الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار مع مولانا النفّرى (159) من موقف “أنا منتهى أعزائى”

حوار مع مولانا النفّرى (159) من موقف “أنا منتهى أعزائى”

نشرة “الإنسان والتطور”

الأربعاء: 25-11-2015

السنة التاسعة

العدد: 3008

  حوار مع مولانا النفّرى (159) 

من موقف “أنا منتهى أعزائى”

وقال مولانا النفرى أنه:

وقال لى:

         أنا منتهى أعزائى، فإذا رأونى اطمأنوا بى

وأيضا فى نفس الموقف قال مولانا أنه:

وقال لى:

         إذا رأيتنى ورأيت من يرانى، فأنا بينكما أسمع وأجيب

فقلت لمولانا:

أنا أسف يا مولانا أن أتمادى هذه المرة فأبلغك ما وصلنى من خلال خبرة محدودة قد تفسد روايتها هذا الشعر الجميل لما بها من شرح لا لزوم له غالبا، شرح أكثر مما يحتمل الشعر، لكنها أمانة  ما وصلنى ولكل مجتهد نصيب.

لم أعرف يا مولانا فضل ما أمارسه مع مجموعات متتالية من الناس البسطاء إلا حين وصلنى منك بعض ملامحه الأعمق، حتى تطور معى معنى “هنا والآن” وهو المعنى الذى يجمعنى مع هؤلاء البسطاء، كل أسبوع لمدة عام بعد عام، منذ  أكثر من أربعين عاما كما تعلم، تطور رويدا رويدا ليجعلنى معهم أعرف معنى ما يسمونه “الوعى الجمعى”، وإذا بنا فعلا “نجتمع عليه ونفترق عليه”.

ثم:

سوف يبدو كلامى ساذجا، لكننى لا أشك أنك تعرف فضل السذاجة وعمق التواصل البشرى الأعمق العَصِىّ على التحديد، المهم، فى هذا اللقاء المسمى العلاج الجمعى، والذى لولا خشية سوء التأويل لأسميه “معا به عليه إليه” فى هذا اللقاء نبدأ فى تبادل التفاعل فيجرى حوار متعدد القنوات والمستويات، حوار “بعد” و”مع” و”تحت” الكلمات وهو ما علمت لاحقا أنه يمكن أن يكون ما يسمى “الوعى البينشخصى”: ويبدأ هذا التواصل الوعيِى ثنائيا، ثم يتسحب جزء من بعض من الوعى الشخصى إلى الوعى البينشخصى إلى ما أسمنياه الوعى الجمعى ليصبح القاسم المشترك الذى يقوم بتصحيح ما انحرف من فطرتنا جميعا دون تمييز بين مريض ومعالج (تقريبا)، وأضطر يا مولانا أن أذكّر نفسى وأذكرهم أنه معنا “هنا والآن” أفعل ذلك دون أى تفسير أو تحديد بالألفاظ أنه هو الذى يجمعنا، وهو الذى يمكن أن يصحح مسارنا بنا، ويهدينا إليه، إلينا.

ولا أزعم أن أيا منا يراه، وإنما هى لمحات تبشر بقدر يسير جدا من احتمال احتمال ذلك، وهو قدر يكفى، فإذا وصل أحدنا هذا القدر اليسير، ولو لبضع ثوان أو حتى لجزء من ثانية فهو  يكفى أن يطمئن فيطمئننا، ويصلنى مما قاله لك “هنا والآن” تأكيد – مع الفارق – لهذا الذى يجرى بيننا أسبوعيا، “هنا والآن” ألم يقل لك:

                    أنا منتهى أعزائى فإذا رأونى أطمأنوا بى

وأفرح بتعبير “منتهى” لأنه يوصل لى أن مجرد المسير المتواصل إلى المنتهى هو المنتهى، ولا أبالغ فى تصور احتمال الرؤية، فمن أنا، ومن هم؟ لكننى استنتج من الطمأنينة التى تجمعنا بعد أن يتخلق الوعى الجمعى من حركية جدل تفاعل حوارات الوعى البينشخصى أن أى قدر من رؤية هذه “المَعِيَّةْ” هى مرحلة إليه، فأكتفى بذلك ولأ أزعم أننا نراه لكننى لا أستبعد أى قدر، حتى وأنا أقرأ الفقرة التالية فى نفس الموقف:

               إذا رأيتنى ورأيت من يرانى فأنا بينكما أسمع وأجيب

أفهم “رأيتنى” يا مولانا بأى قدر مما ذكرتُ حالا، أى قدر مهما ضَؤُل، مع احتمال ذلك، فأتذكر ما أصيح به أحيانا أثناء لقائى مع هذه المجموعات ممن خَلقِهم من البسطاء الطيبين، وأنا أشير إلى منتصف الدائرة التى نتحوطها مؤكدا أنه “معنا” هنا والآن، فنرى، أى لا نرى، حتى يمكن أن نرى أنه معنا، فيكون هذا محيط التوصيل الذى نتواصل من خلاله وبه، حتى يرى بعضنا بعضا “ورأيتَ من يرانى” ما دمنا نشترك جميعا فى التجمع حول رؤيته ما دام يجمعنا.

فتحضرنى طمأنينة جديدة “أننا نجتمع عليه ونفترق عليه”،

فأسمح لنفسى الآن، مع أى قدر من الرؤية – أن أزعم أن صياحى وأنا أشير إلى البؤرة التى نتحوطها وهى ممتدة إلى كل شىء وبكل شىء، أنه معنا وأشعر أنه بيننا يسمع ويجيب إذ نسمع ونجيب.

وحين نقترب من نهاية العام يا مولانا ولقاءنا يجرى أسبوعيا لمدة عام واحد لا يزيد، ويعز علينا أن نفترق تقريبا، نتذاكر أنه بقدر ما هو هنا، وبقدر ما نحن نتواصل من خلال حضوره هذا، هو أيضا “هناك” حيثما نكون وحيثما يمكن أن نكون، فيصبح الـ “هناك” “هنا” متصل أبدا، ومادام قد وسع كرسيه السماوات والأرض، فهو يجمعنا حيثما كنا إليه: إلى غاية المدى الذى ليس له غاية محددة، فلا نفترق برغم أننا نفترق.

عذرا  يامولانا

سامحنى

 فإن لم تفعل فأنا واثق أنه سامحنى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *