الأهرام: 29 / 6 / 1985
خواطر حرة هذه المسيرات إلى اين
عبد الرحمن الشرقاوى
الا يمكن أن تتفق الانسانية على لغة للحوار جديرة بالانسان!؟ لغة غير القهر، والغدر والارهاب، والطلقات، والمواد الناسفة، والاظفار والانياب؟! إن الذين يستعملون هذه الأدوات غير الانسانية، لن يفلتوا منها، وسيكونون هم انفسهم شر ضحاياها..!
وها هو ذا المثل امامنا فى لبنان!!
لقد احتضنت الولايات المتحدة الامريكية همجية الارهاب الاسرائيلى فى لبنان، فجاء الوقت الذى تحصد فيه مازرعت ..
وانت لاتجنى من الشوك العنب..!
دافعت الدوائر الحاكمة الامريكية فى عهود مختلفة عن الارهاب الاسرائيلى، ورفضت حتى، ادانة اسرائيل بالكلمات، واعترضت على كل قرارات مجلس الأمن التى تطالب إسرائيل بالعدول عن بطشها وهمجيتها، وباركت المذابح التى اقترفتها حكومات إسرائيل المتعاقبة على ارض فلسطين، ثم على ارض لبنان..!
وتركت اسرائيل تخطف اللبنانيين الابرياء، وتحشدهم فى سجونها ..!
والارهاب حصاده الارهاب..!
واذا كنا ندين خطف الطائرات وكل اشكال القرصنة الجوية، فيجب ان ندين بالمثل خطف البشر، وكل اشكال القرصنة الارضية!!
كيف ندين رد الفعل ونغفل عن الفعل نفسه؟ لماذا نصم خطف الطائرات بأنه عدوان على قيم العالم المتحضر، ونسكت عن خطف المواطنين من دورهم، والزج بهم فى سجون بلد آخر غريب باطش اثيم معتد، حيث يلقون الوان التعذيب الوحشية؟!
ان محنة الطائرة الأمريكية لايسال عنها المختطفون فحسب، وإنما يسأل عنها قبلهم كل من دفعهم الى سلوك طريق الارهاب: كل من افقدهم الثقة فى جدوى الكلمة والتعامل الشريف، وفى قدرة القانون الدولى على أن يفرض العدل!!
إسرائيل وحاميتها امريكا، هما اللتان غرستا اليأس فى قلوب شابة تغنى للمستقبل، وتنشد العدالة .. هما اللتان وضعتا الخناجر السامة فى أيدى شباب يريدون أن يزرعوا الأمل ليحصدوا السعادة والاخاء والحرية .. ولكن .. واحر قلباه !! إسرائيل وحاميتها امريكا هما اللتان زرعتا فى الارض الطاهرة الحرام بذور الحقد والضغينة والظلم، ليحصد الجميع الندم!!
وليتهم اذ يندمون يعتبرون! انه لاخلاص لعالمنا من غاشية الارهاب الا فى العدل .. فى القضاء على الظلم الذى ينطح الشعوب بقرنيه، ويدفع الشعوب الى اليأس الرهيب..! وعندما يسود اليأس، فالحياة والموت سواء .. ومن هنا ينبع العنف، ويصبح السلطان للأرهاب وحده..! فبما ان الحق لم تعد له قوة، وبما ان القوة الغاشمة قد أصبحت وحدها هى الحق، فهى إذن شريعة الغاب .. حيث يصبح كل ما يغلب به الوحش هو قانون الحياة !!
فلكيلا تتحول الحياة الى غابة، ولكيلا يحكم عالمنا قانون الغابة بدلا من ميثاق الأمم المتحدة، وبدلا من القانون الدولى وميثاق حقوق الانسان . ولكيلا تكون ادوات التحاور هى المصائد والفخاخ والنسف والطلقات، بدلا من الكلمات .. ولكى يعيش الكل فى سلام، الارهاب .. ويجب ان يكفل المجتمع الدولى حقوق الشعوب ويدافع عنها، بدلا من ان تفرض علينا امريكا حماية العدوان الاسرائيلي، واهدار الحق العربي.
يجب ان تحكمنا العدالة الدولية بدلا من الارهاب!! ان العدل يحمى كل الاطراف ويحترم الانسانية، اما الارهاب فهو يجعل الانسان اما صيادا واما فريسة .. وقد يكون هو فريسة الغد..! من يدري؟! .. وتلك الأيام نداولها بين الناس .. وهذا هو ما كان فى لبنان!
فهل تعتبر القوى الكبري؟! ان العدل ليحميها ويحمى خصومها، اما عدوانها فسيجعلها ذات يوم فريسة للارهاب!! اعترفوا بحق الشعب الفلسطينى فى وطنه الحر المستقل، اعترفوا بحق لبنان فى الوحدة، اعترفوا بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا وحيدا وشرعيا للشعب الفلسطيني، احملوا إسرائيل على احترام القرارات الدولية فتنسحب من الأراضى التى احتلتها، يسد السلام، ويطمئن الجميع بدلا من الارهاب
… هذه المسيرات اتحدث الى الذين ينادون بالمسيرات حديثا هادئا يليق بجلال المقام.
انهم ليريدون ان ينظموا مسيرات تطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية، مسيرات ترفع المصاحف، وتمضى الى غايتها.. ثم ماذا بعد؟ لكان مصر بلد الازهر قد اصبحت تخالف الشريعة الاسلامية !! اما المسيرة التى ترفع المصحاحف على اسنة الرماح او السيوف او العصى فقد حدثت فى تاريخنا مرة واحدة فى العصي، فقد حدثت فى تاريخنا مرة واحدة فى موقعة صفين، حين اوشك جيش أمير المؤمنين الامام على بن أبى طالب كرم الله وجهه ان ينتصر على الفئة الباغية التى شقت عصا الطاعة، فعمد أحد دهاة الفئة الباغية الى حيلة تفرق جيش على
فاصبحت الفئة الباغية فرفعت المصاحف، ونادت بالاحكام اليها!! .. وما حارب على تلك الفئة الباغية الا لتنوب الى أمر الله تنفيذا لاحكام القرآن الكريم .ونجحت المكيدة فخرج على الامام آلاف المتطرفين فى جيشه،ورفعوا المصاحف ، وقالوا : ان الحكم الا لله وجابههم الامام بقوله : كلمة حق يراد بها باطل وهكذا فتحوا باب الخلاف على مصراعيه، وسنوا الخروج على اجماع الامة، وحاربوا الامام نفسه، وما زالوا به حتى قتلوه !!
وهكذا انتهى عصر الخلافة الراشدة، ليجيء الملك العضوض!!
واخوتنا وأبناؤنا الذين يريدون القيام بمسيرة يرفعون فيها المصاحف، يعرفون هذا التاريخ بلا مراء .. وانا أعيده ان يستنوا بسنة الخوارج .. واذا كان الخوارج لم يعرفوا فى زمنهم انهم ارادوا الحق فاخطاوه، فان كل المسلمين من بعدهم قد عرفوا عنهم هذا، ورفضوا ان يتشبهوا بهم .. فمن الذى دس فى النفوس البرئية ان تتشبه بالخوارج ماذا يريد الاخوة والابناء الذين قرروا ان يزحفوا بمسيرات وهم يرفعون المصاحف، فى جميع ارجاء مصر، فى وقت واحد، لكى يشتتوا قوات الشرطة ؟ ماذا يريدون من هذه المسيرات؟!
يقولون : نريد تطبيق الشريعة الاسلامية فورا، وماجدوى المسيرة، اذا كان مجلس الشعب الذى يملك هذا الحق قد قرر بالاجماع تطبيق الشريعة الاسلامية!!
الرجل الصالح والعالم الجليل الاستاذ عمر التلمسانى رائد الاخوان المسلمين، يرى ان تطبق الشريعة الاسلامية بالتدريج…
والقانون المصرى فى اغلبه لا يخالف الشريعة الاسلامية والمواد التى يجب تعديلها قليلة العدد فماذا تريدون وهى فى الطريق إلى التعديل؟
انى انزهكم ان تحسبوا ان الشريعة الاسلامية هى الحدود اى العقوبات فحسب!
ليست الشريعة الاسلامية هى قطع يد السارق ..وعمر بن الخطاب رضى الله عنه الحد وهو وارد بنص صريح فى القرآن الكريم ولكن عمر تحرى الهدف الأعظم للشريعة وهى تحقيق المصلحة العامة…
فلما رأى الفقر سائدا فى ذات عام لم يقطع يد سارق، لأن الحاجة اضطرته الى السرقة ليطعم عياله!!
واسالوا اهل الذكر من العلماء والفقهاء ومصر بحمد الله غنية بهم..
اسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون، تعلموا ان تطبيق الشريعة لا يحتمل هذه الحدة فلو أخذنا بسنة عمر، فلن تقطع يد سارق، لأن الأمة ما زالت تعانى من الفقر فحسب، ولكن لأن فى الشريعة سعة وفى السجن ما يكفى عقابا للسارق، حيث يمكن أن تستثمر يده فى الانتاج خلال فترة السجن أن وبعدها، بدلا من قطعها .. أخبرونى كم من السراق قطعت أيديهم فى عهد الخلافة الرشيدة ؟! اسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون.
إن فى القرآن الكريم نحو مائتى آية للأحكام .. كلها تقيم قواعد للعلاقات بين الأفراد وبين الدول ومن هذين المائتين، آيات قليلة فى الحدود (أى العقوبات) فلماذا لا تقفون الا عندها..
يجب أن تتغير بعض مواد القانون الجنائى بلا ريب لتكون مطابقة للشريعة وهذه المواد لن تصل إلى خمس مواد!
ولكن يجب اول الأمر أن ننشيء المجتمع الذى تصورته الشريعة الاسلامية، وارادته لكى لا تنقلب الشريعة اداة تنكيل فى يد حاكم غاشم فرد مستبد!! فتصبح وبالا على المحكومين..
فالشريعة الاسلامية التى تطالبون بتطبيقها، تفرض نظاما للحكم قائما على الشورى وعلى احترام رأى الأغلبية، وعلى كفالة الحرية للرأى الآخر، وعلى الحوار بالكلمة، وعلى الدعوة الى سبيل الرب بالحكمة والموعظة الحسنة، لا بالمسيرات وفرض الرأي، وتهديد المخالفين وتكفيرهم.!!
لقد أمر الله تعالى رسوله أن يجادل الكفار والمشركين بالتى هى أحسن .. فما بالكم لا تجادلون أخوانكم من المسلمين بالتى هى أحسن، ولا تدعونهم إلى رأيكم بالحكمة والموعظة الحسنة؟!..
بل بفرض الرأى والقهر، وبالاعتزال على قمة نائية من التفرد، وافتراض انكم الأعلون، وانكم وحدكم الفقهاء وانكم وحدكم على حق، وماعداكم هو الباطل!؟
ما بالكم تصنعون هذا كله، وانتم لا تجهلون ان هذا ليس من دعوة الاسلام ولا من مكارم الأخلاق التى جاء بها؟!
انكم لتدعون إلى تطبيق الشريعة فورا، وبلا تدرج .. فهل ترون ان المسيرات بالمصاحف هى السبيل!؟
الا تعرفون ان هذه المسيرات قد تحدث فتنة والفتنة أشد من القتل؟!
أنه ما من أحد يرضيه ان تعاقبوا بوصفكم مثيرى فتنة ولكنكم لو أو خذتم بما تطلبون، وطبقت عليكم الشريعة الاسلامية تطبيقا عشوائيا فوريا كما تريدون لها أن تطبق، لأصابكم بما أقترفتم عذاب آليم، ولعوقبتم عقاب مثيرى الفتنة.
ونحن لا نريد لكم هذا .. ولكننا نريد كما أراد الشيخ الصالح الجليل عمر التلمسانى المرشد العام للاخوان المسلمين نريد مثله التدرج فى التطبيق..
عودوا إلى حكمة التشريع، وانظروا كيف تدرج الشارع الحكيم، واسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون …
ربما كانت بعض الندوات والمحاضرات الدينية الغثة غير المسئولة التى يذيعها التليفزيون واذاعة القرآن الكريم، قد ضللتكم ودفعتكم إلى غير طريق الرشاد، ولكن ابحثوا عما وراء الكلمات المضللة، ولا تنخدعوا بها!!
الا ليت التليفزيون والأذاعة يدققان فيما يذيعان من مواد دينية. وليتهما يستعينان باهل الذكر بدلا من اهل الأهواء ومن الذين ارتبطوا بمصالح، غير مصرية أصبحت هى التى تحركهم واسألوا من اين لكم هذا تعرفوا قدرهم؟!
الا ليت التليفزيون والأذاعة يعرضان كل ما يقال فى الدين على الفتوى بالازهر الشريف لتنقيه من محاولات تصفية الحسابات الشخصية ومن مرضى القلوب، ومن الاحقاد ومن الجهالة والجهل والضلالات!!
الأمر خطير، وهو لا يحتمل المزيدات بعد، وتطبيق الشريعة الاسلامية ليس مجالا للمزايدات!! الأمر خطير وهو لا يحتمل العبث بطاقات الشباب .. فالوطن فى حاجة إلى هذه الطاقات جميعا بدلا من اهدارها فيما لا يفيد وما قد يضر!!
فليستعن التليفزيون والاذاعة بكبار علماء الأزهر وبأهل الذكر، وما أكثرهم بدلا من الوجوه المستهلكة التى تحرض فى جهلها وضلالها على الفتنة والشغب والنحراف، وتوشك ان تخرب الاقتصاد القومى …
لقد بلغ الجهل بأحدهم الى حد الفتيا بأن وضع المال فى المصارف للأستثمار حرام لأنه ربا!!
ماذا يريدون بالاقتصاد هذا البلد ومقدراته ؟!! لقد سكتنا على مضض عن تلك الأصوات القبيحة المنكرة التى تقرأ القرآن وتغنى التواشيح الدينية ارتزاقا وتبادلا للمصالح الخاصة وسكتنا عن اخطائكم الفاحشة فى اللغة ولكننا لن نسكت على التخريب ولا على افساد عقول الشباب لأنها مصلحة الأمة كلها هى ما تهدده هذه الأضاليل والترهات..
ايها الاصدقاء والأبناء المسئولات والمسئولون فى التليفزيون والاذاعة (بصفة خاصة اذاعة القرآن الكريم) .. اتركوا اختيار المتحدثين فى الدين لأهل الذكر مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر الشريف، وللمجلس الأعلى للشئون الاسلامية فهاتان المؤسستان هما اهل الذكر، والمسئولون فيهما يتقون الله، ويتحرون مصلحة الأمة وحدها حين يختارون …
يا أيتها المسئولات العزيزات ويا أيها المسئولون الأعزاء فى التليفزيون والأذاعة لا تعرضوا علينا آية مادة دينية الا بعد ان يجيزها لجنة الفتوى فى الأزهر الشريف .. فالأوضاع لم تعد تحتمل الصمت أو مجاملات !!
لا تحملوا المسئولية جهات أخرى فانتم وحدكم المسئولون عما تذيعون !!
ثم ما بال المساجد لا تؤدى دورها الجليل فى التنوير ؟! .. ما بالها تترك منابرها لبعض الذين يضللون عن جهل أو عن عمد وسوء قصد !!…
يجب الا يتعلى المنابر الا العلماء الصالحون .
ثم قولوا لنا يا من حرضتهم الشباب الابرياء على المسيرات بالمصاحف ماذا تعنون بالتطبيق الفوري؟!
ان المسيرة لن توضح للناس هذا؟.. قولوا للناس حسنا ولا قيد على حرية القول، فتحاوروا بالكلمات وهذا هو ما يجدر بالانسان !! وصدقونى ..انكم باختياركم اسلوب المسيرات، تخسرون الانصار ..لأن الناس لا ينفرون من الاستعلاء عليكم، ومن محاولات قهرهم، ومن حملهم على ما لا يفهمون .
وأنا اعلم انكم ترفضون ان تستخدموا فلماذا تقعون فيما يثير حولكم الشبهات ؟!
افيقوا يرحمكم الله، واذكروا ان هذه المسيرات لن تفيد الا الذين لا يريدون لهذا الوطن ان يرفع رأسه ابدا هو الذى رفع رأس العرب جميعا بعد حرب اكتوبر ..
أناشدكم الله وشريعته التى تغارون عليها، الا تسمحوا لاحد بان يعبث بحسن نواياكم، والا تصلتوا على هذه النوايا الحسنة خبث طوايا الاعداء اناشدكم الله الا تلطخوا وجه هذا الوطن بعار الارهاب ..
أناشدكم الله ألا تفسدوا الجو الذى نتنفس فيه بحرية، والا تضطر الحكومة على ما تكره وتكرهون، فهذه هى الفتنة حقا، والفتنة اشد من القتل.
تدبروا ما جاء فى خطاب الرئيس حسنى مبارك، ولا تقهروه على ما لا يحب ولا نحب!
فلتتجهوا بطاقاتكم المبدعة إلى اثراء هذا الوطن ..إلى التنمية .. ومجال العمل واسع هذه اللحى والجلاليب البيضاء، ولكنه العمل الصالح الذى يحقق المصلحة للأمة ولكل افرادها حرام عليكم ان تبددوا طاقاتكم فيما لا يفيد، وحرام على الذين يوجهونكم ان يحرضوكم على ما يفرق الامة، ويهدد مصالحها، ويهدد طاقاتكم وطاقاتها..
اصنعوا شيئا يفيد الاسلام والامة فهذا خير من التشبه بالخوارج!!
فلا بذلتم فى عمارة الارض، وتحرير القدس، وتوحيد كلمة اخوانكم الذين يقتلون فى لبنان، ويذبحون الشيوخ والنساء والاطفال، واخوانكم الذين يقتلون فى ايران والعراق!!
ان التطبيق الحق للشريعة الاسلامية هو ان تعملوا صالحا، والعمل الصالح هو ما يعمر الارض، وينمى قدرات المة لا يجدي، وامتحنوا ما يقال لكم فبل ان تطيعوه ! وكرة أخرى .. تدبروا فيما قاله الرئيس حسنى مبارك فى خطابه الرائع الذى القاه فى مؤتمر الحكم المحلى يوم الجمعة الماضى ..
وأخيرا نناشدكم الله الا تفسدوا علينا ولا على انفسكم جو الحرية الذى نعيش فيه..
وانظروا فيما يامركم به الاسلام فافعلوه، وفيما ينهاكم عنه فانتهوا، وانظروا فى مكارم الاخلاق التى جاء بها الاسلام،فالتزمواها، واسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون .
ولا تغضبوا على من يحبكم .
ولا تلعنوا ناصيحيكم .
وتحروا رشدا.
حادث قطار
يوم الاثنين (24 يونية) فى الساعة الرابعة الا ثلثا ركبت القطار رقم 922 من محطة سيدى جابر إلى القاهرة، وفى محطة سيدى جابر التى كانت آية فى النظافة وحسن النظام، وجدت كمية ضخمة من القذارة تغشى الأرض وكمية أضخم من الذباب تملاء الجو!! ..ولم أعرف على أى رصيف سيقف القطار، فلا أحد يعلن أو يعلم ! وجاء القطار ووقف على رصيف آخر دون اعلان، وأوشك ان يفوتنى أنا وغيرى وليته فاتنى ! ولكن صديقا كريما دلنا عليه.
وبعد محطة كفر الدوار بقليل، امام مكان مهجور، توقف القطار نحو خمس ساعات .. وأغلق التكييف فامتنع الماء .. ولم يعرف أحد سبب التوقف .. واخيرا تبين ان قطار الصحافة القادم من القاهرة اصطدم بقطار آخر أو خرج عن القضيب لست ادرى منذ نحو اثنتى عشرة ساعة وتبين ان المسئولين فى محطة الأسكندرية وسيدى جابر يعرفون بامر الحادث، ولكنهم لم ينبهوا ركاب القطار الى انهم سيتعذبون فى الطريق ويتعطلون عن اعمالهم ومصالحهم نحو خمس ساعات وأشتد الحر على الركاب، وبدأت معاناة العطش والجوع ..
ولاماء ولا طعام !! وتعالى صراخ الاطفال، وسقط بعض الركاب مرضى من الاعياء .. وفى محطة القاهرة كان الذين ينتظرون مقدم قطار الأسكندرية فى قلق شديد فقد كان موعد وصول القطار هو السادسة مساء، فلم يصل إلا فى الحادية عشرة وعبثا حاول المنتظرون ان يعرفوا سبب تآخر القطار.. واستبد بهم القلق على من ينتظرونهم ولكن لا استعلامات أعلمتهم، ولا معاون المحطة عاونهم .. وكلهم جاء من بيته مذعورا لهذا التأخير غير المفهوم وأريد ان أسال الوزير المسئول وهو رجل دمث حريص على أداء واجبه : اهذه معاملة تليق ببشر؟! كيف يحدث هذا فى بلد متحضر؟ اهذا هو حرص هيئة السكة الحديد على راحة الركاب ومصالحهم وانسانيتهم…
أنا اطالبه وأطالب رئيس هيئة السكة الحديد باعتذار لجميع ركاب ذلك القطار التعس ..وبمحاسبة المسئولين الذين عذبوا الركاب هذا العذاب كله، فلو ان الركاب كانوا من المواشى التى تنقلها القطارات لدفعت عنهم جمعيات الرفق بالحيوان !! أن خطيئة فادحة كتلك تسقط وزيرا وتطيح برئيس هيئة السكة الحديد فى أى بلد متحضر .. ومصر أم الحضارات .
ونحن لا نريد أن نسقط وزيرا ولا أن نطيح برئيس هيئة السكة الحديد، ولكننا نريد الا يتكرر هذا الهوان والتعذيب والاستهتار الاحمق بالمواطنين وبمصالحهم وأعصابهم.
وأخيرا نريد أن نعرف بماذا عاقبت هيئة السكة الحديد المقصرين والمستهترين من مستخدميها.. ونريد أن نعرف، ماهى الضمانات التى اتخدتها هيئة السكة الحديد لكى لا يتكرر هذا من بعد ابدا، ولكى تحافظ الهيئة على راحة الركاب وآمنهم ومصالهم، ولكى تحمى أهلهم من عذاب القلق، ولكى تؤدى لهم الخدمة التى دافعوا مقابلها سلفا.