الرئيسية / مجلة الإنسان والتطور / عدد فبراير-مارس 1999 / عدد فبراير-مارس 64-1999- فند: الله من بلاد الله

عدد فبراير-مارس 64-1999- فند: الله من بلاد الله

‏”‏فند‏” ((1))‏الله‏ ‏من‏ ‏بلاد‏ ‏الله‏ ‏

سهير صبرى

تستميت‏ ‏فى ‏مساعيها‏ ‏للحصول‏ ‏على ‏تمويل‏.‏

تستميت‏ ‏فى ‏مساعيها‏ ‏لاقتناص‏ ‏جزء‏ ‏من‏ ‏تورتة‏ ‏الفند‏ ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏ينفـض‏ ‏المولد‏ ‏وتطلع‏ ‏منه‏ ‏بلا‏ ‏نصيب‏ .‏

كانت‏ ‏تحدثنى ‏عن‏ ‏امرأة‏ ‏فى ‏اليمن‏ ‏حصلت‏ ‏على ‏فند‏ ‏يقال‏ ‏مليون‏ ‏دولار‏. ‏أى ‏ما‏ ‏يفوق‏ ‏أى ‏مبلغ‏ ‏يحلم‏ ‏به‏ ‏أى ‏ساع‏  ‏إلى ‏فند‏ ‏الله‏ ‏من‏ ‏بلاد‏ ‏الله‏ .‏

سألتها‏ ‏وماذا‏ ‏تفعل‏ ‏لليمن‏ ‏وشعب‏ ‏اليمن‏ ‏هذه‏ ‏السيدة‏, ‏قالت‏ ‏باعجاب‏: (‏همبكة‏).. ‏لا‏ ‏شيء‏  ‏البته‏.‏

شعرت‏ ‏بغثيان‏ ‏شديد‏.. ‏أصبحت‏ ‏لعبة‏ ‏الفند‏ ‏مقززة‏.. ‏بروتوكول‏ ‏يـقدم‏.. ‏يدرس‏.. ‏يقبل‏.. ‏يصرف‏ ‏الفند‏.. ‏ثم‏ ‏تقارير‏  ‏وتقارير‏ ‏وتقارير‏ ‏لتثبت‏ ‏وتغطى ‏وتشرح‏ ‏فيم‏ ‏صرف‏ ‏الفند‏ ‏المصون‏. .‏

وإذا‏ ‏استبعدنا‏ ‏النيات‏ ‏السيئة‏.. ‏ودققنا‏ ‏النظر‏ ‏فيم‏ ‏يصرف‏ ‏هذا‏ ‏الفند‏ ‏فى ‏الواقع‏ ‏من‏ ‏قبل‏ ‘‏الجادين‏’ ‏المهتمين‏ ‏بقضايا‏ ‏الوطن‏, ‏لوجدنا‏ ‏أنه‏ ‏يصرف‏ ‏فى ‏ورش‏ ‏عمل‏ ‏واجتماعات‏ ‏وندوات‏ ‏تقول‏ ‏رطانا‏ ‏يترجم‏ ‏ويطبع‏ ‏بالعربية‏ ‏والإنجليزية‏  ‏ثم‏ ‏يركن‏ ‏على ‏الرفوف‏  ‏أو‏ ‏يرسل‏ ‏مجانا‏ ‘‏للمهتمين‏’ ‏الذين‏ ‏لا‏ ‏ينظرون‏ ‏فيها‏. ‏أو‏ ‏يرمى ‏فى ‏طرقات‏ ‏المراكز‏  ‏والمنظمات‏  ‏أكواما‏ ‏تمهيدا‏ ‏لوصولها‏ ‏لبائعى  ‏الحمص‏. ‏أو‏ ‏قد‏ ‏يصرف‏ ‏فى ‏تقارير‏ ‏ودراسات‏  ‏تفضح‏ ‏وتشجب‏ ‏وتدين‏ ‏وتناشد‏ ‏وتوصي‏..  ‏ولا‏ ‏شيء‏ ‏البته‏ .‏

فى ‏البدء‏ ‏كانت‏ ‏الدولة‏ ‏هى ‏التى ‏تحصل‏ ‏على ‏الفند‏ ‏فيما‏ ‏يعرف‏ ‏باسم‏ ‏التنمية‏ ‏من‏ ‏أعلى ‏إلى ‏أسفل‏ , ‏فاكتشف‏ ‏المتبرعون‏ ‏النبلاء‏ ‏أن‏ ‏نصيب‏ ‏المواطن‏ ‏من‏ ‏الدعم‏ ‏يكاد‏ ‏يكون‏ ‏منعدما‏, ‏وبالتالى ‏لا‏ ‏تنمية‏ ‏ولا‏ ‏يحزنون‏, ‏فاتبعوا‏ ‏مسألة‏ ‏التنمية‏ ‏من‏ ‏أسفل‏ ‏إلى ‏أعلي‏… ‏لعل‏ ‏وعسي‏… ‏فظهرت‏ ‏أهمية‏ ‏الجمعيات‏ ‏التى ‏يقال‏ ‏لها‏ ‏أهلية‏ ‏لكى ‏تدير‏ ‏هذه‏ ‏العملية‏ ‏من‏ ‏قلب‏ ‏الشعب‏.‏

فهل‏ ‏وصل‏ ‏الدعم‏ ‏لمستحقيه؟‏ ‏هل‏ ‏التنمية‏ ‏آتية؟‏ ‏هل‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تحدث‏ ‏تنمية‏ ‏من‏ ‏المعونة‏ ‏والإحسان‏ ,  ‏لا‏ ‏وألف‏ ‏لا‏. . ‘‏لا‏’‏من‏ ‏تحت‏ ‏لفوق‏ , ‏و‏’‏لا‏’‏من‏ ‏فوق‏ ‏لتحت‏ ‏

كلام الرجال

كان حديثها مع أى رجل – قبل طلاقها – يدور فى معظمه عنه أن زوجته ماهرة فى صنع طبق معين، أو أنها تهتم بنظافة المنزل والأولاد بشكل مبالغ فيه، أو عن الزيارات العائلية التى يقدمون بها أو يستقبلونها، أو المصايف التى استمتعوا بها… وما إلى ذلك من تلك الحوارات العائلية الهادئة التى تنم عن أنهم يعيشون زيجات لا بأس بها.

فجأة – بعد طلاقها – أصبح الرجال أزواجا تعساء…. زوجاتهم نكديات .. مسيطرات مشاكسات… أصبحوا يواصلون حياتهم الزوجية – تضحية منهم فقط – لصالح الأولاد.. صاروا فى حاجة ماسة إلى صدر حنون يمسح عنهم آلامهم.

تصغى إليهم فى ابتسامتها الهادئة، وتحدث نفسها قائلة: على مين يا عمر؟

[1] – هذه الكلمة (فند) هى تعريب لكلمة Fund بالإنجليزية وهى تعنى من بين ما تعنى (التمويل).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *