الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حوار/بريد الجمعة 10-10-2014

حوار/بريد الجمعة 10-10-2014

نشرة “الإنسان والتطور”

الجمعة: 10-10-2014

السنة الثامنة

العدد: 2597

حوار/بريد الجمعة

مقدمة:

يبدو أن ولائم العيد كانت شديدة الدسامة حتى سحبت كل الدماء من الدماغ إلى مهمة هضمها على حساب تمثل الكلمات والرسائل والمعانى.

ومع ذلك فما وصلنى من هذه القلة من الأصدقاء كان أدسم وأغنى.

شكراً

بالهناء والشفاء

وكل عام ونحن نستأهل الخير الذى أنجزناه، وندفع ثمن التقصير والكسل الذين اقترفناهما

الحمد لله.

*****

قراءة فى كراسات التدريب

نجيب محفوظ

صفحة (171) من الكراسة الأولى

أ. عمر صديق

استاذى العزيز،

كل عام وانت طيب وبخير وكلنا طيبون

شكرا لاشراكنا فى محاكات هذه السطور. لا اعتقد انه يوجد كنز فعلا اثمن او احق من انسان حقيقي، من كل ما حصل ويحصل اجد ان الاخر خصوصا الانسان قد يشكل فى الداخل ما لا يفعله احد فى السلب والايجاب، لا انسى انسان جميل جدا علمنى دعاء، اللهم دلنى على من يدلنى عليك واوصلنى بمن يوصلنى اليك، اول ما وصلنى وفى مقام ذكره بدا لى فقط الناحية الدينية ولكن بمرور الوقت وتبدل الاحوال رايته او تراءى لى انه قد يشمل كل الاحوال حتى وان كانت سلبية (على الرغم انى غير مقتنع تماما الا انى ليس لدى خيار اخر خصوصا بعد الجفاف) فعلا الانسان الحقيقى هو الكنز الحقيقي.

اما الجملتين الاخيرتين، على الرغم من انهما يبدوان على النقيض ولكن قد يبدو انهما فعلا مصدر متجدد للبهجة والانتصار، ولكنى اجدنى متحرجا من ربطهما معا لانهما كيمياء معقدة اذا ضُبطت كانت فعالة واذا لا فربنا يستر.

وعيد اضحى مبارك علينا جميعا

د. يحيى:

أشكرك يا عمر دائما

ولعلك قرأت ردّى فى اجتهادى فى يومية أمس مع شيخنا أدام الله عطاءه

وكل عام وانت بخير.

أ. يوسف عزب

الحقيقة الاربع سطور الاخيرة خضوني شوية

وعلي بساطة الكلام علي قد شدته الايمان انتصار…اول مرة اسمعها واشوفها كده.. بس معني ده ان كان يسبقه صراع

وتقريبا لادواء الا الطرب هو انتصار بعد معركة واتصور ان نفس المعني بشكل ما في الكنز الحقيقي هو العثور علي الانسان الحقيقي

…قد يكون هذا هو الصراع الاهم في الوجود زي مايكون ملخص لفلسفته

د. يحيى:

شكراً يا يوسف

نفس ردى على الرسالة السابقة مع احترامى لكل الاجتهادات.

أ. يوسف عزب

الكلام شكله بسيط قوي انما  يخض جدا

 حجم الانجاز في مشهد ان الايمان  انتصار ليس مثله انتصار كبير ويحمل معاني عدة اهمها صعوبته علي مر الحياة الشخصية وكم السماحة اولا والجرأة ثانيا في طرحها هكذا…والنظر لكونها معركة وشرف هذه المعركة والفرحة بالانتصار فيها والدعوة للناس بالانتصار…والاهم من ذلك كله طرح المسألة علي شكلها الحقيقي بكل بساطة.

وكذلك تحدثه عن الطرب كدواء ورائه حيرة وصراع مع الالم في إيجاد حل له مع انه يبدو ان الطرب مش عكس الالم قد يكون ماهو صعب أو غير مفهوم أو الطريقة المثلي للتلقي…الخ

يذكرني اخيرا الكنز الحقيقي بالمستحيلات اللي منها الخل الوفي بس هنا أمر مليء بالدم واللحم

الصراحة شيء مبهر ويكتب فيه كتيير

د. يحيى:

شكراً

نفس الرد السابق.

*****

حوار مع مولانا النفّرى (100): العيد وتشكيلات الفرح الحلو

أ. عمر صديق

استاذى العزيز،

كل عيد اضحى وانته بفرحة خير

شكرا على تشجيع الفرحة، فعلا وصلتنى فرحتك بام العروس وهيه فعلا اصدق واعمق من الفرح بكل ما فيه من سلبيات.

افرح بالعيد فرحة خاصة خاصة مهما كان ما كان واكثر يوم اشعر بطفولتى  فيه هى العيد ولا احب ابدا من يحاول ان يشوهها. مرة اخرى عيد فرحة سعيد بكل ما فيه على الجميع.

