الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع مولانا النفّرى (38): من موقف “بين يديه”

حوار مع مولانا النفّرى (38): من موقف “بين يديه”

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 27 -7-2013

السنة السادسة

 العدد:  2157

  حوار مع مولانا النفّرى (38)

من موقف “بين يديه”

وقال مولانا النفرى فى موقف “بين يديه”

   وقال لى:

أوائل الحكومات أن تعرف بلا عبارة.

فقلت لمولانا:

منذ قرأت استعمالك يا مولانا لكلمة “الحكم” وأنا أعيد النظر فى استعمالى لها، فأنا أكره الموقف الحُكمْى، وأستعمل هذه الكلمة وتلك الصفة لأنبه أنه ليس من حق أحد أن تكون علاقته مع عبد مثله علاقة من يصدر الأحكام عليه، فتختل العلاقة وتتسع المسافات، وتتخلق الطبقات، إلا أننى يا مولانا فى حوارى معك الأسبوع قبل الماضى (نشرة 13/7/2013) لاحظت أنك جعلت “الحكم” هو نهاية رحلة معرفية واعدة وليس موقفا فوقيا وذلك حين جعلته – بفضل ما استلهمته منه – ينبع من عين العلم الذى ينبع من الجهل الحقيقى، حتى قلتَ فى نهاية الفقرة ما قاله لك من أنه: “ومن لم يظفر بعلم مستقر لم يظفر بحكم”،

ومن ساعتها يا مولانا وأنا متردد ماذا يا ترى تعنى بالحكم، مما دعانى أن أقول فى نهاية حوارى معك “.. والحكم ليس أحكاما تصدر ولكنه بؤرة البؤرة دون حاجة إلى ألسنة، لينتهى تسلسل المعرفة إلى حكم مستقر”، ثم إنى أخذت الحيطة فأضفت من عندى “مستقر فى حركة”، “له نور وبركة”.

هل يا ترى فى تعبير “أوائل الحكومات” هنا توضِّحُ لما تعنيه كلمة “حكم” كما وصلتنى أنه “حكم مستقر فى حركة، له نور وبركة” إن كان الأمر كذلك فهو كذلك.

هكذا أفهم، أعنى أدرك، كيف تكون المعرفة بلا عبارة هى “أوائل الحكومات”.

أنت تعرف يا مولانا فضل مرضاى علىّ وخاصة فى العلاج الجمعى، وتعرف أن هذا العلاج الجمعى ومثله قد عرفنى الناس البسطاء كما خلقهم ربى، وهو يؤنسنا بحضوره يجمعنا إلى بعضنا “عليه”، حتى يتخلق فيما بيننا ما اسميته “الوعى الجمعى فى رحابه”، من خبرات هذا العلاج تعلمت خبرات التواصل بلا عبارة، بلا كلمات ذهابا وجيئة.

ومنذ أسابيع عرضت هنا فى موقعى لعبة تقول: “أنا خايف أقول كلام من غير كلام لحسن…” هذا التواصل كان أقرب إلى ما وصلنى هنا من الوصف الذى يقول: “أن تعرف بلا عبارة” فالوجه الآخر له هو أن “تقول بلا عبارة”، وقد أظهرتْ تحليل الاستجابات أهمية وروعة هذا المستوى من التواصل، ومدى صدقه وأيضا الخوف منه.

تُعلمنا يا مولانا مما يعلمك الآن كيف لا نتوقف عند هذا الكشف، وأن نعتبره مجرد بداية “أوائل الحكومات” ليكون أى حكم هو بداية إلى ما شاء الله بما يفتح علينا بحكم استقراره هو عين الحركة والكدح.

****

وقال مولانا النفرى فى موقف “بين يديه”

   وقال لى:

إذا جئتنى فألق العبارة وراء ظهرك والق المعنى وراء العبارة والق الوجد وراء المعنى.

فقلت لمولانا:

إذا كانت التجربة (اللعبة) السالفة الذكر قد أظهرت لنا أنه إذا ألقى أحدنا العبارة وراء ظهره دخل إلى عالم من المعانى لا يحتاج إلى عبارة بل هو يحتاج ولو أحيانا، ولو بالتبادل، أن يتحرر من العبارة، ليجد المعنى الآخر أو المعنى الأعمق، كنت قد فرحت بهذا الكشف أثناء الممارسة، وإذا بك هنا تذكرنا أن هذا المعنى ليس هو نهاية المطاف، وأننا إذا ألقينا المعنى بدوره وراء ظهورنا سوف نجد “الوجد”.

وهنا أفرح لعلاقتى بما هو “وجد”.

تعلمت حتى اليقين أن الوجد يا مولانا ليس عاطفة كما يتصورون أو يدعون، هو معرفة إدراكية أعمق سميت مجازا “القلب” (1) لم أستطع أن أحِط بذلك علما إلا مؤخرا من خلال العلم المعرفى العصبى ومباحثى وخبراتى التى عرضت بعضها فى “ملف الإدراك”، وبالنظر فيما جاء فى القرآن الكريم عن القلوب بما يؤكد أن المعرفة بالقلب – غير القلب الذى يضخ الدم – هى نشاط الإدراك والوجد معا، وقد ازددت اطمئنانا اليوم حين عرّفتنا من هذا الموقف كيف أن الوجد وراء المعنى الذى هو وراء العبارة، وكأنه هو أعمق من المعنى أو لعله معنى المعنى.


 [1] – وهذه بعض الأمثلة لدور القلوب “الإدراك” فى المعرفة:

–  “خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ

– “فى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا

 – ” ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً “

– “وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ”

– “فى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ”

– “رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا

 – “وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ”

” يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ “

– “وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ”

 – “وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *