نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 20-1-2016
السنة التاسعة
العدد: 3064
حوار مع مولانا النفّرى (167)
من موقف “الكشف والحجاب”
وقال مولانا النفرى:
كل شىء لا يواصلك صلة لى، فإنما يواصلك ويخدعك
فقلت لمولانا:
اسمح لى يا مولانا أقرأ يواصلك على أنها يوصّل، وقد رجعت إلى عدد من النسخ المتاحة فلم أجد فى أى منها ما يسمح بذلك، لكننى تجرأت وقرأتها كذلك.
يبدو يا مولانا أن أغلب (إن لم يكن كل) مواقفك تبدأ ولا تنتهى بالتنبيه الحاسم والشامل والكامل والمطلق على نفى الشرك بكل تجلياته وألاعيبه ودبيبه الذى هو أخفى من دبيب النملة، وقد تناولت ذلك مرارا فى حواراتى معك وقبل ذلك معه.
نحن بشر يا مولانا لا نملك إلا أن نبتغى إليه الوسيلة، وصلنى الآن أكثر وضوحا أنه: حتى الوسيلة إليه يمكن أن ننخدع فيها حين نتصور أنها غاية المراد، أو حين نكتفى بالنية فى بداية اتخاذها دون تواصل تجديد هذه النية، وأنها وسيلة لا أكثر.
يبدو أن علينا أن نتأكد من ذلك: من أن الوسيلة وسيلة، وأنها ليست إلا صِلَة له، وصِلَة به، وصِلَة معه.
الوسيلة التى ليست هى وصلٌ، ووصلة إليه هى خدعة، وهى خدعة أخفى من الشرك الصريح، لأنها توهمنا بأننا فى الطريق إليه، فى حين أنها تجرجرنا إليها دونه، حتى الصلاة يا مولانا حتى الصلاة، وأنا أتذكر عنك موقف التأكيد على موقع “العبادة الوجهية” التى وصلتنى أساسا إشارة إلى “الصلاة” وقد استلهمت هذا الموقف قبلا فى هذه النشرات (نشرة 31-12-2011) و(نشرة 31-5-2014) و(نشرة 7-6-2014)و(نشرة 21-6-2014) .
وبرغم كل ذلك كما علمتنا فلا يمكن أن نستغنى عن الوسيلة، فقط علينا أن ننتبه طول الوقت إلى احتمال التوقف عندها أو الاكتفاء بها أو تصور اضطراد مسارها تلقائيا إليه مادمنا أخلصنا البداية، واطمأننا إلى وِجْهة التوجه،
لكن ما وصلنى الآن يقول: إن هذا كله قد لا يكفى،
أما ما يكفى فهو الصحو المتجدد، والكدح المتواصل، والحذر الدائم
ورحمته أولا وأخيراً.