الرئيسية / مجلة الإنسان والتطور / عدد ابريل 2000 يوليو 2001 / عدد 69-74 ابريل 2000- يوليو2001 حصار

عدد 69-74 ابريل 2000- يوليو2001 حصار

حصار

د. هانى يحيى

لا‏ ‏أحمل‏ ‏فى ‏قلبى ‏إلا‏ ‏الصحراء

غبارا‏ ‏يتناسل‏ ‏خلف‏ ‏صهيل‏ ‏الخيل

ثلاثون‏ ‏خريفا‏ ‏يا‏ ‏عبل‏..‏

أرتق‏ ‏آلاف‏ ‏الأحلام

أوطئ‏ ‏رؤيانا‏ ‏للغرباء

أشيد‏ ‏مساءات‏ ‏فوق‏ ‏الغيم

وأرجع‏.. ‏لا‏ ‏أحمل‏ ‏إلا‏ ‏الصحراء

وصورة‏ ‏طفلين‏ ‏اقتسما‏ ‏القمر

وناما‏ ‏مبتسمين

أنا‏ ‏الغجرى‏.. ‏أخبئ‏ ‏تحت‏ ‏ثيابى ‏الريح

وأستأنس‏ ‏بالجن

ثلاثون‏ ‏خريفا‏ ‏يا‏ ‏عبل‏..‏

أعانق‏ ‏دمع‏ ‏الشوق‏.. ‏وأنتظر

****

العاشرة‏ ‏صباحا‏..‏

يتصاعد‏ ‏قلبى‏.. ‏يتكاثف‏ ‏فوق‏ ‏النافذة

تماما‏… ‏صرت‏ ‏ملايين‏ ‏الأشياء

أحدق‏..‏

عل‏ ‏المرآة‏ ‏تعيد‏ ‏إلى ‏تفاصيل‏ ‏الروح

فأسقط‏ ‏فى ‏خوفي

وأعيد‏ ‏الكرة‏..‏

لا‏ ‏شئ‏ ‏سوى ‏عينيك

أحدق‏..‏

لا‏ ‏شئ‏ ‏سوى ‏عينيك‏ ‏الطيبتين

وأتراجع‏ – ‏مضطرا‏ – ‏عن‏ ‏موتي

****

وحدى‏… ‏أطرق‏ ‏آخر‏ ‏باب‏ ‏لسماء‏ ‏لا‏ ‏أعرفها

يتقاذفنى ‏حراس‏ ‏الموت

وربات‏ ‏القدر

أسافر‏ ‏عبر‏ ‏الفوضى ‏والضوضاء

يدثرنى ‏عرى

وتغتال‏ ‏العاصفة‏ ‏شراييني

أنصهر

وأساقط

تتخاطفنى ‏الأشباح

تمزقنى ‏الرغبة‏.. ‏واليأس

وإذ‏ ‏بى ‏ألمح‏ ‏عينيك‏ ‏تطوفان‏..‏

وتتكآن‏ ‏على ‏روحي

فأصيح‏.. ‏لأجلك‏ ‏يا‏ ‏عبل‏..‏

مريني‏… ‏أحمل‏ ‏عرش‏ ‏الآلهة

أطوع‏ ‏مملكة‏ ‏الجن

أسوق‏ ‏ينابيع‏ ‏الضوء‏ ‏إليك

مريني‏… ‏لأهب‏ ‏من‏ ‏الغيبوبة

أنتزع‏ ‏البرق‏. ‏وأصطبر

****

التاسعة‏ ‏مساء‏..‏

سأحاول‏ ‏ألا‏ ‏أنهار‏ ‏تماما‏..‏

أعرف‏ ‏أن‏ ‏اسمه‏ ‏سرى‏… ‏

منذ‏ ‏الذاكرة‏ ‏الأولي

أعرف‏ ‏أن‏ ‏سقوطى ‏مختلف‏ ‏تلك‏ ‏المرة