د. يحيى:

الحمد لله أنك لم تقرأ قصيدتى “عيد” (1) (نشرة اعتذار آخر وقصيدة أخرى بتاريخ 17-11-2010)

والحمد لله أنها لم تلغ نوع فرحتى طفلا وأنا على الأرجوحة وهو ما شرحته فى بداية هذه النشرة التى تعقب عليها أنت الآن.

د. نجاة انصوره

السلام عليكم وكل عيد وأنتم بخير وينعاد عليكم بالخير والسلام.

الفرحه عمق إيجابى لايمكنه التزييف. ونتوق لمعرفة الفرحات المزيفه لكل تلك الفئات التى ذكرت بالقرآن الكريم مخاطبا المتكبرين المفسدين فى الأرض .

د. يحيى:

أعتقد أن نشرة الغد فيها تفصيل بلغ عدة صفحات لعل فيها ما يكمل رأيى ولا يبعد عن رؤيتك.

وكل عام وأنت فى تعلـّم وعطاء ومثابرة وفرحة حقيقية.

أ. هالة

المقتطف: وانتبهت كيف أنه علىّ ألا أفرح بالوصل وإنما بالسعى المتواصل، وتعلمت كيف أفرح بالخسارة وأنا أتجاوز العبارة، وتدافعت الفرحات تتلاحق.

التعليق: الفرح بالوصل لحظات فقط ،الفرح بالسعى المتواصل أعمق وأطول (فرح مسؤل كما علمتنا)، كل سنة وحضرتك طيب وفى فرح وشكراً.

د. يحيى:

وأنت بالصحة والسلامة

شكراً.

*****

الأساس فى الطب النفسى الافتراضات الأساسية: الفصل الخامس:    

 ملف الوجدان واضطرابات العواطف (27)

النزوعات  الأولية والعواطف المتولدة منها وخطورة تشويهها إلى عكس ما خلقت له

أ. عمر صديق

المقتطف:   رابعا: الوقتية Temporality  

لكل نوع من الأحياء مدى عمر معين، بمعنى أنه مهما طال عمره فإن له نهاية، وهذه الحقيقة تصل غالبا إلى كل الأحياء بشكل أو بآخر، بما تستتبعه من توقع النهاية بشكل أو بآخر، بما لذلك من آثار وتداعيات.

………..

………. أن  الفرد فى أحوال النمو السوية وهو يحافظ على حياته طول الوقت، لا تغيب عنه نهايته كفرد، مع وعى نسبى أن هذه النهاية المحسومة هى لصالح النوع، وفى نفس الوقت هو يمارس جدله الإبداع ليحقق امتداده فى اتساقه مع وعى أكبر ممتد بلا نهاية فهى حركية الإيمان.

التعليق:  لم افهم ما معنى هذه الجملة بالظبط كيف يكون هناك وعى نسبى بالنسبة للموت لصالح النوع هل تقصد التضحية من أجل الجماعة؟

د. يحيى:

بصراحة لقد تعجبت حتى قرب الرفض أن يكون للحيوانات بالذات مثل هذا الوعى بالنهاية مهما كان وعيا غائرا ليس فى المتناول، ولكن ما العمل فى العلم القوى المتين، والحمد لله أن ما لم أقبله بسهولة هو هو الذى هدانى إلى أن هذا الوعى ظهر أم لم يظهر هو الطريق إلى الإيمان بفضل الله عند كل الأحياء وليس عند الإنسان فقط، ربما.

ثم إن المسألة ليست تضحية بقدر ما هى تسليم لقوانين الحياة لأنه إذا بقيت كل الأحياء أحياء لانتهت الحياة كلها مع استمرار التكاثر.

أ. عمر صديق

وشكرا جزيلا

ملاحظة: شكر خاص لتعليقات الجمعة الماضية، وكما قلت للحديث بقية.

رجاء خاص: استاذى العزيز هل من الممكن جعل الملفات الصوتية والفيديو، اللقاءات المحملة الجديدة فى الموقع ممكن فتحها عن طريق الاى باد او الاى فون؟!

شكرا مرة اخرى

د. يحيى:

أنا الذى أشكرك، فكما ترى لولاك أنت وبعض الأصدقاء المثابرين لما كان هناك بريد جمعة هذا الأسبوع أصلاً (وأحيانا أسابيع أخرى كثيرة)

أنتم أصحاب الفضل ووقود الاستمرار

أما عن الرجاء فسوف أحوله إلى السكرتارية فأنا لا أفهم لا فى “الآى باد” ولا فى “الآى فون”، ولو أن عندى مشروع أن تتاح بعض جهودى فى شكل سيديهات، مع الكتب التى أنوى إصدارها تباعا.

د. طلعت مطر

استاذى الفاضل

لقد اغلقت فمى لكى أتعلم منذ بدأتم هذه السلسله فى الحديث عن العواطف والأولى  بنا جميعا أن ننتبه ونصغى الى كل كلمة تكتبها ونحفظها طراسا علميا مصريا نادرا. غير انى لم استطع ان امسك نفسى عن التعليق عن فكرتكم فى ان الأنسان فى اعلى سلم التطور إن لم يمتثل لقوانين التطور فانه معرض للانقراض , ولكن هل يمكن ان يحدث الانقراض بشكل تدريجى داروينى؟ أم الانقراض الاكارثى الذى يقول به البعض عن انقراض الديناضورات نتيجة ارتطام مذنب بالاض. إن غباء الانسان قد يقددة الى انقراض كارثى من عمل يديه حينما يضغط أحدهم على در السلاح النووى.

د. يحيى:

تغلق فمك أو تقصف قلمك يا طلعت؟! هل هذا كلام؟!!

على حد علمى فإن سبب انقراض الدينصور لم يحسم بعد، وأوصيك بقراءة كتاب “الانقراض جينات سيئة أم حظ سىء”، تأليف ديفيد .م.روب، 1998 وأنت القارىء النهم، وهو من إصدارات المشروع القومى للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، وترجمة رائعة للصديق مصطفى فهمى،(2) وقد استفدت منه كثيرا وخاصة فى المعلومة التى أكررها فى كثير من كتاباتى من أن من بقى من كل الأحياء عبر تاريخ الحياة هو واحد فى الألف من بينها الإنسان.

أما انقراض هذا النوع الحالى من البشر فهو وارد وارد وله أسباب تطورية عدة لكننى أتصور أو آمل أن تكون هناك فئة من الناس الطيبين الأقوياء قادرة على مقاومته، وربما تنجح وأنت منهم يا طلعت فلا تتوقف.

د. خالد صالح

ذكرنى كلامك يا دكتور بفكرة تعدد الآلهة..عندما فشلت البشرية فى استيعاب الكيانات المختلفة واكتشاف الرابط بينها والكيان الواحد الذى يضمها ويؤلف بينها توهمت أنهم آلهة كثيرة وليست إله واحد بل تمادت وأدعت أن بينها صراع وتنافس على النفوذ و السيطرة .

والآن يعانى الانسان من انعكاسات ذات المعنى على ذاته هذه المرة فهو لن يعرف ربه حتى يعرف نفسه (أو بمعنى أدق يأخذ خطوة على الطريق الصحيح لذلك) ومن هنا تتضح أن المعنى) الأزمة) قديمة قدم التاريخ وأن رحلة الانسان للتطور هى رحلة تطوير آلياته / معتقداته / أفكاره للتأليف بين أكبر قدر ممكن من هذه الكيانات ذات الطباع والخصائص المختلفة وفى كل مرة ينجح فيؤلف بينها أو ينتكس فينفصم و يتناثر.

د. يحيى:

يا د. خالد أشكرك شكراً جزيلا، وأفيدك وأنا فى حرج شديد أننى توصلت أكثر إلى ادراك سبيل كدح أضمن نحو وجه ربى الواحد الأحد من خلال قراءاتى الأخيرة فى التطور التى تسير موازية لرؤيتى له أثناء الممارسة مع المرضى ومع نفسى – صدقنى يا إبنى – فى عددين متتاليين من صحيفة يومية قرأت مقالين عن التطور أزعجنى الأول مع أنه كان ردا على مقال لم أقرأه بقدر ما أفرحنى الثانى، وكان ردا على الرد.

ونظراً لحرصى على عرض وجهة نظر الإسلام الحقيقى بالذات فى هذا الموضوع الحساس سوف أرفق بالبريد المقالين:

الأول: لنرى يا خالد يا ابنى هذا الذى لا أحب أن أسميه جهلا بقدر ما أفضل أن اسميه خوفا وغفلة، حتى دعوت له ألا يكون كاتبه من الذين يعبدون الله على حرف، وسوف يحاسبه الله كما سيحاسبنا جميعا على عدم استعمال عقولنا ومستويات وعينا كما خلقها سبحانه، وعلى استسلامنا لكلام وتفسيرات مكتوبة يأخذونها بنصّها على حساب النص الالهى الموحى والهادى والموقظ.

أما الثانى: فقد وصلنى رداً هادئاً متوازناً برغم ما فيه من الاستشهاد بالعلم أكثر من اللازم خاصة وأن العلم كمؤسسة وأيديولوجية يعاد فيه النظر هذه الأيام بنقدٍ علمى موضوعى جاد.

مناهل المعرفة بلا حدود يا خالد يا إبنى إن كان فى رأيى أقل مما يستحق دراوين المؤمن الجميل، وقد تعرفت عليه أكثر مؤخرا، ويمكنك الرجوع إلى نشرة 3/8/2014 “تشارلز داروين “جاب الديب: من بؤرة وعى إيمانه المعرفى” (وليس من “ديله”).

والله أعلم.

*****

ملحق البريد

الملحق: المقال الأول:

جريدة الوطن

29-9-2014

إلى العزيز د. خالد منتصر..

 بل صدق الله وكتبه.. وكذب «داروين» ونظريته الفاسدة

أ. محسن الجلاد

بداية أحب أن أنوه بتقديرى وإعزازى للصديق الدكتور خالد منتصر الذى غالباً ما أبادر بالاتصال به عندما يلم بى أى مرض أستشيره إلى أى من الأطباء أتوجه.. وهو دائماً لا يبخل علىَّ بالاستشارة والمشورة والنصح، وغالباً ما يبادر بالاتصال بأحد أصدقائه من كبار الأطباء ويحجز لى الكشف المبكر لديه.. ودائماً ألمس فيه رقياً أخلاقياً وتهذباً وإخلاصاً فى النصيحة الطبية.

وقد تابعت مع قراء جريدة «الوطن» سلسلة مقالات الدكتور خالد منتصر الأخيرة تحت عنوان «هذا هو العبقرى داروين يا فضيلة شيخ الأزهر» 1، 2، 3.. وقد استنكر الدكتور منتصر فى مقالاته اتهامات شيخ الأزهر لمؤيدى هذه النظرية بالإلحاد!! وأكد أن هذه النظرية تخطت حدود التخمينات وصارت حقيقة دامغة لا تحتاج شهادة من أحد!!! ثم وجه سؤاله الاستنكارى لفضيلة شيخ الأزهر: من قال إن الإنسان مجرد حلقة فى سلسلة التطور، معارضاً نظرية الخلق المستقل المكتوبة فى التوراة، ما المصير الذى ينتظره؟ ثم استطرد قائلاً إنه كان الأجدى أن يطالب شيخ الأزهر بإعادة النظر فى التفاسير القرآنية التى اعتمدت على حكايات التوراة فى مسألة الخلق بالأساس!!! وبعد أن أسهب فى شرح بعض جوانب حياة «داروين» وأمثلة من نظريته اختتم مقاله الثانى بأنه قد تجمعت الأدلة والشواهد على تأكيد أكبر ثورة فكرية فى التاريخ؛ ثورة التطور التى تحولت من نظرية إلى فلسفة!!! وأن الدلائل التى دونها «داروين» فى كتاب «أصل الأنواع» هى شفرة الفهم الجديد لسر الحياة ونشوء الكون وتطور الكائنات..!!! ورداً على الصديق د.خالد منتصر وتأييده المطلق لنظرية «داروين» وعبقريته لا بد من التنويه بما يلى:

أولاً: إن كلام «داروين» نظرية وليس قانوناً أو حقيقة علمية دامغة ومثبتة، كما يدعى الدكتور خالد منتصر.. والنظرية كما يعلم سيادته ونعلم جميعاً تحتمل التصديق والتكذيب.. وبالنسبة لنظرية «داروين» نجد أنه لا يؤيدها الواقع المشاهد، إذ لو كانت حقاً لشاهدنا كثيراً من الحيوانات والناس تأتى إلى الوجود عن طريق التطور لا عن طريق التناسل فقط.

ثانياً: منذ ألَّف «داروين» كتابه «أصل الخلائق» وكتابه الثانى «ظهور الإنسان» سمى هذا المعتقد بنظرية «داروين»، ومجمل النظرية يقوم على أن الوجود قام دون خالق، وأن الإنسان قد تطور من القرد، فصيلة «الشمبانزى»، وأن هناك تسلسلاً فى الأجناس البشرية، حيث تدعى النظرية الأمور الآتية:

– أن المخلوقات جميعها كانت بدايتها من خلية واحدة وهى “الأميبا”.

– أن هذه الخلية تكونت من الحساء العضوى نتيجة لتجمع مجموعة من جزيئات البروتين، وبينها بقية العناصر الأخرى، حيث أدت عوامل بيئية ومناخية «حرارة، أمطار، رعد، عواصف» إلى تجميع هذه الجزيئات فى خلية واحدة هى الأميبا.

– وتستطرد النظرية شروحاتها حتى تصل إلى أن الخلية الأولى أخذت تنقسم وتتطور إلى مخلوقات ذات خليتين، ثم إلى متعددة الخلايا وهكذا، حتى ظهرت الحشرات والحيوانات والطيور والزواحف والثدييات، ومن ضمنها الإنسان، كما أن جزءاً آخر من الخلية انقسم وتطور إلى أنواع من الخمائر والطحالب والأعشاب والنباتات..

– أن معظم البشر الذين يقطنون الأرض والذين هم من أصل القرود يتسلسلون بحسب قربهم لأصلهم الحيوانى، حيث إنهم يندرجون حسب نظرية «داروين» فى ست عشرة مرتبة يأتى الزنوج ثم الهنود ثم الماويون ثم العرب فى أسفل السلسلة، ويأتى الأوروبيون «البيض» فى المرتبة السادسة عشرة، أما ما بعد المرتبة السادسة عشرة وهى مرتبة الجنس الخارق الذين يسودون أجناس العالم فهو جنس اليهود.

– وقد جعلت النظرية وأكدت أن كل ما تعتقده وتؤمن به الأجناس والشعوب التى هى فى أسفل السلسلة البشرية هو عبارة عن أساطير وخرافات ناتجة عن الجهل والتخلف اللذين جعلا أمثال هذه الشعوب تربط كل شىء بقوة خارقة «الإله»، وتشعر بعقدة الذنب والعقاب، إن هى خالفت منهج الإله الذى تدين به، وأنها تستحق الثواب والأجر إن هى أطاعت هذا الإله.

– أن نظرية «داروين» هى فى الحقيقة «نظرية إنكار الخالق»، حيث إن مجمل النظرية يقوم على أن الوجود قام دون خالق، وأن المخلوقات أوجدت نفسها وطورت وظائفها وأشكالها وبيئاتها بنفسها، وأن بداية الخليقة كانت صدفة، وتطورها إلى أشكال وأنماط مختلفة إنما جاء نتيجة لتعاملها مع الظروف البيئية والمناخية والجغرافية المختلفة.

– هذا الكفر لم يستحدثه «داروين» إنما هو قديم جداً وذكره الله تعالى حيث قال فى كتابه العزيز عن هذا النوع من الكافرين بالله تعالى: «وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ، وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ»، وقد سمى هؤلاء الكفرة بالدهريين، وقد تصدى لهم القرآن الكريم فى الكثير من الآيات.

ثالثاً: أن نظرية «داروين» قد قامت على عدة فرضيات ما بين الانتخاب الطبيعى والبقاء للأصلح والنشوء والتطور، وكلها فرضيات وليست حقائق مسلماً بصحتها.

رابعاً: أنه منذ ظهور هذه النظرية «منذ أكثر من مائة وخمسين عاماً» تصدى لها الكثير من العلماء وفندوها أمثال الدكتور «سوريال» فى كتابه «تصدع مذهب (داروين)، كما قام كثير من علماء الطبيعة برد النظرية ومنهم «دالاس»، حيث قال ما خلاصته: «إن الارتقاء بالانتخاب الطبيعى لا يصدق على الإنسان، ولا بد من القول بخلقه رأساً».. ومنهم «فرخو» حيث قال: «إنه يتبين لنا من الواقع أن بين الإنسان والقرد فرقاً بعيداً، فلا يمكننا أن نحكم بأن الإنسان سلالة قرد أو غيره من البهائم، ولا يحسن أن نتفوه بذلك».. ومنهم «ميجرت» الذى قال: «إن مذهب «داروين» لا يمكن تأييده وإنه من آراء الصبيان»، ومنهم «هكسلى»، وهو صديق لـ«داروين»، حيث قال: «إنه بموجب ما لنا من البيانات لم يثبت قط أن أى نوع من النباتات أو الحيوان نشأ بالانتخاب الطبيعى أو الانتخاب الصناعى”.

أما بالنسبة للقرآن الكريم فقد حسم الله سبحانه وتعالى كل هذه الأمور بين طيات كتابه المقدس «القرآن الكريم» بقوله: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ» (من سورة الحج).. وكذلك قوله عز وجل: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ». (الآيات من 12: 16 سورة المؤمنون)

وكذلك قوله سبحانه وتعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ »، (الآيات من 26: 29 من سورة الحجر)، وفى سورة البقرة الآيات 30: 37 يحكى الله فى كتابه العزيز قصة الخلق وأمره للملائكة بالسجود لآدم وسجودهم عدا إبليس الذى كان من الغاوين.. وكذلك قوله سبحانه وتعالى: «مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً» والآيات كثيرة فى هذا المجال. وليسمح لى الصديق العزيز الدكتور خالد منتصر الذى نصَّب من «داروين» عبقرياً والذى جعل من نظريته القابلة للصواب والخطأ والتصديق والتكذيب مثلها مثل كل النظريات، حقيقة ثابتة ومثبتة، أن أسأله بصدق أيهما نصدق؛ الله الخالق وكتبه السماوية. أم «داروين» الذى كان يأكل الطعام ونظريته الفاسدة؟!! وكذلك أليس من معتقداتك التى تنادى بها عدم إقحام الدين فى العلم؟ أليس الأجدر كذلك عدم إقحام العلم فى الدين وثوابته؟ وإذا كنت تؤمن وتمارس حرية الفكر والتعبير لدرجة تمجيدك فى نظرية «داروين» الفاسدة، أليس من حرية الفكر والتعبير كذلك أن يكون لفضيلة شيخ الأزهر، من منطلق إيمانى وعقائدى، أن يتصدى لهذه النظرية الفاسدة والمفسدة؟ أليس ذلك من حقه، من منطلق مقتضيات منصبه الرفيع؟ ولماذا تطالب شيخ الأزهر بمراجعة تفاسير القرآن الكريم فى آيات الخلق، وهى آيات واضحة جلية لا تحتمل تفاسير مختلفة أو متباينة..؟ ولماذا ربطت بين القرآن الكريم وحكايات التوراة؟! عموماً بالنسبة لهذه الجزئية فقد نزلت التوراة وكذلك الإنجيل والقرآن من مشكاة واحدة وجميعها وجميع الكتب السماوية تؤكد رواية القرآن فى مسألة الخلق. ثم أليس هذا الكلام فى هذا التوقيت الذى ينتشر فيه الإلحاد بين الشباب الصغير «عن جهل» ليس توقيته الصحيح؟ وكذلك أليست نظرية عبقريِّك «داروين» هذه قد تمزقت إرباً على أيدى علماء أفذاذ؟ كذلك أحيطك علماً أيها الصديق العزيز أننى راجعت الكثير من الأطباء حول مقولتك إن الأنسولين والمضادات الحيوية وزرع الكبد والقلب هى نتاج لنظرية «داروين» فأنكروا واستنكروا هذا الادعاء تماماً.. وأكدوا أن هذه الاكتشافات إن هى إلا نتاج تطور علمى طبيعى ليس له أى علاقة بنظرية «داروين» الفاسدة.

وصدق الله العظيم إذ يقول: «اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ» (الزمر 62).. والذى يقول: «إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» (القمر 49).. والذى يقول: «مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً» (الكهف 5).. وصدق الله خالق كل شىء وربه ومليكه وصدقت كل كتبه وكذب عبقريُّك «داروين» ونظريته الفاسدة المفسدة.. وأتمنى ألا يفسد اختلافنا البين فى الرأى الود القائم بيننا.

والله سبحانه وتعالى من وراء القصد..

*****

الرد: المقال الثانى:

جريدة الوطن

30-9-2014

داروين كمان وكمان

د. خالد منتصر

صديقى العزيز السيناريست الموهوب محسن الجلاد كتب رداً أمس على مجموعة مقالاتى عن نظرية التطور، وطالب فى نهاية مقاله بألا يُفسد الاختلاف للود قضية وأنا أطمئنه تماماً بأن الود والصداقة والمحبة راسخة فى القلب والوجدان ولا علاقة لها بسجال أو نقاش حتى لو كان حاداً، لكنى بداية كنت أود أن ألفت انتباه الأستاذ محسن إلى أننى كنت موجهاً خطابى إلى شيخ الأزهر وليس إلى الله جل جلاله، لذلك كان لا بد من تعديل عنوان مقاله إلى «بل صدق شيخ الأزهر وكذب داروين»! لأن كل ما ذكرته سيادتك وأيضاً كل ما ذكره شيخ الأزهر هو رأى رجال دين وتفسيراتهم ووجهات نظرهم فى النص المقدس وليس رأى الله عز وجل، وإلا ما تعددت التفسيرات والفرق والاجتهادات، ذلك لأننى ببساطة لم أقحم اسم الله فى مقالاتى ولم أتطرق إلى الدين، بل ناقشت نظرية التطور من المنظور العلمى فقط، أما إقحام واستدعاء أن رأيك أو رأى شيخ الأزهر هو رأى الله فهو استدعاء يغطى على ضعف الحجج بترهيب ومصادرة من البداية على طريقة «خليك جدع وورينا نفسك واعترض بقى على كلام ربنا»!! الذى هو فى الحقيقة ليس رأى ربنا بل هو تفسيرك ورأيك المأخوذ من رأى رجل الدين المبنى على منهج النقل والترديد والتلقين.

كان لا بد من هذا التوضيح فى البداية حتى لا يزايد أحد على أحد ليقول للرأى العام: ها أنا أكثر تديناً وإيماناً وكأننا فى مزاد، فهذا الأسلوب هو الذى وأد واغتال محاولات جنينية لمفكرين إسلاميين قدامى ومعاصرين لإعادة النظر فى البديهيات والتفسيرات وتأويل الفهم القرآنى حتى لا تصدمنا حقائق العصر مثل ما فعله عبدالصبور شاهين فى كتابه «أبى آدم» أو عدنان إبراهيم فى خطبه فى فيينا التى اتفق فيها مع داروين، وقال إن الخطأ هو فى فهمنا للنص الدينى وليس فى داروين، وقال: لا مانع من أن تكون كلمة «كن فيكون» ملايين السنين كما هى تسعة أشهر فى الجنين وكما اليوم هو ألف سنة، وأحياناً خمسون ألف سنة، ما المانع فى تعديل مفاهيمنا بدلاً من الإصرار على مفاهيم متحجرة تصطدم بالواقع العلمى فتزداد الفجوة بين المسلمين وبين الحقائق العلمية والمنهج العلمى يوماً بعد يوم. أنت استدعيت الدين إلى ساحة مناقشة علمية هذه مشكلتك، وعليك أنت أن توفق وتحلها بفهم جديد وتأويل جديد وخروج عن الإطار التوراتى لقصة الخلق الذى يحدد عمر الإنسان أو بداية ظهوره أو بداية الخلق بستة آلاف عام، أو كما قال «أوشر» فى القرن السابع عشر إن لحظة الخلق بناء على حسابات الكتاب المقدس بدأت 9 صباح 23 أكتوبر 4004 قبل الميلاد! شواهد وأدلة داروين المفحمة ومعه علماء الجيولوجيا والحفريات أثبتت أن عمر الإنسان بالملايين، حوالى سبعة ملايين، وأنه لو حتى كنا نتكلم عن هوموسابينس، وهو الإنسان الواقف على قدميه، فنحن نتكلم على الأقل عن 160 ألف سنة، أما عمر الأرض فهو خمسة مليارات من السنين، فعليك يا أستاذ محسن أنت والشيوخ الأزهريين، بدلاً من الهجوم على داروين، عليكم بالجلوس للخروج من هذا المأزق ببعض المرونة، لأنه لو ظل هذا الإصرار على هذه التفسيرات ومعها تفسيرات أخرى مكتوبة فى أهم التفاسير عن الأرض التى فوق قرنين وعن آدم الذى يبلغ طوله مثل ارتفاع عمارة من خمسة طوابق… إلخ، فستكون النتيجة التى تحذر منها وتقول إن الكتابة عن داروين سببها، وهى أن يلحد الشباب الذين خرجوا من أسْر التوكيل لرجال الدين بالتفكير عنهم وبدأوا يفتحون الكتب والإنترنت ويقرأون ويطلعون وينتقدون، والشيوخ بتلك التفاسير متشبثون. لا تفعل كما فعل الشيخ بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد فى المملكة العربية السعودية الذى اعتمد على تلك التفاسير فى قضية محسومة أيضاً، وهى قضية كروية الأرض ودورانها حول الشمس، حين قال فى فتواه عام 1976 إن «القول بأن الشمس ثابتة وأن الأرض دائرة هو قول شنيع ومنكر، ومن قال بدوران الأرض وعدم جريان الشمس فقد كفر وضل ويجب أن يُستتاب وإلا قُتل كافراً ومرتداً ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين»، وقد استند بن باز للدلالة على جريان الشمس والقمر إلى بعض الآيات القرآنية، كما استندت أنت فى هجومك على داروين مثل قوله تعالى «وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لِأَجَلٍ مُّسَمَّى»، «وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ»، «فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ». وقال بن باز فى تفسيره إن الجرى فى لغة العرب هو السير والانتقال من مكان إلى مكان، أما أدلة ثبوت الأرض فقد جمعها بن باز فى الآيات القرآنية مثل «جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا»، «جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا»، «الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا»، «وَأَلْقَى فِى الْأَرْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ» ومن تفسيراته أن كون الأرض فراشاً مشروط بكونها ساكنة لأنها لو كانت متحركة لما كانت فراشاً على الإطلاق. وحتى لا نقع فى كارثة وفخ مثل هذه التفاسير والفتاوى الـ«بن بازية» والتى يقول هو عنها أيضاً ويرهبنا بأنها كلام ربنا والواقع أنها تفسيره هو، والتى جعلتنا أضحوكة وسط العالم، أليس أحرى بك وبرجال الدين الأفاضل أن تقدموا رؤية جديدة متطورة بدلاً من تقديس تفاسير بشر لهم كل الاحترام لكنهم فى النهاية بشر سواء كانوا مفسرين أو فقهاء لهم كل احترام المجتهدين بمقاييس زمانهم ومعلومات عصرهم لكن ليس لهم تقديس الأنبياء المعصومين.

برغم أننى فى سلسلة مقالاتى قد شرحت نظرية التطور وسر قوتها وأيضاً سر عبقرية داروين التى تسخر منها، إلا أننى سأرد على أهم النقاط التى أثرتها فى مقالك، بالنسبة لقوة نظرية داروين التى جعلتها ترتفع إلى مستوى الحقيقة فهذا مستمد من قوة أدلتها التى باتت بالملايين، داروين نفسه عندما كتب شجرة العائلة التطورية كتب بجانبها I think، أى أنا أعتقد، وهذه هى بديهية العلم أنه نسبى وأنه قابل للتطوير والإضافة والحذف ولا ينتفض المجتمع العلمى غضباً كما نفعل نحن حين ينتقد أحد حديثاً للبخارى مثلاً أو رأياً لابن حنبل ولا يخرجون فى مظاهرات إذا ظهرت نظرية لأينشتين تضيف إلى نيوتن أو إذا أضاف مندل ووضح كيف تنتقل الصفات الوراثية الأكثر ملاءمة للبيئة والتى لم يكن يعرفها داروين وأثارت حيرته ثم جاء واطسون وكريك بثورة الـ«دى إن إيه» ليفككا ويحلا اللغز أكثر.. أرجوك يا أستاذ محسن، لكى يكون النقاش «علمى – علمى» وليس «علمى – فقهى»، أن تأتى بدليل من الحفريات يثبت أن الزواحف فى طبقة جيولوجية أعلى من الإنسان!! لن تجد إلا هذا الترتيب الهرمى الذى أخبرنا به داروين، وهذا سر عبقريته التى تسخر حضرتك منها! وحضرتك تقول: «لو كان التطور صحيحاً لشاهدنا كثيراً من الحيوانات والناس تأتى إلى الوجود عن طريق التطور لا عن طريق التناسل فقط»!! اعذرنى يا أستاذ محسن، ففهمى المتواضع لم يستطع استيعاب ما تقول، وصدقنى لو أجهدت نفسك وقرأت كلمة من كتاب داروين لعرفت أن هذه النظرية عبارة عن تراكم صفات ملائمة تنتقل عبر التناسل والتكاثر! فما علاقة ما تقوله بنظرية التطور، أما ما تقوله حضرتك عن الحساء العضوى والظروف المناخية التى صنعت أول خلية فهذه نظرية أخرى تماماً ظهرت بعد وفاة داروين بحوالى 40 سنة على يد العالمين أوبارين وهالدين، فأرجوك يا صديقى العزيز أن تراجع معلومات الإنترنت وتلجأ إلى مراجع العلم الأصلية نفسها، وكذلك ما قلته عن أن نظرية التطور تصنف الناس إلى يهود وزنوج وجنس خارق… إلى آخر هذا الكلام، أود أن أهمس فى أذنك بمفاجأة وهى أن داروين تجنب الكتابة عن تطور البشر بالذات وتركها لمن بعده ليضيف إليها، ومفاجأة أخرى أن هذه التصنيفات هى تصنيفات هتلر والنازية، وأعتقد أنك تعلم جيداً أن هتلر ليس من عائلة داروين ولم يُضبط يوماً متلبساً بقراءة أفكاره ولو قرأها ما ذنب داروين؟؟! أما ما أخبرك به أصدقاؤك من الأطباء الجهابذة عن أن المضادات الحيوية ليست لها علاقة بنظرية التطور فللأسف الشديد هم لم يفهموا المعنى المقصود وأرجوك اسألهم لعلهم يفيقون: هل هم يصفون البنسلين لكل أنواع البكتيريا حتى التى كانت تستجيب له من خمسين سنة، وكيف يفسرون تغير البكتيريا ومقاومتها ومقاومة فيروس الإنفلونزا كذلك للتطعيمات التى تختلف كل عام، إلا أن البكتيريا والفيروس تطور نفسها وتؤكد مصداقية داروين؟ اسألهم كيف يفسرون نوع الهيموجلوبين المقاوم للملاريا الذى تشكل عبر طفرات التطور لدى دول الأفارقة التى تحتلها الملاريا؟ اسألهم كيف وجدوا أن هناك الآن فى كينيا وجاراتها من بائعات الهوى من أصبح لديهن مناعة ضد الإيدز؟ اسألهم كيف فى عصر الفحم فى إنجلترا عاشت فقط الفراشات السوداء المتوائمة مع محيطها وبيئتها آنذاك؟؟.. كيف يمكن تفسير كل هذا إلا بنظرية التطور، وأخيراً اسأل نفسك وتمعّن فى جسدك واطرح علامة استفهام عن جدوى ونفع العصعص الذى كان ذيلاً والجفن الثالث الضامر فى عيوننا والذى يوجد أصله فى القطط، والزائدة الدودية، وضرس العقل التى كانت ضرورية أثناء تناولنا لأوراق السيليلوز، وعن العضلة الأخمصية Plantaris  التى فى أقدامنا والتى كانت تُستعمل للالتفاف حول الأغصان، تساءل: لماذا لا تصاب الحيوانات التى تمشى على أربع بالانزلاق الغضروفى مثلنا عندما وقفنا على قدمين… إلخ، لكى تنقذ إيمانك وتدينك لا بد أن تؤمن بأن تلك تطورات وإلا ستقول مثل الملحدين إنها عيوب تصميم أو عدم دقة صناعة حاشا لله المنزه والذى نصرُّ كل لحظة على إقحام دين الهداية الذى أرسله رحمة للعالمين فى معارك جانبية تشوه هذا الدين وتصمه بالتخلف عن ركب الحضارة. أرجوك أستاذ محسن، اقرأ داروين، صدقنى ستستمتع ولكن اخلع قبل القراءة نظارات انتهت صلاحيتها، لا تخشَ على إيمانك فأنت حر فى قناعاتك ولكن أرجوك اخشَ وخف على مجتمعك ووطنك من هجران العقل ونفى العلم.

[1] – قصيدة “عيد” من ديوان شظايا المرايا

[2] – الانقراض جينات سيئة أم حظ  سىء”، تأليف ديفيد .م.روب، ترجمة مصطفى فهمى، المشروع القومى للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، 1998

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *