الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / الوحدة والتعدد في التركيب البشرى (حوار)

الوحدة والتعدد في التركيب البشرى (حوار)

نشرة “الإنسان والتطور”

الأثنين: 22-6-2020

السنة الثالثة عشرة

العدد:   4678

الوحدة والتعدد في التركيب البشرى (حوار)

مقدمة واعتذار جديد:

بدأنا بنشر كتاب الترحال الأول: “الناس والطريق” من أول (17-6-2019) إلى (17-2-2020)

 ثم بدأنا بنشر كتاب الترحال الثانى “الناس والطريق) من أول (24/2/2020) إلى (8/6/2020)

وكنا قد وصلنا إلى الفصل الثانى: “ويا ليتنى أستطيب العمى!”  (16 من ؟) ثم توقفنا نتيجة خطأ سكرتارية بعد أن اختلط نشر هذا العمل مع الجزء الثالث من ثلاثية المشى على الصراط باسم: “ملحمة الرحيل والعوْد” وقد فضلنا تأجيل نشر العملين معا حتى يصل اعتذارنا إلى أصدقائنا القراء، وقد نبدأ من جديد أو نواصل حسب ما يرون.

بدأنا هذا الأسبوع في نشر أعمال أخرى غير مسلسلة قائمة بذاتها، وهى أقرب إلى الرسائل التلغرافية الموجزة نأمل أن تغفر لنا هذا الخطأ الجسيم حتى نصححه.

اليوم مثلا ننشر تعقيبا قديما كان قد أرسله ابنى د. محمد الرخاوى منذ ثلاثة عشر سنة، ولم أنتبه إليه إلا وأنا ألملم أوراقى الآن لنشر كتابى عن الفصام، فأستأذنته لنشره بعد هذه المدة وهو ينقد حماسى لفكرة تعدد الذوات، أو تحديدا تعدد “حالات الذات”، ولأننى أشعر أن كثيرا من طلبتى وأبنائى وبناتى من الزميلات والزملاء يساورهم بعض القلق حول نفس هذه الفكرة، فلعل في نشر هذا الحوار ما يشجعهم على المشاركة أو على قبولها أو على دعم رفضها.

شكرا يا محمد

وأهلا بالمشاركة

حوار قديم، وردٌّ حديث!!

التعقيب تم كتابته فى ديسمبر 2007 بعد نشرتين بعنوان: (الوحدة والتعدد فى التركيب البشرى) بتاريخ: (28/11/2007)، (1/12/2007)

تعقيب: د. محمد يحيى الرخاوى  “كيف؟ إلى أين؟”

استهلال:

د. يحيى

عثرت يا محمد على هذا التعليق بالصدفة وحاولت أن أتذكر ردّى عليه أو أن أعثر على بعض ذلك فلم أفلح، ووجدت به من الجدية والنقد المسئول ما يستأهل الرد خاصة وأن كثيرا مما ورد فيه يدور فى ذهن الكثيرين ممن يتلقون هذه الفروض، ولكن لا يملكون الفرصة، أو الأداة، ولا أقول الشجاعة للنقد أو الرد، فقلت لعلها مناسبة طيبة لحوار مسئول وتوضيح لازم.

فهيا يا إبنى إلى الحوار:

 د. محمد  يحيى

الأستاذ الدكتور يحيى الرخاوى: عندما بدأتم – مرة أخرى- فى تناول مسألة تعدد  الذوات فى ندواتكم الشهرية بالمقطم، وأعلنت أنا فيها أننى أواجه صعوبة فى تقبل مسألة “تعدد الذوات” هكذا، كنت أكتب لكم ورقة (أسميها هنا الورقة الأولى) لم أنهها إلا الآن للأسف؛ فلم أرسلها، وانتظرت حتى أفهم أكثر. ثم إذا بكم تعيدون طرح الموضوع فى كتابتكم (اليومية !!!) فى موقعكم الإلكترونى، فوجدت نفسى أكتب لكم (الورقة الثانية) حيث أتصور أننى أنجزت بعض خطوة إضافية فى توضيح مكمن صعوبتى، وتحديد تحفظاتى. وها هما الورقتان اللتين سأشرف بقراءتك لهما بكل تأكيد.

د. يحيى

أهلا محمد، والله زمان، يا ترى هل غيرت رأيك خلال هذه السنين الطوال، أعنى هل وصلك غير ما وصلك بعد مرور هذه المدة بكل ما حوتْ وأبلغتْ وقلّبتْ وأنارتْ وعتّمتْ..

الصعوبة التي تتحدث عنها أهم عندى وأقوى من السهولة التى تصلنى من المواقف الجاهزة من الزملاء المستسهلين أو المتسرعين أو المتحمسين التى قد تفتقر كثير منها إلى العمق الذى شغلك وتبحث عنه حين تُعْلَنُ الموافقة بمشاركة لفظية لا تترك أثرا عند المشارك أو المشاركين.

د. محمد

 تكرر إلحاحكم على مسألة تعدد الذوات فى النفس البشرية (عامة). ومع كل تكرار أستعيد صعوبة بالغة فى الفهم والاستيعاب، وأستعيد أيضاً لمحات خاطفة من مشاعر الموافقة والتسليم بل والترحيب أحياناً. هذا بينما كان تعبير الصديق حافظ عزيز (ومثله هالة نمًر وغيرهما كُثر) أنه عندما يقرأ كتاباتكم عن تعدد الذوات فكأنه يقرأ من يشرح له كيف أن 1+1=2.

د. يحيى

أحترم رأى “حافظ” و”هالة” ولا أظن أن أيا منهما يجاملنى، وأدعوك لوضع ذلك في الاعتبار دون أن تتنازل عن موقفك طبعا، إلا إذا كان قد وصلك شيء آخر لا أعرفه طوال هذه السنين.

د. محمد

وفى محاولة لفهم منشأ الصعوبة التى أواجهها، وكذلك منشأ لمحات التسليم والراحة هذه، خصوصاً عندما لا يتعلق الأمر بمجال المرض النفسى وعلاجه وأعراضه ومضامينها، أجد عدة عوامل متجاورة، أشير لبعضها كالتالى:

إن فرط ثقتكم فى مسألة التعدد وفرط ثقتنا فيكم تدعونا للقبول دون فهم كافٍ، ودون تدقيق مفهومى مناسب لمن أراد للمسألة أن تتحول إلى علم مؤسَّس على وضوح المفاهيم وتعريفها. إلا أن إلحاحكم والتكرار يدعوانى لرد الدعوة إليكم لإعادة النظر فى الصيغة كما تطرحونها وتتواصلون بها، فكأنكم أنفسكم تستشعرون أن ما وصل للغالبية غير كاف لترسيخ اتفاق مقبول أو تواصل منتج.

أحياناً أفترض فى شخصى وقدراتى وخبراتى قصوراً هو ما يعجزنى عن الفهم، وأفترض أحياناً أخرى أننى أخاف؛ فأستخدم آلية للدفاع النفسى تمنعنى من الاعتراف بطبيعة التعدد كما تطرحونها بصيغة الذوات، مما يجعلنى أصمت غالباً، فى انتظار الفرج أو النمو. بل أحياناً أخرى، عندما تفرض لحظات التسليم نفسها علىَّ، يصل بى الأمر إلى تصور أن تحفظاتى منبعها عزة بالإثم، وهذه من بين أكثر ما أكره فى البشر وفى نفسى بالطبع.

د. يحيى

  خوفك هذا دليل صدق محاولتك وأمانة تلقيك، الاعتراف بالتعدد بالشكل الذى أعرضه لدرجة التحقق من وجوده هو مخيف طبعا، وسخيف أيضا، انت تعلن موقفك ثم تنتظر “الفرج” أو “النمو”، وأظن أن هذا هو موقف التلقى المبدع لا أكثر ولا أقل، لكن حكاية العزة بالإثم هذه أنا استبعدها فرفضك ليس إثما بل هو الصدق بعينه، وعزتك برأيك مطلوبة مهما بلغ الحوار مع أىِّ مَنْ كان.

د. محمد

 أجدنى أقرب للموافقة عندما تُطرح المسألة بصورة ضمنية، من خلال “ممارسة” لعبة، أو “ممارسة” تواصل علاجى ناجح؛ أو طرحت مفهومياً فى سياق مناقشة مرض نفسى جسيم دون تعميم على غير المريض المحدد، حيث يبدو الأمر سلساً وقريباً. ومَن مالَ للثقة فيكم مالَ للإمساك بهذا السلس القريب حتى ولو دون فهم. إلا أن هذه السلاسة والقرب يستفزان ملكتنا المفهومية، فهما سلاسة وقرب خارج حقل السيطرة المفهومية المعتادة، كما أن غياب الفهم المستقر يجعل هذا السلس القريب يطير بسرعة.

د. يحيى

ما قد يصلك سلسا من مريض بسيط، هو أهم وأصدق من تصفيق النفسيين المتحمسين لنظريات مكتوبة لا تنبع من الممارسة، والعينات التي أعرضها عادة هي من قصر العينى حيث العلاج بالمجان والمرضى من عامة الطبقات الأدنى فالأدنى كما تعلم، حواراتهم وتفاعلاتهم معنا ومعهم أهم عندى من مناقشات معقلنة مليئة بالمصطلحات الجاهزة، ولو حضرت معنا في قصر العينى لوصلتك أكثر السلاسة والقرب والصدق، سلاسة وقرب المصريين البسطاء المحتاجين للاستماع والاحترام، أما حين تستفز هذه السلاسة ملكتك المفهومية فأنا أعذرك وأدعو لك أن تخف عنك ملكتك المفهومية، ولعلها تراجعتْ ولو قليلا عبر هذه السنوات التي مرت مليئة بالتجارب والنضج والناس والطبيعة، واعذرنى يا إبنى فقد تعلمت بعد عشرات السنين من الممارسة أن “المفهومية” هى من أهم الحواجز التي نضعها بيننا وبين المفهومات.

وآمل أن يكون حرصك على القياس بما اسميته “الفهم المستقر” قد تزحزح قليلا أو كثيرا بمرور الزمن وحل محله فهم أو لا فهم أقرب إلى Relevance  الذى علمتنى إياه مؤخرا، ولعل من ميزات الفهم المستفز أنه “يطير بسرعة” كما ذكرت والحمد الله.

د. محمد

أما عندما يتم استخدام الكلام المجرد، المفهومى، المعمم من المرضى على غير المرضى؛ فلا أستطيع إلا أن أقول أنى أصادف الكثير من التأكيدات لفكرة الذوات المتعددة لا يساندها شرح يبرر كونها ذواتاً (إلا فى القليل) ولا تدعمها مشاهدات ذات ثبات علمى متفق عليه. ثبات يربط النتائج بالمقدمات بطريقة تجعل النتائج (“تعدد الذوات”، أو “صيغة” تعدد الذوات) ضرورية. والحق أن إظهار الضرورة من أهم محكات الصدق التى أثق فيها وأعتمد عليها حين أحسم مسألة تصديق مقولة أو نظرية.

د. يحيى

أحمد الله أن أعفاك بقراراتك الشجاعة من الاضطرار إلى التوقف عند ما هو “ثبات علمى متفق عليه”!! متفق عليه مِنْ مَنْ يا محمد – خلها في سرك -، ثم ما هي حكاية ربط النتائج بالمقدمات بطريقة تجعل النتائج ضرورية؟ أهكذا فتح الله عليك الزمن بالعودة إلى هذا الربط الخطىّ يا رجل! مع أننى واثق أنك ترُاجع طول الوقت مثل ذلك.

بقيت حكاية استخدام الكلام المجرد المفهومى المهم من المرضى على غير المرضى والتي أكدتَ بها رفضك لفكرة تعدد الذوات مثلا، فدعنى اعترف لك أننى أمارس حوارات الوعى البينشخصى لمدة أربعين عاما دون التوقف عند الكلام المجرد المفهومى، دون أن أخسر شيئا، بل لعلنى أكسب أشياء.

د. محمد

 هذه بعض من انفعالات عديدة تمر بى وأنا أتابع إصراركم على توصيل الفكرة. والانفعال، بمعناه اللغوى قبل الاصطلاحى، أقل من رد الفعل الذى أتمناه حواراً فاعلاً. هكذا أطرح عليكم مجموعة من الأسئلة أعتقد أنه سيكون فى محاولتكم الإجابة عليها –إن فعلتم- ترسيخ للفكرة، وإجابة لتساؤلات لا أعتقد أننى الوحيد الذى يسألها، وتسهيلاً لتواصلها بما يمكن أن يفيد منها كما أوقن أنكم تأملون:

د. يحيى

أذكرك يا محمد ولا أذكرك بما تعلم من أن “الانفعال” (وأنا أفضل استعمال لفظ الوجدان) أهم عندى وأكثر توصيلا وفائدة من رد الفعل، الوجدان عقل ثان، وأنت تعلم مؤخرا ماله من دور في تفعيل أو (فعلنة) المعلومات،  Emotionally Processing Mind.     فضلا عن دوره فى حوارات الوعى والتواصل قبل اللفظى وبعد اللفظى وبجوار اللفظى.

أرجو أن تسمح لى بالاعتذار عن الرد على كل اسئلتك كما ينبغي حتى لا نثقل على الأصدقاء القراء، ولنأخد عينة من أسئلتك في الجزء الثانى.

وإن كنت لن أرد عليها جميعا حتى أواصل ما أنا فيه فأعذرنى.

د. محمد

أحياناً أفكر: لماذا صيغة تعدد الذوات، دون صيغ أخرى أسهل وأقرب وربما تؤدى الوظائف نفسها (إذا كانت تؤدى الوظائف نفسها!!)؟؟ هذا تساؤل صادق يبحث عن إجابة عادلة، وليس استنكاراً لصيغتكم كما قد يتبادر. لماذا تصرون على صيغة جاهزة، وربما تكون اختزالية، لا شارحة ولا مفصلة، لفكرة التعدد، هذا بينما أتصور أن تجليات فكرة التعدد متنوعة أكثر بكثير (وربما لانهائية) من سجنها فى صيغة الذوات؟

د. يحيى

عندك حق، وأنا لست متمسكا جدا بصيغة “تعدد الذوات” ولكنى انطلقت من بساطة ووضوح ومباشرة “إريك بيرن”، ثم إنى ما إن عثرت على ما يقابلها نيوروبيولوجيا وهى “حالات العقل” بدلا من “حالات الذات” حتى بدأت أفضل استعمالها، ثم انتقلت إلى استعمال أكثر إحاطة وهو “تشكيلات مستويات الوعى”، وأخيرا استعمل لفظ “المخ” هكذا مباشرة، المخ والأمخاخ أبسط وأقرب عندى الآن من تعدد الذوات، وأحيانا تحل كلمة العقل محل المخ،  – كما تعلمت من صديقنا “دانيال دينيت” – وتعدد الأمخاخ لا يسمح للمخ الأحدث الأيسر بالاحتكار الدائم لقيادة الأوركسترا طول الوقت.

ونحن نتحدث اليوم عن “العقل البيولوجى” و”العقل العلاقاتى” و”العقل الوجدانى المفاعل للمعلومات” و”العقل القتالى” و”العقل الانسحابى” ….الخ (ويمكن إحلال كلمة “مخ” محل “عقل” إذا شئت)

د. محمد

محك آخر من المحكات التى أعتمد عليها بشدة فى قبول ما أقبل والتشكك فيما عداه (غير محك الضرورة المذكور آنفاً والذى سأعود إليه) هو محك الفائدة. قد لا نفهم ولا نوافق على صدق فكرة بشرحها، بينما يمكن أن نقبلها إذا عرفنا فوائدها أو عرفنا عن فوائدها، تفصيلاً وتعداداً (ودعاية أيضاً): فما فائدة تعدد الذوات (بهذه الصيغة غير الرحبة؟؟ أعتقد أن جهداً إضافياً فى سبيل الشرح والتفصيل وبلورة الفوائد سيضيف إلى أهمية الفكرة وثباتها أو رسوخها، بعيداً عن الاستثناء المتطرف لحالات المرض النفسى الصريح.

لا أعتقد أنه يكفى لبيان الفائدة أن تصوغوا رؤيتكم عن الإبداع أو الصحة النفسية أو الوعى فى إشارات مختصرة، هكذا بمفاهيم لا تخلو من إجمال التفاصيل وغموض التعريف وغياب الاتفاق، بل لا تخلو أيضاً من شبهة حمولة قيمية متحيزة، حتى لو وافقكم عليها مريدوكم الذين أظننى واحداً منهم. لا ولا يكفى أيضاً أن تستشهدوا باستجابات هؤلاء المريدين وغيرهم الكلامية فى ألعاب علاجية مصوغة بطريقة موحية وموجِّهة.

د. يحيى

عن اجمال التفاصيل وغموض التعريف وغياب الاتفاق أحيلك إلى موضوع الـ Relevancy  الذى لم ألمّ به بالقدر الكافى وإن كنت أتصور  أن به إنارة كثيرة في هذه المنطقة، أما حكاية المريدين والصياغة الموحية والموجهة فهذا من طبيعة الألعاب والسيكودراما كما تعلم، لكن ما تكشف عنه هذه التقنيات من تفاعلات تلقائية، وعلاقات مركبة يقلل عادة من  فكرة الإيحاء بدرجة كبيرة كما أتابع وأرجو.

ثم إنه ليس عندى خبرة تفصيلية بتفاصيل تقينات السيكودراما بالذات، اللهم إلا المينى دراما المتضمنة أحيانا في بعض الألعاب وبالتالي أنا لا أعرف أبجدية تفاصيل السيكودراما، فلا أستطيع الخوض فى دلالاتها لكننى أعيش نتائج ما أفعل لصالح فروضى ومرضاى طول الوقت.

د. محمد

إن الرحابة التى يوفرها وينشؤها لعب الدراما فى ألعاب الدراما لا تحتاج –بالضرورة- إلى فكرة الذوات المتعددة. نتكلم فى الجلسات العلاجية بالدراما عن أدوار تُلعب فى تفاعل مع كل من “السياق” والكاركتر (الشخصيات، ولكن بالمصطلح الدرامى الأدق والألطف)، ومع ذلك فهى توفر ما يكفى ويفيد من الرحابة ومن التحرر من وطأة الذات المعلنة ومن اللعب بالإمكانات الأخرى. أتوقع ألا يغطى هذا كل ما تريدون تغطيته بكفاءة، ولكن هل فعل مصطلح الذوات ذلك؟

د. يحيى

عندك حق في توقعك، فأنا أتعامل مع الأمخاخ (الذوات) كأننى أتعامل مع شخوص متكاملة وليس مع مجرد “كاركتر” أو توجه سلوك أو سمة مؤقتة.

وفى استعمالى للعقاقير كأنى أخاطب الأمخاخ وألاعبها مخا مخا ثم في تخطيطى للنفسمراضية وأخيرا في القيام بدور المايسترو أو مدرب كرة القدم لإعادة التنسيق والله المعين، وهو الأسلوب الذى يتبعه كل من ينتمى إلى فن الطبنفسى التطورى (وليس بالضرورة: الإيقاعحيوى التطورى)

د. محمد

 وأخيراً: لماذا لا تربطونها –مباشرة ودائماً وفى كل مرة تعرضونها فيها– ببقية عناصر فكركم التطورى خاصة، والذى أعتقد أنه يحمل الكثير من الشواهد التى سوف تقربها من الذهن (على الأقل ذهنى)؟ أتصور أن الحفاظ على هذا الربط، مهما تكرر، سيؤدى إلى إسهام مفيد تبادلياً لكل من المسارين الفكريين (إن كانا اثنين). سأفهم أسهل عندما تتكلمون عن النمر الشكاك المفترس فى داخلى، أو عن الحمار الخدوم حمال القاسية، أو عن السلحفاة البطيئة طويلة العمر أو الثعبان المبتلع الملتصق بالأرض، وبياتهما الشتوى، أو حتى عن الجنين (لا الطفل، هذا الذى أراه دوراً أكثر مما يصلنى ذاتاً داخلية أو كياناً مكتملاً)، وأكاد أدرك الضرورة المجازية/البيولوجية معاً لكل هذه المجازات التطورية الرائعة، والحق -كما أتصور- هو أنها كلها مجازات تستأهل أن تكون كذلك، بينما يصلنى مجاز “الذوات” أضعف وغير ضرورى أو مفيد، تواصلياً على الأقل.

د. يحيى

بعد تحفظى على حكاية الذوات أنها مجاز أشكرك للتذكرة بأصل فكرى التطورى الذى اقترن مؤخرا بالإيقاعحيوى فأصبحت النظرية التى أنتمى إليها هي: الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى، وصعّبت المسألة أكثر لكنها صدقت أكثر، لكننى أعترض بشدة على أن أتعامل مع تاريخى (تاريخنا) الحيوى باعتباره مجازا، فهو عندى – والحمد لله – حقيقة أقرب من وجود وأعمال مستر ترامب ونتايناهو وسورس.

أما عن إحلال ألفاظ مثل “المسار” و”الوظائف” ثم “الألفاظ” محل “حالات الذات” فهذا اختزال وارد، ولكنه يحرمنى من التعامل مع الواقع الداخلى مجسدا في كيانات متكاملة، وليس في وظائف مختزلة أو سمات متفرقة، أو صفات مضافة ولا أعتقد أن الكلمات مهما كان لها كيانها وبعثها وتحريكها ولا “السمات” الكاراكتر، ولا “الصفات” يمكن أن تقوم مقام الشخوص والأمخاخ بداخلنا (التي هي هي  بداخل الفصامى) وعذرا للتوقف خشية ألا يشاركنا القارئ أكثر.

وليسامحنا الجميع إن كنا زودناها في الخصوصية!

ونلتقى فى كتاب مستقل قريبا عن “تعدد الأمخاخ” وأنواع العقول، وغابة الواقع الداخل البشرى المتعدد المرعب الرائع.

شكرا يا محمد مرة أخرى.

 

admin-ajax

 admin-ajax (1)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *