نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 28-2-2015
السنة الثامنة
العدد: 2738
حوار مع مولانا النفّرى (121)
موقف الحجاب
يقول النفرى فى: “موقف الحجاب”
وقال لى:
تموت ولا يموت ذكرى لك.
فقلت لمولانا:
إذا كان الأمر كذلك، فلا موت،
إذا لم يمت ذكره لى فكيف أعتبر نفسى ميتا وذكره لى ينقلنى إليه،
هذا بعض ما أشرت إليه يا مولانا فى حوار سابق معه حين كنتُ أشجعَ مما أنا الآن ورحت أحاوره مباشرة (حوار مع الله: نشرة 18/2/2012) وأيضا أَبْلَعَكَ فأبلغتنا أن يوم الموت يوم العرس (نشرة 26/5/2012) وبعض ذلك وصلنى فى موقف “الصفح الجميل” حين اطمأننت إلى أنه لا موت فى الدنيا ولا فى الآخرة (نشرة 24/12/2011) ثم اطمأننت أكثر من خلال قراءتى فى “العبادة الوجهية” “إذْ هى صاحبة الروح والريحان عند الموت” (نشرة 31-5-2014).
كل هذا يا مولانا جعلنى أحترم ما وصلنى شخصيا عن الموت كنقلة من نقلات الوعى على مسار النمو بلا نهاية، خاصة وقد أطماننت إلى أن أرقى أنواع الخلود يبدأ وينتهى فى التركيز المطلق على ما هو “الآن”، وحتى لو كان هذا “الآن” جزءًا من ثانية فهو كل شىء، كل هذا يا مولانا يتسق مع قوله لك “تموت ولا يموت ذكرى لك” لهذا فوجئت وهو يذكِّرك قبل هذه المقولة مباشرة كيف كرّه لك الموت فكرهته:
وقال لى:
كرهت لك الموت فكرهته ألا أكره لأحبائى أن يفارقونى وإن لم أفارقهم.
نعم يا مولانا نحن نكره الموت الشائع لأننا نكره الفراق ونكره الوحدة ونكره العدم، لكن الموت الذى تعلمناه من العلاقة بين دوائر الوعى ومستوياته ليس فيه أى من ذلك، فهل يا ترى هى كراهية مرحلية حتى نصل إلى أنه لا موت فى الدنيا ولا فى الآخرة.
أسمح لنفسى إن أكره الموت إن كان فيه فراق بينى وبينه كما يقول لك هنا “ألا أكره لأحبابى أن يفارقونى”، لكن حين يردف لك أنه حتى لو أحبابه فعلوها أو توهموا ذلك، فإنه لا يفارقهم، فيا لفرحة الموت العرس، والأمان الرضا.
لا بد أنه حين كرّه لنا الموت كان يشفق على ضعفنا ونحن بعد سائرين على الطريق، لكن لابد أن يختلف الأمر حين يصلنا أنه لا يفارقنا، وأننا ما زلنا أحبابه، حتى لو فارقناه أو لو تصورنا أننا فارقناه،
فما أكرم الدعم، وما أرحم الإحاطة.