نشرة “الإنسان والتطور”
11-5-2011
السنة الرابعة
العدد: 1349
عن الفرحة والفطرة والبراءة والحذر
فى نشرة أمس كتبت لأخى أ.د. صادق السامرائى ما يلى:
….. لعلى كنت أعنى بهذا الهجاء (للبراءة) أن أعرّى تلك البضاعة الماسخة التى تصلنا من تسطيح لهذه الموجات المثالية أو الحالمة تحت عناوين براقة، وشعارات مدغدغة
ربما كتبتها – منذ ثلاثين سنة – آملا أن ننتبه، وينتبه شبابنا بالذات إلى مسئولية التغيير، وآلام النمو والتطور، وبذلك يمكن أن نميز بين البراءة الخائبة (المستوردة غالبا) والفطرة الزاخرة القادرة على احتواء وتفعيل كل ما خلقنا الله به، كما خلقه،
بصراحة يا أخى ساورتنى الشكوك مؤخرا فى هذه الحفاوة التى احتفى بها هؤلاء الأجانب الطيبون وهم يقرّظون شبابنا الذين يخوضون تجربة الحرية الصعبة هذه الأيام بكل هذا الحماس الواعد غير المضمون فى آن،
فعلا رحبت به، ثم فزعت من دوىّ التصفيق والثناء عليهم، حتى خفت على شبابنا أن يصدقوا ويطربوا، فيتراخوا ونتراخى معهم ونحن أحوج ما نكون إلى غير ذلك لما هو بعد ذلك.
خشيت على شبابنا الذى ضحى بدمائه الطاهرة أن يخدع فى البراءة الطفلية كقيمة نهائية ويرضى بها دون أن يدرى أنها يمكن أن تـُفرغ طاقته القتالية التى نحتاجتها “طول الوقت”، “طول العمر”، “طول الدهر” فتجهض الانتفاضة ولا تتحول إلى ثورة،
أنت تعلم يا أخى “صادق” أن الثورة لا تتحقق إلا إذا تحققت، وقد عدت أتبين مغزى هجائى لهذا النوع من التسطيح المحتمل، حتى لو كان يشارك أو يقتدى بالموجات الخضراء، وثورات الياسمين والتيوليب والسوسن والأقحوان!!! فى حين أن الدماء، تسيل، وسوف تسيل أكثر، ونحن ننتقل من خدعة البراءة إلى زخم الفطرة
المعركة الحقيقية ليست بين الديمقراطية والدكتاتورية، ولا بين الغرب والشرق، ولا بين الإسلام واللإسلام، ولا حتى بين الخير والشر، المعركة تدور بين الوعى بمسئولية البقاء وتفعيلها عملا واقتصادا، وحبا وإبداعا، وبين قوى الانقراض بالمال والاستهلاك والغتراب والاختزال وكلها تكاد تشق النوع البشرى إلى أنواع كثيرة متصارعة تهدد بفنائها جميعا
من هنا وجب الحذر طول الوقت من الانخداع بالتصفيق، والتوقف فى منتصف الطريق، وتقديس أصنام جديدة، والتمادى فى الاستهلاك للاستهلاك، فالتسليم للأقوى، والاستمراء للغفلة.
أكتفى بهذا وأغامر بنشر تلك القصيدة القديمة بعد أن عدّلت عنوانها
والبقاء للأكثر وعيا وحذرا وعطاء وإبداعا
فى هجاء براءةٍ ما:
(مشبوهة مستوردة)
– 1-
براءةٌ ماسخةٌ،
تنازلتْْ عنْْ حولها والقوة
-2-
براءة بٌاهتةٌ
قد حال لونها وظلَّـلتْ
بالسهو والعمى
أحمالىَ الثقال.
-3 -
براءةٌ قاسيةٌ
تقتل بالإغْفاِل والمسالمهْ،
وتلصق الجريمهْ،
بموِتىَ اليقظْْ.
- 4-
براءةٌٌ ساكنةٌٌ
تقطعت أطرافها، فساحت الحدود
مائْعة مرتجّة.
- 5-
براءةٌٌ زاحفةٌٌ مبتلةْ،
قد سيّبت مقابض الأفكار.
-6-
براءةٌ سارقةٌٌٌٌ:
من فطرتى عبيرها وبعثها.
براءةٌٌ جبانةٌ غبيةْ،… وكاذبةْ،
قد لوّحت لمثــــلنا،
بالجنة الموات والسكينة،
فناءَ ظهرُنا بكدْحِـنا،
ومادت السفينة.
- 7-
بْراءةٌ مخاتلةْ،
وتاجرةْ
تُطل من بسمتها المسطـَّحةْ،
معالمُ المؤامرةْ
والصفقة الخفيةْ.
- 8-
براءةٌٌ مشلولةٌ،
تنتف ريشَ نورسٍ محلـِّق معاندٍٍ
تحشى به الوسادةٌ،
تزيّن القلادةٌٌ.
-9-
تكاثـرَ الجرادْ
جــحـافلُ البــشـرْ،
كـالــدودِ والجـــــذورْ،
تغوص فى اشتياق،
فْى الطين والأمل.
28/4/1982
أبنائى وبناتى، حفيداتى وأحفادى
أرجوا ألا يبلغ بى الحذر، أن أحرم نفسى من فرحتى بكم
أو أن أحرمكم من اعترافى بجميلكم
كما أدعو الله ألا تحرموا أنفسكم من فخركم بما أنجزتم
وعلينا – معكم– الباقى
وكل هذا غير الأحلام والتصفيق والنفخ المشبوه
وسنواصل
وسننتصر
وستكون ثورة ممتدة
يحيى