“نشرة” الإنسان والتطور
6-2-2009
السنة الثانية
العدد: 525
حوار/بريد الجمعة
مقدمة:
وصلتنى مؤخراً – فجأة– آراء ومساهمات طيبة وجادة ومفيدة حول مشروع “استبيان الشخصية العربية”، وقد فضلت أن أجمع كل الآراء حتى تاريخه (وربما حتى تاريخ نشرها مجتمعة) يومَىْ الثلاثاء والأربعاء القادمين، فلم يتبقّ فى البريد – تقريبا– سوى مناقشة موضوعين أساسين وهما: عن لغة الترجمة وعن مستويات الإشراف.
ربما علىّ أن أعتذر أنه قد طالت مناقشة إشكالة ترجمة “الخبرات والعواطف النفسية” تعليقا على ترجمة الصديق الزميل د. طلعت مطر، كتاب العلاج المعرفى (نشرة 27-1-2009 “مفاجأة: استبار نفسى تحت الإعداد”)، حتى بدت مقالا مستقلا لا مجرد رد أو حوار،
****
د. عمرو دنيا
– بمناسبة اللغة واختلاف الثقافة… هناك تساؤل دائما يلح علىّ وهو كيف أن زملائنا الذين سافروا إلى دول أجنبية أستطاعوا أن يتعاملوا مع مرضى مختلفين عناً تماماً من حيث اللغة والأهم من حيث الثقافة والجو العام فهذا الأمر يمثل لى إشكالية كبيرة لرغبتى فى السفر ورؤية عالم وثقافة مختلفة.
د. يحيى:
أظنك تعنى بأجنبية: “خواجاتية” (أوربا وأمريكا مثلا)، لقد كان عندى مثل هذا التساؤل، لكن كل من أعرف من تلاميذ وزملاء، سافروا، قد أبلو بلاء حسنا، وعرفوا لغة وثقافة هؤلاء الخواجات، ربما أكثر من الخواجات أنفسهم، عندك حق فى تساؤلك ، لكننى أظن أن العكس أصعب، بمعنى أننى أتعجب كيف يمكن لصاحب لسان أجنبى أن يستوعب لغتنا، خاصة العامية، بما تحمل من تاريخ وثقافة ونبض وإيقاع.
المهم: توكّلْ يا رجل وسافر، ولا تنسنا
أو ابقَ، ولا تنسنا أيضا.
أ. عبده السيد على
موقف المؤلفين والمترجمين فى رأى حضرتك تقريباً واضح، وأنا أعرف أن الصح هو اللى بيجمع عليه أكبر عدد من الناس مش العكس؟
د. يحيى:
لا أوافقك
لا أظن أن الصح هو اللى بيجمع عليه أكبر عدد من الناس،
أ. عبده السيد على
حضرتك بتنقد تقصيرك فى صياغة وتجميع علمك أكثر ما بتعمل حساب ما بيوصلنى.
تنقلات حضرتك بين المشروعات والشغل فى أكثر من حاجة بتقلل نتاج عملك.
د. يحيى:
عندك حق فى النصف الأول من تعقيبك
لكننى لا أوافقك أن شيئا يمكن أن يقلل من نتاج مجموع أعمالى.
أ. عبده السيد على
الاهتمام بالدعوة وقراءة الكتاب، وكتاب للمقارنة وصلنى منها احترام شديد أنا ما باعملوش (اتكسفت من نفسى).
د. يحيى:
شكرا على أمانتك.
أ. عبده السيد على
انا كتير فكرت إنى اكتب اللى بنعمله مع العيانين خصوصا لما قرأت حالات من كتاب العلاج المعرفى السلوكى وشفت أنها سطحية ومليانة تفاؤل عامل زى بتاع شركات الدواء.
د. يحيى:
ألا تتابع يا عبده باب “حالات وأحوال” فى النشرة؟
إننى وجدت وأجد صعوبة لا تتصور مداها من خلال هذه المحاولة.
يدى على يدك، هيا معا.
د. طلعت مطر
سعدت بالملاحظات القليلة التى وردت عن ترجمة كتاب العلاج المعرفى “جوديث بك” واكون اكثر امتنانا إذا وصلتنى ملاحظاتكم الكاملة عن الكتاب. ولكنى بدورى أود أن أوضح بعض النقاط على ماورد فى مقالكم
1- انتشرت فى العالم العربى وخصوصا فى منطقة الخليج العيادات النفسية المتخصصة فى العلاج المعرفى. كما انتشرت المساقات (الكورسات) التى تعلم هذا النوع من العلاج. ولما كانت معظم الدراسات المقارنه بين العلاج الدوائى والعلاج النفسى لا تقارن إلا مع هذا النوع من العلاج لكونه مرتبطا بزمان محدد مسبقا وعدد معلوم من الجلسات ولكونه علاجا متسقا ويمكن تعلمه بسهولة وله تقنيات محددة وان نتائجه يمكن ان تقاس وتقارن بنتائج العلاج الدوائى. قررت ان اعرف اكثر عن هذا النوع من العلاج إلى أن وقع فى يدى هذا الكتاب. وقرأت عن الكتاب ووجدت أنه من اهم إذ لم يكن أهم الكتب التى تناولت العلاج المعرفى من حيث التطبيق العملى للنظرية ومن حيث وصف التقنيات الأساسية فى التعامل مع المرضى من وجهة نظر معرفية كما يراها بك.
2- لما حاولت ترجمة الحوار بين المعالج والمريضة باللغة العربية وجدته جافا بلا روح وكنت قد قرأت قبل ذلك ترجمة لأحد الزملاء لكتاب لبيك نفسه أورد فيه بعض الحوارات بين الطبيب والمريض فوصلنى ذات الشعور.فأعدت كتابة النص بالعامية. ولما كانت العامية المصرية هى اللغة الأكثر قبولا وانتشارا فى الوطن العربى وهى اللهجة التى أجيدها فكان الاختيار.خصوصا وان حوارات التعليم عن بعد والتى اتابعها فى موقعكم الغنى والتى هى بالعامية المصرية لم تجد أى اعتراض من الزملاء غير المصريين الذين يتابعون معى هذا الموقع. بل إنى أقول أنه لو لم ترد هذه الحوارات باللغة العامية لما أمكن متابعتها بهذا الشغف وعندى رأى فى الفرق بين الفصحى والعامية ليس مجال مناقشته الآن.
د. يحيى:
أولا: أنا أشكرك على الترجمة كما أشكر الابن د. إيهاب الخراط بدرجة اقل على المراجعة.
ثانيا: ربما كان هذا الاستسهال “العلمى العام” (ليس منك) هو الذى يدعونا للبحث فيما يمكن قياسه وما يمكن مقارنته بدلا من البحث فى مانريد البحث فيه، مما يبعدنا عن الحقيقة، وأيضا عن ما نحتاج جدا إليه.
أن يتحكم المنهج المتاح، حتى لو بدا منهجا محكما مقارنا – فى حقيقة وماهية ومجال البحث وضرورته، هو خطر شديد، يترتب عليه أن نختنق ونحن نمارس مهنتنا داخل نتائج هذه الأبحاث المقارنة،
أنت تعلم يا طلعت أنه تكاد تستحيل المقارنة الحقيقية فى مجالنا، فلا أحد يشبه أحدا مهما كان التشخيص واحدا، والمظهر واحدا، أقول إن نتائج هذه الأبحاث المقارنة هى تدعيم لغلبة التطبيقات السطحية، سواء بالأدوية وحدها، أو العلاجات المعقلنة هكذا، علما – كما تعرف– أننى أوافق، على كل أنواع العلاج لكن أرجو ألا تلهينا هذه الألوان اللامعة والنتائج الواضحة، عن ما هو أعمق وأهم، وهو ممكن البحث فيه أيضا برغم صعوبة قياسه، ومقارنته؟
هل يمكن ياطلعت أن نقيس لوحة تشكيلية بالمسطرة، أو بمقياس الليزر لتحديد مدى ظلال الألوان، لنقارنها بظلال الألوان فى لوحة أخرى.
إلى أين تجرنا شركات الدواء، مع الشكر، ليس فقط لسطحية استعمال الدواء وإنما للاهتمام أكثر بما يقارن بنتائجها، وكأنها (الشركات) أصبحت وصية على نوع النتائج.
أهكذا؟
ثالثا: ليس عندى أيه تحفظات على اللغة العامية فهى الأقرب والأقدر، وقد وجدت اجتهادك أقرب إلىّ من التزام الزميل الفاضل أ.د. عبد الستار إبراهيم بترجمة الحوار العامى إلى الفصحى، لكننى حين تصورت ما يسمى الترجمة المقابلة (أظن أنها تسمى cross translation) أى حين نعطى النص العامى الذى قمتَ مشكوراً بتشكيله من الأصل الانجليزى ونطلب من أحد المترجمين إلى الانجليزية (انجليزيا كان أو عربيا) من الذين يحذقون الفصحى العربية والعامية المصرية، نطلب منه إعادة ترجمته إلى العامية الانجليزية (أولعلها الشفاهية الانجليزية)، حين تصورت ذلك انتبهت إلى صعوبة وخطورة ما فعلت أنت برغم احترامى الشديد للجهد والأمانة.
ولعلك تابعت ما قمنا به بعد اقتراح أ.د. جمال التركى لعرض الألعاب النفسية التى كانت – وسوف – تصدر فى هذه النشرة تباعاً، فجاءت النتيجة لصالح العامية تماما، وحين ترجم د. جمال بعض الألعاب إلى العامية التونسية بدا رائعا. (ولى عودة تفصيلية).
أنا اعتبر يا طلعت أن الترجمة أصعب واخطر من التأليف من حيث الإلتزام بنقل النص الأصلى مُقيدا أية حركية ذاتية إلا فى الهوامش، فشكراً مرة أخرى على كل ما فعلت،
لكن دعنى أحكى لك عن خبرات شخصية، ثم أحيلك إلى أطروحتى “خطورة الترجمة”
الخبرة الأولى:
تفضل أ.د.صبرى حافظ (أستاذ الأدب العربى فى جامعة ساوث – لندن) واستأذننى فى ترجمة أطروحتى فى نقد ملحمة الحرافيش (نجيب محفوظ) باسم دورات الحياة وضلال الخلود: “ملحمة الموت والتخلق فى “الحرافيش”، إلى الانجليزية. طبعا فرحت وسارعت بالموافقة، (هل أنا أطول؟!!)، وقد أبلغنى أ.د.صبرى أنه يريد أن يضمنها كتابا يعده بالانجليزية عن نصوص النقد الأدبى للرواية العربية – وبعد شهور اتصل بى مشكورا وأبلغنى أنه قد تمت الترجمة ويريد أن يطلعنى عليها قبل نشرها، وأرسل لى النص المترجم، وحين قرأته، وجدت أن النص العربى لم يصل أبدا إلى المترجمة الفاضلة خاصة فيما يتعلق بنبض الإيقاع الحيوى ودورات الحياة …الخ.
حادثته وأبديت ملاحظاتى وقبلها مشكورا، ثم اقترح لقاء يرتبه لى مع المترجمة، وكانت انجليزية الجنسية تتقن اللغة العربية، وتقيم فى مصر مؤقتا، فشددت الرحال إلى مسكنها بالزمالك، وأمضينا ساعات حاولت فيها أن أبلغها اعتراضاتى، وكانت – مثل معظم هؤلاء الناس – دمثة مستمعة متفهمة طول الوقت، لكن بلا طائل،
أبلغت أ.د.صبرى أننى غير مطمئن، ومازلت غير موافق، واقترحت عليه أن أقوم أنا بالترجمة المبدئية على أن تقوم المترجمة الحاذقة بإعادة الصياغة، فوافق، وفعلا حاولت، وكانت مهمة شديدة الصعوبة، ومع ذلك، يبدو أن التجربة كلها باءت بالفشل ولم يتصل بى أ.د.صبرى حافظ حتى الآن (أكثر من خمسة عشر عاما)، ولم أتصل به طبعا.
الخبرة الثانية: حين اختلفت بشده مع صديقى المترجم الفذ د. مصطفى فهمى ابراهيم حين ترجم عنوان كتاب دانيال دينيت Kinds of Minds إلى “تطور العقول”، ذلك أن ما بلغنى من الكتاب هو أن المؤلف يبلغنا كيف نستلهم التطور الذى حدث على مر تاريخ الأحياء لنتعرف على “أنواع العقول” التى مازالت فينا تُوجهنا، وليس ليبلغنا بتاريخ تطور العقول إلى ما هو عقلنا الحالى.
الخبرة الثالثة: واجهتها حين كتبت أنا شخصيا مسودة لنقد رواية العطر لزوسكند، (الرواية التى قمت أنت بمناقشتها فى تلفاز بالخليج وكان محور نقدى أن غرينوى باتيست (بطل الرواية) يمثل عبقرية ووغدنة “الكفر” بمعنى “الوجود الجسم الغريب المنفصل عن هارمونية الكون“، Foreign Body Existence
استلهمت ذلك من كلمة الكفر التى استعملها المترجم “نبيل الحفار” فى أول فقرة فى الكتاب.
ساورنى الشك فرحت أطلع على الترجمة الانجليزية ووجدت أن الكلمة المقابلة لكلمة “الكفر” بالعربية هى Wickedness فتوقفت عن التمادى فى فروضى حتى أتبين الأمر، رفضت الترجمة الانجليزية، ورحت أستفتى صديقا يعرف الألمانية، فأخبرنى بما يلى :
أن الكلمة فى أصل الرواية بالألمانية هى Gottlosigkeit وإنها تعنى :متخلٍ عن تعاليم الرب، بلا روادع دينية ، لا يخاف الله،
لكنها تأتى أيضاً بمعنى بلا “رب”، أو لا “رب له”
سألت صديقى كيف يترجمها إلى الانجليزية (وهو يحذقها أيضا) فقال: إن أقرب ترجمة لها يمكن أن تكون هى GOD less وهى كلمة جديدة رائعة نحتها صديقى نحتا وتعنى = “لا ربّ له”،
أليس – بالله عليك يا طلعت تكون كلمة “الكفر” التى استعملها د. الحفار فى ترجمته إلى العربية هى الأصح بكل تأكيد من كلمة Wickedness بالانجليزية التى تعنى غالبا الشر والخبث!! ومن هنا انطلقت فروضى من جديد، ويمكن أن ترجع إلى مزيد من التفاصيل لهذه الخبرة فى نشرة 8-12-2007 (اعتذار، وحيرة حول المنهج الخطوط العريضة للفرض الأساسى لنقد “العطر”) فاطمأننت إلى الترجمة العربية، ومضيت فى فروضى ولم أكمل النقد بعد.
وقس على ذلك يا طلعت ترجمة سامى الدروبى لديستويفسكى وترجمات طلعت الشايب.
أشكرك فعلاً.
أختم هذه الاستطرادة الطويلة بذكر محاولة أ.د. عماد حمدى غز (صديقك، وتلميذى سابقا ورئيسى حاليا) البدء فى محاولة ترجمة كتابى الأم “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” إلى الانجليزية، وقد اكتشفت بعد بضع صفحات نفس ما اكتشفته فى محاولة ترجمة نقدى للحرافيش، فتوقف أ.د.عماد عن الترجمة.
ثم أشير إلى عرض د. رفيق حاتم ود. يسرية أمين أن يترجما أطروحتى عن “جدلية الجنون والإبداع” إلى الفرنسية ثم عزوفهما قبل أن يبدآ. (نظرا للصعوبة والإنشغال معا)
هل وصلك من كل هذا يا طلعت مدى احترامى لجهود الترجمة، وفى نفس الوقت مدى تحفظى عليها .
أرجو أن تنتظر نشر محاولاتنا فى جلسة العلاج الجمعى أمس لاكتشاف “كيف نشوه أنفسنا” ليس بالضرورة بالاكتئاب يا سيد آرون بيك وابنتك الكريمة العالمة الأمينة جوديث .
ثم إنى أرى أن جهدك ووقتك يا طلعت ، وكذا محاولات إبداعك والتزامك بالإسهام فى مسيرة المعرفة التى نحاولها معاً فى مجال تخصصنا وغيره، أرى إننا أولى به فى أمور جديرة بك فعلاً.
د. طلعت مطر
ان اسم الكتاب هو “الأسس والأبعاد” فهو يعالج اساسيات العلاج المعرفى وقد ذكرت المؤلفة أنه كتاب للمبتدئين او حتى للذين ليست لديهم ادنى فكرة عن هذا النوع من العلاج ولديها كتب اخرى أكثر عمقا وتوسعا ومعالجة المستويات التى ذكرتموها فى تعليقكم.
د. يحيى:
هذه أمانة أعرفها من هؤلاء “الخواجات” العلماء الطيبين ويظل تعليقى كما هو.
د. طلعت مطر
إن اسس العلاج المعرفى كما تعلمون تقوم على التنبيه الى الأفكار التلقائية و محاولة تصحيحها ومجتمعاتنا العربية هى من اكثر المجتمعات التى تعانى من الأفكار التلقائية والأحكام المسبقة وانتم من أكثر المفكرين الذين يحاربون ذلك. هذا رد على نقطة “لمن يوجه هذا العلاج التى أثرتموها.
د. يحيى:
أظن أننى حين تساءلت عن: لمن يوجه هذا الكتاب؟ كنت أناقش النسخة المترجمة، وليس الأصل، كما حددت أننى أتساءل عن مبرر موضوعى لإجازة ترجمة الكتاب فى خطابى للدكتور جابر عصفور كما نشرته وهذا هو النص.
“من المخاطَبْ الأول ثم من يليه؟ بهذا العمل، فى مصر والعالم العربى (مسئولية لجنة الإجازة)”.
فالمقصود هنا هو التساؤل عن المخاطَب بالترجمة منا نحن، وليس المخاطب من المؤلف الأصلى .
مفهوم “الأفكار التلقائية” الذى قدمه الكتاب يختلف تماما عن استعمالى لكلمة ” التلقائية”. أنا استعمل التلقائية بمعنى “المبادأة الطليقة”، ربما كما ظهرت بالنشرة فى الاستجابة للألعاب النفسية التى انتظرتُ مشاركتك فيها بقدر أكثر مما حدث، ومازلت فى انتظارك، لذلك لم أرحب كثيرا بالمعنى الذى جاء فى ترجمتك، وليس عندى الأصل الانجليزى.
د. طلعت مطر
بخصوص الكتاب فان لى ملاحظات كثيره عليه لاحظتها من خلال عملية الترجمة وقد ناقشت بعضها مع المؤلفة فى إحدى ندواتها فى كندا من أهمها اختيار سالى كمثال وهى تعانى من حالة اكتئاب خفيف أو متوسط وكان الأجدر ان تختار لنا حالة أكثر صعوبة وتعقيدا ولكنها اجابت بأنها اختارت حالة خالية من اى اضطرابات أخرى على المحور الأول أو على المحور الثانى على حسب التصنيف الامريكى وذلك كما قالت لتعليم المبتدئين ولكى لا نضطر الى ذكر اساليب أكثر تعقيدا، واشارت الى كتاب آخر لها وهو كتاب العلاج المعرفى للحالات المستعصيةresistant depression أو العلاج المعرفى لاضطرابات الشخصية
د. يحيى:
أوافقك مرة أخرى وأشاركك احترامك للمؤلفة وأبيها، ومع ذلك فهذا المستوى المعرفى وصلنى بجرعة من العقلنة لم أحتملها، كما أن “الاكتئاب المستعصى” ليس هو الذى يعمق مثل هذا العلاج بالمقارنة بخبرة علاج الذهانيين مثلا فى العلاج الجمعى، ولا أستطيع الحكم قبل قراءة الكتاب الذى أشرت إليه.
لقد حاولت اليوم (4 فبراير 2009) فى جلسة العلاج الجمعى التى لعبناها (اربعة أطباء وخمس مرضى فى قصر العينى) أن أختبر مفهوم “تشويه صورة الذات“(وهو المفهوم الذى بدأ به “بك” الوالد ثم دار حوله أغلب كتاب ابنته، كما لعبنا أيضا، ومباشرة لعبة أخرى فى محاولة تصحيح هذا التشويه الذى اعترفنا –من خلال اللعب- بدورنا فى القيام به.
أقر جميع المشاركين فى جلسة العلاج الجمعى هذه، بما فيهم شخصى، درجةً ما يمارس فيها كل واحد منا تشوية نفسه، تمت الدعوة –كما قلت- إلى ان نلعب لعبة تكشف ذلك، ثم لعبة تحاول تصحيحه وإليك
نص اللعبة:
يوجه الخطاب إلى زميل (طبيب أو مريض) بشكل مباشر “أنا – أنت” & “هنا والآن”.
- الخطوة الأولى: يا فلان ما هو أنا لازم إنىّ اشوه نفسى ما دام أنا …. (أكمل)
- الخطوة الثانية: يا فلان (نفس الشخص) ما هو أنا لازم إنىّ اشوه نفسى مادام أنت ….. (أكمل)
- الخطوة الثالثة(التصحيحية): الظاهر إنى حمار وغبى إنّى باشوه نفسى، عشان كده أنا قررت … (أكمل)
وسوف أنشر ما حدث تفصيلا فى نشرة (أو نشرات لاحقة) لنقارن سرعة وتلقائية مفعول اللعبة بما يجرى فى هذا المستوى من العلاج المعرفى الذى قدمه الكتاب، حول نفس الظاهرة “تشوية الذات”.
د. طلعت مطر
6- كنت أفضل للعنوان كلمة العلاج الإدراكى والتى يستخدمها بعض الأخوة الشوام وكما ورد فى القواميس العربية كترجمة لكلمة cognitive غير ان الزميل ايهاب الخراط قد نبهنى ان الاستخدام الشائع فى مصر هو العلاج المعرفى.
د. يحيى:
أنا مع رأى د. إيهاب، وقد اعترضت على ما قام به الابن الزميل د. عادل مصطفى (فى الكويت الآن) حين ترجم كتاب “علم النفس المعرفى “Cognitive Psychology” إلى علم النفس الإدراكى”.
إن التفرقة بين “الإدراك” و”التفكير” و”المعرفة” (بل والخيال والإبداع) هى أساسية فى كل هذه المناطق، وهى ضرورية وجوهرية، والمعاجم لا تُلزمنا، بل علينا نحن أن نصححها، ولنا عودة.
د. طلعت مطر
إن كان لى أن اقول كلمة عن نوع العلاج الذى تمارسونه فانه فى رأيى مختلف كثيرا عن علاج “جوديث بك ” ولا أدرى لماذا تسمونه علاجا معرفيا وقد يكون أشمل من علاج بك المرتبط بهدف وزمان محددين. وهو فى رأيى خليط من العلاج الوجودى والجشتاليى والمعرفى والاتجاهات الانسانية والمتمركزة حول العميل. كل ذلك فى إطار المعايشة الإنسانية شبة الكلية. فإن كان مبدأ العلاج المعرفى هو\” تصحيح افكار المريض التلقائية ومن ثم المحورية\” فإن مبدا العلاج الرخاوى هو\” الأخذ بيد المريض \” مع استعمال كل الطرق للأخذ بيده من حفرة المرض ومحاولة وضعه مرة اخرى على المسار!. هذا ما تصورته وقد اكون مخطئا او مسطحا او غير فاهم تماما لماهية هذا العلاج. وان كان لى ان اقترح تسمية هذاالعلاج فانه يمكن أن يكون مثلا \” علاج المعية\” او \”علاج المعايشة\” أو\” العلاج الشمولى\” كما يمكن أن يكون هو\” العلاج الاستدراكى\”
د. يحيى:
أعتقد يا طلعت أن تسمية ما نقوم به لم تكن أبدا “العلاج المعرفى” (وإن كنتُ قد ذكرت ذلك أحيانا) وأنا لا أوافق طبعا على اسم العلاج الرخاوى، وإنما هى كما ظهرت فى كتابى الأم “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” “علاج المواكبة” وهى أقرب إلى تسميتك الآن “علاج المعايشة” والاسماء الأخرى الكريمة التى أطلقتها، ثم إننى اهتديت مؤخرا إلى تسمية أحدث: وهى “علاج المواجهة المواكبة المسئولية (م.م.م)” وهو اقرب إلى الخطوة الثالثة لتطور العلاج المعرفى فى الغرب ، وتحديدا بالنسبة للموجة الثالثة المسماة (ACT) علاج القبول والإلتزام Acceptance Commitment Therapy وقد أشرت إلى ذلكفى نشرة سابقة24-2-2008 (الفروق الثفافية والعلاج النفسى).
****
التدريب عن بعد: الإشراف على العلاج النفسى (33)
مستويات وأنوع الإشراف على العلاج النفسى
د. نعمات على
اتساءل لماذا لا يتم إشراف الأقران فى المقطم، اشعر أنه يفيد خاصة فى البداية للمبتدئ الذى يجد عنده حرجا أن يتكلم، ويسأل.
د. يحيى:
يا خبر يا نعمات!! تصورى أننى لم أكن أعرف انه لا يتم إشراف الأقران فى المقطم، سوف استعلم أكثر لأتخذ قرارى حالا.
د. نعمات على
عندما يشعر المعالج فى نفسه بالتقصير وعدم الخبرة فى البداية ماذا يفعل؟ هل يتراجع أم يستمر؟
د. يحيى:
هو وشطارته، وشطارة المشرف عليه
د. محمد الشاذلى
لم أفهم معنى “الإشراف بالنتيجة” و”الإشراف بالوقت” فى ظل التعريف الأساسى لمعنى الإشراف على العلاج النفسى، على أساس أن النتيجة أو الوقت هى محكات العملية العلاجية والتى تساهم فى توجيهها على مدار الوقت من خلال جميع أنواع الإشراف وليس بشكل منفرد.
د. يحيى:
قررت من خلال تساؤلك أنت والزميلة عاليه، أن أخصص يوم الأحد القادم لتوضيح ثلاثة أنواع من الإشراف ذكرت إجمالا وبسرعة فى النشرة السابقة، وقد سألنى عنها الكثيرون وهى “الإشراف بالنتيجة وإشراف المريض وإشراف الوقت (الزمن)” فأرجو أن تنتظر إلى بعد غد.
أ. محمد اسماعيل
مش فاهم آخر مستويات الإشراف، وليه حضرتك ضممتُه للإشراف.
د. يحيى:
نفس إجابتى على د. الشاذلى حالا، وايضا أنتظر إجابتى على بقية تساؤلاتك فى نشرة الأحد (بعد غد).
أ. عبد المجيد محمد
اليومية مهمة جداً وكان نفسى تنزل أول بداية شغلى لأنها نورت حاجات كتير.
د. يحيى:
وصلتنى أنا أيضا أهميتها بعد نشرها، ولهذا سأعيدها وأفصّلها أكثر بعد غد (الأحد).
أ. نادية حامد محمد
مش فاهمة: أرجو توضيح ما هى أسباب أو احتمالات تجاوز نمو المريض درجة نمو الطبيب.
د. يحيى:
نفس إجاباتى السابقة على الزملاء الثلاثة الذين قبلك يا نادية، انتظرينا بعد غد.
أ. نادية حامد محمد
أعجبتنى وأفادتنى جداً كيفية أن فرط رؤية المعالج حتى فى حالة صحتها لا تساعد على حركية وتلقائية المريض بالقدر الذى يفيد العلاج.
وأن المريض فى بعض الأحيان يتجاوز مرحلة نمو طبيبه، ويحفز الطبيب أن يلحق به، وبالتالى قد يتجاوزه الطبيب مع مريض آخر.
د. يحيى:
يا خبر يا نادية! لقد كانت هذه النقطة من أصعب ما قدمت، لأننى تصورت أن المعالجين والأطباء سوف يقاومونها بالطول وبالعرض ولهذا سوف أزيد من شرحها بعد غد.
أ. محمود محمد سعد
معترض على أن القراءة فى تقنيات العلاج النفسى للمعالج حديث التدريب ليست ضرورية بل ومعيقة. إننى أرى أنها تضيف جانبا علميا منذ البداية ليسهل عملية التواصل مع المعالج المدرب.
د. يحيى:
أنا لا أستطيع أن أمنع أى معالج مبتدئ من أن يقرأ ما يتراءى له فى العلاج النفسى وغير العلاج النفسى، لكننى لا أنصح ولا أوصى بذلك، ولا أرى أنه شرط لكى يصبح معالجا، إن هذا التحفظ له وظيفة تؤكد أنه على من يقرأ أن يقرأ على مسئوليته، وأن يتأنى فى تطبيق مايقرأ، ويناقشه أولا بأول فى جلسات الإشراف.
أ. محمود محمد سعد
وصلنى أن المعالج قد يلجأ إلى رأى شخص عادى، وذلك ليجد حلاً للمشكلة التى تعترية مع مريضه، وأضيف أنها أيضاً ليختبر بها المعالج صحة حلوله.
د. يحيى:
هذا هو
د. نرمين عبد العزيز
أصعب نوع من الإشراف على العلاج النفسى على ما أعتقد هو إشراف المريض لأنه يضعنى كطبيبة فى موقف صعب وهو أن أكون طوال الوقت فى محاولة لِلّحاق بفكر مريضى، وفى نفس الوقت من المفترض أنى أقوم بتنظيم هذا الفكر الذى يصعب على استيعابه،
ولكنه على ما أعتقد أيضا هو أكثر أنواع الإشراف دافعاً للنمو لكل الطرفين.
د. يحيى:
الجملة الأخيرة رائعة وكافية (فجعلتها من أول السطر ووضعت تحتها خطا:
..” اما ما قبل ذلك فقد نسختْه جملتكِ الأخيرة بتلقائية سلسلة
فقط أريد أن أنبه أن المسألة ليست اللحاق بفكر المريض، لكنها فى التأثير الإيجابى من خلال الموقف الصعب الذى يضعنا فيه مرضانا ونحن نحترمهم.
أ. رامى عادل
اخذ يصول ويجول، لا يتوقف، يقوم باحماءاته بطريقه\” فاجرة\” وهو نشيط جدا جدا، راقتني حركيته المبدعه الرائقه، جاءني للمره الثانية مبتسما، ثم يباغتني بتكشيرة لها طعم آخر (مكفهر)، تبهتني بعض الشيء، ويستمر في حركته الدائريه، مع قليل من التوقف، مواربا،الي ان يقترب للغايه_ يصعقني،.وفي المره الثالثه اجد نفس الانسان قائما يفيض نورا وجلالا_ انه احد عملائي الكرام_ في المتجر الذي اعمل فيه كموظف امن!
د. يحيى:
وما علاقة هذا بالإشراف يا رامى؟
لكن يبدو أن له علاقة بآخر جملة قالتها د. نرمين حالا.
بل إن بعض من أخذ كلامك ومداخلاتك فى هذه النشرات يا رامى مأخذ الجد منذ بداية ظهورها، لابد أنه قد اعتبرك مشرفا عليه، وربنا يستر.
****
تعتعة: قبلات وأحضان، وسط الدماء والأحزان
أ. علاء عبد الهادى
هم ليسوا أقوى نفسياً، ولكنهم أكثر بلادة فى المشاعر وأكثر تخمة، وأكثر جهلاً فهم كالدُمى والعرائس التى تحركها أمريكا كيفما شاءت.
د. يحيى:
والله يا علاء، أنا لم أعد أعرف مَنْ الذى يحرّك من!!
أ. علاء عبد الهادى
عندما يخرج وزير الخارجية القطرى ليؤكد صحة المعلومات التى تؤكد نقل الأسلحة والقنابل الفوسفورية إلى إسرائيل عبر القاعدة الأمريكية بقطر، ليهدد بعدها بأن حكومته قد تفكر – مجرد تفكير – فى سحب الجنود القطرين المعنين بحراسة هذه القاعدة إذا استمر العدوان على غزة.
بماذا تفسر ذلك هل بأنهم أقوى أم بأنهم أكثر بلاده؟
د. يحيى:
الاثنان معاً يا سيدى
د. مروان الجندى
هم ليسوا أقوى نفسيا، ولكن هم لا يشغلون بالهم بغيرهم ولا يعنيهم إلا أنفسهم، وذلك نظراً للحفاظ على المكانة التى هم عليها الآن.
د. يحيى:
برجاء قراءة ردى على علاء حالا
د. مروان الجندى
أتساءل: هل لو كان أحدهم مواطناً عادياً كان سيقف وسط القبلات والأحضان أم العكس؟
وهل لو كان أى مواطن آخر (شخص بسيط يحزن على الوضع الحالى)، مكان أى شخصية سياسية ماذا سوف تكون طريقة تصرفه؟
د. يحيى:
أظن أن المحنة الحالية قد أظهرت روعة المواقف التلقائية لمن يمكن تسميته “الشخص العادى”
والله يا مروان كم أكره هذه الوجوه المرسومة وتلك الأحضان البلاستيك ثم القبلات التى تصلنى مثل طقطقة نار جهنم وهى تقلب الحجارة.
د. عمرو دنيا
لا أدرى فعلا موقف الزعماء والرؤساء والاجتماعات والقمم المتتالية والتى جميعها تنتهى بالقبلات والاحضان والترحيب وكأن شيئا لم يحدث وكأن ليس هناك جريمة مستمرة فى حق أبرياء لا ذنب لهم.. ما زلت عاجز عن أن أفهم ذلك ناهيك عن أن أجد تفسيراً له.
يحضرنى أن أذكر… شكراً أردوغان!
د. يحيى:
أنا فرحت بموقف أردوغان، لدلالته المباشرة،
لكن أرجو ألا نبالغ فى الإعلاء من ذلك حتى لا ننسى حجم تجارة وعلاقات تركيا مع إسرائيل بما فى ذلك الأسلحة، ومع ذلك فهو موقف شريف وشجاع وضرورى تماما.
د. محمد أحمد الرخاوى
الشاعر احمد مطر
(مِن أوباما..
لِجَميعِ الأعرابِ شُعوباً أو حُكّاما):
قَرْعُ طَناجِرِكُمْ في بابي
أرهَقَني وَأطارَ صَوابي..
افعَل هذا يا أوباما..
اترُك هذا يا أوباما
أمطِرْنا بَرْداً وسَلاما
يا أوباما.
وَفِّرْ للِعُريانِ حِزاما!
يا أوباما.
خَصِّصْ للِطّاسَةِ حَمّاما!
يا أوباما.
فَصِّلْ للِنَملَةِ بيجاما !
يا أوباما..(
قَرقَعَة تَعلِكُ أحلاماً
وَتَقيء صَداها أوهَامَا
وَسُعارُ الضَّجّةِ مِن حَوْلي
لا يَخبو حتّى يتنامى.
وَأنا رَجْلُ عِندي شُغْلٌ
أكثَرُ مِن وَقتِ بَطالَتكُمْ
أطوَلُ مِن حُكْمِ جَلالَتِكُمْ
فَدَعوني أُنذركُمْ بَدءاً
كَي أحظى بالعُذْر ختاما:
لَستُ بِخادمِ مَن خَلَّفَكُمْ
لأُسِاطَ قُعوداً وَقياما.
لَستُ أخاكُمْ حَتّى أُهْجى
إن أنَا لَمْ أصِلِ الأرحاما.
لَستُ أباكُمْ حَتّى أُرجى
لأكِونَ عَلَيْكُمْ قَوّاما.
وَعُروبَتُكُمْ لَمْ تَختَرْني
وَأنا ما اختَرتُ الإسلاما!
فَدَعوا غَيري يَتَبَنّاكُمْ
أو ظَلُّوا أبَداً أيتاما!
أنَا أُمثولَةُ شَعْبٍ يأبى
أن يَحكُمَهُ أحَدّ غَصبْا..
و نِظامٍ يَحتَرِمُ الشَّعبا.
وَأنا لَهُما لا غَيرِهِما
سأُقَطِّرُ قَلبي أنغاما
حَتّى لَو نَزَلَتْ أنغامي
فَوقَ مَسامِعِكُمْ.. ألغاما!
فامتَثِلوا.. نُظُماً وَشُعوباً
وَاتَّخِذوا مَثَلي إلهاما.
أمّا إن شِئتُمْ أن تَبقوا
في هذي الدُّنيا أنعاما
تَتَسوَّلُ أمْنَاً وَطَعاما
فَأُصارِحُكُمْ.. أنّي رَجُلُ
في كُلِّ مَحَطّاتِ حَياتي
لَمْ أُدخِلْ ضِمْنَ حِساباتي
أن أرعى، يوماً، أغناما!
د. يحيى:
شكرا يا محمد
لى تحفظات هامة لا اريد أن أذكرها، فالشعر شعر وهو خفيف خطير، لكن “المعنى” الذى يوحى به هكذا ينبغى أن يؤخذ بحذر شديد (الشعر لا يقدم معنى).
أنا بالذات – مثلا – أرفض أن ينطبق علىّ هذا التشكيل.
أنا – شخصيا – اَفْضَلُ من أوباما، رضيتَ أم لم ترضَ.
ما رأيك؟
ومع ذلك: أنا أحب أوباما
وكل أوباما: فى النوبة أو فيتنام أو خان يونس
أو الولايات المتحدة الحقيقية
وأحب من انتخَبَهَ.
وأمضى وحدى فخورا بأنى أعرف كيف أحب، ولا أعتمد ولا أنتظر.
أنا أفضل منه
وأنت أفضل منى لو قررت، وواصلت … إلخ
أ. رامى عادل
ربما تشعر بطفل يتيم، رث، مهلهل، يتقدم اليك متنهنها، يبحث عنك وسط ركامه، ليجدك بعيدا قريبا، تنظر اليه ولا تراه، تبحث عنه فلا تجده، ربما لانه وحده، ومع ذلك فهو انت.. قديما، ينبش وسط الخراب عن قطعةمن الكيزر، او ربما يحلم متيقظا بكوب من الحليب الدافيء، ومن يري بلاوي الناس تهون عليه بلوته!
د. يحيى:
تابعت رقة مشاعرك حتى آخر جملة، فرفضتها (رفضت آخر جملة)
انا أرفض هذه الجملة – طول عمرى – وقد رفضتها أكثر وأكثر حين استعملها البعض لتفسير فائدة العلاج الجمعى وكنت اشم فيها رائحة شماتة حقيقية وأنانية عنيفة وبلادة،
وأنا عادة أرد عليها بأنه “من شاف بلاوى الناس زادت عليه بلوته” لأنه سوف يحمل بلاوى الناس فوق بلوته، وهم بدورهم سوف يحملون منه وعنه ومعه بعض بلوته فتنزاح البلاوى جميعا أو ننمو من خلالها.
وهذا هو العلاج الجمعى الأقرب إلى الطبيعة البشرية الجميلة.
****
يوم إبداعى الشخصى: خصاء.. وخصاء
أ. عبده السيد على
أول مرة أسمع عن خصاء العقول وخصاءات أخرى. الألم الشديد لبسمة قنديل زى ما يكون احساس بالذنب فارغ يغطّى رغبتها هى فى ذلك.
د. يحيى:
ياه !!
لعله كذلك
أنتظر رأيك مكتملا حين تقرأ هذا الجزء الثالث “ملحمة الرحيل والعودْ”
أو ربما الثلاثية كلها
شكرا.
*****
حوار/بريد الجمعة
د. أميمة رفعت
تقول لى أنه: لولا أن \”تقاسيمى هذه كانت على أحلام نجيب محفوظ \” لما التفت أنت أيضا إليها. لقد حضرت ولادتها يا د. يحيى فكيف لا ألتفت إليها؟
منذ عدة اشهر بعثت لك بسؤال قصير عن أحد كتبك لم أستطع العثور عليه فى المكتبات، ولم ترد علىَ، فظننت أننى قصرت فى البحث ولم ابذل جهدا كافيا. بالأمس بحثت ثانية عن كل أعمالك، وكانت نتيجة البحث كالآتى:
- مكتبة الهيئة العامة للكتاب لا تبيع أى كتاب من كتبك، و لم أكتف بالرد الأول \” ليس لدينا يحيى الرخاوى \”، بل طلبت منهم البحث فى دفترهم المدون به أسماء الأعمال التى بالمكتبة (ليس لديهم كمبيوتر)…و لم أجد شيئا. إنتزعت منهم وعدا بأن أكتب لهم قائمة بإسم الكتب ويبحثون عنها فى المخازن !!
- \” دار المعارف\”: لم يعرف البائع عمن أتحدث، وعرض علىَ كتاب التشريح للرخاوى الذى يدرسه طلاب اولى طب، و بعد جهد و إصرار بحث معى فى المكتبة و فى الكمبيوتر و..لم نجد شيئا.
- \” أرصفة النبى دانيال \” و تشبه الأزبكية فى القاهرة، يبيعون كل إصدارات هيئة الكتاب القديمة والحديثة، ويعرفون جيدا يحيى الرخاوى \” النفسانى\”، ولكن ليس لديهم شىء له.
وفى النهاية رجعت بخفى حنين….كيف تتوقع أن يقرأ لك الناس و كتابك لا وجود له؟ أليس الكتاب مثل أى سلعة يحتاج إلى إعلان ودعاية و تسويق. ثم تجديد للإصدارات القديمة بغلاف جديد وإعلان جديد ومتابعة لوجوده بالأسواق؟ وهل يقبل ناقد بسهولة ( هو أيضا يريد تسويق كتابه ) أن ينقد مادة لا شعبية لها لسبب بسيط وهو أنها غير متوفرة ولا يعلم القارىء عنها شيئا.
أعلم أن الكتب موجودة فى الموقع مجانية لمن يريد.. و لكن يا د. يحيى..أنت سيد العارفين، لا يحل شىء محل الكتاب، بطقوس إنتقائه من بين الكتب وشرائه وإمتلاكه. من يستطيع الإستغناء عن ملمس الورقة و رائحتها و هذه العلاقة الحميمة التى تنشا بين الكتاب ومقتنيه. هل تعادل متعة القراءة مع سماع الموسيقى، أو فنجان القهوة، او الإسترخاء قبل النوم، أو حتى الصراع مع الورقة والشخبطة على أطرافها وهوامشها الجلوس أمام الكمبيوتر.
لقد طبعت كتابك \” دراسة فى السيكوباثولوجى\” من الكمبيوتر وحولته إلى ما يشبه الكتب الصغيرة و كدت أنتهى من قراءته وقد إستغرقت فى قراءته ما يقرب من العام. صدقنى برغم روعة المحتوى فشعورى أنه ورق مصور أفقدنى نصف متعة القراءة..
أرجوك يا د. يحيى إفرض سلعتك على الأسواق وستجد القارىء والناقد معا. ولا يكفى أن تتوفر كتبك بالقاهرة، فأنت شخصية كبيرة ولا يليق بك أبدا هذا الحصر بل يجب أيضا أن تترجم بلغات مختلفة و تنتشر.
د. يحيى:
يا أميمة يا أميمة، لا تقلبى علىّ المواجع أكثر، ماذا أفعل أكثر من أن معظم الهيئات الرسمية (الهيئة العامة للكتاب – مؤسسة الهلال – دار المعارف – المجلس الأعلى للثقافة – هيئة النشر فى قصور الثقافة) نشرت لى ما طلبتْه منى دون أن أقدم أغلبه، وفى نفس الوقت رفضت “عالم المعرفة” (الكويت) نشر كتابى “حركية الوجود وتجليات الإبداع”، معتذرة بأنه ليس مما يعنيها! (فماذا يعنيها؟) فنشره المجلس الأعلى للثقافة!!!
المهم: كنت ألوم نفسى حين أنشر على حسابى، (وقد فعلت ذلك كثيرا)
وتصورت أن هذا هو سبب عدم وجود مؤلفاتى فى المتناول، وحين طرقت باب النشر الخاص ودفعت المعلوم (وهذا تقليد جديد فالذى يريد أن ينشر عليه أن يدفع آلاف الجنيهات لا أن يقبض!! بالنسبة لى لم تكن هذه هى المشكلة فأنا رجل ميسور الحال) أقول : حين طرقت باب النشر الخاص رحت أعامل ناشرا عالميا رائعا هو “ميريت” وكانت تجربة صعبة كارثية لها ما لها وعليها ما عليها والله العظيم.
ماذا أفعل؟ ماذا أفعل؟
ملحوظة: أنت غالبا لم تقرئى ثلاثيتى “المشى على الصراط” مع أنها الآن مطبوعة طبعة ثانية وموجودة فى الموقع، أرسلها لك – غالبا أيضا – لكن لابد أنك قرأت عمارة يعقوبيان وقد قرأت اليوم خبرا منشورا فى الصحف اليومية أو ربما فى صحيفة “القاهرة” أنها باعت أكثر من مليون نسحة وترجمت إلى أكثر من عشر لغات، وهى رواية جيدة جدا، لابد، برغم أننى لم أستطع أن أكملها (حقدا فى الأغلب) … إلخ.
تقولين: إفرض سلعتك يا دكتور يحيى
وأقول لك: حاضر!!
(إيش خاطر الأعمى؟! قال قُفّة عيون!!)
كيف بالله عليك (أفرض سلعتى)؟
كيف؟
أخبرينى وأنا أفعل،
أو البركة فيكم: أنا أكتب، وانتم تفرضونها!!!
بالله عليكم ماذا تطلبون منى أكثر؟
“غلب غلابى” والمصحف الشريف
الحمد لله.
أ. زكريا عبد الحميد
لقد سألت نفس السؤال يا د.يحيى: لماذا لم يتناول النقاد مجموعة مقالاتك – الناس والطريق- أيام الانسان والتطور الورقية-كنموذج غير مسبوق فى أدب الرحلات، عندماقرأت عبر هذا البريد أنها ستناقش الجمعة القادمة فى المقطم خطرت لى إحدى الاجابات التى عرفتها متأخرا للأسف: وهى أن الساحة الثقافية لدينا جد فاسدة
د. يحيى:
أنا لن أحضر هذه المناقشة يا زكريا!!!
ولا أحب أن أعترف أن ساحتنا الثقافية فاسدة، وأنا لا أراها كذلك.
الترحالات الثلاثة التى هى تزاوج بين أدب الرحلات والسيرة الذاتية ناهزت الألف صفحة، وحين لم يناقشها أحد، ولم ينقدها أحد (تقريبا) تبرع بعض تلاميذى ان يناقشوها فى ندوة المقطم هذا الأسبوع (اليوم تحديدا)
هل هذا كلام؟
لذلك لن أحضر .. إلخ
د. أميمة رفعت
عن النوم واليقظة و الأحلام:
الحقيقة أننى ترددت كثيرا قبل ان اكتب الآتى. فمن ناحية هو ليس تعقيبا على يومية و من ناحية أخرى خفت أن تظن أنها مسألة شخصية، مع أنها فى صميم الطب النفسى وإن كنت ساستغل حدث شخصى لأسأل وأستزيد علما. على أى حال سأتحمل المسئولية كاملة.
كنت نائمة نوما عميقا، ثم إستيقظت فجأة بلا أى مبرر يقظة تامة فى الخامسة فجرا ( لم أكمل أربع ساعات نوم ) و بدأ عقلى يعمل بطريقة غريبة، فبدات أرى فى رأسى صورا تتلاحق بسرعة يبدو وكأن لا علاقة لبعضها ببعض، ثم أخذت هذه الصور تتفند وتترتب كما نفند أوراق الكوتشينة فتحل الأولى محل الأخيرة والعكس بسرعة وبتكرار كنت أشعر معه بالراحة وكأننى أريدها أن تتكرر مرة بعد أخرى، ثم تختفى إحدى الصور و تحل محلها صورة مختلفة تماما اشعر أنها مهمة أو أنها \” مفتاح \” لشىء ما. ثم تتكرر هذه العملية مرات و مرات و تكثر \” المفاتيح \” و إن كانت متفرقة.. صور هى ألفاظ أو ألفاظ هى صور لا أعلم: الموت.. عالم الأحياء.. عالم الموتى… محفوظ..إلخ و كنت أعلم أن موضوعا ما يتكون فى عقلى. ظللت هكذا حتى السابعة و النصف صباحا. حاولت طوال هذه الفترة أن أغمض عينى و أرجع للنوم فلم أستطع فقد كان عقلى نشطا بالرغم من أن جسدى كان خاملا (الحقيقة لم أنتبه له أصلا ). لو سألنى أحد عندئذ عن تفاصيل الموضوع الذى تكون لن أستطيع الإجابة، و لكننى كنت أعرف أنه عن الموت فى الأحلام والتقاسيم. الغريبة أنه طغى علىَ شعور أن هذه الأفكار كانت دائما فى رأسى و أننى كنت أعرفهاطوال الوقت مع أن هذا ليس صحيحا على الإطلاق، شعور يشبه déja vu. بعد هذه العملية التى لا أعرف ماذا أسميها شعرت بالراحة و الإكتفاء. و ظللت طوال اليوم ذهنى حاد، و عقلى نشط بالرغم من أننى لم أنل قسطا وافيا من النوم. كنت سعيدة بذلك لأننى كنت أعانى فى الأسبوع السابق من بلادة غريبة فى التفكير أصابتنى بإكتئاب و إحباط و كأن مسام عقلى مغلقة حتى أننى كنت أستعين بالحدس فقط على تصريف الأمور طوال الإسبوع.
بعد حوالى إسبوع تجمعت أفكارى فى جمل لها معنى وجلست أكتب لك عن الموت فى أحلام محفوظ وتدفقت الأفكار بغزارة و إن كنت قد أحجمت عن كتابتها و إختصرتها للمساحة.
الآن أسئلتى كثيرة جدا ولكننى سأركز على أهمها:
- هل تشبه هذه العملية ما يحدث فى الحلم؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا ينه المخ النوم و يكملها فى اليقظة؟
- هل هناك علاقة بين خمول المخ فى الفترة السابقة لما حدث وبين هذا النشاط المفاجىء؟
- هل هذا مثال مبالغ فيه لطريقة عمل المخ العادية أثناء اليقظة، أم هو مثال مبسط لطريقته فى العمل أثناء النوم؟ و لماذا يصل إلى وعيى؟
- هل هناك صلة أو تشابه بين ميكانزمات ما حدث و ميكانزمات نوبات الصرع؟ علما بأننى غير مصابة بالصرع.
- بإعتبارى من الأسوياء (أرجو ذلك)، هل هذا نموذج مصغر لما يحدث للمريض النفسى، و خاصة الذهانى، أثناء اليقظة؟
سأكتفى بهذه الأسئلة، و أشكرك لسعة صدرك.
د. يحيى:
أولا: أصدقك واصدق خبرتك واحترمها
ثانيا: أظن أن “مبادىء” الرد على كل هذه الأسئلة قد جاءت فى تنظيرى عن الحلم والجنون والإبداع فى أطروحتى “الإيقاع الحيوى ونبض الإبداع” والتى نشرت فى مجلة فصول منذ أكثر من ربع قرن، ثم وردت كفصل أول فى كتابى الذى نشره “المجلس الأعلى للثقافة” (حركية الوجود وتجليات الإبداع) والذى لم يقرأه أحد أو على الأقل لم يعلق عليه أحد.
ثالثا: لم تتحقق نظريتى (فروضى) فى هذه الأطروحة، بعد خبراتى الشخصية، ومع مرضاى، إلا من خلال:
(أ) مقدمة نقدى لأحلام فترة النقاهة، وهو ما جاء فى الفصل الأول فى كتابى عن “أحلام فترة النقاهة، قراءة وتقاسيم” والذى ننشرها مسلسلا هنا فى نشرة الإنسان والتطور، كما أنه (الكتاب) فى نفس الوقت تحت الطبع الآن، كما وعدونى فى “الهيئة العامة للكتاب”، وأخذوا أصوله.
(ب) نقدى بعض قصص هانز كرستيان أندرسون للأطفال، وبالذات قصة الظل وقد نشرت فى مجلة “وجهات نظر” (أطفالنا: بين روح الشعر ونظم الحكمة).
(جـ) ثم تاتى خبرتك هذه لتواكب جانبا من فروضى، فتلوح لى فرصة جديدة أفضل الا أتعرض لها بالنقد الآن، لأنها صادقة وتحتاج مزيدا من الاستيضاح خاصة فيما يتعلق بالمدة (من الساعة الخامسة فجرا حتى الساعة السابعة والنصف صباحا)
فتنظيرى يفترض أن تأليف الحلم -وهو إبداع أصيل كما جاء فى أطروحتى-، يحدث فى نقلة وعى حركية الاستيقاظ، ومدة هذا الإبداع – فى فروضى– لا تتجاوز بضع ثوان أو حتى بعض ثانية، واسمحى لى أن أؤجل مناقشة كل ذلك لحين أن تقرأى ما أوصيتك به، ربما عدة مرات.
لكننى أصدق روايتك، وأن هذا هو ما حدث.
شكرا لصراحتك
وشكرا لشجاعتك
*****