نشرة “الإنسان والتطور”
5-11-2011
السنة الخامسة
العدد: 1527
حوار مع الله (35)
من موقف “المحضر والحرف”
وقال له (لمولانا النفـّرى):
وقال لى:
الحرف لا يلج الجهل ولا يستطيعه.
وقال لى الحرف دليل العلم والعلم معدن الحرف.
وقال لى أصحاب الحروف محجوبون عن الكشوف
قائمون بمعانيهم بين الصفوف.
وقال لى الحرف فج إبليس
فقلت له:
إذا كان الحرف لا يلج الجهل فلأنه لا يستطيعه، ومع ذلك فقد أشاعوا أن الجهل لا يـُخرج علما أو معرفة إلا من خلال الحرف،.
حين يتخلّى الحرف عن صلابة غبائه، وانسداد مسامّه، قد يستطيع أن يخرج غير ما هو: حرفا جديدا أو رسما لا نعرفه نحن ولا هو.
الحرف دليل “العلم الضد”، لكنه ليس دليل العلم الذى لا ضد له
والعلم الذى هو ضد الجهل هو الحرف الذى لا ينصهر
ومع ذلك يقال له العلم
حين يكون للحرف أصحابٌ محجوبون عن الكشوف، قائمون بمعانيهم بين الصفوف فهو إلههم.
وحين يكون الحرف إلهُ أصحابِـهِ، فهم محجوبون عنه، وعنهم.
وحين يحجبون عنك فمن أين الكشوف؟ ومن أين المعرفة؟
الحرف فج إبليس، وهو فج عميقٌ نهايته مغلقة.
كل الدروب مفتوحة إليك حتى درب إبليس، وأنا لا أتردد فى السير فيه واثقا من نهايته إليك.
درب إبليس لا يوصل إلى فخ أبليس إلا إذا توقفتُ عن السير
الفج العميق هو الوقفة الدائمة فى الغار السحيق: نهايته مغلقة، وظلامه رصاص سائل لزج.
تحيط به أسوار قُدَّت من الحرف الجامد المغرور المزهوّ بمنهجه، وثلته، وبطانته، ونشْره، وكتبه ولوحاته وجوائزه، وجنّته الزائفة.
…
الحرف لا يلج الجهل خوفا من كشوف الجهل أن تكشفه أو حتى قد تستغنى عنه إذا ما أعاق الكشف وحال بيننا وبينك.
****
كلمة الربع الرابع
قبل الحوار كلمة إلى مولانا النفَّرى
تبقى مواقفك يا مولانا خالدة أبدا،
تلهمنا بعض ما هو .
كدنا يا مولانا نتفسخ حتى التناثر.
ونحن نقرأها
ثم اجتمعنا إليه
يحيى
****
من موقف “المحضر والحرف”
وقال له (لمولانا النفـّرى):
وقال لى:
اعرف حضرتى واعرف أدب من يدخل إلى حضرتي.
وقال لى لا يصلح لحضرتى العارف قد بنت سرائره قصورا
فى معرفته فهو كالملك لا يحبّ أن يزول عن ملكه
فقلت له:
لا أتنازل عن سرائر معرفتى، ولا أسكن فيها،
لا هى قصر أسكنه يبعدنى عنى، ولا هى مُلك يغنينى عنك.
هى بعض أدواتى إليك.
أما أدب من يدخل حضرتك فهو ما أحتاجه جدا،..
جدا جدا،
عشمى فيك قد طمعنى فى اقتحام ما لا يحق لي،
ولا ينقذنى من أن تنقلب مجازفتى إلى غرور العميان إلا أن أتذكر وجوب الأدب فى حضرتك، مهما تخايلتُ أمام الآخرين فى قصور لا أملكها أصلاً.