نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 14-6-2018
السنة الحادية عشرة
العدد: 3939
فى رحاب نجيب محفوظ
مراجعة وتحديث التناص على الأحلام المتبقية
(من 53 إلى 210)
تقاسيم على اللحن الأساسى
نص اللحن الأساسى: (نجيب محفوظ)
الحلم (75)
أمى ترحب بجارة عزيزة وكريمتها الحسناء فى حجرة المعيشة بالدور الثالث فى بيتنا القديم، ودعيت للجلوس معهن ثقة فى الألفة بين الأسرتين.
وفى أثناء الحوار استرقت إلى الفتاة نظرة واسترقت إلىّ نظرة دون أن يغيب هذا عن أم الفتاة، فلما ذهبت أمى فى الابتعاد عن الغرفة همست لنا الجارة أن انزلا إذا شئتما إلى الدور التحتانى الآن كعادة من أهل البيت، وتلقيت الدعوة بذهول وبفرح شامل. وما أن دخلنا الدور التحتانى حتى جذبتها إلى صدرى، ولكنى لم أخط الخطوة التالية لسماع ضجة غريبة. واقتحم المكان نساء ورجال وشباب، وتفرقوا فى الحجرات، ثم جاء رجل من رجال الأمن ووقف عند الباب زاعماً الحفاظ على القانون، وكدت أفقد عقلى من الذهول وضاعف من ذهولى أنى رأيتهم يغنون فى حجرة، كما رأيتهم يرقصون فى حجرة أخرى، ونظرت إلى فتاتى مستغيثاًً بها فوجدتها هادئة باسمة.. وعند ذلك قررت الهرب، غير أنى رأيت رجل الأمن عند الباب فتسمرت فى وضعى فريسة للذهول وخيبة الأمل.
التناصّ (التقاسيم): (يحيى الرخاوى)
… لكن أحسن، لا هى تصلح لى، ولا هو يصلح رجل أمن، ولا بيتنا يصلح لأىًّ من هذا، ولم أفكر فى دور أمى فى كل هذا، وكأن الجميع قد اتفقوا على أمرٍ ما، ولم أجد تفسيرا لأى من ذلك، كنت مغيظا، كيف استباحوا بيتنا ليقلبوه كباريها وقسم شرطة معا؟
…. أجد نفسى فى الميدان والساعة العامود ليس فيها إلا عقرب الثوانى يدور بسرعة خيل إلى أنها أسرع من مرور الثوانى، وحين دققت النظر وجدت نصف ذراع العقرب الآخر ولم أعرف إن كان عقرب الساعات أم الدقائق، فقررت أن أنتظر حوالى خمس دقائق لأرى إن كان يتحرك أم لا، لكننى لم أصبر، وسألت أحد المارة عن الساعة فقال لى إننا هنا لا نعمل بالساعة وإنما بالإنتاج، وحين قلت له من أنت؟ اختفى وامتلأ الميدان كله بأطفال، بنين وبنات يلبسون مرايل مخططة أبيض أسود أحمر مثل علم مصر، فانقبض قلبى للمرايل وانفتح للأطفال واقتربت من أحدهم وسألته عن اسمه فقال لى أن اسمه محمد، وحين سألته “محمد ماذا”؟ وضع سبابته منتصبا أمام شفتيه وهو يحذرنى أنه ممنوع أن يكون لأى طفل غير اسمه الأول، وأن من يخالف هذه القاعدة يطرد فورا إلى أى حارة مجهولة ويختفى، لا نعرف أين؟
فجأة أخذ الأطفال يجرون نحو شبح ظهر فى نهاية الميدان ثم تبين لى أن الشبح هو المرشدة التى لها وجه فتاتى وقد جاءت تنادى الأطفال أن يصعدوا الحافلة التى أقلتهم، لاحظت أنها تلبس لباس الممرضات لكنها لم تحكم غلق الأزرار فظهرت أجزاء من بدلة الرقص تحتها، هممت أن أناديها لكن صوت أمى جاءنى من بعيد يودع جارتنا على السلالم، وسمعت صوت قبلات يتبادلانها، فاستأذنت ونزلت إلى الدور التحتانى لأجد فتاتى تنتظرنى مرحبة وكأن شيئا لم يكن، وقالت أنها موافقة، وأنها نجحت أن تحصل على الورقة الصفراء من السلطات.
نظرت إليها طويلا لأتأكد مما قالت، واستدرت وانصرفت مسرعا وكأنى أعدو.