الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع مولانا النفّرى (94) من “موقف التذكرة” (2)

حوار مع مولانا النفّرى (94) من “موقف التذكرة” (2)

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 23-8-2014

السنة السابعة

العدد: 2549

 حوار مع مولانا النفّرى (94)

من “موقف التذكرة” (2)

وقال مولانا النفرى فى “موقف التذكرة”

   وقال لى:

كل ما رأيته بعينك وقلبك من ملكوتى الظاهر والخفى فأشهدتك تواضعه لى وخضوعه لبهاء عظمتى لمعرفة أثبتها لك فتعرفها بالإشهاد لا بالعبارة فقد جوزتك عنها وعما لا ينفذ من علوم غيرها وألسنة نواطقها وفتحت لك فيها أبوابى التى لا يلجها إلى من قويت معرفته بحمل معرفتها فحملتها ولم تحملك لما أشهدتك منها ولما لم أشهدها منك فوصلت إلى حد الحضرة وقبل بين يدى فلان بن فلان فأنظر عندها من أنت ومن أين دخلت وماذا عرفت حتى دخلت ولماذا وسعت حتى حملت.

 فقلت لمولانا:

حاولت مراراً يا مولانا أن أوضح ما وصلنى من معانى الشهادة، ويبدو أننى عجزت، وها أنت ذا تعيننى على ما عجزت عنه، وسوف أقصر حديثى اليوم على ما وصلنى من معنى “الشهادة”:

كنت – ومازلت- أكرر دائما أن ما يراد بالشهادة “أشهد ألا إله إلا الله”، هو عمق آخر يتجاوز: “أعتقد أنه لا إله إلا الله” وأيضا “أعلم أنه لا إلا الله، كذلك “أقرّ أنه لا إله الله” وأكثر من: “اقتنعت أنه لا إله إلا الله”، فما بالك بمدى بعده عن “أوافق على أنه لا إله إلا الله”!!.

كما كنت أعلن التحذير المرة تلو المرّة من الفرحة (بل والفخر) بوصف دينى الحنيف بأنه دين “الوسطية” مستشهدين بالآية الكريمة “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً”، متوقفين عن ما بعد ذلك بأنه لا تكون الأمة وسطا إلا أن تضـُمّ من يتحملون أمانة أن يكونوا شهداء على الناس، فالشهادة فى الحالتين عملية معرفية إدراكية متميزة عن التفكير والتبرير والاقتناع والحجج والإثبات.

مع الإضاءة هنا من هذا الموقف يصلنى كيف أن معرفة أى شىء وأى فكر إنما تتم “بالإشهاد لا بالعبارة”، فالإشهاد شىء – كما تبين هنا – يعد بـِفـَتـْحِ أبوابه التى لا يلجها إلا من قويت معرفته بحمل معرفتها. حتى “يصل إلى حد الحضرة”، ثم يأتى بعد ذلك النظر إلى الذات والأبواب ومحتوى المعرفة حين يتسع الوعى حتى يقدر على حمل كل هذه الأمانة.

طبعا يا مولانا هذا جهاد فوق الطاقة، لكن الذى يطمئننى إلى أنه طريق أبسط وأوضح وأضمن أنك ما أبلغتنا هذا ليفعله أى منا هكذا، وإنما هى فرصة ربما نكتشفه وهو يحدث لمجرد أننا بشر مكرمين وأمامنا الفرصة، من ذلك ما بلغنى من أن الطفل يعرف هذا الطريق، والعجوز الأمى، والطير والشجر، وكل ما بين السماء والأرض طولا وعرضا، فما الداعى لذكره هكذا وهو بكل هذه الصعوبة إذا صيغ فى عبارات، مع أنه بكل هذه السهولة إذا جرى بالشهادة للشهادة.

ربما كانت الجدوى من ذكره – بالنسبة لى على الأقل- هى أن أصدق معنى الشهادة كما وصلتنى، وربما أن أستمر فى محاولة أن أوصل ذلك إلى الساعين على دربها، لعلنا نتوقف عن إثباته بالحجة والبرهان، وأيضا عن الفرحة بأننا “أمة وسطا” ونحن أبعد ما نكون عن أن نكون “شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ”.

وهو المستـَعان!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *