نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 9-12-2015
السنة التاسعة
العدد: 3022
حوار مع مولانا النفّرى (161)
تابع: من موقف “العزة”
وقال مولانا النفرى أنه:
وقال لى:
لو اجتمعت القلوب بكنه بصائرها المضيئة ما بلغت حمد نعمتى
فقلت لمولانا:
الحمد الحمد: يعمّق فضل النعمة ويقربنا إليه، وهو يذكرنا بفضله السابغ دون تحديد، وقد تعلمت ممن يطلبون عونى فى مهنتى أن أركز معهم على الحمد للحمد، وأن نؤجل معا الاستغفار حتى نخرج من مأزق المرض حتى أننى أكتب لكثير منهم فى وصفة العلاج توصية تقول: “الإكثار من الحمد على حساب الاستغفار”، ثم أشرح لنفسى ولهم أننى لا أنهى عن الاستغفار، لكننى تعلمت منه ومنهم أن الاستغفار فى مرحلة البلاء وهنا البلاء بالمرض، قد يستجلب الشعور بالذنب، وقد نبهْتنا يا مولانا عن الحذر من مثل هذا الشعور بالذنب(1).
عن الحمد فإننى قد تعلمت منهم لهم ألا نحدد مع كل حمد نعمةً معينةً مثل البصر أو الرزق أو حتى الشفاء، فمن ناحية فإن نِِعَمُه لا تحصى، فلماذا نختار هذه دون تلك ومن ناحية أخرى فإننى أترك الحمد طليقا يذهب إلى نعم لا نعرفها، لكننا نعيش بها وفى رحابها، وحين يمتد حوارى معهم، وكيف نحاول أن نكون عند كريم أمره، “وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ” نؤكد معاً أن الحديث عن النعمة هو حمل أمانتها سرا وعلانية، ووضْعِها فى موضعها، نقيسها بمدى نفعها، لنا وللناس، وإلى متى تمكث فى الأرض، وحين ننتقل إلى “لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ” يتأكد نفس المعنى، وكما يتأكد الحمد والشكر فى الاتجاه الصحيح دون تحديد ما نطلب منه المزيد، لأنه متى صَدَقْنَا الحمد اطمأننا إلى نوع الزيادة التى يمكن أن يغمرنا بها والتى هى قد تكون بعيدة عن تحديدنا لها.
كل ذلك يا مولانا لا يتاح إلا إذا أضاءت لب حقيقة البصيرة طريقها إليه، بأن تجتمع القلوب بكنهها، وإذا بفضله – ما فى ذلك كل تصانيف البلاء(2) الذى علمك فعلمتنا تشكيلاته – هو نعم تستأهل هذا النور من الحمد الحمد.
[1] – نشرة 28-1-2008 “النفّرى..، والشعور بالذنب”
[2] – نشرة 13-6-2015 حوار مع مولانا النفّرى (136) “الامتحانات صعبة وضرورية ورائعة وواعدة ولا بديل لها”