الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حـوار بريد الجمعة

حـوار بريد الجمعة

“يوميا” الإنسان والتطور

7-12-2007

حـوار بريد الجمعة

مقدمة:

برغم تراجع عدد المشاركين القدامى، دون ضيوف جدد، فإننى فضلت أن نستمر فى التجريب والمحاولة. ولست متأكدا إلى أين يقودنا الإصرار، أو إلى متى يحفزنا الأمل.

ما علينا، نبدأ بالابن المثابر د. أسامة عرفة

د. أسامة عرفة: (الوحدة والتعدد 2) يومية 1-12

لا مجال للشك في مسالة تعدد الذوات وقد تعلمناها معكم ومع مرضانا حتى كنا نراها رأى العين ……

د. يحيى:

… ومع ذلك يا أسامة، فقد تعجبت أول أمس فى مرور الثلاثاء (وفى ندوة سابقة) من محمد إبنى وهو يعلن – بأمانة مغامِرة – أنه لم يهضم بعد هذه الفكرة (التى قاربت الحقيقة عندى)، احترمت رأيه وفضلته عن تزييف موافقته، مع أنه مارس العلاج الجمعى سنين عددا على ما أذكر، أعرف أن فكرة التعدد هذه مسألة مرعبة، وكلما قرأت مقالى القديم (الوحدة والتعدد البشرى) عدد أكتوبر الإنسان والتطور عام 1981 أشفقت على كل القيم السائدة من قبول هذه الفكرة دون مسئولية (هل راجعت حلقة “أنا واحد ولاّ كتير”) (يومية 28-11 الوحدة والتعدد فى التركيب البشرى (1) “انا واحد ولاّ كتير”)  و(يومية 1-12الوحدة والتعدد فى التركيب البشرى (2) “القرين والجان داخلنا”) وإجابات المشاركين فى برنامج سر اللعبة عن السؤال السادس عن المسئولية؟

بغير هذا المفهوم – الكثرة فى واحد- أكاد أعجز عن علاج مرضاى، وعن فهم نفسى، وعن استيعابى للإيقاع الحيوى (كتاب حركية الوجود وتجليات الإبداع)  وعن ممارسة النقد الأدبى (تبادل الأقنعة “دراسة فى سيكولوجية النقد”) وعن الإحاطة بـ مفهوم الفطرة الجديد (عن الفطرة والجسد وتَصْنيم الألفاظ “يومية 6-11-2007) كما حضرنى مؤخرا، ويبدو أننى سأخصص ما تبقى لى من عمر للإحاطة بهذه الفكرة وتوصيلها. 

د. أسامة:

  السؤال هنا هل هذه الذوات متوازية؟

د. يحيى:

أنا لا أحب حكاية التوازى هذه (مع أنى كنت استعملها من سنوات، لكننى بعد أن تذكرت أن الخطان المتوازيان لا يلتقيان أبدا، وصلنى خطأ التعبير، لأن هذه الذوات لا تفعل شيئا إلا أنها تلتقى، وتتصادم، وتتبادل وتتنافس، وتتجادل طول الوقت، طول العمر، تفعل كل ذلك ساعية نحو التناغم الكونى إلى وجه الحق سبحانه.

د. أسامة:

تصُّورى ان هذه الذوات محطات تطورية في مسيرة نمو الفرد حيث تمثل كل ذات مرحلة من سلم النمو، وتأخذ تركيبها الكامل في ارتباطات المخ، ثم تأتى مرحلة تالية في هيراركية النمو تتشكل معا. الذات التالية تحيط بالأولى وتستوعبها بنائيا وديناميا، وهكذا حتى تمام النضج أى هارمونية هذه الذوات في كل واحد، مع بقاء نبض كل ذات داخل المنظومة المتكاملة ووفقا للموقع التطوري لها بالقدر الذي يثري تكامل المنظومة و فاعليتها وتفاعلها.

د. يحيى:  

أوافقك تقريبا فى معظم ما اقترحت وشرحت دون الدخول فى التفاصيل، أرجو أن تكون قد تابعت اللعبة على حلقتين الأولى(يومية 28-11 الوحدة والتعدد فى التركيب البشرى (1) “انا واحد ولاّ كتير”)والثانية  (يومية 1-12 الوحدة والتعدد فى التركيب البشرى (2) “القرين والجان داخلنا”) بل إننى واثق من أنك فعلت، كما أنى أعرف أنك تابعت الحلقة الأخيرة عن الهلوسة الشمية، وهى ضمن حوار اليوم. فى مرور الثلاثاء الماضى (أول أمس) قلتُ للزملاء أنه بدون هذا المفهوم مضافا إلى آلية الإيقاع الحيوى، والإدراك الداخلى (العين الداخلية – والأنف الداخلية …..إلخ وليس الاستبطان) أقول بدون هذا الثالوث أعتقد أنه لا يمكننى أن أنجح فى فهم مرضاى ونفسى ومحياى ومماتى لله رب العالمين.

ثم إنها محطات تطورية، وطبعا هى مرتبة هيراركيا مثلما ما قلتَ، لكننى أتحفظ على حكاية تمام النضج، النضج يا أسامة لا يتم أبدا طالما نحن بشر ننام ونصحو، نحن لسنا آلهة ولن نكون، الله وحده هو الذى لا تأخذه سنة ونوم، صحيح أن المفروض أننا ونحن فى طريقنا إليه  قد نعمى إرهاقا فنتصور أننا أتممنا نضجنا، وأنه قد تحقق ما تسميه “هارمونية الذوات فى كل واحد مع بقاء نبض كل ذات داخل المنظومة المتكاملة …الخ”. إنه برغم صحة عموم كلامك. فإنى أصبحت يا أسامة أركز على قوانين الحركة أكثر من محاولة تفسير أبجدية التركيب، وصفات المحتوى، كل ما نملك، بعد قبول احتمال صحة هذا التعدد هو أن ننظم الحركة فيما بين هذه الذوات ليقوم الإيقاع الحيوى بدوره، وبرنامج الدخول والخروج in – and – out program بدوره، وبُعْد الزمن الحركى بدوره، وتناغم إيقاعنا مع إيقاع الكون (بالعبادة والإبداع معا) بدوره، ثم علينا أن نحافظ على استمرار الحركة حول الفكرة المركزية إليه، عندنا فى الإسلام الفكرة المركزية هى أنه “لا إله إلا الله” – (وكل دين على ما أعتقد فيه ما يقابل ذلك). إن ما يسمح لنا بتقبّل حقيقة التعدد هو استيعاب آليات التبادل، والبسط، والتمثل، والجدل والولاف، والاستمرارية والإيقاع، وليس مجرد الاعتراف بالطفل، والناضج، والكهل، والآنا الأعلى، والأنا الأوطى، داخلنا هى حركية يا أسامة، لكنها – مثل أى  حركية- لها تروس وحدات ربما لا نراها إلا إذا توقفت الحركة، قسراً، أو اختياراً نادراً مسئولا.

آسف “تجعْلَص” منى الكلام فلنتنقل إلى موضوع آخر             

د. أسامة عرفة: (حاسة الشم) عن يومية 3-12 (رائحة للذات، والحياة، والجسد، والأشياء)

أنا شامم ريحة حاجة فى الموضوع ده.. الموضوع ده شيق ورائع و مثير..

التعليق الشعبى الدارج فى وصف المتبلدين: “دى ناس لا عندها ريحة الدم و لا بتشم” الغريب فى التعبير أن الكلام عن الدم ارتبط بالرائحة أيضا والناس إياهم اللى مابيشموش رائحتهم فاحت وتزكم الأنوف،

لغة الأم (العامية) تربط الإحساس بمترادفات الشم بتلقائية عبر الأجيال، وكأن حاسة الشم هى الأصل فى الاحساس، والعجيب أن تحمل (هذه) اللغة هذا المضمون (هكذا) رغم رحلة التطور البيولوجى عبر الكائنات .

د. يحيى:   

بصراحة، وبرغم علمك بعلاقتى بالأمثال العامية، والوعى الشعبى، فهذه أول مرة أسمع فيها هذا التعبير الذى ذكرتَه، أرجو يا أسامة أن تتابع معى ما سوف أقدمه نقداً لرواية العطر التى اقتطفت منها فىيومية 3-12(رائحة للذات، والحياة، والجسد، والأشياء)، ما تيسر، خاصة وأننى أريد أن استغل هذه اليومية فى أن تضطرنى لإنجاز ما تقاعست عنه فى مجال النقد الأدبى بالذات، ومن ضمن ذلك نقدى (الجاهز تقريبا) لهذه الرواية المتحدية، التى حولوها مؤخرا إلى فيلم خائب، كاد يشوهها من فرط ما تسطّح من المخرج الذى يبدو أنه لم يلتقط عبقرية الرواية.

على فكرة يا أسامة قبل أن أتركك دعنى أبوح لك بموضوع خاص كنت قد أشرت إليه وأنا أحاورك ذات جمعة. هل تذكر حين طلبت منك أن تبلغ زملائى وأبنائى وبناتى عندك فى جدة (وغير جدة) التزامى هذا بهذه اليومية، وأن الحوار المتصل من خلالها قد يكون أكثر نفعا لى ولهم من مؤتمر اسافر إليه مئات الأميال وتتكلف الشركة الراشية فيه ألوف الدولارات، ثم لا تخرج منه إلا بحرارة اللقاء، ولسع القبلات، وأشهى الطعام، وكرم الضيافة ثم شكوك لا تحصى فى المقابل الذى عليك أن تدفعه مقابل ذلك؟ الآن، وهذه اليومية هى المائة إلا اثنتين (98) لم أنجح أن أوصّل بعض بعض ما عندى إلى أىٍّ ممن يحضرون هذه المؤتمرات كباراً وصغاراً، وأنت تذكر ترحيبى بالدكتور رفيق ( يومية 19-10 د. رفيق حاتم وبريد حوار الجمعة”)، أمس اتصل بى الابن “د. هانى يحيى” وتقدم مشكورا نيابة عن الابن أ.د. محمد عرفان بدعوتى -مثل كل عام- للمشاركة فى مؤتمرهم هذا العام، فتذكرت ما دار بينى وبينك ذات جمعة وكدت اعتذر لنفس الأسباب التى اعتذرت بها للأخ العزيز الدكتور محمد الحداد عن عدم حضورى مؤتمر البحرين منذ أسبوع، ما رأيك بالله عليك (دعْ جانبا وحَشْتِنا، ونريد أن نراك، وهذا الكلام) لماذا نجتمع فى هذه المؤتمرات بالضبط؟ لماذا المؤتمرات؟ لا، تدعنى أتمادى لأقول: ولماذا المجلات المتعلقة بها حتى لا يصل الأمر إلى “لماذا المدارس”ولماذا الجامعات..؟ أنا أرفض هذا الموقف العدمى، ومع ذلك ….!! سامحنى ولا تخشَ أن أتمادى، فأنت تعرف تقليديتى… ورفضى لكل هذه “اللماذات”؟.

لا أنتظر رداً محدداً منك فلا تشغل بالك، ودعنا ننتقل إلى ابنتى مى حلمى وهى الوحيدة، بالإضافة إلى الابن رامى، التى استجابت للعبة أنا واحد ولا كتير كتابة

د. مى حلمى: (الوحدة والتعدد فى التركيب البشرى/ يومية 28-11)

اللعبة الأولى: هو أنا واحد ولا كتير، دانا بيتهيألى إنى كتير جدا ً

اللعبة الثانية: ساعات الشخص اللى جوايا يبقى مخنوق

اللعبة الثالثة: ممكن الطفل اللى جوايا مش مجرد ذكريات طفولة، الظاهر إنه اللى نفسى أبقاه كمان

اللعبة الرابعة: طب لو أنا كتير كده، إمال بارفض ليه، يمكن أخلى الناس اللى حواليا زيى

اللعبة الخامسة: الراجل اللى جوايا بيقولى لازم أقاوم و أعمِل(do)  وأناضل.

اللعبة السادسة: طيب لو أنا أكثر من واحد؟ يبقى مين فينا المسئول أنا شايفة ان المسؤولية  بتتقسم ما بيننا.

اللعبة السابعة: المسألة مش مسألة صراع ولاَ خناقه، المسألة إنى لو كثير يمكن أتفركش

اللعبة الثامنة: يكونش الكثير اللى جوانا هو الجن اللى بيقولوا بيلبس الناس معنى كده بقى ان فى حاجات كتير مش هتتفسر.

اللعبة التاسعة: أنا كده اتلخبطت، لكن يتهيأ لى ممكن أستفيد بإنى أحاول أجمعهم على بعض.

اللعبة العاشرة: أنا نفسى الكثير اللى جوايا يتصالحوا مع بعض، بس مش على حسابى

 (تعقيب عام كتبتْه د. مَىْ بعد أن لعبت اللعبة مباشرة)

حسيت بزحمة وأنا بالعب.. استوعبت حاجات، وفى نفس الوقت اتوجعت برضه.. غالباًُُ من كتر الاستيعاب والحركة و الدنيا واقفة من حواليا.. يعنى هأفضل أتحرك كده علشان أروح فين؟؟

د. يحيى:        

كنت أتكلم يا مَىْ حالا مع أسامة عن علاقتى بالحركة، أكثر من علاقتى بالأشياء التى تتحرك، وتذكرت – دون أن أذكر – نقد لاكان لقصة الرسالة المسروقة لإدجار آلان بو، كما تذكرت قصيدتى فى حادث انقلاب سيارتى قرب نويبع حين فهمت وأنا بجوار السيارة المقلوبة، فهمت لاكان لأول مرة بوضوح وعرفت معنى اهتمامه بالدال قبل المدلول، لاخيار لنا يا مَىْ فى أن نتحرك حتى نتوجه إلى حيث تذهب بنا حركتنا التى أصبحت بالنسبة لى هى الفطرة فى جدل مفتوح النهاية، ودهشة دائمة التفتح، لعلك تابعتِ بعض تطور فكرى فى هذا الاتجاه، (عن الفطرة والجسد وتَصْنيم الألفاظ “يومية 6-11-2007) وأنا أعيد التعرف على معنى أعمق لما هى الفطرة، وهو ما أشرت إليه فى حوارى مع أسامة الآن

د. مى حلمى:

(بعد ما استجابت للعبة)

….. كنت حاسة بزحمة قعدِتْ معايا شوية لحد ما قمت أعمل هدية بايدى (hands craft) وهنا لى تعليق (على ما حدث لى):

1- شعرت أن أبداعى فى صنع الهدية كان جيد ومختلف عما تعودت..

2- شعرت بعد انتهائى من صنعها أن الزحمة قَلَّت، الألم خفَّ الى حد كبير..

3- انتابتنى حالة من السكينة بعدها كأن الدنيا أحسن، مع إن مافيش حاجة اتغيرت ظاهريا..

 وكأن الكتير اللى جوايا بعد ما اتلخبطوا الصبح رجعوا اشتغلوا تانى مع بعض (in harmony) على آخر اليوم..

د. يحيى:  

…. يبدو أن كل المطلوب منا هو أن نواكب مسيرة توجه الحركة التى خُلِقْنا بها لا أن نضغط على بّدال تسريع حركتنا ونحن نحسب أن وراءنا شيئا بذاته – لابد من إنجازه – من خلالها

د. مى حلمى:     

…. بس علشان ده يحصل كان لازم أسمح شوية..

يحيى:     

…..أنا اصدقك، وأتصور أن استجابتك هذه هى دليل على صدق محاولتنا، برغم ضآلة العدد المشارك، الأمر الذى أصبح يشكلّ لى ميزة لا عيبا، حتى تصورت أننا (مجموعة بريد الجمعة) نمارس نوعا من مجموعات المواجهة encounter groups ولكن – كتابةً-  وإن كنت قد افتقدت كريم هذا الأسبوع.

د. مى حلمى

يا ترى العيانين اللى بيشوفوا ده بيعملوا إيه؟ و هل النوم فعلا كفاية؟

د. يحيى:  

… النوم، بما فيه من حركية الأحلام الإيقاعية، هو صمام الأمن فعلا، وفرصة الإبداع الفسيولوجى، على شرط ألا نلغى نتائجه أولاً بأول فور استيقاظنا، أما عن المرضى فبصراحة، يبدو لى أحيانا أن الفرصة عندهم أكبر منا، (ربما)، يا ترى هل لاحظت ما اقتطفناه من تفاعلهم يوم الأربعاء (يومية 5-12 الأنفُ تدرك مثل العين أحياناً!!)، دعينى أعترف لك كم واجهتُ مشكلة منهجية حقيقية حين تبينت ثراء ما يجرى فى العلاج الجمعى فى مقابل صعوبة توصيله كتابةًً: إذا كان مقتطف بهذا الحجم المتواضع قد استغرق منى لتقديمه للناس الذين حرموا من فرصة مشاهدة العلاج الجمعى استغرق منى كل هذا الوقت والجهد، فماذا سوف أفعل فى مئات الأشرطة والتسجيلات التى عندى، حتى لو تفرغتُ لها مائة عام (بما فى ذلك ما بعد موتى بالسلامة!)، دعينا نأمل، ونواصل طالما نحن نعيش ونحاول.

ولم لا؟ أظن آن الآوان أن نلتقى برامى الذى لا يبخل علينا أبدا بفيض طلاقته.

يا عم رامى، لعلك قرأت اقتطافى لتعليقك على موضوع الشم يوم الثلاثاء، وأنا لا أشعر بحاجة إلى تكراره اليوم، فلنسمع تعليقك على موضوع “الوحدة والتعدد فى التركيب البشرى” يومية 28-11

أ. رامى عادل

اللى جوايا واحد بيفتن علي الناس, وكمان بيتجسس عليهم, وبيخترقهم، ومتهيألى بيكرههم، وبيحقد عليهم, هو شخص وحش جدا وشرير جدا. ودايما يسلطنى على ناس, ومش عاجبه حد, وأنا طبعا مش عارف أفاوضه ولا اخش معاه فى حوار ولا عارف أروّضه, وحاسس إن واحد فينا هيخلص على التانى. انا باسمعه يا عم يحيي وهو بيقولى: ده بيشتمك وده بيكرهك وده عايز يعمل فيك وده عايز يــ……، ودى بتستتقل دمك (هو اللى بيقول لى), ودي عايزه تخنقك, ودي عايزه تقتلك, ودى بتضحك عليك.

وبعدين يقول لى: الناس مبهوره بيك, الناس بتفكرفيك (مش كل الناس طبعا), ويقولى فلان وقع تحت تأثيرك, فلان قربّ أهو منك.

ويقول لي عليك ياعم يحيى انك كنت هتجيبلى شغل بس لما انا قلتلك عامل صحون بدال عامل نضافه مقدَّرتنيش.

ويقول لي عليك يا عم يحيي انك بتشتغل ويّا الحكومه في تضليل المواطن بالبروباجندا.

د. يحيى:  

الله يسامحك يا رامى، يمكن..!! ثم خلّ بالك يا رامى أنت لم تتكلم إلا عن شخص واحد داخلك، وأنا همى الآن هو أن أوصل للناس توصيل فكرة أننا، أننى، أنك

أ. رامى:  

يا عم يحيي انا ما بصدق (الجدع ده) يسكت هو عشان اتنفس أنا، يا عم يحيى، انا متهيألى هو شبهي بس علي وحش (هو انا اصلا حلو.. يا دي الخيبة).

أما البنت اللي جوايا فأنا قابلتها وفضلت تكلمنى وأنا اسمعها لأسابيع طويلة. وهى اسمها أمل، وهى حقيقية وجارتى، هى إللى أنا عملتها قرينة,

د. يحيى:  

يا ترى عملتها قرينه أم أسميتها قرينة؟ فكرة “الكتير” بداخلنا يبدو أنها مسألة محسومة، بالنسْبة لى، لكن يبدو أن الاختلاف يتركز حول اللغة التى نتتكلم بها عنها، والأسماء التى نسميها إياها، والمجال الذى نسمح لها بالتجلى فيه. فى التاريخ والوعى الشعبى يتجلى التعدد بشكل أو بآخر فى الأسطورة والحدوتة. وعند العامة يفضلون أن يتعاملوا معها باعتبارها الجان، والمَسّ، وما إلى ذلك، وفى الإبداع خذ عندك لها تجليات بلا حصر، أغلب هؤلاء الذين بداخلنا يمكن أن يكونوا انطباعات بيولوجية حقيقية احتفظنا بها دون تمثّل كامل، أو لعلنا نختزلها حتى نتمثلها، ولكننا قادورن- من حيث المبدأ- على استرجاعها، فى الحلم أساسا، أو كما تفعل أنت الآن، ثم إننا قد نستعملها وقد تستعملنا بوعى، أو بنصف وعى، أو … لست أدرى، يا خبر يا رامى، اندفعت من فرط حماسى أشرح لك ما قد لا يهمك، أنت مالك أنت إن كانت بيولوجية أم تجريدية أم مفهومية، آسف يارامى يا إبنى، آسف … أكمِلْ أكمِلْ …

 أ. رامى:

… (أمل دى) بقت تصحيني من النوم كل يوم, وأسمعها بتهمس لي فأهمس لها من جوايا، وهي بتتنطط من على الأسطح في دجله المعادي, ورافقتني بتاع خمس ست شهور في الوهم والحقيقة. وكنت بقرالها هى وابنها (ما هى أصلا هى في الحقيقه متجوزه) القرآن وقصصه, وكان معاها سيف نينجا، وشرّحتلى بيه البنطلون البيير كاردان (إزاى انا مش عارف) وبتركب الريح. وكنت بانيمّها مغناطيسيا من على بعد( لاحظ يا عم يحيي إن أمل دى ست حقيقية بس أنا حبّيتها من 3 سنين، وبقيت أتخيلها معايا مهما كان الزمان أو المكان) وفي الآخر (آه من الآخر يا عم يحيى) سّلَطِتْنى (بيتهيأ لي) علي أبويا…,. والغريبه إنها كانت بتثير غيرتى بأبويا.

د. يحيى:  

يا خبر اسود، حاسب يا جدع انت،.. إنت رحت فين؟

أ. رامى:  

ملحوظة أخيرة: علاقتي بأمل الحقيقية مش أكتر من “صباح الخير” “صباح النور” “عامل إيه”؟ “كويس” “ماما عامله ايه كويسه”؟.

آه والله يا عم يحيي الباقى كله من وحي خيالي وهلاوسى.

شكرا يا عم يحيي إنك أتحت لي الفرص دى للتعبير ليك انت بالذات. شكرا يا عم يحيى. تصبح على خير كل سنه وأنت طيب.

د. يحيى:  

وأنت بالصحة والسلامة، بمناسبة ماذا؟ لكن برضه كل سنة وانت طيب، وكل واحد ونيته.

ثم إن لى رأى فى حكاية الخيال هذه، فهذه الشخوص الكثيرة التى نتكلم عنها هى بالنسبة لى، حقائق بيولوحية، نحن نبدأ منها بما هى، ولا نملك حين نحكى عنها إلا اللغة المتاحة، فهى ليست من نسج خيالنا تماما، وإن كان الخيال يتعامل معها، خاصة فى الإبداع، وأحيانا فى الجنون، باللغة المتاحة، وهل ثمَّ سبيل آخر؟

ثم لا تؤاخذنى يا رامى لمخاطبتك بكل هذه الصعوبة ناسيا أننا فى حوار عام بسيط، إذْ يبدو أننى فى حال!، أشعر أنه يحيط بى شئ أقرب إلى الحزن، ليس ذلك الحزن الذى يحفزنى فأرحب به، لكنه حزن شائك صعب وثقيل وربما غريب، لكنه ليس لزجاً والله العظيم.

أ. رامى:

ماتزعلش يا عم يحيى, توكل على الله . وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها.

 باىّ شكرا،

 أنا متفائل عايز تزعل إزعل,

 بس إياك تهرب يوم من مواجهة.

وإياك تخسر حرب,

 يا بنى أنت لسه صغير . والحياة قدامك واسعة، ودمك بيجري في عروقك زى النار واحمَى، شَهِّل…

د. يحيى:  

شكرا. ربنا يسهل، شكرا يا رامى، هل بقى عندك شئ آخر.

أ. رامى عادل:  العين الداخلية (والأنف الداخلية كذلك) يومية 4-12

… إيه ده الجحيم اللى جواك ده. البارانويا يا عم يحيى؟ الفلسفة يا عم يحيى؟ طب أنت تقدر تتحمل الرؤية والرؤى الفلسفية دى كلها لوحدك من غير ما أشاركك؟…إزاى؟

د. يحيى:  

مش فلسفية قوى يا رامى، دى باينّها حقائق، بصراحة لأ، أقصد لست متأكدا، يعنى يا رامى ألم يصلك أخيرا لماذا كتبت هذه اليومية؟ يا شيخ!! فى الأغلب أنا كتبتها من أجل أن تشاركنى، فطبعاً أنا لا أستطيع أن أحتملها وحدى.

أ. رامى:  

يا عم يحيى انت تعبت ولاّ ايه؟ انا مره شفت سيجارة.. ما كانتش بتطلع دخان لحد ما أبصرتها. فطلع منها خيط دخان, ومرة بابص على عيون ست فى عربية جاية من الوش قامت ماتت, كده لوحدها, ومرة باتكلم مع قريبة جارتى (إنت مصدقنى إزاى أصلا؟ وليه؟) من البلكونه وهى تحتى من الجنب فى الدور التالت. فلما طلع جار ليها جديد وقاطعنى، بصيت له فصعق وارتد للخلف (اتشد لورا).

د. يحيى:  

كفاية بقى الله يخليك، أنت زودتها

 أ. رامى:

إتحرك يا عم يحيى، بسم الله، عيناك ليالٍ صيفيه ورؤى.

وأخيرا إنت مش سفاح وبس انت كمان حزين، وانا عرفت سبب حزنك.إنت خايف. إنت خايف علىّ وكمان بتحب..، أنا عايزك ترتاح أرجوك ترتاح .عايزك ترتاح منى خد (بريك) break

د. يحيى:  

حاضر يا رامى حاضر، بالله عليك كيف عرفت كل هذا يا رامى؟ كتر خيرك، ها هو يا رامى واحد من أولادى الأكبر حضر يشاركنا، حاول أن تفهمه معى يا رامى، فأنا لم أفهمه جيدا.

د. يحيى جعفر:  (الوحدة والتعدد فى التركيب البشرى/ يومية 28-11)

أنا اتعجب واحترم صبرك ومثابرتك لكن رؤية التعدد مرعبة فمن يتحمل العدم إلا فى حضور مدرك لله.

د. يحيى:  

أهلا يحيى، أخيراً،!!! أخيرا تحاول أن تسهم؟! لكن يبدو أن أول القصيدة…، والله العظيم ما أنا فاهم كلامك! ماذا تعنى؟ أى عدم؟ وهل يوجد عدم أصلاً؟ ثم ما هذا الذى تقول “حضور مدرك لله”؟ حين عجزت عن الفهم تصورت أن ثّمَّ خطأ مطبعى فى الرسالة.

د. يحيى جعفر:  

…. كيف يخاطب التعدد بلغة محكمة, خاطب الكتاب التعدد بلغة أميل للتفكك، وأغلب الكتاب غير محكم فتمت ترجمته إلى محكم.

 أعانك الله

د. يحيى:  

يا عم يحيى ربنا يعيننا جميعا، ولكن، من تقصد بالكتاب؟ تقصد المبدعين؟ أم من؟

ثلاثة أسطر هى التى هانت عليك يا يحيى، وبكل هذا الغموض.

يا شيخ الله يسامحك.

بعد الحوار

بعد الانتهاء من كتابة الحوار، وأنا أهم بالذهاب إلى العيادة، أحضرت لى السكرتارية رسالتين: الأولى من الإبن كريم شوقى بعد أن أعلنت فى ردّى على مَىْ فى أول هذا الحوار أننا افتقدناه هذا الأسبوع. أما الرسالة الأخرى فهى من محمد إبنى بعد ما أعلنت فى ردّى على د. “أسامة عرفة” تعجبى من موقفه (موقف محمد) من مفهوم “الوحدة والتعدد”، فوجدت أن رسالته هذه هى فى صلب هذا الموضوع (التعدد) وهى طويلة وجادة ومثيرة للجدل ومن ثْمّ أجلت مناقشاتها، فامتد الحوار إلى الغد (السبت) وبالمرة هى فرصة أحاور فيها الابن د. كريم، و أيضا ما تبقى من العزيز رامى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *