حضرنى يا مولانا تشبيه شائع بالإنجليزية يصور هذا الولع النارىّ القـَـلـِـق حول ما يسمى “الحرية” الذاتية جداً، هذه العبارة تقول: “إن مثل هذا الشخص يعايش الحرية مثل “نحلة: داخل قبعته”، لا تخرج منها ولا هو يخلعها، فلا ينشغل إلا بها، ولم أنتبه إلى دقة التشبيه إلا مؤخراً، وأنا أتابع رهطا ممن انتهى العالم لديهم عند هامة رؤوسهم وهم يمضون حيواتهم يبحثون ويطلبون ويدافعون ويقدسون ما يسمى الحرية، ويسعون إلى تحقيق الذات، وتأكيد الذات، وإثبات الذات: على حساب كل ما هو غير ذلك، أو بعد ذلك.
هل يا ترى هؤلاء هم “الأحرار” الذين جاؤوا فى هذا المقتطف أنهم فى النار؟.
أما “المماليك” فإن رؤسهم عارية بلا قبعة، وقد تجاوزوا هذه القشرة الذاتية التى تحد من امتدادهم فى الكون إليه، فما عادت تلك النحلة تدور داخل قبعاتهم الغائبة أصلا، ولا داخل رؤوسهم المنكشفة إليه، فما عادت تشغلهم ذواتهم إلا وسيلة إليه، فهو خالقها وهو مالكها وهم إليه، فهم المماليك.
هل يا ترى هذا الذى وصلنى يخفف من الصدمة التى تصل لمن يطالع هذا القول، فلا يصله منه أول وهلة إلا رسمه المعجمى وصوره “الحرْفية” ورموزه الماثلة؟