حصار
د. هانى يحيى
لا أحمل فى قلبى إلا الصحراء
غبارا يتناسل خلف صهيل الخيل
ثلاثون خريفا يا عبل..
أرتق آلاف الأحلام
أوطئ رؤيانا للغرباء
أشيد مساءات فوق الغيم
وأرجع.. لا أحمل إلا الصحراء
وصورة طفلين اقتسما القمر
وناما مبتسمين
أنا الغجرى.. أخبئ تحت ثيابى الريح
وأستأنس بالجن
ثلاثون خريفا يا عبل..
أعانق دمع الشوق.. وأنتظر
****
العاشرة صباحا..
يتصاعد قلبى.. يتكاثف فوق النافذة
تماما… صرت ملايين الأشياء
أحدق..
عل المرآة تعيد إلى تفاصيل الروح
فأسقط فى خوفي
وأعيد الكرة..
لا شئ سوى عينيك
أحدق..
لا شئ سوى عينيك الطيبتين
وأتراجع – مضطرا – عن موتي
****
وحدى… أطرق آخر باب لسماء لا أعرفها
يتقاذفنى حراس الموت
وربات القدر
أسافر عبر الفوضى والضوضاء
يدثرنى عرى
وتغتال العاصفة شراييني
أنصهر
وأساقط
تتخاطفنى الأشباح
تمزقنى الرغبة.. واليأس
وإذ بى ألمح عينيك تطوفان..
وتتكآن على روحي
فأصيح.. لأجلك يا عبل..
مريني… أحمل عرش الآلهة
أطوع مملكة الجن
أسوق ينابيع الضوء إليك
مريني… لأهب من الغيبوبة
أنتزع البرق. وأصطبر
****
التاسعة مساء..
سأحاول ألا أنهار تماما..
أعرف أن اسمه سرى…
منذ الذاكرة الأولي
أعرف أن سقوطى مختلف تلك المرة
لكنى أستيقظ..
صوت البنت يراودنى أكثر
فليكن الموتى مرتابين قليلا
وليكن الحائط بحرا.. أو غيما… أو ريحا
سأسحب وجهى من كل مراياي
وأختار التيه
لأنى بعد ملايين الأقمار
وأقنعة لا تحصي
أخسر..
أخسر حتى خوفى
****
والآن.. وعبل على بعد محاولة للبوح
يباغتها الأعداء
سأهبط.. كإله للغضب اقتسموا عينيه
فأقتحم.. وألتحم.. وأنتقم
وأنشر أجنحتى عبر النفق الصاعد نحو الموت
وأضحك حين تفاجئنى عيناك الباسمتان
أعود بسخرية السادة
وزغاريد الفقراء
لأنى أنعكس على سطح القمر…
وأكتب فوق الليل تباريحي
فانتظريني…
سأعود بأول صهوات الضوء
وأختطفك.. يا عبل.. وأنتصر
****
الواحدة صباحا..
هو ذا ابن الإنسان
يقف ضد الآلهة
ويدخل فى التجربة
أحبك آلاف المرات..
وأشتاق.. وأنساب
وأختار تساقط جسدي
أختار خطاياي
ورائحة امرأة تعشقني
هذا العالم مملكتى
****
الثائر عاد من المعركة أخيرا
يا عبل.. أجيرينى حين تطاردنى ربات القدر
تحاصرنى عيناك..
فأشتاق
أعانقك.. ثلاثين خريفا..
حتى ينهار الجسد
فأشتاق.. وأشتاق
فليت فؤادك يا عبل.. يحن كما كاد يجن فؤادي
****
العاشرة مساء..
(ما بين الله وبينى سر مختوم بين القلبين)
الآن أهيئ بعض المطر
وأنتظر على الدرج المتآكل
أعد المارة بالفرح..
وقلبى ممتلئ بالموتي
****
بور سعيد 28 / 7 / 2000