لكنى ‏أستيقظ‏..‏

صوت‏ ‏البنت‏ ‏يراودنى ‏أكثر

فليكن‏ ‏الموتى ‏مرتابين‏ ‏قليلا

وليكن‏ ‏الحائط‏ ‏بحرا‏.. ‏أو‏ ‏غيما‏… ‏أو‏ ‏ريحا

سأسحب‏ ‏وجهى ‏من‏ ‏كل‏ ‏مراياي

وأختار‏ ‏التيه

لأنى ‏بعد‏ ‏ملايين‏ ‏الأقمار‏ ‏

وأقنعة‏ ‏لا‏ ‏تحصي

أخسر‏..‏

أخسر‏ ‏حتى ‏خوفى

****

والآن‏.. ‏وعبل‏ ‏على ‏بعد‏ ‏محاولة‏ ‏للبوح

يباغتها‏ ‏الأعداء

سأهبط‏.. ‏كإله‏ ‏للغضب‏ ‏اقتسموا‏ ‏عينيه

فأقتحم‏.. ‏وألتحم‏.. ‏وأنتقم

وأنشر‏ ‏أجنحتى ‏عبر‏ ‏النفق‏ ‏الصاعد‏ ‏نحو‏ ‏الموت

وأضحك‏ ‏حين‏ ‏تفاجئنى ‏عيناك‏ ‏الباسمتان‏ ‏

أعود‏ ‏بسخرية‏ ‏السادة

وزغاريد‏ ‏الفقراء

لأنى ‏أنعكس‏ ‏على ‏سطح‏ ‏القمر‏…‏

وأكتب‏ ‏فوق‏ ‏الليل‏ ‏تباريحي

فانتظريني‏…‏

سأعود‏ ‏بأول‏ ‏صهوات‏ ‏الضوء

وأختطفك‏.. ‏يا‏ ‏عبل‏.. ‏وأنتصر

****

الواحدة‏ ‏صباحا‏..‏

هو‏ ‏ذا‏ ‏ابن‏ ‏الإنسان

يقف‏ ‏ضد‏ ‏الآلهة

ويدخل‏ ‏فى ‏التجربة

أحبك‏ ‏آلاف‏ ‏المرات‏..‏

وأشتاق‏.. ‏وأنساب

وأختار‏ ‏تساقط‏ ‏جسدي

أختار‏ ‏خطاياي

ورائحة‏ ‏امرأة‏ ‏تعشقني

هذا‏ ‏العالم‏ ‏مملكتى ‏

****

الثائر‏ ‏عاد‏ ‏من‏ ‏المعركة‏ ‏أخيرا

يا‏ ‏عبل‏.. ‏أجيرينى ‏حين‏ ‏تطاردنى ‏ربات‏ ‏القدر‏ ‏

تحاصرنى ‏عيناك‏..‏

فأشتاق

أعانقك‏.. ‏ثلاثين‏ ‏خريفا‏..‏

حتى ‏ينهار‏ ‏الجسد

فأشتاق‏.. ‏وأشتاق

فليت‏ ‏فؤادك‏ ‏يا‏ ‏عبل‏.. ‏يحن‏ ‏كما‏ ‏كاد‏ ‏يجن‏ ‏فؤادي

****

العاشرة‏ ‏مساء‏..‏

‏(‏ما‏ ‏بين‏ ‏الله‏ ‏وبينى ‏سر‏ ‏مختوم‏ ‏بين‏ ‏القلبين‏)‏

الآن‏ ‏أهيئ‏ ‏بعض‏ ‏المطر

وأنتظر‏ ‏على ‏الدرج‏ ‏المتآكل

أعد‏ ‏المارة‏ ‏بالفرح‏..‏

وقلبى ‏ممتلئ‏ ‏بالموتي

****

بور‏ ‏سعيد‏ 28 / 7 / 2000‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *