نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 11-10-2014
السنة الثامنة
العدد: 2598
حوار مع مولانا النفّرى (101)
تشكيلات وتنويعات الفرح فى القرآن الكريم
(من وحى النشرة السابقة: عن موقف التيه)
فرحت يا مولانا الأسبوع الماضى بما استلهمتَه فى موقف “التيه”، لنطمئن ونحن نقبل على على الفرحة الحقيقية المسئولة، وهى تحملنا إليه، مادامتَ قد ذكَّرَتنا أنه “لا يحب إلا الفرحان”: يرضى عنا فنرضى عنه!، هل ثمة فرحة أكبر من هذه.
لكنك تذكر يا مولانا أننى أنهيت حوارى معك آنذاك بوعد أن أحاول هذا الأسبوع أن نتعرف على أبعاد أخرى لاستعمال هذه الحروف “ف ر ح” حتى لا تختلط علينا صور زائفة أو خادعة أو طيارة،: قصيرة العمر سلبية النتائج، مثل فرحات “الشتـَّامين”، و”المتكبرين”، و”الجبناء” و”المتكاثرين”، غامرتُ يا مولانا مترددا وجلا، وعدت إلى القرآن الكريم أستأذنه وأنا أستلهمه ، لكن قبل ذلك: هل تسمح لى بذكر خاطر عابر فى هذا الشأن:
لاحظت يا مولانا أنك نادرا ما تستشهد بشكل مباشر بنص من آيات من الذكر الحكيم، تعجبت من ذلك لأول وهلة، لكن بلغتنى الرسالة بعد ذلك من طول ما عاشرتك أن ما وصلك باستلهامك هو صدى مضىء لأصل منير، دون الوقوف عند نص الكلمات الكريمة، (لعله كذلك، وعذرا).
أنا يا مولانا آسف فأنا لم أحاول إلا هذه المرة، ولم أرجع إلى اجتهاد المفسرين الذى يبعدنى أغلبه عن النص المشرق للأسف، جزاهم الله عن اجتهادهم خيرا وغفر لهم ما دون ذلك، هذا الذى اقدمه هنا الآن ليس تفسيرا، وإنما أردت به فقط أن أنبه المتعجل منا، الذى يصله ما يشبه التناقض بين ما استلهمتـَه أنت حتى قال لك “أنا لا أحب إلا الفَرِحان” وبين إبلاغ ربنا لنا أنه “لا يحب الفرحين”، الكلمة (أو التعبير) يا مولانا لا تؤخذ إلا فى سياقها، هذه بديهية تغيب عن من لا يحمل مسئولية القراءة أو أمانة الإنصات، فكانت هذه المحاولة:
وإليك بعض اجتهادى وجهادى:
*****
أولا: توصية بماذا نفرح، وكيف
أبدا يا مولانا بأمره تعالى أن نفرح، وهدْيِهِ كيف نفرح
1) “…قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ” (سورة يونس).
نفرح يا مولانا بفضل الله وبرحمته فهو خير مما نجمع، من كل ما نجمع يا مولانا، من كل مكسب، وكل لقب، وكل ذهب، وكل اسم، وكل حرف، وكل جائزة، حين يصلنا فضل الله ورحمته يجبّ كل ذلك، ولا يحرمنا من فرحتنا بكل ذلك من خلال فضله ورحمته فهو الفرح الأوْلى بالفرح.
2) “فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ” (سورة آل عمران)
نفرح بما أتانا من فضله فنستبشر بمظلة حمايته علينا، وعلى من لم يلحقوا بنا، فما دام فضله قد وصلنا، فقد وصلهم، فلا خٌوف عليهم ولا هم يحزنون.
3) “وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ …” (سورة الرعد)
نفرح بما أنزل الله وينزل، كما فرح الصادقين المخلصين الذين أتاهم الله الكتاب…
4) “غُلِبَتْ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ” (سورة الروم)
نفرح بنصر الله، ينصر من يشاء، وليس تحديدا بانتصار الروم فى الحرب، إلا إن كان ذلك فى نهاية النهاية تعزيز لنصر المؤمنين من كل ملة ودين.
ثانياً: تحفظات على بعض أنواع الفرح، وتنبيه لبعض أشكاله السلبية:
5) “وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ” (سورة الروم)
يحذرنا ربنا من الفرحة السطحية قصيرة العمر، إذ يبدو أن الفرحة الأصيلة لا بد أن يكون لها أثر باق يعادل ويجـُبّ بأسنا وأسانا اللذين لا يأتيانا إلى جزاء ما قدمت أيدينا، وبدلاً من أن نتذكر رحمته – وقد أذاقنا إياها – وهى التى يمكن أن تغفر كل ما اقترفنا، قد يحدث أن ننسى وننتكس ونجزع ونيأس وكأنه ما أذاقنا برحمته فرحة تذكِّرنا بغفرانه، وهكذا نكون قد استبدلنا بها فرحة عابرة ليس بها عظة وتعلـّم، الفرحة الحقيقة هى الباقية كى تساعدنا أن نظل متذكرين فضل ربنا وما أذاقنا من رحمةٍ أفرَحَتْنَا، نتذكرها طول الوقت حتى ونحن ندفع ثمن ما اقترفنا ولو كانت السيئة قد حاقت بنا بما قدمت ايدينا
نفس المعنى – تقريبا- وصلنى من آية أخرى أكدته
6) “…. وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ” (سورة الشورى)
هنا تتكشف مسئوليتنا إذا لم نعايش الفرحة بحقها وامتدادها كما ذكرنا حالا، وكأننا لو لم نفعل نجهض نعمة ربنا فنستأهل ما وصفنا به “وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا”.
7) “لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنْ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ” (سورة آل عمران)
هذا موقف آخر يا مولانا، قريب وليس مماثل، وهو أن يتصور صاحب الفرحة أنه هو سبب ما لحقه من أسباب الفرحة أولا وأخيرا، وينسى أنه ليس إلا متلقٍّ لفضل الله، ومتنعمٍ بتوفيقه، فهو إذ يبالغ فى تقدير إنجازه بالنفخ فى ذاته، ويتصور أنه بذلك هو الذى فعل كل شىء (1)، فهو يرجو أن يُمَدح بما لم يفعل بشكل او بآخر، هنا تصبح الفرحة مشوبة بنوع من الغرور بل والكذب حتى على نفسه:
8) “فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ” (سورة الأنعام)
هكذا يدخلنا ربنا امتحانا له دلالته إذْ يغمرنا بكل شىء من كل الأبواب ليختبر نوع فرحتنا، وينذرنا بما نستحق إن رسبنا فى الامتحان، فيضيف بذلك تحذيرا جديدا يؤكد أن الفرحة المغلقة على نفسها تنسينا ليس فقط فضل الله، وإنما ما ذكرنا به إذْ غمرنا بفضله (أبواب كل شىء)، لكننا نسيناه، فاستحققنا الجزاء.
9) “هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمْ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ” (سورة يونس)
هذا امتحان آخر، به بعض المساعدة لعلنا ننجح فى الملحق، حين نقرأ معا فى هذه الآية الكريمة كيف فرحنا بالريح الطيبة، وفى نفس الوقت سرعان ما جزعنا حين أعقبتها ريح عاصفة فعلينا أن ننتبه إلى تذكرة أخرى وهى أن علينا أن نتذكر أن الله هو الذى أرسل لنا الريحين، ويتفضل ربنا يساعدنا للنجاح فى الملحق فيفتح لنا باب الدعاء، نشكره واثقين من الإجابة والنجاة، فلا نكون من المبلسين فندعوه مخلصين فننجح فى امتحان الملحق بشكره.
ثالثا: الفرحة بالأدنى والزائل
10) “الله يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ” (سورة الرعد)
حتى الحياة الدنيا، بما فيها من رزق ومتع وخير وشهادات وأموال وشهرة وجوائز وتقدير، فإن كل ذلك هو بفضله أيضا، وأصلا، حين بيسط الرزق لمن يشاء، ولكن أن تتوقف الفرحة عند هذا المستوى، والألعن ان تحل هذه الفرحة محل فرحة السعى، والكدح، والإبداع: فالحذر واجب، والربط بين مستويات الوعى والوجود لازم إلى وجهه تعالى بلا نهاية إن كان لنا أن نفرح على كل المستويات، ويتأكد نوع الفرحة الأدنى بارتباطها بالأرض دون التصعيد إلى وجهه تعالى ، ويبدو أنها فرحة كمّية حيث أنها تصل بعد الفرح إلى المَرَحْ، والفرق معروف كما فى الآية الكريمة التالية:
11) “.. ذلكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ” (سورة غافر)
ثم إنى استقبلت رفض سيدنا سليمان عليه السلام، أو نقده للفرحة بالهدية، ضمن التهوين من قيمة “الفرحات” الأرضية.
12) “فلمّا جاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ” (سورة النمل)
دأبت على الوعى وأحيانا التوعية بالحذر من المبالغة فى تقدير معنى الهدايا والجوائز الممولة والألقاب مهما صدقت دلالتها، وكنت أخجل وأنا أفعل ذلك خشية سوء التأويل، لكننى قرأت هذه الأية الكريمة تطمئننى بأنها للتأكيد على عدم التوقف عند هذا المستوى من الفرح، أو أن نعزوه إلى أسبابه المحدودة دون فضل الله.
رابعا: الفرح القبيح المرفوض
برغم أن اسمه فرح أيضا، إلى أن ربنا قدم لنا التحذير تلو الآخر، كما بيَّنَ لنا المحكات التى نستطيع أن نكشف بها طبيعته الزائفة، وصفاته القبيحة، المرفوضة حتما، وربنا يعلن أنه لا يحب هؤلاء الفرحين، فكيف نحبهم نحن، وكيف لا نخاف من حرماننا من حبه إذا حذونا حذوهم، لكن نبدأ بحمده تعالى وهو ينبهنا كيف نشخِّص هذا النوع من الفرح حين نكتشف نوع الفخر المصاحب له:
(13) “ولئنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ” (سورة هود)
إذا اختلط الفرح بالفخر الشخصى حتى الغرور، ظهرت شبهة أن صاحبه يتصوّر ان إنجازه وما أنعم الله عليه به، إنما أتى بفضله هو وليس بفضل توفيق الله له إليه، ويبدو أن الإنسان يندفع أكثر لمثل هذا الزهو إذا انتقل من بأساء إلى نعمة لم يكن يتوقعها، وبالرغم أن من حقه أن يفرح بذهاب الضر والسيئات عنه، إلا ان ما وصلنى هو تنبيه ألا ينسى ما كان فيه، ليكون تفاعله هو الحمد والشكر والذكر، وليس فقط الفرح والفخر.
يتأكد التحذير من هذا النوع من الفخر بشكل مباشر:
14) “لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ” (سورة الحديد)
هذه ليست دعوة للتوصية بفتور التفاعل للفقد أو الترحيب بالنعمة، وإنما هى وصية للتحلى بنوع أرقى من الحمد والحزن والفرح، فما فاتنا، مع إيماننا بالله: لم يفتنا، طالما السعى مستمر، والحمد وارد على كل حركية إليه أصابت أم تعثرت، وبالرغم من توصيته المتكررة أن يكون الفرح هو حق مشروع فعلا، فإن ذلك لا يقلل من ضرورة التوصية، ولو بشكل غير مباشر، أن يُعزى الفرح إلى رحمته وفضله، وإلا – غالبا – فليس هو الفرح الاصلى، بل هو فرح المختال الفخور، إذْ عادة ما تطغى الخيلاء البشرية والفخر الذاتى على مثل هذا الفرحان المختال المزهو بإنجازه.
15) “إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ” (سورة القصص)
هكذا يتأكد نفس المعنى وهو يأتى هذه المرة من عامة الناس، فشعب قارون (قومه) هم الذين راحوا يقوّمونه هنا، لأن فرحته جاءت خالصة بما امتلك من مال وقوة وكنوز، حتى بغى على قومه، وأعتقد أن هذا الذى جاء من قومه هو أمر طيب إذا وصل إلى فعل الثورة، وهو أمر وارد إذا جاء تعبيرا عن “لسان حالهم” ، وفى كلٍّ خير
خامسا: الفرحة الخائبة بالجمود والتعصب
ينبهنا ربنا أيضا أن مجرد التمسك بالقديم، وجمود المعتقد ضد أية حركية أو إبداع أو جديد، قد يكون سببا فى مظاهر اطمئنان وفرح من يركن إلى فكره ومعتقده، مهما كان قديما، جامدا، ضد قبول أية رسائل جديدة أو إبداع أو أيمان، فرحة الجمود هذه تبدو فيها الذات مطمئنة اطمئنان السكون الخامد الخالى من الإبداع وفضيلة الدهشة والترحيب بالتغيير، “قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ” (2)
ونفس المعنى يتأكد أيضا فى الآية الكريمة:
16) “فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون” (سورة غافر)
فإذا تعددت الفرق، والأحزاب، واتصف كل فريق بنفس درجة الجمود والتعصب، احتاج كل حزب، وكل جماعة أن يحتمى بما يعتقد، وتنقلب المسألة إلى صراع بين أيديولوجيات (وأحيانا بين أديان تحولت إلى أيديولوجيات) بلا أمل فى حوار أو تكامل، ولماذا الحوار ما دام صاحب المعتقد فرحان بما يعتقد، متمسك به، دامغ ببطلان غيره ( سرا أو علانية، بوعى أو بدون ذلك)، هذه فرحات غبية ساكنة خائبة كما يعلمنا ربنا :
17) “فتقطعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ” (سورة المؤمنون)
وأيضا:
18) “من الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ” (سورة الروم)
أما الفرحة الشماتة فهى من أقبح وأسفل أنواع الفرح وهى إذْ تتوجَّهُ إلى المؤمنين إنما تدل ضمنا عل يقين الشامت بأنهم (المؤمنين) على حق وأنهم أفضل.
19) “إن تمسسكم حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ” (سورة آل عمران)
فما بالك إن كانت الشماتة مركزة على نبينا الكريم صلوات الله عليه
20) “إِنْ تُصِبْكَ حسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَهُمْ فَرِحُونَ” (سورة التوبة)
ونختم بأقبح أنواع الفرح وهو فرح “الجبان” الذى تخلف عن شرف الجهاد، وكانت حجته عابثة مثل جبنه، فيفرح بانسحابه مع المتخلفين عن شرف الجهاد، مبررا ذلك بأتفه تبرير (..الدنيا حرّ ولا مؤاخذة!!).
21) “فرح الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ” (سورة التوبة)
وبعد
سامحنى يا مولانا، فهذه نشرة مختلفة،
غفر الله لى ما لم أوفق فيه، وقبلنى بما اجتهدت به إليه.
والحمد لله رب العالمين (3)
[1] – “وأنه ما حصلشى” (بالمصرى)
[2] – أو بالمصرى العامى”اللى تعرفه احسن من اللى ما تعرفوش”
[3] – دعوة ضمنية – ليست ملزمة – أن يقارن زملائى الأفاضل أنواع الفرح التى يقابلونها فى الصحة والمرض، ويعطونها أسماء حرفية وعلمية ببعض ما يعلمنا ربنا فى كتابه ومولانا فى استلهاماته.