف أعقب على ذلك فى أسبوع قادم (4)
ثانياً: سوف أجمع عمل تولستوى “الحرب والسلام” إلى فاوست لجيته، لأقدم البعد الإيمانى عندهما مع هامش عن زعم إسلام الواحد تلو الآخر وعلاقة ذلك – من وجهة نظرى – بنوعية إسلام شيخى محفوظ.
ثالثاً: سوف أتناول بعد ذلك ألكسندر دوماس بعد أن اكتشفت أن شيخى رصد له عملين فى نفس الصفحة هما “الفرسان الثلاثة” و”الزنبقة السوداء” (بعد التصحيح).
رابعا: سوف أعرج غالبا إلى الحديث عن همنجواى فى “الشيخ والبحر”، وربما فى غيرهما مع “البحث عن الزمن المفقود” أو أننى قد أفرد لكل منهما نشرة مستقلة.
خامسا: يأتى بعد ذلك تعريف مهم برواية “موبى ديك“، فأفرح (برغم أنننى أذكر الفيلم أكثر من الرواية).
سادسا: إن صح أن آخر كلمة هى “جارثيا” فإن ذلك قد يدعونى إلى إشارة محدودة إلى مشروع مجهض لمقارنة “مائة عام من العزلة” مع بعض أعمال محفوظ سواء روايات الأجيال أو روايات الخيال السحرى.
سابعا: يتبقى بعد ذلك كل من يوسف وأخوته ولست متأكدا إن كنت سأضم ما خطر لى عن تولستوى وجيته إلى ذلك أم لا.
ثامنا: توقفت عند كل من “اللصوص”، و”الكراسى الموسيقية”، و”الجبل السحرى“، لأطلب من الأصدقاء ومحبى الأستاذ أن يمدونى بأية احتمالات لأعمال أصيلة قد تقع فى مصاف كل هذه الأعمال الخالدة فكًّا لشفرة ما لم أعثر له على مرجع.
………….
يا شيخنا الجليل كم علمتنا وأنت معنا “هنا”،
ثم لم تبخل علينا أن تواصل تعليمك لنا وأنت معنا أيضا، “هناك”.
[1] – من قاموس الوسيط: نَتَحَ العَرَقُ من الجلد، ونتح الإناءُ بما فيه ، ونَتَحَه الحرُّ .
[2] – والدعوة عامة لمن يدلنى على رواية بهذا الاسم.
[3] – يحيى الرخاوى (“تبادل الأقنعة” دراسة فى سيكولوجية النقد)، الهيئة العامة لقصور الثقافة. عام 2006.
[4] – كما أننى وضعت خطأ تحت بعض الكلمات (لأسباب سأذكرها) فى حروف المطبعة فى حين أن الأستاذ فى تدريباته لم يضع مثل هذا الخط فلزم التنويه.