الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / فروق ثقافية، وإشكالات لغوية (2) لماذا “الجنون” وليس “الذهان”؟

فروق ثقافية، وإشكالات لغوية (2) لماذا “الجنون” وليس “الذهان”؟

نشرة “الإنسان والتطور”

 15-12-2010

السنة الرابعة

العدد: 1202normal face

 

استطراد آخر

فروق ثقافية، وإشكالات لغوية (2)  

لماذا “الجنون” وليس “الذهان”؟

 (مراجعة ضرورية للفظ “الجنون” وعودة إلى تداعيات “جاد الرب”)

ناقشنا أمس مشروعية استعمال مصطلح جديد نسبيا هو  مصطلح “فرط العادية”، ثم نعود اليوم لمناقشة لفظ  أبعد ما يكون عن الجدّة وهو لفظ “الجنون”، وهى مناقشة مكملة لحيرتنا السابقة.

قل “جنون” لأى فلاح أمى مصرى ، أو مدرس تونسى، أو ربة منزل يمنية، أو ممثل سورى، أو مسئول ليبى، ..إلخ واسأله عن وقع اللفظ عليه، ولا تسأله عن معناه لو سمحت؟

أدخل على الباحث “جوجل”، (رضى الله عنه وجزاه عنا خيرا)، واكتب لفظى “معنى الجنون”، لاحظ ما يأتيك من معان، وتشكيلات، وأشعار، وأفكار وسوف تتعجب أن أغلبها: فى الحب والعشق والهيام والشوق، أكتر كثيرا مما يأتيك من مواصفات علمية أو تصنيفية.

قل كلمة “ذهَان” على أى من هؤلاء، ولاحظ الفرق.

ثم قل كلمة “فصام”، أو “شيزوفرينيا”، وأعرضها على كاتب صحفى، ومقدم وممثلة مشهورة فى مسلسل جديد، أو قديم، ومخرج لفيلم متوسط، ومدرس لغة عربية ودين فى البدرشين (جيزة)، ومزارع فى أم جمص مركز المنيا، وفتاة فى الرابعة عشرة من عمرها فى مدرسة أجنبية فى التجمع الخامس، ثم بائعة فاكهة فى صفاقس أو الدار البيضاء أو بريده أو عمان ثم لاحظ الاستجابات.

ما جدوى الاتفاق على  استعمال هذه الألفاظ سواء بين العامة أو المختصين إن لم تقم بوظيفة اللغة سواء “التمثيل” أو “التواصل”؟

حين طلبوا منى فى مجلة “فصول” بدءا من أوائل الثمانينيات  الكتابة عن علاقة الإبداع بالمرض العقلى استعملوا لفظ الجنون وليس الذهان، فكان لفظ الجنون هو ضمن عنوان الفصل الثانى والثالث من الكتاب الذى جمع هذه المقالات بعنوان “حركية الوجود وتجليات الإبداع” وهو من ثلاثة فصول ، وكان الفصل الثانى باسم “جدلية الجنون والإبداع” والفصل الثالث باسم “عن الحرية والجنون والإبداع”.  هل كان من الممكن أن يطلب منى المرحوم الأستاذ الدكتور عز الدين إسماعيل أو الصديق الكريم أ.د. جابر عصفور أن أكتب عن “جدلية “الذهان” والإبداع” أو “عن الحرية و”الذهان”  والإبداع؟ وكيف كان القارئ، ناقدا أو عابرا، سوف يتلقى هذا العنوان، ثم كيف كنت أستطيع أن أوصل نفس ما حاولت توصيله تحت هذه العناوين الغريبة، ذهان؟!!! ذهان ماذا يا عم؟ إذن ما فائدة اللغة، وما جدوى الاتفاق؟

‏فى الجزء (5) من هذا الفصل نبهت إلى “….عجز الأطباء‏ ‏المختصيين‏ ‏أنفسهم‏ ‏عن ‏وصف‏ ‏الجنون‏ ‏أو‏ ‏تحديده‏ ‏أو‏ ‏تقسيمه‏ ‏إلى ‏فئات‏ ‏متفق‏ ‏عليها‏ ‏اتفاقا‏ ‏تاما‏ ‏حتى ‏الآن‏، ‏ناهيك‏ ‏عن‏ ‏عجزهم‏ ‏عن‏ ‏تحديد‏ ‏أسبابه‏ ‏أو‏ ‏أبعاده‏ ‏أو‏ ‏معانيه‏ ‏أو‏ ‏غاياته‏، ‏فكيف‏ ‏يكون‏ ‏الحال‏ ‏عند‏ ‏الأديب‏ ‏والناقد‏، ‏فضلا‏ ‏عن‏ ‏المثقف‏ ‏العام‏، والشخص العادى، ‏لاسيما‏ ‏أن‏ ‏لفظ‏ “الجنون”  ‏يستعمل‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏المجالات‏ ‏استعمالا‏ ‏متواترا؟ إن‏ ‏المـُراجع‏ ‏لاستعمال‏ ‏الأطباء‏ ‏المختصين‏ ‏للفظ‏ ‏الجنون‏، ‏سوف‏ ‏يكتشف‏ ‏أنهم‏ ‏يستعملون – الآن خاصة – ‏ ‏ألفاظا‏ ‏بديلة‏، ‏كما‏ ‏سوف‏ ‏يتبين‏ ‏أنهم‏ ‏لم‏ ‏يتفقوا‏ ‏لا‏ ‏على ‏مضمون‏ ‏اللفظ‏ ‏ولا‏ ‏على ‏مضمون‏ ‏ما‏ ‏اقترحوا‏ ‏من‏ ‏مترادفات‏ له فى الإنجليزية. ثم تأتى الترجمة إلى العربية – وهى السائدة بين الأطباء العرب للأسف–  تسير على نفس النهج الغامض غير الجامع وغير المانع.  ‏على ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏فما‏ ‏زال‏ ‏الاستعمال‏ (‏الطبي‏) ‏الشائع‏ للفظ الجنون وما يقابله أو يرادفه ‏يشمل‏ ‏معانى: ‏الاختلاف‏ ‏الشديد البالغ الشدة عن النمط العادى‏، ‏والغربة الشاذة جدا‏، ‏والاغتراب المتمادى‏، ‏والانسحاب‏ ‏الشامل‏ ‏من‏ ‏الواقع‏، ‏والتفجّر‏ ‏الخطر‏، ‏والتناثر‏، …….، ‏والموت‏ ‏النفسى، ‏والنشوز‏ ‏السلوكى ‏التروى،‏ ‏ولا‏ ‏يمكن‏ ‏لأحد‏ ‏أن‏ ‏يتبين‏ ‏أيا‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏المعانى ‏هو‏ ‏المراد‏ ‏إلا‏ ‏فى ‏سياق‏ ‏متكامل‏ ‏أو‏ ‏بعد‏ ‏تحـديد‏ ‏إجرائىّ ‏اجتهادا‏.‏

(كذلك قلت:)

أما عند العامة فإننا ‏ ‏نجد‏ ‏نوعا آخر من‏ ‏‏الخلط‏ ‏والتداخل‏ ‏فى ‏استعمال‏ ‏لفظ‏ ‏الجنون‏ ‏فى مختلف المجالات، ‏فـفى ‏مجال‏ ‏الأخلاق‏ ‏يـستعمل‏ ‏لفظ‏ ‏الجنون‏ ‏ليشمل‏ ‏معانى ‏متعددة‏، ‏مثل‏: ‏العدوان‏ ‏الفج‏، ‏والتبلد‏، ‏والحمق‏، ‏والجسارة‏ ‏الجسيمة‏، ‏والقحة‏، والغرام المتيم أو الذاهل ‏وغيرها‏. ‏وفى ‏مجال‏ ‏الأدب‏ ‏لانجد‏ ‏للفظ‏ ‏نفسه‏ ‏حظا‏ ‏أوفر‏ ‏تحديدا‏. ‏وقد‏ ‏يصل‏ ‏الاختلاف‏ ‏إلى ‏حد‏ ‏التضاد، ‏فثمَّ‏ ‏الجنون‏/ ‏التجاوز‏، ‏والجنون‏/الحلم‏، ‏والجنون‏/‏الوله‏، ‏والجنون‏/‏البله‏، ‏والجنون‏/‏السبْق‏، ‏وخرق‏ ‏العادة، ‏والجنون ‏/‏الجمال‏، ‏والجنون‏/‏القفزة‏، ‏والجنون‏/ ‏التناقض‏… ‏إلخ‏.‏ ولا تسعفنا المعاجم بما يفيد إلا تجذيرا وتأريخا لأصل اللفظ وتنوع وروده فى التراث أساسا،  دون مراجعة مضمونه الحركى الحالى”.

وبعد

ليس عندى حل بديل، ولا أريد أن أعترض بأية درجة على محاولات الاتفاق، لكننى فقط أؤكد أن اللغة (مع الدين) هى البنية الأساسية لأية ثقافة أو وعى مشتمل ، وأن علينا – مرة أخرى – أن نبدأ من خبرتنا الخاصة جدا ونحن نحسن الاستماع إلى المرضى وغير المرضى .

هيا معا نتعلم من جاد الرب مرة أخرى (كان ذلك منذ ثلاثين عاما، رحمه الله)

وأرجو أن نتابع، كعينات محدودة التحرك فى هذه المنطقة المفترقية التى كنا نتحاور فيها وبعض ذلك:

1- سوف نناقش أبعاد ما يسمى “الحفاظ على الاتجاه الذى يفرق بين الإبداع والتناثر المرضى فى نهاية النهاية.

2- سوف نحترم نقلات جاد الرب التى هى من حقه وهو فى مفترق الطرق، خاصة حين لا يكون العمل قد تمّ بعد.

3- سوف نرصد ظاهرة “الجدْلغَهْ” (كلمة منحوته مقابل Neologism) وهو ينحت بدوره كملة عربية مقابل Phenomendogy

****

عدد يوليو 1980

من ‏قرع‏ ‏الأبواب‏ (‏أخناتون‏) إلى‏ ‏حمار‏ ‏حمورابى‏ ‏

تأليف: محمد جاد الرب

  حوار: د. يحيى الرخاوى

‏(‏وقفة‏ ‏على ‏طريق‏)‏

………………..

إليكم‏ ‏الحكاية‏، ‏أعنى ‏ماتيسر‏ ‏منها‏:‏

…..‏ ‏كنت‏ ‏أنوى ‏أن‏ ‏أخصص‏ ‏هذه‏ ‏الحلقة‏ ‏من‏ ‏كتاب‏ ‏قرع‏ ‏الابواب‏ ‏للحديث‏ ‏عن‏ ‏أهمية‏ ‏عامل‏ ” ‏مواصلة‏ ‏الاتجاه‏” (1)‏وأخذت‏ ‏أراجع‏ ‏الأبحاث‏ ‏التى ‏دارت‏ ‏حول‏ ‏هذا‏ ‏العامل‏ ‏وأثره‏ ‏فى ‏الإبداع‏، ‏وكان‏ ‏يغلبنى ‏الفخر‏ ‏وأنا‏ ‏أرى ‏إضافة المدرسة‏ ‏المصرية فى علم النفس فى ‏آداب‏ ‏جامعة‏ ‏القاهرة‏ ‏بالتزامها المنهجى ‏المحكم‏ ‏تثرينى ‏وتغنينى ‏عن‏ ‏الرجوع‏ ‏إلى ‏غيرها‏، ‏وأخذت‏ ‏أراجع‏ ‏مادة‏ ‏الصديق‏ ‏جاد‏ ‏الرب‏ ‏لأعراف‏ ‏فى ‏أى “‏إتجاه‏”‏ تسير‏، ‏ومع‏ ‏احترامى ‏الشديد‏ ‏لنتائج‏ ‏الأبحاث‏ ‏الخاصة‏ ‏بهذا‏ ‏الموضوع‏، ‏ومع احترامى ‏بنفس‏ ‏الشدة‏ ‏لكتابة‏ ‏الصديق‏ ‏جاد‏ ‏الرب‏ ‏المتناثرة‏ ‏المتحدية‏ ‏لأى ‏تسلسل‏ ‏أو‏ ‏إخضاع‏ ‏لعمليات‏ ‏تقييم‏ ‏أوربط‏ ‏بين‏ ‏حلقات‏ ‏مختلفة‏ ‏أو‏ ‏فحص‏ ‏مستمر‏ ‏لمخزون‏ ‏الخبرة‏،. ‏كنت‏ ‏أتحسس‏ ‏طريقى ‏بمنهجى ‏الحوارى ‏المتواضع مع جاد الرب ‏ ‏فأكاد‏ ‏أجزم‏ ‏أنى ‏استطعت أن أتابع‏ ‏حفاظه ‏على ‏الإتجاه‏ (‏من‏ ‏حيث‏ ‏المبدأ‏ ‏لا من‏ ‏خلال‏ ‏المحتوى‏)، ‏حتى ثارت‏ ‏عندى ‏تساؤلات‏ ‏حول‏ ‏هذا‏ ‏الموضوع‏ ‏وددت‏ ‏لو أن‏ ‏سماح‏ ‏جاد الرب‏ ‏قد‏ ‏أتاح‏ ‏لى أن أفتح ‏حواراً‏ ‏حولها‏، ‏ومن‏ ‏ذلك‏:‏

‏1- ‏ماذا لو‏ ‏كان‏ ‏المبدع‏ ‏يحافظ‏ ‏على ‏مواصلة‏ ‏الاتجاه‏ ‏نحو‏ ‏هدف‏ ‏أبعد‏ ‏من‏ ‏مرأى ‏الآخرين‏، ‏ألا يبدو‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏الحال‏ ‏أنه‏ ‏لايحافظ على ‏أى ‏اتجاه‏ ‏فى ‏حين‏ ‏أنهم‏ ‏ما‏ ‏حكموا‏ ‏عليه‏ ‏بذلك‏ ‏إلا ‏من‏ ‏واقع‏ ‏قصور‏ مدى الرؤية، أو انحراف زاويتها؟

‏2- ‏ما أهمية الافتقار‏ ‏إلى ‏مثل‏ ‏هذا‏ ‏العامل‏ ‏فى ‏الحياة‏ ‏العادية‏، ‏ليس ‏ ‏فى ‏الابداع فقط‏، ‏وخاصة‏ ‏مع ما‏ ‏يبدو‏ ‏فى ‏مرحلتنا‏ ‏الحالية‏ ‏من‏ ‏شدة‏ ‏احتياجنا‏ ‏إلى ‏ما‏ ‏يسمى “‏النفس‏ ‏الطويل‏”‏؟‏ (‏وهل‏ ‏هناك‏ ‏علاقة‏ ‏بين‏ هذا ‏ ‏التعبير ‏الشائع‏ ‏وبين‏ ‏هذا‏ ‏العامل‏ ا‏لخاص‏ ‏بالإبداع‏).‏

‏3- ‏ما‏ ‏هى ‏العلاقة بين‏ ‏هذا‏ ‏العامل‏ (‏الاحتفاظ‏ ‏بالاتجاه‏) ‏وبين‏ ‏مفهوم‏ ‏الفكرة المركزية‏ central idea ‏أو‏ ‏الفكرة‏ ‏الغائية‏ Goal idea ‏التى ‏قال‏ ‏بها‏ ‏أريتى ‏وطورتها‏ ‏فى ‏دراستى ‏لعلم‏ ‏السيكوباثولوجى (1979) (2)

‏4-‏ ما‏ ‏علاقة‏ هذا ‏ ‏العامل‏ ‏بالفكر‏ ‏الصوفى ‏الذى ‏ينبض‏ ‏أحيانا‏ ‏بل‏ ‏غالبا فى ‏كلام‏ ‏جاد‏ ‏الرب‏ (‏لاحظ‏ ‏أن‏ ‏كتابه‏ ‏هو‏ ‏عن‏ “‏الصوفى ‏الأول‏” ‏أخناتون‏ )‏ من‏ ‏حيث‏ ‏اعتبار أن‏ ‏الاتجاه‏ ‏التوحيدى‏ ‏هو‏ ‏التوجه الضامّ‏ ‏إلى “‏وجه‏ ‏الله‏” ‏وبالتالى “‏فالصحة‏ ‏التوازنية”‏ ‏الحقيقية‏ ‏هى ‏فى المحافظة‏ ‏على ‏هذا‏ ‏الاتجاه‏، ‏ولابد أنه إبداع ‏للحياة‏ ‏ذاتها‏.

‏ولكن‏ ‏الأخ‏ ‏جاد‏ ‏الرب‏ ‏كتب‏ ‏لى ‏فجأة‏ ‏يقول‏: ‏

‏”‏أرسلت‏ ‏إليك‏ ‏سلسلة‏ ‏جديدة‏ ‏تحت‏ ‏عنوان‏ “‏حمار‏ ‏حمورابى ” ‏وكنا‏ ‏أتفقنا‏ ‏على (‏إقرعوا‏ ‏يفتح‏ ‏لكم‏) ‏والعجيب‏ ‏أن‏ ‏موضوع‏ ‏الفتح‏ ‏غيرموضوع‏ ‏القرع‏ ‏فلقد وجدت‏ ‏نفسى ‏أخيرا‏ ‏فى ‏نظرية  (الكونية العربية) وفى بجمونات‏ (‏حمار‏ ‏حمورابي‏) ‏فأرجو‏ ‏ابتداء‏ ‏من‏ ‏العدد‏ ‏القادم‏ ‏من‏ (‏الإنسان‏ ‏لا‏ ‏التطور‏) ‏إحلال‏ ‏حمار‏ ‏حموابى ‏فى ‏محل‏ (‏قرع‏ ‏الأبواب‏) ‏واعتبار‏ ‏جميع‏ ‏المادة‏ ‏الموجودة‏ ‏لديك‏ ‏هوامش‏ ‏أو‏ ‏أعراض‏ ‏نفسية‏ ‏تسبق‏ ‏ميلاد‏ ‏نظرية‏ (‏كالكونية‏ ‏العربية‏)

الرخاوى: وهكذا‏ ‏فجأة‏ ‏يصدر‏ ‏أمر‏ ‏كريم‏ ‏من‏ ‏أخ‏ ‏كريم‏، ‏ولا‏ ‏أملك‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏أطيعه‏، ‏فقد‏ ‏بدأنا‏ ‏باستئذانه‏، ‏واستمر‏ ‏بنا‏ ‏الحوار‏ ‏بسماحه‏، ‏وتوقفنا‏ ‏بإذنه‏.‏

لابد‏ ‏أن‏ ‏أعترف‏ ‏أن‏ ‏ما‏ ‏أسماه‏ “‏حمار‏ ‏حموابي‏” ‏وربط‏ ‏من‏ ‏خلاله‏ ‏تاريخ‏ ‏العرب‏ ‏العريق‏ (1400‏سنة‏) ‏بتاريخ‏ ‏مصر‏ ‏القديمة‏ (7000 ‏سنة‏) ‏كان‏ ‏مختلفا‏ ‏تمام‏ ‏الاختلاف‏ ‏عن‏ ‏كتابه الأول‏ ‏الذى ‏كان‏ ‏موضوع‏ ‏حوارنا‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏المحاولة‏ ‏التى ‏انتهت‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏تبدأ‏ (‏تقريبا‏) ‏فالحق‏ ‏أقول‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏العمل‏ ‏الجديد‏ ‏له‏ ‏من‏ ‏التسلسل‏ “‏والحفاظ‏ ‏على ‏الاتجاه‏” ‏ما‏ ‏ينفى ‏أية ‏احتمالات‏ “‏تناثرية‏” أ‏و‏ ‏حتى “‏هلوسية‏” ‏بدت‏ ‏فى ‏المقال‏ ‏السابق‏ ‏وصفا‏ ‏لأعمال‏ ‏صديقنا‏ ‏الفاضل‏ (‏الحوار‏ ‏السابق‏)، ‏كما‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏التعليق‏ ‏الذى كتبه‏ ‏عن‏ ‏اعتبار‏ ‏الكتاب‏ ‏الأول‏ ‏هو‏ “‏أعراض‏ ‏نفسية‏ ‏تسبق‏ ‏ميلاد‏ ‏نظرية‏” ‏هو‏ ‏تعليق‏ ‏علمى ‏نابع‏ ‏من‏ ‏حدس ‏فائق‏. ‏إن من‏ ‏حق‏ ‏أى ‏مبدع‏ ‏وأى ‏إنسان‏ ‏أن‏ ‏يتفكك‏ ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏هو‏ ‏يحضر‏ ‏للتسلسل‏ ‏والتكامل‏، ‏وعلى ‏دارسى ‏الإبداع‏ ‏أن‏ ‏يتعمقوا‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏المرحلة‏ “‏القبلية‏” يفحصونها‏ ‏بمجهر‏ ‏مكبر‏ ‏لأن‏ ‏ثراءها‏ ‏بلا‏ ‏حدود‏.‏

أما‏ ‏أنا ‏فمن‏ ‏حقى ‏أن‏ ‏أتوقف‏ ‏تماما‏ ‏معلنا‏ ‏احترامى ‏لهذا‏ ‏الإنسان‏ ‏الشجاع‏، ‏واعتذارى ‏له‏، ‏وتعلمى ‏منه‏، ‏وانتظارى ‏له‏، ‏وأملى ‏فيه‏، ‏لا‏ ‏باعتباره‏ ‏محمد‏ ‏جاد‏ ‏الرب‏ ‏ولكن‏ ‏باعتباره‏ ‏أى ‏محمد‏ ‏جاد‏ ‏الرب‏.‏

ولابد‏ ‏لكى ‏أعطيه‏ ‏حقه‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏أعطانا‏ ‏بعض‏ ‏عقله‏ ‏لتشريحة‏ ‏ثم‏ ‏عدل‏  (‏أو‏ ‏هكذا‏ ‏قررت‏ ‏أنا‏ ‏أنه‏ ‏عدل‏)، ‏أعطيه‏ ‏حقه‏ ‏فى ‏نشر‏ ‏بعض‏ ‏ما‏ ‏يقوله‏ ‏بعض‏ ‏محبيه‏ ‏عنه‏:‏

يقول‏ ‏عبد‏ ‏الحميد‏ ‏الكاشف (صديقه ومريده)‏ (‏فى ‏رسالة‏ ‏أرسلها‏ ‏إلينا‏):‏

‏”‏لم‏ ‏يحظ‏ ‏واحد‏ ‏من‏ ‏جيلنا‏ ‏باضطهاد‏ ‏أبناء‏ ‏جيله‏ ‏والأجيال‏ ‏السابقة ‏بمثل‏ ‏ما‏ ‏حظى ‏هو‏، ‏ولم‏ ‏ينل‏ ‏أحد‏ ‏من‏ ‏الافتراء‏ ‏مثلما‏ ‏نال‏… ‏حتى ‏لقد‏ ‏وصل‏ ‏هذا‏ ‏الافتراء‏ ‏المهووس‏ ‏إلى ‏حد‏ ‏التشكيك‏ ‏فى ‏قواه‏ ‏العقلية‏

……

إلى ‏أن‏ ‏قال‏ (الكاشف) “‏قالوا‏ ‏حقا‏ ‏أن‏ ‏ما‏ ‏يكتبه‏ ‏فن‏… ‏ولكنه‏ ‏فن‏ ‏يئن‏ ‏تحت‏ ‏أنياب‏ ‏العزلة‏”.‏

كذلك‏ ‏كتب‏ ‏إلينا‏ ‏نفس‏ ‏الكاتب‏ ‏شيئا‏ ‏أشبه‏ ‏بالشعر‏ ‏يبدو‏ ‏كقصيدة‏ ‏مدح‏ ‏يقول‏ ‏فيها‏:‏

‏”‏محمد‏ ‏جاد‏ ‏الرب‏:‏

برج‏ ‏الحمام‏ ‏لكل‏ ‏الذين‏ ‏بلا‏ ‏مأوي

شاطيء‏ ‏أمان‏ ‏لكل‏ ‏تائه‏ ‏وشريد

سفينة‏ ‏نوح‏ ‏لكل‏ ‏عابر‏ ‏سبيل

‏(‏إلى ‏أن‏ ‏قال‏):‏

راهب‏ ‏مجهول‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏جوانب‏ ‏الدير

……

مسيح‏ ‏تمرد‏ ‏عليه‏ ‏الحواريون

‏(‏إلى ‏أن‏ ‏أخذ‏ ‏ينادى ‏وكأنه‏ ‏يطلب‏ “‏المدد‏”):‏

يا‏ ‏مجرى ‏نهر‏ ‏النيل‏ ‏الحزين

يا‏ ‏جاد‏ ‏

يا‏ ‏زاد

يا‏ ‏جاد

توقيع: عبد‏ ‏الحميد‏ ‏الكاشف‏

ثم أقدم لقطات محدودة من حوارنا السابق:

اللقطة الأولى:

جاد‏ ‏الرب‏: “‏الأستاذ‏ ‏الدكتور‏/…………‏

‏.. ‏إن‏ ‏معرفتى ‏بك‏ ‏قد‏ ‏وضعتنى ‏أمام‏ ‏أصدقائى ‏كعاقل‏ لكننى ‏أرفض‏ ‏التخلى ‏عن‏ ‏بسملة‏ ‏آتون‏ ‏وأرفض‏ ‏التخلى ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏آتون‏ ‏وليست‏ ‏هناك‏ (‏هلاوس‏) ‏والمطلوب‏ ‏وضع‏ ‏لوحة‏ ‏الهوميروس‏ ‏على ‏غلاف‏ ‏المجلة‏ ‏واعتبار‏ ‏الدعوة‏ ‏إلى‏ ‏بناء‏ ‏خوتاتون‏ ‏موقف‏ ‏المجلة‏ ‏الأساسى ‏مع‏ ‏نشر‏ ‏صورة‏ ‏أخناتون‏ ‏تحت‏ ‏الشمس‏ (‏أرسل‏ ‏مع‏ ‏هذا‏ ‏الكلام‏ ‏الصورة‏).‏

الرخاوى‏: ‏هكذا‏ ‏تشهد‏ ‏لى ‏يا‏ ‏جاد‏ أ‏نى ‏لم‏ ‏أتهمك‏ ‏بشيء‏ ‏مما‏ ‏تصور‏ ‏محبيك‏ ‏أنى ‏فعلته‏، ‏ولكن‏ ‏بعد‏ ‏إذنك‏ ‏يا‏ ‏عم‏ ‏جاد‏ ‏أقول‏ ‏إن‏ ‏تمسكك‏ ‏بكل‏ ‏هذه‏ ‏الشكليات‏ ‏وإصرارك‏ ‏على ‏أنها‏ ‏مفتاح‏ ‏التغيير‏ ‏يجعلنى  ‏أحترم إحترامك‏ ‏لقضيتك‏، ‏واحترم‏ ‏قضيتك‏، ‏ولكنى ‏أختلف‏ ‏بكل عنف‏ ‏فى ‏فائدة‏ ‏تقديس الشكل‏ ‏والأسماء‏ ‏إلى ‏هذه‏ ‏الدرجة‏.‏

جاد‏ ‏الرب‏: .. ‏وبذلك‏ ‏تم‏ ‏فتح‏ ‏السبيل‏ أ‏مام‏ ‏مشروعنا‏ ‏الخاص‏ ‏ببناء‏.. ‏الهوميروس‏ ‏إتحاد‏ ‏أدباء‏ ‏القرية‏ ‏العربية‏ ‏على ‏أن‏ ‏يتم‏ ‏البناء‏ ‏فى ‏ظلال‏ (‏خوتاتون‏).. ‏الخ

الرخاوى‏: ‏نفس‏ ‏التعليق‏ ‏السابق‏.‏

اللقطة الثانية:

جاد‏ ‏الرب‏: ‏يصفنى‏ ‏الصديق‏ (‏الرخاوى‏) ‏بقصر‏ ‏النفس‏ ‏وله‏ ‏الحق‏ ‏كل‏ ‏الحق‏ ‏وأنا‏ ‏اليوم‏ ‏أشرح‏ ‏للصديق‏ ‏السر‏ ‏خلف ‏”‏كرشكة‏ ‏النفس‏” ‏التى ‏تصيب‏ ‏الكاتب‏ ‏أو‏ ‏قلمه‏ ‏فيكون‏ ‏أنها‏ ‏تقصم‏ ‏وسطه‏ ‏وتقضى ‏على ‏نبت‏ ‏الفكر‏ ‏فيما‏ ‏يكتب‏.‏

………..

……….

‏(‏إلى ‏أن‏ ‏قال‏):‏

‏… ‏ويهمنى ‏اليوم‏ ‏أن‏ ‏أقول‏ ‏بأن‏ “‏كرشة‏ ‏النفس‏ ‏الفكرية‏” ‏هى ‏مرض‏ ‏أصاب‏ ‏الروح‏ ‏المصرية‏ ‏خلال‏ ‏المفكر‏ ‏أو‏ ‏الكاتب‏ ‏أو‏ ‏الأديب‏ ‏هبط‏ ‏من‏ ‏فوق‏ ‏خشبة‏ ‏المسرح‏ ‏ليحتل‏ ‏مقعدا‏ ‏هنا‏ ‏أو‏ ‏هناك‏ ‏فى ‏آخر‏ ‏الصالة‏.. ‏بل‏ ‏وربما‏ ‏ترك‏ ‏الصالة‏ ‏أيضا‏ ‏وذهب‏ ‏إلى ‏دورة‏ ‏المياة‏ ‏ليستفرغ‏ ‏حالة‏ ‏التسمم‏ ‏الغذائى ‏التى ‏أصيب‏ ‏بها‏ ‏من‏ ‏بعد‏ ‏ما‏ ‏رأى الضباط يستأجرون بعض السوقة من الكتاب أو المفكرين‏ ‏لهم‏ ‏خطب‏ ‏العرش‏ …‏

الرخاوى‏: ‏أوافق‏ ‏على ‏التشخيص‏، ولكن‏ ‏هل‏ ‏يكفى ‏التشخيص‏ ‏وترميم‏ ‏الآثار‏ ‏فى ‏علاج‏ ‏الداء‏ ‏وتعديل‏ ‏المسار؟

……………

……………

****

جاد‏ ‏الرب‏: “‏قبل‏ ‏إعادة‏ ‏بناء‏ ‏خوتاتون‏: ‏لا‏ ‏أنا‏ ‏تلميذ‏ ‏ولا‏ ‏أنت‏ ‏استاذ‏”‏

انتهيت‏ ‏اليوم‏ ‏إلى ‏قرار يتلخص‏ ‏فى ‏أن‏ ‏أرجوك‏ ‏التفضل‏ ‏بنشر‏ “‏حمار‏ ‏حمورابي‏” ‏كاملا‏ ‏فى ‏العدد‏ ‏القادم‏ ‏من‏ ‏مجلة‏ ‏الإنسان‏  X‏ التطور

فبذلك‏ ‏وبذلك‏ ‏وحده‏ ‏تفتحون‏ ‏الباب‏ ‏على ‏مصراعيه‏ ‏للحوار‏ ‏المفيد‏ ‏حول‏ ‏الكونية‏ ‏العربية‏ ‏جذورها‏ ‏وواقعها‏   ‏وإطارها‏.‏

الرخاوى‏:

 ‏أولا‏: ‏لعل‏ ‏اعتذارى ‏قد‏ ‏بلغك‏ ‏عن ‏استحالة‏ تنفيذ ‏هذا‏ ‏الاقتراح‏،

 ‏ثانيا‏: ‏لعلك‏ ‏تراجع‏ ‏معنا‏ ‏هذا‏ ‏الحماس‏ ‏منقطع‏ ‏النظير‏ ‏الذى ‏يلوح‏ ‏لك‏ ‏فى ‏كل‏ ‏آن‏ ‏أنه‏: “‏فبذلك، وبذلك‏ .. ‏وبهذا‏ ‏وحده‏” (…‏كذا‏ ‏وكذا‏ ) ‏فإن‏ ‏حكاية‏ “‏بذلك‏ ‏وحده‏” ‏هذه‏ ‏خطيرة‏ ‏دائما‏ ‏فى ‏كل‏ ‏فكر‏ ‏ولكل‏ ‏أسلوب‏، ‏نعم‏ ..”‏بهذا‏” ‏يا‏ ‏أخ‏ ‏جاد‏ ‏الرب‏ ‏أو‏ ‏بشى ‏مثل‏ “‏هذا‏”، ‏أو‏ ‏بجوهر‏ “‏هذا‏” ‏ولكن‏ ‏أيضا‏ “‏ بغير‏ ‏هذا‏” .. ‏يصلح‏ ‏الأمر‏ .. ‏والأمر‏ ‏كما لا‏ ‏يخفى ‏عليك‏ – ‏بعدما‏ ‏كان‏ ‏يحتاج‏ ‏لأكثر‏ ‏من‏ “‏مصلح‏ ” ‏وأكثر‏ ‏من‏ “‏هذا‏”.‏

جاد‏ ‏الرب‏: ‏إننى ‏لأ‏عجب‏ ‏ياسيدى ‏كيف‏ ‏بك‏ ‏قد‏ ‏لا‏حظت‏ ‏منذ‏ ‏الوهلة‏ ‏الأولى ‏أننى ‏أبحث‏ ‏عن‏ ‏صديق‏ ‏أكتب‏ ‏له‏ ‏ويكتب‏ ‏لي‏، ‏أما‏ ‏اللقاء‏ ‏فهو‏ ‏ما‏ ‏أرفضه‏ ‏رفضا‏ ‏قاطعا‏.. ‏كيف‏ ‏بك‏ ‏قد‏ ‏لا‏حظت‏ ‏ذلك‏ ‏وطلبته‏ ‏أنت‏ ‏الآخر‏ .. ‏هل‏ ‏تعرف‏ ‏كيف‏ ‏كان‏ ‏عيسى ‏الناصرى ‏يحدث‏ ‏الناس‏؟‏ ‏كان‏ ‏عيسى ‏يركب‏ ‏سفينة‏ ‏ويأمرها‏ ‏بالإقلاع‏ ‏بعيدا‏ ‏عن‏ ‏الشاطيء‏ ‏ثم‏ ‏يروح‏ ‏يكلم‏ ‏الناس‏، ‏ولسوف‏ ‏يبعث‏ ‏الرحمن‏ ‏يوما‏ ‏باليد‏ ‏الحانية‏ ‏النورانية‏ ‏التى ‏تحمل‏ ‏لنا‏ ‏الشفاء‏، ‏وصدقنى‏ ‏يا‏ ‏أخى ‏أن‏ ‏لعبة‏ (‏الهوميروس‏) ‏أجدع‏ ‏لعبة‏ ‏بس‏ ‏الدنيا‏ ‏حظوظ‏.‏

الرخاوى‏: ‏أشكرك‏ ‏بحق‏، ‏فأنا‏ ‏أبحث‏ ‏عن‏ ‏صديق‏ ‏ليس‏ ‏هو‏ ‏أنت‏ ‏أنت‏، ‏لكنه‏ ‏أنت‏ “‏على ‏مسافة‏” ‏والمسافة‏ ‏التى ‏أصررت‏ ‏أن‏ ‏أحافظ‏ ‏عليها‏ ‏وظيفتها‏ ‏الأولى ‏ألا‏ ‏أفقدك لو نسيت واعقدت‏ ‏علىّ ‏أكثر‏ ‏مما‏ ينبغى، أو نسيت أنا واقتربت أكثر مما ينبغى، متزيد جرعة التواصل أكثر مما نحتمل.. ‏إلى ‏آخر‏ ‏مخاطر‏ ‏الاقتراب‏. ‏أما‏ ‏أن‏ ‏الدنيا‏ ‏حظوظ‏ .. ‏فلا‏ ‏تنس‏ ‏أننا‏ ‏نحن‏ ‏الذين‏ ‏نصنع‏ ‏الحظوظ‏، ‏وأنه‏ ‏حتى “‏سميحة‏” ‏تستطيع‏ ‏أن‏ ‏تشتريها‏ “‏بزجاجة‏” .‏

 ‏‏آتومونيا‏!‏ATOMONIA  ‏

الفية‏ ‏ابن‏ ‏جاد‏ ‏الرب‏ ‏على “‏نحو‏” ‏الطبنفس‏ ‏

بقلم: محمد‏ ‏جاد‏ ‏الرب‏ ‏

فيلسوف‏ ‏خوتاتون‏ (جاد الرب)

 ‏يقترح نحت كلمة جديدة لما هو “فينومينولوجيا”

…… ولن‏ ‏تنجح‏ ‏هذه‏ ‏المهمة‏ ‏إذا‏ ‏فشلت‏ ‏فى ‏ترجمة كلمة‏ ( ‏الفينومينولوجيا‏)‏ ولسوف‏ ‏أحاول‏ ‏كتابة‏ (‏كتاب‏ ‏جديد‏) ‏تحت‏ ‏العنوان‏ ‏المذكور‏ ‏عاليه‏ ‏محاولا‏ ‏أن‏ ‏أتناول‏ ‏من‏ ‏خلاله كتابك ‏(‏دراسة‏ ‏فى ‏علم‏ ‏السيكوباثولوجى) ‏وقد‏ ‏نخرج‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏الدراسة‏ ‏باتهام‏ ‏الشيطان‏ ‏أو‏ ‏اتهام‏ ‏السد‏ ‏العالى ‏بأنه‏ ‏هو‏ ‏الذى ‏يتسبب‏ ‏فى ‏خلق‏ ‏حالة‏ (‏الآتومونيا‏) ‏فوق‏ ‏كوكب‏ ‏الأرض‏، ‏والمهم‏ ‏أننى ‏عندما‏ ‏يرهبنى ‏حجم‏ ‏الكتاب‏ ‏أو‏ ‏طريقته‏ ‏أستعين‏ ‏عليه‏ ‏بالمداخل‏ ‏الضخمة‏ ‏والكليشيهات‏ ‏الفخمة‏ ‏كما‏ ‏كان‏ ‏أبى ‏يستعين‏ ‏على ‏اللحم‏ ‏بالفلفل.‏ ‏

‏”‏إمضاء‏ ‏محمد جاد‏ ‏الرب‏” ‏

الرخاوى‏: ‏سامحك‏ ‏الله‏ ‏يا أخي‏، ‏وأكثر‏ ‏الله‏ ‏خيرك‏، ‏فقد‏ ‏أعلنتها‏ “‏هكذا‏” ‏مرة‏ ‏واحدة‏ ‏أنك‏ ‏فيلسوف‏ ‏خوتاتوني‏، ‏وأنا‏ ‏شخصيا‏ ‏ليس‏ ‏عندى ‏مانع‏ ‏إن‏ ‏كان‏ ‏لى ‏فى ‏الأمر‏ ‏شيء‏، ‏ولكن‏ ‏بما‏ ‏أنه‏ ‏ليس‏ ‏لى ‏فى ‏الأمر‏ ‏شيء‏، ‏فإنى ‏أدعوك‏ ‏للتنازل‏ ‏عن‏ ‏هذا‏ ‏اللقب‏ ‏حتى ‏لا‏ ‏تحرجنا‏ “‏معهم‏” ‏فقد‏ ‏حطوا‏ ‏من‏ ‏قدر‏ ‏الفلسفة‏ ‏حتى ‏امتهنوها‏، ‏وحطو‏ ‏من‏ ‏قدر‏ ‏الفلاسفة‏ ‏حتى ‏حسبوهم‏ “‏بتوع‏ ‏كلام‏” ‏وحطو‏ ‏من‏ ‏قدر‏ ‏كل‏ ‏مالم‏ ‏يفهموا‏، ‏ومع‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏كله‏ ‏خطؤهم‏ ‏وأنا ‏أنصحك‏ ‏أن‏ ‏تسرع‏ ‏بالتنازل‏ ‏عن‏ ‏هذا‏ ‏اللقب‏ ‏من‏ ‏باب‏ ‏بعد‏ ‏النظر‏ ‏والتكلم‏ ‏باللغة‏ ‏السائدة‏، ‏فضلا‏ ‏عن‏ ‏أن‏ ‏العصر‏ ‏لم‏ ‏يعد‏ ‏يحتمل‏ ‏أن‏ ‏يمسك‏ ‏أحدهم‏ “‏فانوسا‏” ‏فى ‏ضوء‏ ‏النهار‏ ‏يبحث‏ ‏به‏ ‏عن‏ ‏إنسان‏ ‏أو‏ ‏أن‏ ‏يعيش‏ ‏آخر‏ ‏فى ‏زير‏ ‏مكسور‏ ‏يلقى ‏ا‏‏لحكمة‏ ‏للرائح‏ ‏والغادي‏، ‏إذ‏ ‏أن‏ ‏بعض‏ ‏الكهرباء‏ ‏التى ‏أفسدت‏ ‏العقول‏ لمّا ‏غلبت‏ ‏حتى ‏على ‏نور‏ ‏النهار‏ ‏بالمسلسلات‏ ‏والفلسفة‏ ‏الجاهزة‏ ‏المستوردة‏ ‏من‏ ‏البوتيكات‏، ‏وأنت‏ ‏لا‏ ‏تحتاج‏ ‏إلى ‏مزيد‏ ‏من‏ ‏التذكرة‏ ‏بكل‏ ‏هذا‏، ‏علما‏ ‏بأنى ‏لا‏ ‏أعتبر‏ ‏الكهرباء‏ ‏فسادا‏ ‏كما‏ ‏يعتبر‏ ‏صديقك “…”

……….

‏وأنت – يا جاد -‏ ‏لك‏ ‏قدرة‏ ‏هائلة‏ ‏على ‏وصف‏ ‏الأمراض‏ ‏المعاصرة‏ ‏وابتداع‏ ‏الكلمات‏ ‏الجديدة‏ ‏مثل‏ “‏كرشة‏ ‏النفس‏ ‏الفكرية‏” ‏و‏ “‏الآتومونيا‏” ‏وإن‏ ‏كنت‏ ‏فهمت‏ ‏الأولى‏ ‏فقد‏ ‏تعذر‏ ‏على ‏فهم‏ ‏الثانية‏، ‏وأحيلك‏ ‏إلى ‏الصديق‏ ‏أ‏.‏د‏. ‏أحمد‏ ‏عكاشة‏ ‏الذى ‏لم‏ ‏يقرأ‏ ‏كتابى هذا بنفس الروح والدقة كما فعلت أنت‏.

جاد‏ ‏الرب‏: ‏أرجو‏ ‏فتح‏ ‏الباب‏ ‏لمناقشة‏ ‏اقتراحى ‏الخاص‏ ‏بترجمة‏ ‏كلمة‏ “‏الفينومينولوجيا‏” ‏إلى ‏القصديرانية‏ …….. ‏وسوف‏ ‏أحكى ‏لسيادته‏ (‏د‏. ‏مجدى ‏عرفة‏ ‏صاحب‏ ‏بحث‏ ‏الفينومينولوجيا‏ ‏والبحث‏ ‏فى ‏الانسان‏) ‏ماذا‏ ‏أفهم‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏التعبير‏ ‏الجديد‏ ‏القصديرانية‏:‏

أولا‏: ‏بشكل‏ ‏مباشر‏ ‏يذكرنى ‏القصدير‏ ‏أو‏ ‏أذكر‏ ‏القصدير‏ ‏فى ‏حالة‏ ‏واحدة‏ ‏هى ‏بعد‏ ‏أقصى ‏حالة‏ ‏من‏ ‏حالات‏ ‏الاجهاد‏ ‏الذهنى ‏فى ‏الكتابة‏ ‏والتمكن‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏العمل‏ ‏إذا‏ ‏ظهرت‏ ‏على ‏قاع‏ ‏خياله‏ ‏صورة‏ ‏القصدير‏ ‏ينساب‏ ‏مثل‏ ‏اللبن‏ ‏الحليب‏ ‏فوق‏ ‏إناء‏ ‏النحاس‏ ‏المحمى … ‏إذا‏ ‏ظهرت‏ ‏هذه‏ ‏الصورة‏ ‏على ‏قاع‏ ‏خيالى ‏أحسست‏ ‏بالراحة‏ ‏المطلقة‏ ‏وتأكد‏ ‏لى ‏أن‏ ‏التواصل‏ ‏قد‏ ‏تم‏ ‏وأن‏ ‏الاختراع‏ ‏الذى ‏أنا‏ ‏بصدده‏ ‏قد‏ ‏تم‏ ‏إيجازه‏ ‏على ‏الوجه‏ ‏الأكمل‏، ‏وأنت‏ ‏بالطبع‏ ‏تعلم‏ ‏أن‏ ‏تلك‏ ‏الصورة‏ ‏لا‏ ‏تتحقق‏ ‏فى ‏وعيى ‏كل‏ ‏يوم‏، ‏وإنما‏ ‏هى ‏أقصى ‏الأحلام‏ ‏عندى ‏أن‏ ‏تتحول‏ ‏كلماتى ‏إلى ‏قصدير‏ ‏ينساب‏ ‏كاللبن‏ ‏الحليب‏ ‏فوق‏ ‏صفحة‏ ‏الاردواز‏ …. ‏أو‏ ‏النحاس‏، ‏وفى ‏الصورة‏ ‏إعجاب‏ ‏وحب‏ ‏لحركة‏ ‏مبيض‏ ‏النحاس‏ ‏القديم‏ – ‏جارنا‏ – ‏حيث‏ ‏كان‏ ‏الصانع‏ ‏الوحيد‏ ‏الذى ‏تبهرنى ‏صناعته‏ ‏وعبقريته‏ ‏إذ‏ ‏يتحول‏ ‏النحاس‏ ‏من‏ ‏اللون‏ ‏المشوه‏ ‏والمجنزر‏ ‏إلى ‏الأبيض‏ ‏الفضى ‏الباهر؟؟

ثانيا‏: ‏أنتم‏ ‏تقولون‏ ‏أن‏ ‏الفينومينولوجيا‏ ‏فلسفة‏ ‏تؤكد‏ ‏عامل‏ ‏القصد‏ ‏فى ‏تحقيق‏ ‏الوعى ‏ومن‏ ‏حسن‏ ‏حظى ‏أن‏ ‏الكلمة‏ (‏القصديرانية‏) ‏لا‏ ‏تتجاهل‏ ‏هذا‏ ‏القصد‏، ‏وقد‏ ‏اكتشفت‏ ‏كلمة‏ ‏القصدير‏ ‏كمنهج‏ ‏ذات‏ ‏ليلة‏ ‏عجيبة‏ ‏تمكنت‏ ‏فيها‏ ‏ببراعة‏ ‏من‏ ‏فلسفة‏ ‏موقف‏ ‏ما‏ ‏وسط‏ ‏بعض‏ ‏الأصدقاء‏ ‏وكان‏ ‏أن‏ ‏ألفت‏ ‏ما‏ ‏دعوته‏ ‏يومها‏ ‏باسم‏ ‏القصديرآنيا‏ (‏إن‏ ‏تقديرى ‏للدكتور‏ ‏مجدى ‏عرفة‏ ‏هو‏ ‏بلا‏ ‏حدود‏)، ‏وكنت‏ ‏أضحك‏ ‏ليلتها‏ ‏من‏ ‏أننى ‏اضطر‏ ‏إلى ‏ابتكار‏ ‏منهج‏ ‏يتخد‏ ‏لنفسه‏ ‏عنوانا‏ ‏من‏ ‏كلمة‏ ‏عربية‏ ‏القصد‏ ‏وعلامة‏ ‏المصدر‏ ‏الانجليزية‏ er / ‏ير‏.‏

ولسوف‏ ‏استخدم‏ ‏كلمة‏ “‏القصديرانية‏” ‏هذه‏ ‏فى ‏كل‏ ‏موضع‏ ‏أرى ‏فيه‏ ‏الكلمة‏ “‏الفينومينولوجيا‏” ‏وأدرس‏ ‏مدى ‏اهتزاز‏ ‏الصورة‏، ‏إن‏ (‏فينومينولوجيا‏) ‏فى ‏العربية‏ ‏لا‏ ‏تعنى ‏إلا‏ ‏العتمة‏ …. ‏وفى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏فلسوف‏ ‏يسرنى ‏أن‏ ‏أقرأ‏ ‏رأى ‏دكتور‏ ‏يحيى ‏الرخاوى ‏ودكتور‏ ‏مجدى ‏عرفة‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏الترجمة‏ ‏المقترحة‏ ‏للكلمة‏ (‏القصديرانية‏)، ‏ومن‏ ‏حق‏ ‏دكتور‏ ‏مجدى ‏عرفة‏ ‏أن‏ ‏يقتصر‏ ‏على ‏وضع‏ ‏الكلمة‏ ‏بوضعها‏ ‏الصوتى ‏لكن‏ ‏من‏ ‏حقنا‏ ‏أن‏‏ ‏نطالبه‏ ‏بالتفكير‏ ‏فى ‏أصدق‏ ‏ترجمة‏ ‏لها‏.‏

الرخاوى‏: ‏أطلت‏ ‏يا‏ ‏جاد‏ ‏هذا‏ ‏المقتطف‏ ‏لأهميته‏، ‏ونظرا‏ ‏لأن‏ ‏هذا‏ ‏حوار‏ ‏وداع‏ (‏إلى ‏لقاء‏ ‏أو‏ ‏إلى ‏غير‏ ‏ذلك‏) ‏فإنى ‏لن‏ ‏أحلله‏ ‏علميا‏ ‏مرحليا‏ ‏وسوف‏ ‏أكتفى ‏بأن‏ ‏أقول‏:‏

‏(1) ‏إنه‏ ‏يثير‏ ‏مشكلة‏ ‏التعريب‏ ‏والترجمة‏ ‏وقد‏ ‏تناولها‏ ‏الزميل‏ ‏د‏. ‏مجدى ‏فى ‏مقالة‏ ‏وهى ‏قضية‏ ‏خطيرة‏ ‏لا‏ ‏ينبغى ‏فيها‏ ‏أن‏ ‏يعوقنا‏ ‏أى ‏مظنة‏ ‏شعور‏ ‏بالنقص‏ ‏عن‏ ‏التعريف‏ ‏المفيد‏.‏

‏(2) ‏إنه‏ ‏يثير‏ ‏النظر‏ ‏فى ‏طريقة‏ ‏تفكير‏ ‏تربط‏ ‏بين‏ ‏الكلمة‏ ‏الأولى ‏والمقطع‏ ‏الأول‏ ‏من‏ ‏الكلمة‏ ‏الثانية‏.‏

‏(3) ‏وهو‏ ‏يثير‏ ‏كيف‏ ‏أن‏ ‏الصورة‏ ‏العيانية‏ ‏تتداخل‏ ‏مع‏ ‏الصورة‏ ‏التجريدية‏ ‏بشكل‏ ‏متكاثف‏ ‏حتى ‏ليعنى ‏ذلك‏ ‏السائل‏ ‏الحليب‏ “‏منهجا‏” ‏فكريا‏ ‏يختلط‏ ‏فى ‏حركته‏ ‏بحركة‏ ‏مبيض‏ ‏النحاس‏ ‏النشطة‏ ‏الرتيبة‏ ‏ذات‏ ‏اليمين‏ ‏وذات‏ ‏اليسار‏ ‏داخل‏ ‏الآنية‏ ‏لمجنزرة‏ ‏تختلط‏ ‏بالقصد‏ ‏والوعى ‏فى ‏فلسفة‏ ‏شديدة‏ ‏الصعوبة‏.‏

(4) ‏وهو‏ ‏يثير‏ ‏كيف‏ ‏تتداخل‏ ‏لغتين‏ ‏مختلفتين‏ ‏تداخلا‏ ‏صوتيا‏ ‏مستندا‏ ‏إلى ‏قاعدة‏ ‏لا‏ ‏أعرف‏ ‏عنها‏ ‏شيئا‏ ‏مثل‏ ‏أن‏ ‏علامة‏ ‏المصدر‏ ‏الانجليزية‏ ‏هى er ‏فتصبح‏ “‏ير‏” ‏فى ‏العربية‏ ‏وتقلب‏ ‏القصد‏ ‏إلى ‏قصدير‏ ‏ثم‏ ‏تلحقها‏ “‏آنيا‏” (‏لاحظ‏ ‏المدة‏ ‏دون‏ ‏الهمزة‏ ‏على ‏الألف‏).‏

وهكذا‏ ‏يظهر‏ ‏مثال‏ ‏صريح‏ ‏لكيفية‏ ‏تكوين‏ ‏ما‏ ‏يسمى ‏باللغة‏ ‏الجديدة‏ Neologism ‏ولكن‏ ‏بوضوح‏ ‏نادر‏ ‏يوضح‏ ‏مصادر‏ ‏التكثيف‏ ‏بين‏ ‏كل‏ ‏من‏ (‏أ‏) ‏المقطع‏ ‏والكلمة‏ (‏ب‏) ‏المجرد‏ ‏والعيائى (‏ج‏) ‏الاحساس‏ ‏الشخصى ‏الانفعالى ‏والتفكير‏ ‏العام‏ (‏د‏) ‏المقاطع‏ ‏من‏ ‏لغات‏ ‏مختلفة‏.‏

أقول‏ ‏يا‏ ‏أخ‏ ‏جاد‏ ‏أنه‏ ‏ليس‏ ‏عندى ‏تعليق‏ ‏علمى ‏يترجم‏ ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏إلى ‏كذا‏ ‏أو‏ ‏كيت‏ ‏فقد‏ ‏انتهت‏ ‏هذه‏ ‏المرحلة‏، ‏ولكن‏ ‏عندى ‏توصية‏ ‏صديق‏ ‏وهى ‏ألا‏ ‏تسارع‏ ‏بهذا‏ ‏الافراط‏ ‏فى ‏التداخل‏ ‏والتضمين‏ ‏فتظلم‏ ‏نفسك‏ ‏إذ‏ قد ‏يحجم‏ ‏الآخرون‏ ‏عن‏ ‏بذلك‏ ‏الجهد‏ ‏للنظر‏ ‏إلى ‏بؤر‏ ‏إبداعك‏ ‏المتفرقة‏ ‏إذ‏ ‏يحاسبك‏ ‏على ‏عنق‏ ‏نقلاتك‏ ‏المتباعدة‏، ‏فنحن‏ ‏أحوج‏ ‏ما‏ ‏نكون‏ ‏إلى ‏هذه‏ ‏الجزر‏ ‏من‏ ‏الإبداع‏ ‏التى ‏تتحفنا‏ ‏بها‏ ‏هنا‏ ‏وهناك‏، ‏وعلينا‏ ‏أن‏ ‏نحسن‏ ‏إصلاح‏ ‏مراكب‏ ‏فكرنا‏ ‏لنتمكن‏ ‏من‏ ‏الانتقال‏ ‏بينها‏، ‏فساعدنا‏ ‏على ‏ذلك‏ ‏شكرا‏.‏

محمد‏ ‏جاد‏ ‏الرب‏: ‏وأملى ‏أيها‏ ‏الأخ‏ ” …..” ‏أن‏ ‏تعتمدوا‏ ‏فى (‏جمعية‏ ‏الطب‏ ‏النفسى ‏التطوري‏) ‏بناء‏ ‏على ‏ما‏ ‏تقدم‏ ‏قرارا‏ ‏باعتبار‏ (‏جيمس‏ ‏هنرى ‏بريستد‏) ‏صاحب‏ ‏كتابي‏: “‏فجر‏ ‏الضمير‏ + ‏سندباد‏ ‏مصري‏” ‏اعتباره‏ ‏من‏ ‏أطباء‏ ‏النفس‏ ‏أو‏ ‏على ‏أقل‏ ‏تقدير‏ ‏اعتباره‏ ‏من‏ ‏فلاسفة‏ ‏الروح‏ ‏الديمقراطى ‏المصرى ‏العالمى ‏توطئة‏ ‏لإنشاء‏ “‏معهد‏ ‏بريستيد‏ ‏للعلاج‏ ‏النفسي‏”‏

‏(‏إلى ‏أن‏ ‏قال‏):‏

لكن‏ ‏هناك‏ ‏خطوة‏ ‏أولى ‏يجب‏ ‏عليكم‏ ‏اتخاذها‏ ‏حتى ‏يصبح‏ ‏كل‏ ‏شيء‏ ‏تمام‏ ‏ألا‏ ‏هى ‏أن‏ ‏تتفضلوا‏ ‏بإعطائى ‏شهاد‏ة:

الآخ ‏ AKH

فى ‏العلاج‏ ‏النفسى

‏…. (‏ثم‏ ‏يقول‏ ‏بعد‏ ‏قليل‏)‏

والحائز‏ ‏على ‏هذه‏ ‏الشهادة‏ ‏يتمتع‏ ‏بدرجة‏ ‏الزمالة‏ ‏مع‏ ‏أطباء‏ ‏النفس‏ ‏على ‏المستوى ‏العام‏ ‏ولا‏ ‏يحق‏ ‏له‏ ‏العمل‏ ‏بالطب‏ ‏النفسى ‏إلا‏ ‏باتحاد‏ ‏مع‏ ‏طبيب‏ ‏بشري‏.‏

‏(‏ثم‏ ‏يرسم‏ ‏صورة‏ ‏للشهادة‏ ‏بادئا‏ ‏إياها‏ ‏بقول‏ ‏عيسى ‏الناصري‏) “‏مجانا‏ ‏أخذتم‏ … ‏مجانا‏ ‏اعطوا‏ “‏عيسى ‏الناصري‏” (‏منهيا‏ ‏أياها‏ ‏أنه‏):‏

يسر‏ ‏جمعية‏ ‏الطب‏ ‏النفسى ‏التطورى ‏بعد‏ ‏الاطلاع‏ …………… ‏أن‏ ‏تمنح‏ ‏السيد‏/ ……………… ‏هذه‏ ‏الشهادة‏ ‏التى ‏تجيز‏ ‏لحاملها‏ ………………….

‏(‏الخطوط‏ ‏من‏ ‏عنده‏ ‏لم‏ ‏نحذف‏ ‏شيئا‏)‏

تحريرا‏ ‏فى ………………….                      (‏توقيع‏)‏ ………………….

الرخاوى‏: ‏ولعل‏ ‏هذا‏ ‏الكلام‏ ‏من‏ ‏أخطر‏ ‏نقط‏ ‏الالتقاء‏ ‏وأهم‏ ‏مجالات‏ ‏الاختلاف‏. ‏فأنت‏ ‏يا‏ ‏أيها‏ ‏الصديق‏ – ‏مثل‏ ‏غيرك‏ – ‏تأمل‏ ‏أكتر‏ ‏مما‏ ‏ينبغى ‏فيما‏ ‏لا‏ ‏نعرف‏، ‏إذ‏ ‏تتصور‏ ‏أن‏ ‏الطب‏ ‏النفسى ‏له‏ ‏قضية‏ ‏اجتماعية‏ ‏ثورية‏، ‏وأنه‏ ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يسهم‏ ‏إسهامات‏ ‏إيجابية‏ ‏بحق‏ ‏فى ‏المأزق‏ ‏الذى ‏يمر‏ ‏به‏ ‏الإنسان‏ ‏المعاصر‏.

هى ‏مسئوليتنا‏ ‏يا‏ ‏جاد‏ .. ‏هكذا‏ ‏مجردة‏ … ‏لمجرد‏ ‏أننا‏ ‏حصلنا‏ ‏على “‏شهادة‏ ‏الميلاد‏ ‏بشرا‏” ‏وهى ‏شهادة‏ ‏غير ‏مكتوبة‏، ‏والعهدة‏ ‏التى ‏نستلمها‏ ‏من‏ ‏أمهاتنا‏ ‏هى “‏الوعي‏” ‏والأمانة‏ ‏هى “‏حرية‏ ‏الاختيار‏”، ‏ولم‏ ‏يعد‏ ‏هناك‏ ‏مبرر‏ ‏لانتظار‏ ‏أنه‏ ” …. ‏ولسوف‏ ‏يبعث‏ ‏الرحمن‏ ‏يوما‏ ‏باليد‏ ‏الحانية‏ ‏النورانية‏ ‏التى ‏تحمل‏ ‏الشفاء‏”‏لأنه‏ ‏قد‏ ‏بعثها‏ ‏والذى ‏كان‏ ‏قد‏ ‏كان‏، ‏ثم‏ ‏ختم‏ ‏الأنبياء‏ ‏رحمة‏ ‏بنا‏ ‏من‏ ‏انتظار‏ ‏بعث‏ ‏جديد‏ ‏فى ‏كل‏ ‏يوم‏ ‏جديد‏ ‏حتى ‏لا‏ ‏نتخلى ‏بذلك‏ ‏عن‏ ‏مسئولياتنا‏ ‏هنا‏ ‏الآن‏، ‏أنا‏ ‏وأنت‏، ‏دون‏ ‏ألقاب‏ ‏أو‏ ‏شهادات‏ ‏أو‏ ‏إعلاء‏ ‏من‏ ‏شأن‏ ‏بريستيد‏ ‏أو‏ ‏تقديس‏ ‏للمصرى ‏أو‏ ‏للعربى ‏دون‏ ‏سواهما‏، ‏أو‏ ‏سير‏ ‏فى “‏موكب‏ ‏آتون‏ ‏المصرى ‏العربى ‏العالمي‏” ‏أو‏ ‏اثبات‏ ‏أن‏ ‏شامبليون‏ ‏كان‏ “‏فلسطينيا‏ ‏أو‏ ‏هنديا‏” ‏أو‏ ‏عقد‏ “‏أسبوع‏ ‏برستيد‏ ‏للحوار‏ ‏الآتوني‏” ‏أو‏ ‏إرسال‏ ‏رسالة‏ ‏الى ‏البرستيديين‏.‏

جاد‏ ‏الرب‏: ‏قبل‏ ‏حوالى 36 ‏عاما‏ ‏انبطحت‏ ‏فى ‏صباح‏ ‏يوم‏ ‏جمعة‏ ‏فوق‏ ‏الفرن‏، ‏وسط‏ ‏الحجرة‏، ‏خلف‏ ‏الباب‏، ‏تحت‏ ‏المنور‏، ‏كى ‏أملأ‏ ‏كراستى ‏بعلامة‏ ‏استفهام‏ ‏ضخمة‏ ‏على ‏شكل‏ ‏قصة‏ ‏طفل‏ ‏يتيم‏ ‏هو‏ ‏أنا‏ .. ‏لماذا‏ ‏هو‏ ‏كذلك‏ ‏بلا‏ ‏أم‏، ‏ولماذا‏ ‏الحياة‏ ‏على ‏هذا‏ ‏النحو‏ “‏المقرف‏”.‏

وتعلمت‏ ‏من‏ ‏يومها‏ ‏كيف‏ ‏أصور‏ ‏المستقبل‏ ‏ثم‏ ‏أعبر‏ ‏فوق‏ ‏الحاضر‏ ‏نحو‏ ‏ذلك‏ ‏المستقبل‏ … ‏كنت‏ ‏أتصور‏ ‏أنى ‏دائما‏ ‏فى ‏الطريق‏ ‏إلى ‏مستقبل‏ ‏غير‏ ‏مقرف‏ ‏وحياة‏ ‏ممتعة‏ ‏ترفرف‏ ‏عليها‏ ‏راحة‏ ‏الضمير‏ ‏وأذكر‏ ‏أننى ‏قد‏ ‏لاحظت‏ ‏وكان‏ ‏سنى ‏يومها‏ 11 ‏سنة‏ ‏على ‏أكثر‏ ‏تقدير‏، ‏لاحظت‏ ‏أن‏ ‏وضع‏ (‏خفرع‏) ‏فى ‏الوسط‏ ‏بين‏ ‏خوفو‏ ‏ومنقرع‏ ‏لا‏ ‏يضمن‏ ‏لخفرع‏ ‏الشهرة‏ ‏والبروز‏ ‏والتوقد‏ ‏الذى ‏كان‏ ‏لأبيه‏ ‏أو‏ ‏لابنه‏ ‏فالاسم‏ ‏الأول‏ ‏بارز‏ ‏والأخير‏ ‏أكثر‏ ‏بروزا‏ ‏أما‏ ‏الأوسط‏ ‏فهو‏ ‏كوبرى “‏مجرد‏ ‏كوبري‏” ‏فحزنت‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الظلم‏ ‏الذى ‏يقع‏ ‏هكذا‏ ‏على ‏رأس‏ ‏الناس‏ ‏لمجرد‏ ‏أن‏ ‏ظروف‏ ‏مولدهم‏ ‏أو‏ ‏تواريخ‏ ‏تواجدهم‏ ‏قد‏ ‏اتخذت‏ ‏أشكالا‏ ‏معينة‏ .. ‏حزنت‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏خفرع‏ ‏ورحت‏ ‏أرسم‏ ‏نفسى ‏فى ‏مساحة‏ ‏الطاقة‏ ‏التى ‏يلقى ‏فيها‏ ‏أبى ‏بواكى ‏المعسل‏ … ‏رسمت‏ ‏نفسى ‏حاملا‏ ‏علم‏ ‏مصر‏ ‏منطلقا‏ ‏فى ‏الشارع‏ ‏بجنون‏ ‏أهتف‏: ‏يعيش‏ ‏الملك‏ ‏خفرع‏.‏

ولقد‏ ‏عاشت‏ ‏هذه‏ ‏الصورة‏ ‏بالطباشير‏ ‏الأبيض‏ 35 ‏عاما‏ ‏إلى ‏أن‏ ‏انتقل‏ ‏حماسى ‏إلى ‏آخناتون‏.‏

الرخاوى‏: ‏والأن‏ ‏يا‏ ‏جاد‏، ‏يا‏ ‏زاد‏، ‏يا‏ ‏جاد‏: ‏لا‏ ‏تعليق‏ ‏على ‏ما لا‏ ‏يحتاج‏ ‏تعليق‏ ‏ولكن‏ ‏علينا‏ ‏أن‏ ‏نتوقف‏ ‏قليلا‏ ‏نلتقط‏ ‏الأنفاس‏، ‏نعم‏ ‏هؤلاء‏ ‏الناس‏ ‏كانوا‏ ‏عظاما‏ ‏وما‏ ‏زالوا‏ ‏كذلك‏ (‏بريستيد‏ ‏وشفايترز‏ ‏الخ‏) ‏وقد‏ ‏استضافوك‏ ‏فى ‏رحابهم‏ ‏طوال‏ ‏هذه‏ ‏السنين‏ ‏ضيفا‏ ‏مكرما‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏لفظك‏ ‏الذين‏ ‏لا‏ ‏يعرفون‏ ‏ولكن‏ ‏يمكننا‏ ‏أن‏ ‏نواجه‏ ‏مصيرنا‏ ‏دونهم‏ ‏إذ‏ ‏نرفض‏ ‏أن‏ ‏نظل‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏السن‏ ‏نحمل‏ ‏أحلام‏ ‏اليقظة‏ ‏هى ‏هى ‏التى ‏كانت‏ ‏فوق‏ ‏الفرن‏ ‏تحت‏ ‏المنور‏، ‏ففرن‏ ‏منتصف‏ ‏العمر‏ ‏هو‏ ‏طاقة‏ ‏فعل‏ ‏أنت‏ ‏تملكها‏، ‏والمنور‏ ‏هو‏ ‏إطلاله‏ ‏على ‏أرض‏ ‏الواقع‏ ‏أنت‏ ‏تحسن‏ ‏رؤيتها‏ ..، ‏وهذه‏ ‏الحياة‏ ‏التى ‏تحياها‏ ‏والتى ‏لا‏ ‏أعرف‏ ‏عنها‏ ‏شيئا‏ ‏هى “‏قطعة‏ ‏فنية‏ ‏حية‏ ‏منزوية‏” ‏لا‏ ‏أكثر‏ ‏ولا‏ ‏أقل‏، ‏فهل‏ ‏هى ‏هى ‏غاية‏ ‏المراد‏ ‏ونهاية‏ ‏الممكن؟

يا‏ ‏عمنا‏ ‏جاد‏ ‏الرب‏:‏

سافر‏ ‏إلى ‏أبى ‏ظبى ‏أوعد‏ ‏إلى ‏بركة‏ ‏السبع‏.‏

أنشيء‏ ‏معاهد‏ ‏بريستد‏ ‏أو‏ ‏نوادى ‏الترانسيستور‏ ‏أو‏ ‏أدباء‏ ‏القرية‏.‏

اجمع‏ ‏الناس‏ ‏حولك‏ ‏يقولون ‏مدد‏، ‏ثم‏ ‏ارفضهم‏ ‏كما‏ ‏تشاء‏، ‏ولكن‏ ‏لغة‏ ‏العصر‏ ‏تحتاج‏ ‏لشيء‏ ‏آخر‏ ‏بالضرورة‏، ‏أكثر‏ ‏تواضعا‏، ‏وأصلب‏ ‏عودا‏، ‏وأشد‏ ‏إصرارا‏.‏

ونحن‏ ‏نبحث‏ ‏عنه‏ ..‏

وأنت‏ ‏معنا‏ … ‏عن‏ ‏بعد‏ … ‏وبأى ‏جهد

اختلافنا‏ ‏كبير‏ .. ‏لأن‏ ‏الأمر‏ ‏خطير

نستودعك‏ ‏الله‏ … ‏لنلتقى ‏حتما‏ ‏بشكل‏ ‏أو‏ ‏بآخر‏ … ‏فى ‏مكان‏ ‏ما‏ … ‏فى ‏يوم‏ ‏ما‏، ‏دون‏ ‏ضرورة‏ ‏أن‏ ‏يرى ‏أحدنا‏ ‏الآخر‏، ‏فهذا‏ – ‏كما‏ ‏علمت‏ – ‏أفضل‏.‏

وعليكم‏ ‏السلام‏ … ‏ولكم‏ ‏الأمان‏ … ‏وبكم‏ ‏ومثلكم‏ ‏وغيركم‏ ‏الدفع‏ ‏الذى ‏لا‏ ‏يتوقف‏.‏

يحيى‏ ‏الرخاوى

وبعد

غالبا لن نرجع ثانية إلى جاد الرب، وأرجو أن يكون الربط بينهذا الحوار الذى حدث منذ ثلاثين عاما قد أوضح ما يلى:

أولا: ثبات فكرى من ناحية، وتطوره من ناحية.

ثانيا: أبعاد منطقة “حالة الجنون/اللاجنون”، فجاد الرب برغم توحد الاتجاه، لم يكمل الطريق إبداعا ولم ينهزم جنوناً.

ثالثا: إن احترام هذه المنطقة دون الإسراع بالتفسير الخطى أو الترجمة الرمزية هو السبيل الأول لمعرفة ماهية الصحة النفسية ودوراتها الإيقاعية، ومن ثم طبيعة المرض النفسى على أقصى الناحيتين (فرط العادية على ناحية والجنون فى أقصى الناحية الأخرى).

ونبدأ من الأسبوع القادم توصيف مختصر للحالات الخمس، نأمل ألا يحول دونه استطراد.

…………

………..

ولعل الشكل التالى يذكركم بما نحن فيه إلى أن نلتقى.

 15-12-2010

[1] يسمى أحيانا: القدرة على الاحتفاظ بالاتجاه،  وقد وضع له د. صفوت فرج تعريفا إجرائيا منطلقا من فرض الأستاذ الدكتور مصطفى سويف يقول “القدرة على الاحتفاظ بالاتجاه هى القدرة على التركيز المصحوب بالانتباه طويل الأمد على هدف معين، من خلال مشتتات أو معوقات سواء فىالمواقف الخارجية أو نتيجة لتعديلات حدثت فى مضمون الهدف، وتظهر هذه القدرة فى إمكانية المفحوص متابعة هدف معين وتخطى أية مشتتات والالتفاف حولها باسلوب يتسم بالمرونة (رسالة ماجستير غير منشورة: القدرات الابداعية والمرض العقلى، إعداد: صفوت ارنست فرج، إشراف أ.د. مصطفى سويف، 1979 – جامعة القاهرة.

[2] – يحيى الرخاوى “دراسة فى علم السيكوباثولوجى”  سنة 1979.

[3] – لاحظ تعبير :”الصحة التوازنية” الذى قفز منى منذ ثلاثين عاما قبل أن اتمادى فى ربط الصحة النفسية بالإيقاع الحيوى.

[4] –  لاحظ توصيفه للهوامش البادئه باحتمال “كونها الأعراض نفسية”، ثم كيف أنها تسبق “ميلاد نظرية”!! أليس هذا هو ما وصفناه بالحالة المفترقية أو الأزمة المفترقية cross rosds crisis

[5] – ما يسمى هنا المرحلة القبلية هى ما اسميناه لاحقا “الأزمة المفترقية” وأيضا “حالة الجنون/اللاجنون”.

[6]–  لعله يعنى بعض ما نشر فى هذه المجلة، ونحن ننشر رأيه لهذا، أمانة وعهدا ولكنا نطلب من الصديق الكاشف أن يعيد قراءة ما كتبنا ليرى حجم التحفظات وهدف الحوار.

[7]– يحيى الرخاوى “دراسة فى علم السيكوباثولوجى”  سنة 1979.

[8] – أ.د. مجدى عرفة “الفينومينولوجيا والبحث فى الانسان” عدد إبريل 1980 مجلة الإنسان والتطور.

[9]– (ورد مثل هذا الذى سيأتى فى كتاباته فى أكثر من رسالة إلى وأكثر من مشروع وسوف نورد مجرد عينات).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *