نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 17-4-2013
السنة السادسة
العدد: 2056
بعد عشرين عاما هل تغير شىء؟
عن المؤتمرات العلمية وعولمة العلم
مقدمة
هذا مقال كتبته عن المؤتمرات والطب النفسى، نشرتْه مجلة العربى الكويتية بتاريخ: مايو-1992 عدد 402، بعنوان: الهالة الزائفة ومسئولية المعرفة، وعنوان فرعى يقول: .. أهلا بالمؤتمرات العلمية مشاركين لا “ديكورات” شرفية.
وقد رأيت إعادة نشرة اليوم لأن الحال مازال كما هو بعد أكثر من عشرين عاما، إن لم يكن أسوأ.
وربما لأن ما يصلح فى التجمعات الطبية الموجّهة، قد يصلح فى التجمعات السياسة الموجّهة أيضا.
برجاء تأمّل التعقيب الحالى (16/4/2013) فى آخر المقال!!
*****
المتن الأصلى:
لأن الطب النفسي، أكثر من فروع الطب جميعا، ونتيجة لما يتضمنه من علوم النفس، يعتبر شكلا تطبيقيا للفلسفة، ولأننا فى زمن مراجعة لمسلمات فلسفية عاشت طويلا، كان لا بد من تبين أن الطب النفسى فى عالمنا العربى يعيش أزمة ما، بحثا عن الخصوصية وسعيا إلى الملاءمة، فهل يشير هذا المقال إلى ذلك؟
نعم لى أصدقاء من الزملاء بعض الوقت، ولى طلبة، وأحضر مؤتمرات عالمية، وأرأس لجانا علمية، وأحيى الناس الضيوف الطيبين، وأبتسم، وأرطن باللغة الإنجليزية، وأظهر فى وسائل الإعلام قائلا: “… فى الواقع، وفى الحقيقة “.
الذات الأخرى
لكن ذاتى الأخرى، فى وسط هذه الزحمة، تتراءى لى مستقلة متحفزة، لها ذوق خاص، وحضور مقتحم لائم ثائر محتج، لا يعرفه كثير من الناس.
وقد ارتسمت لى صورتى هذه فى الاجتماع الإقليمى الأخير للجمعية العالمية للطب النفسي، بالاشتراك مع الجمعية المصرية للطب النفسى (القاهرة 16 – 18 يناير 1992) بالملامح نفسها التى كتبتها فى خطاب لابنى منذ عشر سنوات فى قصيدة “الحاجة والقربان”، تلك الملامح التى أقدم نفسى بها فى استهلال هذه الشهادة التى ألحت على نتيجة لظروف التحولات العالمية رغم أنها شهادة قديمة معادة، لكنها تقفز عارية منذرة، تدفعنا إلى أن نلحق بهذا النظام العالمى الجديد “مشاركين” لا “ديكورات”، (ولكن بصفتنا وإضافاتنا وشروطنا)
حضرنى بعيد هذا المؤتمر الأخير ما سبق أن أرسلته لابنى فى خطاب منذ أكثر من عشر سنوات، حضرنى وكأنى أتساءله فى كل مؤتمر، وبعد كل إلقاء بحث:
هل تعرفنى من خلف الأقنعة السبعة:
وأنا أتكلم مثل السادة؟
وأنا أمشى بينهمو كالعادة؟
وأنا أدهش وكأنى لا أعلم؟
وأنا أفتى وكأنى أعلم؟
وأنا أضحك وكأنى أفرح؟
وأنا أرنو وكأنى أسمع؟
أخطو مغلولا فوق الأرض القبر الأمل:
الواقع تنغرس بقلبى أشواكُهْ، …
أدمي، أتمرغ بترابه
لا يسكت نزفى، لا أهربْ.
وفوائد مثل تلك المؤتمرات – لمثل شخصى – كثيرة بلا حصر: فأنا أضطر فيها أن أتصنع التواضع، وأن أحتمل الإهانات، وأن ألتقى بمن لا أعرف، وقد أراجع ما أعرف، وقد أتراجع (قليلا قليلا) وأنا أتحاور على موائد الغداء والعشاء، لا فى قاعات المؤتمر (فلا حوار فى القاعات إذ يستحيل أن يقوم حوار بين ثمانين مستمعا حول سبعة أبحاث فى خمس دقائق!!!!! ).
مؤتمرات وأحوال
أما فوائد مثل هذه المؤتمرات على البلد – أى بلد – فهى أيضا كثيرة: فهى: سياحة، وعملة صعبة، ودعاية، وإعلان، وتسويق، ولغة علمية، أو عالمية، واتفاقات (أو صفقات) مؤتمراتية وجمعياتية ضرورية.. ومفيدة… إلخ.
فإذا كان الأمر كذلك فماذا يجعلنى أتميز غيظا بعد أن ينفض المولد؟
وماذا يجعلنى بعد كل مؤتمر أتقلب ليلا، ثم أنسحب غضبا، ثم أندفع قهرا فى عمل يتحدى، أو فكر يختلف؟
أهو شعور بالنقص لا مفر من الاعتراف به؟
أهو خوف حقيقى من مزيد من التبعية وخاصة بعد حكاية النظام العالمى الجديد، ذلك الواقع الرائع الخطير الذى لا مفر من مواجهته، والذى لا بد أن يمتد من السياسة إلى الاقتصاد وبالعكس، مارا بالتفكير والبحث العلمى بالمرة، هذا النظام الجديد الذى يبدو أنه سوف يؤثر فى فرعنا (الطب النفسي) أكثر فأكثر، إذ لا بد أن يصبح وصيا على تعريف “نوعية الحياة” وتحديد “ماهية الإنسان” و”أهداف الوجود” (بالمرة)؟
أهو حرص على أبنائى وطلبتى وناسى من الانبهار بقاعات الفنادق وشرائح الأرقام مسقطة من الفانوس السحرى على الشاشة الملونة، بغض النظر عن إحكام علاقتها بآلام الحقائق العارية وموضوعية المعرفة؟
مراجعة
رحت أراجع بعض كتاباتي- حتى قبل طغيان النظام العالمى السالف الذكر- حين أنفعل وحيدا عقب كل مؤتمر، فأثبت بعضى على الورق هكذا:
أولا: عقب المؤتمر العالمى للصحة النفسية الذى عقد فى القاهرة فى أكتوبر 1988، كتبت أقول:
1 – نحن نصر على المشاركة فى مثل ذلك (المؤتمر) إلى أقصى مدى، ونشكر من ساهم ويسهم فى مثل ذلك، لكننا نصر على إدراك حدود هذا النشاط والمخاطر التى تحوطه بكل ما نملك من وعى مسئول، ويقظة حذرة .
2 – ذلك أن بعضنا، أو قل أغلبنا (يا رب لا أقول كلنا) قد يتصور أن العلم الرصين والقادر على مواكبة العصر، ومواجهة التحديات الحضارية التى يعيشها الناس وتنتظرهم، ويعيشها بصورة أدق وأخطر شعبنا فى مفترق الطرق، يتصورونه فيما يدور فى مثل هذه المؤتمرات .
3 – رهط من علمائنا قد أصبحوا يضبطون أنفسهم – فكرهم ونشاطهم وآمالهم وقيمهم – على مقاييس القبول والرفض فى مثل هذه المؤتمرات، (علما بأنه لم يعد فى واقع الأمر مجال حقيقى للرفض، ما دمت تدفع الاشتراك)، وبالتالى فهؤلاء يقومون بالأبحاث التى تتكلم اللغة السائدة، لتقاس بالمقياس المؤتمراتى المستورد.
خطورة مثل هذا أنه قد يترتب عليه أن نظل ندور فى سجن منهج لا يليق بنا، ولا يحل مشاكلنا، ونحن مع ذلك فخورون كل الفخر بأننا مؤتمرون مثلهم سواء بسواء.
4 – الرجل العادى أصبح يتلقى هذه المؤتمرات – هنا وفى الخارج – بانبهار ملاحق، واثقا بما يأتى منها، وما يلقى فيها، آملا فيما تعد به وتلوح، منتظرا منها حلا لا تملكه فى واقع الأمر، والإعلام لا يبخل بالتصفيق والترحيب والتمجيد وكأن المسألة علم أولا وقبل كل شيء.
5 – الشباب عندنا أصبح يواجه صورة محددة للتقييم فى المجتمع العلمي، بحيث تصبح هذه الصورة ماثلة أمامه فى بؤرة وعيه، يوجه إليها كل نشاط معرفى أو تحصيلى أو نشرى (من النشر)، طارحا وراءه – إن أدرك أصلا – أى نشاط معرفى حقيقي، ذلك النشاط المعرفى الذى يتطلب قدرا من التقشف النفسي، والحيرة الثاقبة، والوحدة المستكشفة، وكل ذلك هو رأس المال الحقيقى لمن هو عالم أو طالب علم، مما لم يعد مطروحا فى مكانه فى مثل هذه المؤتمرات.
6 – ثم يترتب على ذلك التمادى فى توسيع الهوة بين من هو عالم بالمقاييس الموضوعية والتاريخية، وبين من هو عالم بالمقاييس المنصبية والاجتماعية، مما يهز- فى النهاية – مضمون وقدسية كلمة “علم” بشكل أو بآخر.
7 – على أنّ تصور أن معرفة هذه المحاذير والمخاطر هو كاف للوقاية من مضاعفاتها، هو تصور أبعد ما يكون عن الحقيقة، فكثير من علمائنا قد يوافقون على ما ذهبنا إليه، لكنهم يمضون فى الطريق ذاته غير حاسبين مدى التشويه المنظم الذى يؤدى إلى التحولات الخطيرة داخل خلايا وجوده، يستعملها بديلا عن لغة قومه، ولسان أمه.
8 – ثم تأتى مخاطر استعمال الأبواب الخلفية لمثل هذه المؤتمرات والمناصب بغرض الاستيلاء على تلقائيتنا: أو غسل أمخاخنا، ليس فى مجال علمى بذاته، بل بالنسبة للموقف الوجودى والحضارى برمته.
9 – وقد يترتب على استعمال مثل هذه المؤتمرات لأغراض أخرى غير علمية – جنبا إلى جنب مع الغرض العلمى المعلن – قد يترتب على ذلك أن تتوارى القيمة العلمية فى الظل بالتدريج دون أن تدرى.
10 – وأخيرا تأتى قضية التمويل والتجارة، فنحن لا نأخذ الحيطة الكافية تجاه مصادر تمويل هذه المؤتمرات، وخاصة من جانب شركات الأدوية، مما قد ينتهى ببعض علمائنا، فكرا وفعلا، إلى ممارسة ما يخدم هذه الجهات الممولة بأقل درجة من الاختيار والموضوعية.
ضرورة المواجهة
ثم أعود فأقول إن كل هذا، وبمنتهى الصدق (بقدر ما أدرى)، لا ينقص من ضرورة عقد مثل هذه المؤتمرات بمنتهى الإقدام والحماس، وبغاية الحذر واليقظة، شريطة أن نعود دائما بعد كل مؤتمر، وحول كل مؤتمر إلى مواجهة التحديات الحقيقية، فنقيس مسيرتنا بمقاييس الإضافة المعرفية الحقيقية، ولا نكتفى بتحصيل الحاصل، أو تدشين الواصل .. وإلا فسينتهى كل مؤتمر بأن “يركب الخليفة وينفض المولد”، ليغيب الوعى وتبهت الموضوعية. والشكر واجب -على أى حال- من قبل ومن بعد لكل من يخوض هذا الواقع ليخرج منه أقوى وأقدر.
ثانيا: وفى المؤتمر قبل الأخير، وقد عقد فى البحرين (وهو الاجتماع الإقليمى للجمعية البريطانية الملكية للطب النفسى 28 – 30 أكتوبر 1991). أهاجتنى الأرقام الخاوية، والإحصاء البراق بلا إضافة، كما أثارنى استكبار الأجانب – رغم أنه يبدو أن الحق معهم بعدما حصل.
وشعرت – رغم جمال البحرين ورقة أهلها – أننى واقف على أطلال عقولنا وليس فقط أطلال تاريخنا ولغتنا وديننا.
وفى وقفتى تلك ما بين أطلال الديار القريبة، وأطلال العقول المنتهكة والمستسلمة، قلت شعرا عموديا لم أقله منذ أصابنى ما يشبه الحداثة منذ سنة 1959 قلت، (وكنت قد التقيت هناك فى “البحرين” ببعض طلبتى بعد طول غياب):
قفا نبك “بَحْرَيْن” التقينا بها معا | وكأسِىَ مثقوبٌ به الوعى ضُيِّعِاَ |
شرائحُ (1)أرقام تدق نعوشنَاَ | ونخّاس أسواقِ العبيدِ تربّعا |
و”مستر تِشِرْمَنْ” (2)هاتها ثم هاتها | وإحصاءُ أشلاءٍ بأطلالِ أرْبُعَا |
ثالثا: ثم جاء هذا المؤتمر الأخير (القاهرة: يناير 1992) وكان مؤتمرا ناجحا بالمعنى السابق للنجاح، أدى الواجب، وقام باللازم، وأكرم الضيوف، وشرف البلد، وقد تأكدت من خلاله، وبعد كارثة الخليج، ونازلة الاتحاد السوفييتى أن المخاطر التى كانت تصلنى بعد كل مؤتمر قد زادت أضعافا مضاعفة، لأن ذلك سوف يضاعف من شعورنا بالدونية، ومن ثم بالتسليم ليس فقط لبعض المعلومات المستوردة، ولكن أساسا لطريقة التفكير التى تفرض علينا دون أن ندرى (وربما دون أن يدروا هم أيضا)، فالنظام العالمى الجديد قد ينتهى – حتى دون سوء نية – إلى أن يكون احتكارا لكل شىء بما فى ذلك طريقة التفكير.
التكامل ونقيضه
حين قدمت البحث الخاص بـ ” مستويات التكامل النفسى من منظور إسلامى ” وأعلنت من خلاله أن ثمة طرقا أخرى للتفكير، وأن لغتنا وإيماننا (وهو ما استوحيته من إسلامى) يتيحان لنا أن نرى تكامل الإنسان النفسى على مستويات متصاعدة وليس على مستوى سلوكى واحد، وهذا يتطلب الرؤية والملاحظة والبحث بأكثر من منهج قبل وبعد الأساليب الشائعة فى عالمهم ،…. إلخ، حين قدمت هذه الورقة استجاب لها الضيوف الأجانب باستطلاع وأمانة أكثر مما رحب بها – بما ليست هى – الزملاء الأقرب من أهل لغتى ودينى . فقد تصور كثير منا أنها ورقة تنتمى إلى ما يسمى: الطب النفسى الإسلامي، وما شابه، مع أنها كانت ورقة تعلن كيف يسمح لنا ديننا وتتيح لنا لغتنا أن نتناول المسائل المعرفية من منطلق آخر، ليس بديلا بالضرورة، بل قد يكون مكملا ومناسبا، ليس لنا فحسب، وإنما لهم أساسا.
وحين حضرت الجلسة قبل الختامية عن ” كيف تكتب ورقة علمية ” How to Write a Scientific Paper أصبت بإحباط شديد جديد، فقد شعرت بأن عنوان الجلسة يتجاوز ما ينبغى أن يُتدارس فى مؤتمر عالمى بهذا الحجم، فهى أشبه بورقة مدرسية يمكن أن تدرس للسنة الثانية لطلبة علم النفس فى كلية الآداب، كما شعرت أن أغلب المشاركين (وليس كلهم) قد حددوا نوعا غالبا من الكتابة العلمية دون أنواع أخرى أهم وأولى، وأكثر تناسبا مع فرعنا من ناحية، ومع ظروفنا الخاصة بتواضع مرحلة نمونا من ناحية أخرى، كذلك أيقنت أن استقبال أغلبنا – والأصغر خاصة – لهذه المسألة، هو أن النشر عندهم بمقاييسهم قد أصبح هدفا فى ذاته: حتى يصدق القول الذى يشيعونه أنه: “إما أن تنشر أو تهلك” Publish or perish وهو قول صحيح جزئيا، وإن خالف الحقيقة التاريخية موضوعيا، والأهم من كل ذلك أن الذين تحدثوا فى هذه الجلسة قد بدوا، كأنهم لا يواكبون الثورة المعرفية الأعمق والأحدث، تلك الدفعة الحضارية المنهجية المتأثرة بثورة التوصيل، وبالتغيرات فى الرياضة الحديثة، والطبيعة الحديثة، وقوانين المصادفة وأعماق الزمن والمكان، وموضوعية المعرفة، والعشوائية الهادفة، وإما أنهم يواكبون كل ذلك لكنهم يحدثوننا على قدر عقولنا، وفى تمسكهم بضرورة التحدث بلغة واحدة، افتقدت المسألة الأسبق، وهى ضرورة التوجه لهدف واحد مشترك، وشعرت بالإهانة التى أصبح لديهم ما يبررها.
واحدة بواحدة
من كل ذلك خفت أكثر فأكثر مما يجرى حثيثا لإتمام مهمة تشكيل عقولنا بالصورة التى يرتضونها، حتى يصبح رضاهم (هكذا) – بدليل نشر بعض أرقامنا فى مجلاتهم – يصبح ذلك هو غاية المراد من جهد العباد، خاصة أن إعلامنا والرجل العادى والزميل الأصغر عندنا يعلى من قدر هذه الجمعيات العالمية، والمجلات الدورية شبه العلمية، حتى يكاد يقدس رؤساءها ومجالس إداراتها، وأعضاءها، ومحرريها بشكل يخشى منه على حرية تفكيرنا وإمكان إسهامنا، وخاصة فيما يتعلق بمعنى القيمة المعرفية التى تترسب فى أعماقنا، وما إن انتهت ثورة الغيظ التى ملكتني، وما إن قلت للسيد فريمان رئيس تحرير المجلة البريطانية للطب النفسى H.Freeman على مائدة الغداء إنه كما أنك تعلمنا كيف نكتب ورقة علمية، سوف أرسل لك بحثا بعنوان: “كيف تقيِّم ورقة علمية” How to assess a scientific paper واحدة بواحدة، فتقبلها ببرود إنجليزى رائع، ما إن حدث كل ذلك حتى سارعت إلى القلم أطلق هذه الصرخة آملا ألا يكون الوقت قد فات، اللهم فاشهد
خلاصة القول:
إننى أستشعر أننا نعيش تاريخا لم نعمل حسابه، وأن مصيبة ما حدث فى الخليج ليست أقل من مصيبة ما حدث فى شرق أوربا والاتحاد السوفييتي، وأن تزامن الأحداث هكذا يلزمنا أن نتعظ ونحن نواكب الحدث، ليس بأن ندعى الاختلاف ونفخر بالنقص، وليس بأن نزداد تعصبا وننتكس إلى ماض مضى، ولكن بأن نتقن ما بين أيدينا ونحسن الرؤية من منطلق يناسبنا فنحاور ونضيف.
وسوف يكون حساب التاريخ – والحق تعالى – عسيرا عسيرا لو تنازلنا عن حقنا فى أن نرى ونرصد ونفكر ونراجع، مخترقين الوصاية والاستعلاء والإنكار والمناهج المكبلة الجامدة، من يدرى؟ لعل فى كل مصيبة خيرا لمن ألقى السمع وهو شهيد.
دعـاء
اللهم إنا نعوذ بك أن نستسهل أو نُطْحَن، من داخل أو من خارج.
اللهم واجعل عملنا خالصا للمعرفة الحقيقية، وسامح الفرنجة المطففين، الذين إذا اكتالوا علينا يستوفون، وإذا كالونا أو وزنونا يخسرون .
اللهم لا تحرمنا فضلهم، ولا توقفنا عندهم، وألهمنا كدح السعى إلى الحق، إليك، لا إليهم.
اللهم لا تجعل كل همنا أن يقولوا لنا “برافو”!
ولا تكلنا إلى أنفسنا متصورين أننا أحسن منهم بمجرد حسن النية أو تعصب العمى .
وامنحنا – ربنا– القدرة أن نضيف إليهم وإلينا ما نعرف، بكل ما نستطيع، وهو ليس قليلا ما دمنا نمعن النظر، ونحاول الفهم، ونستلهم الواقع، ونبادر بالتسجيل، ولا نخشى النشر، كل بطريقته: حتى يتكامل الناس عقولا ومناهج ” لتعارفوا “…
وبعـد
16 إبريل 2013
هل فى هذا المقال العلمى علاقة بما يسمى الربيع العربى؟
وهل امتدت يد العولمة إلى موجة الخير فى شبابنا وشعوبنا لتستولى على ظاهر عقولنا وفجاجة عواطفنا مستغلين طول اشتياقنا للعدل والحرية، ليحولوا مسيرتنا إلى حيث يرسمون لنا؟
وهل نكرر معا هذا الدعاء الأخير الذى ختمت به مقالى منذ حوالى ربع قرن، لعله يستجاب فى مجال السياسة، علما بأنه لم يستجب بعد فى مجال العلم، وبالذات فى مجالى: الطب النفسى؟
هيا نكرر الدعاء معاً
اللهم إنا نعوذ بك أن نستسهل أو نُطْحن، من داخل أو من خارج.
اللهم واجعل عملنا خالصا للمعرفة الحقيقية، وسامح الفرنجة المطففين، الذين إذا اكتالوا علينا يستوفون، وإذا كالونا أو وزنونا يخسرون .
اللهم لا تحرمنا فضلهم، ولا توقفنا عندهم، وألهمنا كدح السعى إلى الحق، إليك، لا إليهم.
اللهم لا تجعل كل همنا أن يقولوا لنا ” برافو “!
ولا تكلنا إلى أنفسنا متصورين أننا أحسن منهم بمجرد حسن النية أو تعصب العمى.
وامنحنا ربنا القدرة أن نضيف إليهم وإلينا ما نعرف، بكل ما نستطيع، وهو ليس قليلا ما دمنا نمعن النظر، ونحاول الفهم، ونستلهم الواقع، ونبادر بالتسجيل، ولا نخشى النشر، كل بطريقته: حتى يتكامل الناس عقولا ومناهج “لتعارفوا”…
[1] – الشرائح هى منعكس مصغر تلك الصور التى تستعمل لعرض جداول الأبحاث عادة على المؤتمرين.
[2] – Mr. Chairan مِسْتَرْ تِشِرْمَانْ (سيدى الرئيس) هو النداء الذى يتكرر فى تقديم الأوراق، وبداية النقاش فى المؤتمرات .