الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / دراسة فى علم السيكوباثولوجى (الكتاب الثانى) (3) لوحات تشكيلية من العلاج النفسى شرح على المتن: ديوان أغوار النفس

دراسة فى علم السيكوباثولوجى (الكتاب الثانى) (3) لوحات تشكيلية من العلاج النفسى شرح على المتن: ديوان أغوار النفس

نشرة الإنسان والتطور

بقلم : يحيى الرخاوى

 2001-1980

نشرة يومية  من مقالات وآراء ومواقف

 تعتبر امتداداً محدوداً لمجلة الإنسان والتطور 

16-6-2009

السنة الثانية

العدد:  655

 image002

بصراحة أنا خفت

 image004

شرح على المتن:

‏عرّى لى هذا النص أن الخوف من البوْح (كما يقول الصوفية) هو خوف أساسى يكمن فى داخلنا، وليس فقط خوف من الاختلاف مع من هم (أو ما هو) فى خارجنا، البوح هنا ليس بوحا فقط بما يصلنى من داخلى بحسب حدة ومرحلة البصيرة،

“خفت منى”

هو بوح أيضا بما يصلنى منهم، من مرضاى، فيحرك ما تيسَّر فىّ وفيهم،

يظهر المتن هنا أن للخوف مصادر متنوعة، متضفّرة معا:

“خفت منهم”

هذا هو أخف أنواع الخوف، وهو خوف مشروع، ومفيد أيضا، هو نوع من عمل حساب للنقد حتى لو كان نقدا قارسا أو محتمل الإعاقة. لو أننا تركنا الحبل على الغارب، ولم نعمل حساب رأى الآخرين، إذن لبلغ الشطح مبلغا لا يمكن التنبؤ بمداه، لأن الإلغاء الكلى لاحتمال الحورا الناقد مع آخر، أيا كان هذا الآخر، قد يسمح لأىّ من كان أن يطلق لفروضه أو نظرياته العنان بشكل يعرضها للتناثر والتجاوز بلا حدود، صحيح أن المبالغة فى عمل حساب الآخرين قد تجهض إبداعا أصيلا نادرا، لكن تظل الحسبة محفوفة بالمخاطر، والمسألة فى نهاية النهاية متروكة لحسابات صاحب الفكرة وعليه أن يعمل حساب الدور الإيجابى لهذا الخوف من النقد من الآخرين، وذلك مهما بلغت أصالة الفكرة، أو عمق الرؤية .

لا يقتصر الخوف على عمل حساب الآخر الناقد الخارجى أخطأ أم أصاب، ولكن ثَمَّ  خوفا أهم من الناقد الداخلى النشط، هذا الناقد الداخلى ليس مرادفا للضمير، لكنه ناقد حقيقى يقوم بدور جيد مثله مثل الناقد الخارجى، وأكثر، هذا الخوف الثانى هو “منى” أساسا:

“خفت منى”

  ثم يجتمع  هذا الخوف منى، مع الخوف منهم حالة كونهم بداخلى وخارجى معا، فيصبح الخوف منا

“خفت منا”

الآخرون هم أيضا بداخلنا، أو لعلهم أساسا بداخلنا، وهم أحيانا يكونون بداخلنا أكثر مما هم بخارجنا، وهذا أيضا مكسب مهم، وفى نفس الوقت هو إعاقة محتملة ، وعلى من يغامر أن يغامر دون أن ينسى.

المتن بعد ذلك لا يحتاج شرحا لأنه ليس إلا لوحة متحركة تُظهر مدى الشجب، والرفض، والسخرية المحتملة، وهو ما يتجاوز ما أسميته نقدا حالا. إن النقد مهما أخطأ هو نشاط بناء فى نهاية النهاية، أما السخرية والوشم والنفى والترصد، فكل ذلك ليسوا إلا إعاقة خالصة.

خفت‏ ‏مالطوبْ‏ ‏والطماطمْ‏ ‏والكلامْ‏ ‏والترقيةْ

خفت‏ ‏ما‏لبِيض‏ ‏الممششْ‏، ‏والنكتْ‏ ‏والبحلقةْ

موضوع الإعاقة من خلال تأثير نظرات التركيز (البحلقة) هو موضوع أكثر حساسية من مجرد النقد أو السخرية المعلنه، هذه الظاهرة –تركيز نظرات الآخرين حتى الإعاقة – رُصدت بعناية شديدة باعتبارها متعلقة ببعض فروض وحقائق علم الباراسيكولوجى ، وأيضا لها علاقة بالعين الشريرة (الحسد)، وربما هى هى التى حين تتجسد مرضيا تصل إلى ما يسمى “ضلالات الإشارة”  delusion  of referenceحتى “ضلالات الاضطهاد”delusion of persecution

وكأنى هنا ‏أتقمص‏ ‏المجتمع‏ المسمى بالمجتمع ‏العلمى ‏خاصة‏، ‏وهو‏ ‏مجتمع‏ ‏ناقد‏ ‏محافظ‏ ‏بالضرورة‏، ‏وعنده‏ ‏بعض‏ ‏الحق‏، بل كثير من الحق، خاصة حين كان مجتمعا علميا نقيا، بعيدا عن ألعاب سوق الدواء (والعياذ بالله)

هذه التعرية كان لها تفاصيل فى وعيى، لكنها تفاصيل ساخرة صعبة  ‏

قلت‏ ‏أنا‏ ‏ما‏ ‏لى، ‏أنا‏ ‏اسـْترزَقْ‏ ‏واعيشْ‏،‏

والهرب‏ْْ ‏فى ‏الأسْـَتـذَةْ‏ ‏زيّـُــهْ‏ ‏مافــيش‏ْْ،‏

والمراكزْ‏، ‏والجوايزْ‏، ‏واللـَّذى ‏ما‏ ‏بـْيـنِـْتـهيشْ

قلت‏ ‏اخبِّى ‏نفسى ‏جُـوَّا‏ ‏كامْ‏ ‏كتابْ‏.‏

قلت‏ ‏أشـْغـِـلْ‏ ‏روحى ‏بالقولْ‏ ‏والحساب‏ْْ.‏

والمقابلاتْ‏، ‏والمجالسْ

والجماعةْ‏ ‏مخلَّصـِينـْلـَكْ‏ ‏كل‏ ‏حاجـَة‏ْْ، ‏أَيْـوَهْ‏ ‏خـَالـِص‏ْْ. ‏

               ‏ ‏بس‏ ‏بـَرْضـَك‏ ‏وانت‏ “‏جالسْ‏”.‏

شعرت فجأة، وأنا أتعسف لأكتب شرح هذه الفقرة، أن ثمة فقرات، خصوصا فى المقدمة، ينبغى أن تترك متنا دون أن نقترب منها شرحا أصلا، تترك  بما هى، كما هى، فهى أكثر وضوحا، ومباشرة من أن تشرح، ثم إن تركها بما هى قد تنقذ بعض الشعر من وصاية هذا الشرح (السقيم)، أكتفى هنا بالإشارة إلى ما يسمى “علم نفس المقعد الوثير”، arm chair psychology ويقصد به عادة التنظير من الوضع متأملا، بأقل قدر من الخبرة المعاشة، أو التجربة القابلة للاختبار، هذا التعبير، الذى أضفت إليه من عندى وصف “الوثير”، هو ما انتهت به هذه الفقرة “بس برضك وانت جالس“.

أما موقفى من الجوائز، مع كل احترامى لها وحاجتى إليها، فهو معروف ومنشور فى أماكن أخرى (جوائز وجوائز مثلا)‏

بقيت كلمة هامة، ليست شرحا بالضرورة، لكنها  بمثابة هامش دال، فقد نبهت مرارا على خطورة تقديسنا  للكلمة المطبوعة، التى كادت والحمد لله (أو للأسف!!) تتوارى وراء فيضان موجات المواقع والمدونات الغامرة، التافه منها والجاد، لكن ما زال العامة، وكثير من الخاصة، يعتبرون الكلمة المطبوعة مصدرا مسلما به، لكثير من المعلومات التى قد تضيف إلى المعرفة بقدر ما يحتمل أن تشوهها او تختزلها.

 بالنسبة للعلماء – وهم فئة من الخاصة – المسألة أصبحت أكثر إشكالية، أما بالنسبة للممارسين لمهن عملية تستعمل العلم والمعلومات فالأمور تصبح أخطر وأعقد، نحن‏ ‏نعيش‏ ‏وسط‏ ‏فيضان‏ ‏من‏ ‏الكتب‏ ‏والمجلات العلمية وشبه العلمية وغير العلمية، يكاد‏ ‏يصل‏ ‏إلى ‏حد‏ ‏الطوفان‏، ‏وبقدر‏ ‏ما‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يثرينا‏ ‏هذا‏ ‏الطوفان‏ ‏إذ‏ ‏يروى ‏ظمأنا‏ ‏للمعرفة‏، ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يغرقنا‏ ‏حين‏ ‏يلهينا‏ ‏عن الخبرة المعاشة، والطبيعة المخترِقة،

الحد‏ ‏الفاصل‏ ‏بين‏ ‏الثقافة‏ ‏بالمعنى ‏الحضارى التطورى  ‏المغامر‏ ‏المجدد‏، ‏وبين‏ ‏الثقافة‏ ‏بالمعنى ‏الاغترابى ‏المضلل‏ ‏الهارب‏، ‏هو‏ ‏حد‏ ‏دقيق‏ ‏قد‏ ‏لا‏ ‏يرى ‏بأعلى ‏درجة‏ ‏من‏ ‏البصيرة‏ والنقد‏. فى تقديرى أن كثيرا من العلم المنشور (أو ما يسمى كذلك)، وبالذات: الذى له علاقة بحركية القوى المالية التحتية، تمويلا أم نشرا أم تسويقا، أصبح بعضه، إن لم يكن أكثره، خطرا على المعرفة، خصوصا إذا استعملته السلطات المعلنة أو الخفية لتسويق وتبرير حياة مغتربة تخدم الأغراض التحتية (المالية السلطوية عادة) أكثر مما تخدم المعرفة البقائية التى تصب فى صالح  تطور البشر. يمتد خطر تقديس- أو على أحسن الفروض وصاية –  الكلمة الطبوعة –علمية وغير علمية للخاصة والعامة –  إلى مجالات كثيرة كثيرة، علينا أن نحذر أن نستسلم لها دون وعى مسئول، يمتد تقديس الكلمة المكتوبة إلى قصر ما يسمى مواثيق حقوق الإنسان، ومواثيق حقوق الطفل أيضا، وكل الحقوق الحقيقية والصورية والمزعومة قصْر هذه القيم جميعا على ما هو مكتوب فى تلك المواثيق،  بل إن ألفاظ القانون نفسه فى بعض الأحيان تكون عائقا ضد تطبيق العدالة الأعمق. هذا مأزق لا مخرج منه فى الحياة المعاصرة إلا بحلول فردية محفوفة بالمخاطر.

نتيجة لذلك كادت الممارسة الطبية النفسية بالذات تصبح ممارسة مكتبية تطبيقية أكثر منها ممارسة فنية عملية (إمبريقية)، المعلومات الحاسمة التى تخرج بواسطة شركات الدواء شرحا لأسباب هذا المرض أو ذاك، بهذا التغير الكيميائى أو ذاك، كسبب مباشر ومحدد، هو المقصود غالبا بتعبير… الجماعةْ‏ ‏مخلَّصـِينـْلـَكْ‏ ‏كل‏ ‏حاجـَة‏ْْ. ‏أَيْـوَهْ‏ ‏خـَالـِص‏ْْ،  بس‏ ‏بـَرْضـَك‏ ‏وانت‏ “‏جالسْ‏”.‏

قلت‏ ‏أرسمْ‏ ‏نفسـِى ‏واتْـدَكْـتَـرْ‏ ‏وارُصّ‏.‏

قلت‏ ‏أتـفـرَّجْ‏ ‏وِ‏ ‏أَتـْفلسـِـفْ‏ ‏وابــُص‏ْْ.‏

بس‏ ‏يا‏ ‏عالم‏ْْ ‏دا‏ ‏دمْ‏ ‏ولحم‏ ‏حىْ‏،

حاستخبّى منه فين؟؟!!

‏‏هذه مرحلة نظرية لم أمّر فيها واقعاً طويلاً، وإن كنت لا أعفى نفسى من أنها لاحت وتلوح لى كثيراً بين الحين والحين، التمادى فى التخصص، والتباهى بالوظيفة العليا، والتوقف عند أعلى الشهادات، كان‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏مهربا‏‏ ‏من‏ ‏نوع آخر،

 ‏مازلت أذكر‏ ‏أحد‏ ‏الشبان‏ ‏الأذكياء‏ ‏حين‏ ‏حضر‏ ‏معى ‏جلسة‏ ‏للعلاج‏ ‏الجمعى ‏فى ‏مستشفى ‏دار‏ ‏المقطم‏ (‏كمتفرج‏ ‏وناقد‏ ‏معا‏) ‏وكان ما زال ‏ ‏طالبا‏ ‏فى ‏كلية‏ ‏الطب‏، ‏أن‏ ‏عقب‏ ‏فى ‏نهاية الجسة قائلا: “‏إنها‏ ‏لعبة‏ ‏جيدة‏: ‏إذا‏ ‏لم‏ ‏تسطيع‏ ‏أن‏ ‏تعيش‏ ‏فعالج‏ ‏الناس‏ ‏واختبيء‏ ‏فيهم‏” ‏بصراحة دهشت‏ ‏من‏ ‏تعليقه‏ ‏وانزعجت‏ ‏وأعجبت‏، ‏فعلا: علاج‏ ‏الناس‏ ‏قد‏ ‏يكون‏ ‏مهربا‏ ‏من‏ ‏مواجهة‏ ‏الذات‏، أو بديلا عن مسئولية النمو الشخصى،  .. ‏وأرجو‏ ‏أن‏ ‏ينتبه‏ ‏الزملاء‏ ‏الأصغر‏ ‏إلى ‏هذه‏ ‏الحقيقة‏ ‏رحمة‏ ‏بمرضاهم‏… ‏وحرصا‏ ‏على ‏استكمال‏ ‏نموهم،‏ ‏وتأكيدا‏ ‏لاختيارهم‏.‏

هذا عن الفرجة مهربا، أما عن التفلسف فقد ساهم الإعلام وجاهزية الزملاء (وأنا منهم غالبا) إلى تصوير الطبيب النفسى عارفا فاهما لآليات الحياة وحَبْاياها، وبالتالى قادرا على إصدار الحكم والأحكام ، والتفسيرات والتأويلات، بما يختلط عند العامة بما يسمى “فلسفة” بشكل أو بآخر، هذا ما أعنيه بالتفلسف وهو غير “فعل الفلسفة”، وهو الأقرب إلى ممارسة الطب النفسى – بحقها- حالة كونها مغامرة متجددة فى الممر:

 بين الحياة والموت،

 بين القتل والهرب، والمريض يحضر لنا فنتقمصه لنجد أنفسنا نتقل

 بين المهدى المنتظر، وساندريلا،

 بين النورس المحلق، والطير الملقى فى الطين بلا أجنحة،

 بين الطفل المسخ ، والنبى.

وكل ذلك تعرية صارخة فريدة متنوعة طول الوقت.

من هنا تتاح الفرصة لتعلّم من نوع آخر من خلال حدة البصيرة وتحمل المسئولية معا، هذا ما أعنيه دائما حين أصرح المرة تلو الأخرى أن المرضى هم أساتذتى الأوائل بعد أن عرفت كيف أسمح لنفسى بمحاولة فك شفرة مرضهم، ليصححونى، ونكمل معا (ما أمكن ذلك)،

وهذا هو ما جاء فى الفرة التالية تقريبا :

المريض‏ ‏ورّانى ‏نفسي

المريض‏ ‏خلاّنى ‏أتـْلـَمـْلمْ‏ ‏وافَـكـَّـرْ‏.‏

المريض‏ ‏عـَدِّلـِّى ‏مـُخـِّى،‏

نضَّفُهْ‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏واغشْ‏، ‏كانوا‏ ‏فارضينُهْ‏ ‏عليهْ‏.‏

من‏ ‏ملاعيب‏ ‏اللى ‏بايع‏ ‏ذمته‏ ‏بـْمعَـَرفـِشى ‏إيـِهْ‏.‏

من‏ ‏شوية‏ ‏آلاتـِـيـَّة‏، ‏والعَـشـَا‏ ‏الـْ‏ “‏أوبـنْ‏ ‏بـُوِفـِيهْ‏”.‏

لا يقتصر ما تعلمته من مرضاى على معرفتى بأمراضهم، أو إمراضيتهم Psychopathology أو طرق علاجهم، بل امتد إلى شحذ بصيرتى لأتعرف بشكل مباشر على نفسى بالقدر الذى وصلنى (مما لا أعرف مداه حتى الآن)، مهنتنا مهنة صعبة لمن يريد أن يواصل المعرفة ذهابا وجيئة

 بين “ما هو”، و”من هو”، بين “لماذا” و “إذن ماذا”، بين “الأصل الغامض” و”المدى المفتوح”،

 حين‏ ‏يكتشف الممارس المغامر بالمعرفة‏ ‏أن‏ ‏رؤية‏ ‏المريض‏ ‏وصدق‏ ‏حدسه‏ (‏رغم‏ ‏وقفته‏ ‏المهزومة‏ ‏مرحليا‏) ‏هى ‏إثراء‏ ‏لوجوده‏ ‏شخصيا‏ ‏كطبيب‏ ‏وكإنسان‏، وفى نفس الوقت هى تحد لقدرته على أن يرى نفسه ، يصبح مأزقه أصعب فأصعب، لكن فرصه تصبح أكثر ثراء للنمو والتغير إن هو قبل المخاطرة.

مسألة “العشا الأوبن بوفييه“، هى إشارة إلى طقوس المؤتمرات العلمية الحديثة، وهى قضية سوف تثار كثيرا فى شرح هذا المتن. كنت، وما زلت أتعجب لماذا تُلقَى أحدث الأبحاث العلمية، فى الفنادق بالغة الفخامة باهظة التكاليف، أليس المكان الأنسب للعلم هو دور العلم، والتعليم، والبحث العلمى؟ إن التحجج بسعة المدرجات أو وفرتها هو حجة مردودة، فالأصل أن الفنادق للفندقة، بما فيها من صالات الاحتفالات، ومطاعم ومقاهى وأركان أخرى، والأصل فى دور العلم والتعليم هو أن نلتقى فى مدرج، أو معمل، أو قاعة محاضرات، هل العلم الذى يلقى فى موفمبيك شرم الشيخ له مصداقية أكثر، وفائدة أعم للمرضى، عن العلم الذى يلقى فى جامعة القاهرة أو كلية طب قصر العينى أو مركز الطب النفسى فى عين شمس؟ يتصور كثير من الزملاء أن المسألة لا تفرق (ما تفرقشى)، وهذا تصور ساذج، فشركات الدواء التى تمول هذه المؤتمرات بعشرات وأحيانا مئات الآلاف، تعرف كيف تنفق نقودها، ولماذا، وبالتالى تعرف كيف تستردها، وكيف تستعملها. ليس هذا هو موضوعنا وإن كنا سنرجع إليه كثيرا – غالبا- ، لكن الإشارة هنا كانت لمجرد ورود ذكر “العشاء بمائدة مفتوحة لتنوع اختيار السلاطات والحلوى” ، مع ما تيسر  من المشهيات والمعلومات ونتائج الأبحاث!!!.

‏إن الإنصات للمريض لترجمة أعراضه إلى لغة ناقدة، كاشفة، ثائرة مجهضة، هو مفتاح علاجه، وفى نفس الوقت قد يكون المريض وهو يضىء هذا النور الأحمر بمثابة ما أسماه لى يوسف إدريس ذات مرة، ناضورجى الخطر القادم على المجتمع ككل، مثله مثل المبدع مع فارق الفشل والنجاح، وهذا ما سنتناوله فى الحلقة القادمة بعنوان: “تشكيلات الحقيقة”

رقم (4)  ” ييجى صاحبكْ ملْط إلا ما “الحقيقة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *