“يوميا” الإنسان والتطور
11-4-2008
العدد: 224
حـوار/ بريد الجمعة
مقدمة:
يبدأ حوار اليوم بذلك الحضور الأمين المكثف للصديق الإبن / الأب جمال التركى، ولو أنى ترددت كثيرا فى نشر نص كلماته خجلا مما جار بها، مما يشبه المديح، لكننى أخترقت هذا الحاجز وحواجز أخرى كثيرة آملا أن يشجعنى، نشر كلماته فى اتخاذ قرار صعب فى أولويات ما أخصص له ما تبقى لى من عمر، قرار أرجو أن يشجعنى عدد أكثر فأكثر من أصدقاء هذه النشرة، أصدقاء الإنسان على درب التطور، أصدقائى (على سرعة حسمه).
د. جمال التركى:
صديقى العزيز
مرة أخرى أعلن عن تقصيرى فى متابعة اليوميات: النسق سريع، المعانى مكثفة، المحتوى طبقات، الكتابة غائرة العمق، الكلمات حبلى … ما إن أستريح باكتشاف معنى حتى يطل آخر …وهكذا معنى وراء آخر، وراء آخر، وراء آخر… إنها ليست يوميات بالمعنى المتعارف عليه (وإن كان البعض منها كذلك)، إنها “حصاد عمر”، “حصاد فكر”، وأنّا لى أن أستوعب فى زمن قياسى فكر أفرزته خبرة وتجربة وعلم ثلاثة أرباع القرن ( منها نصف القرن فى الطب النفسي).
د. يحيى:
يا خبر يا جمال، كيف عرفت أنها خبراتى منذ ولدت وليس منذ صرت طبيبا أو إنسانا راشدا يستطيع أن يكتب، أحيانا أشعر فعلا أنها خبرتى منذ أمسكت بشعر أمى الخشن حتى أستطيع أن أنام قائلا “مسكو شعر له”، لأننى لم أكن أعرف النطق الكامل “عايز أمسك شعرك”، وقد جاءتنى هذه الذكرى حتى شعرت بخشونه شعرها فى يدى اليمنى، حين أبلغت بوفاتها وكنت خارج القطر شعرت بالخشونة تملأ كفى، وقد كتبت ذلك تفصيلا فى فضل “أمى” فى الترحال الثالث من ترحالاتى الثلاثة.
يا خبر يا جمال!
د. جمال التركى:
أحيانا يبدوا لى أنكم بعرضكم فكركم بهذه السرعة التى تفوق سرعة فكر المتلقى كأنكم تسابقون الزمن…
د. يحيى:
أى زمن أسابقه؟ ما تبقى لى من عمر؟ ما تبقى لى من قدرة على الكتابة؟ ما تبقى لى من قدرة على النظر وإعادة النظر؟ عندك حق، لكن صدقنى أنا لا ألهث، أنا لا أسابق أحداً، ولا حتى الزمن، أنا أحاول أن أملأ الزمن بما هو أحق به، هذا قول أحد من صدق السعى إلى ربه حين وصف قمة الكدح إليه بهذا التعبير الصعب، ومن أين لى أن أعرف ما هو أحق به إلا من خلال نصح صديق أو أصدقاء مثلك.
د. جمال التركى:
إن أخشى ما أخشاه ألا يأخذ فكركم حظه من الدراسة الجادة والتدقيق والتمحيص ويتم المرور عليه مرور الكرام، نعم أخشى حقيقة أن يلحق هذا النسق غمطا بحق هذا الفكر الذى لم تسمح له يومياتك أن يأخذ المساحة التى يحتاجها ليتفاعل معها فكر المتلقى … إن ما تقومون به من جهد جبار ( لا يدركه إلا من خبر معانات الكتابة والإبداع الفكرى ) فى إصداراتكم اليومية على مدى أكثر من سبعة أشهر، أثمنه أكبر وسام وأكبر تتويج لمسيرة علمية استثنائية بجميع المقاييس.
د. يحيى:
مرة أخرى – ليست أخيرة – عندك حق، فقد شكى بعضهم بأنه يلهث وراء ما أحاول توصيله، يلهث حتى يعجز عن الملاحقة، بل إن أحدهم وصف هذه اليومية بأنها هى التى تلاحقه، كل هذا لابد أن أضعه فى الاعتبار فى تقييم الأولى فالأولى بما يملأ الزمن المتبقى، هل كان نجيب محفوظ يقصد تنبيهنا إلى بعض ذلك بعنوان روايته “الباقى من الزمن ساعة”.
د. جمال التركى:
عزيزى يحيى، لا بد لى من وقفة معكم بعد أن ينتهى برنامج هذه اليوميات (الذى لا أحد يعرفه سواكم) للتفكير فى اسلوب آخر لعرض أهم نظرياتك العلمية ( خاصة النظرية التطورية الإيقاعية ) بطريقة تكون أكثر انصافا لفكركم وأكثرا تقديرا لجهدكم وأكثرا مشاركة وجدية من المهتمين بالصحة النفسية.
د. يحيى:
أدع لى يا جمال، أدع لى وساعدنى أن أتوقف لأملأ الزمن بما هو أحق به، يا رب.
والآن، أرجو أن تقبل ويقبل الأصدقاء اعتذارى عن هذا الجزء الذى زادت جرعة وصف ما أفعل عما أسمح به عادة، عذراً فعلا ولننتقل لموضوع آخر معك أيضا يا جمال.
د. جمال التركى:
اسعدنى عرضك (لا أقول تعريبك أو ترجمتك، لأن العامية امتداد للعربية ) لما سبق من الألعاب بالعربية الفصحى، كنت موفقا إلى حد كبير فى صياغتها بالفصحى، أشكرك على ذلك لأن من شأنه تيسير التواصل مع أشقائنا فى مختلف البلاد العربية. أكيد اللهجة المصرية تكاد تكون أكثر اللهجات العربية فهما ( لأسباب لا تخفى عنك ) ولكن تبقى الفصحى هى الفيصل والجامع بيننا، لعلى لا أتفق مع من يتهجمون على اللهجات العامية بدعوى خوفهم على الفصحى من التلاشي، من ذلك أنى أعتبر العامية اثراء للفصحى ( كما أعتبر كل اللغات إثراء لي، سواء كانت محكية أو مرسومة أو مجسدة أو لا منطوقة) وأن لاخوف على الفصحى من الإندثار بدليل قوله تعالى ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ” أما ازدهارها وتقهقرها فهو موكول إلينا. ولا عزة لقوم أهملوا لغتهم مهما كانت ( فما بالك إن كانت ” العربية”… ). إن تقصيرنا كبير قى حق لغتنا الفصحى، أوليس الإعتراف بالتقصير أولى الخطوات للتجاوز ( ربما)، لكن الهوة مازالت عميقة…أكتفي، فالمقام لا يسمح بخدش الإنجراح.
د. يحيى:
أرجو أن يكون قد وصلكم مثل ما تقول، حتى وأنا أكتب يومية 7-4-2008 عن ثلاثية أحلام مستغانمى، وعلاقة اللغة بالوعى بثقافة التنشئة بالتشكيل، وأعدك – برغم تحفظى المحدود- أن أنشر كل ما سأنشر من ألعاب بكل من الفصحى والعامية، ولعل هذا يشجع مزيدا من الأصدقاء غير المصريين على المشاركة لنتعرف على بعضنا البعض باللعب أكثر مما تسمح به بعض المؤتمرات من أول مؤتمرات الخطابة والقبل والأحضان حتى مؤتمرات القمة (دون تعميم)
واسمح لى أن أنقل استجابتك للعبة المفاهيم الأساسية والأيديولوجيا مع فقرة استجابة أصدقاء آخرون فى حوار اليوم.
والآن دعنى أفرح بنقدك لقصتى القصيرة التى كتبتها (يبدو متأثراً بثلاثية أحلام مستغانمى) وخاصة فى جزئيها الأول والثانى، كما نبهتنى قارئه نابهة، ولأنه لا أحد ينقد ما أكتب بجدية حتى أننى أحيانا أمتلئ غيظا حين أنقد الآخرين، مصداقاً لما تقول “أخشى حقيقة أن يلحق هذا النسق غمطاً بحق هذا الفكر .. الخ” طيب يا جمال ما هو أغلبه فى الموقع فعلاً ولم يأت نقد جاد يقترب من نقدك لهذه القصة القصيرة هكذا:
د. جمال التركى: المقتطف: يومية 02-04-2008 العدد 215 قصة قصيرة جديدة
…هذه هى القصة التى كُتبت قبل أسبوعين، وتنقحت اليوم، وهى التى استدعت هذا السيل منْ الحّكى، وحتى نشرها الآن لم أستطع أن أجد لها عنوان أرض عنه.… برجاء وضع ما تشاء من عنوان
خطرت بذهنى مجموعة من العناوين، أعرضها عليك:
– ذكورة أنثى
– فيض ذكورتها ورومنسية أنوثته
– رائحته…عطر ذكورتها
– عصف الرائحة
د.يحيى:
جاءتنى عناوين كثيرة شديدة الدلالة، لكن من أجمل وأدق ما اختزل قصتى نقدا هو ما وصلك حتى فاضت بك العناوين الثلاثة الأولى هكذا ذكورة أنثى، فيض ذكورتها ورومانسية أنوثته، رائحته.. وعطر ذكورتها، طمأننى يا رجل وأنا أحاول الاسهام فى حل الإشكال التصنيفى إلى رجل وإمرأة، ذلك الإشكال الذى لا يكون فيه الحب حبا، ولا الجنس جنسا إلا أذا نجحنا فى تخطيه إلى عناوينك، وقصتى
يا لهذا النقد المكثف فى عنوان.
د. جمال التركى : المقتطف: يومية 02-04-2008 العدد 215 – قصة قصيرة جديدة
… نفاذٌة، مخترقٌة، قوية، ناعمة، كامنة، عاصفة، ندية، تمد يدك لتقبض عليها، فتحيطك بها، تبدو كأنها تتسحب عبر أنفك، لكنك تفاجَأ أنها تأتيك تتهادى إليك من خلالك كُلك، فتحسها وقد ملأتكَ، دون استئذان، هذه الرائحة!! رائحته؟
هل هذا سحر رائحته أم إحساس أنثى عصفت بها رائحته…
إنه كل هذا، وقبل كل هذا إنه سحر الكلمة طوعها الكاتب فأصبحت كسبائك الذهب المذابة، تفوقت فى الوصف على حقيقة الموصوف غالبا لا توفى الكلمات المشاعر حقها فى الوصف وفى واقع الحال هذا فاقت الكلمة فجاء الوصف أبلغ من الموصوف.
د.يحيى:
لا تعليق
د. جمال التركى : المقتطف: يومية 02-04-2008 العدد 215 قصة قصيرة جديدة
…كيف بعد كل ذلك لا تختفى أنوثته الحاضرة، أو أمومته الحانية؟؟!!
ألا تحوى كل ذكورة “أنوثة كامنة” وكل أنوثة تحوى “ذكورة كامنة“، ألا تحوى كل أبوة حانية “أمومة كامنة” وكل أمومة حانية “أبوة كامنة“.
فى مناخ الرومنسية الحالمة تتراجع ذكورة الرجل وتتقهقر فاسحة المجال لأنوثة كامنة بالبروز، بالتشكل، بالتعبير. فى هذا الموطن تتقهقر ذكورة الرجل وتفسح المجال لأنوثته بالسيطرة كما تنتصر أمومته ( الكامنة) على أبوته الحانية.
تنقلب الأدوار وكما سيطرت أنوثة كامنة على ذكورة صارخة، تسيطر ذكورة كامنة على أنوثة صارخة… عندها تصبح القوة من صفات المرأة … تصبح الرجولة،الذكورة،الفحولة مؤنث والرقة الناعمة، الرومنسية الحالمة مذكر.
إنها الرائحة التى أيقظت الرائحة، رائحته احتوتها فأيقظت ذكورتها الكامنة كما احتواه رائحتها فأيقظ فيه أنوثته الكامنة… عندما يتحرك ما فيك بداخلى ويتحرك ما فىّ بداخلك… تملأنى ذكورتك وتملئك أنوثتي.
د.يحيى:
لا تعليق
* * * * *
د. أسامة عرفة: حوار الجمعة 4-4-2008
أرى أن العدوان بالمعنى الايجابى كما أوضحته حضرتك يجب أن نطلق عليه اسم آخر فمثلا اذا قارنا التعبيرات الثلاثة العدوان والعنف والقوة أجد أن العنف والقوة يحملان احتمالية النتاج السلبى أو الايجابى أو الغائية السلبية أو الايجابيةفى حين أن العدوان حسب استقبالى له يرتبط بالاساس بانتهاك حق الآخر فمن الممكن أن ألجأ إلى الاجراء العنيف أو القوة لإصلاح أمر ما ولا شك أن هذا سيستمد زخمه من طاقة العدوان بداخلى ولكن هذا ليس عدوانا بالمنظور الغائى فمثلا :
“يا يحيى خذ الكتاب بقوة” استقبلها بمنتهى الإيجابية، ولا يقع فى روعى أى احتمال للعدوان
الربط بين نوع الفعل وغائيته قد يفتح لنا بابا لوصف حركيته.
مع أطيب الدعاء لوالدى الحبيب عسى أن يجمعناالله فى لقاء قريب
د.يحيى:
يا عم أسامة، لا أوافقك فى كثير مما قلت، وإن كنت أحترم حذرك ومخاوفك، وإليك بعض ما أختلف معك فيه:
أولا: أنا أرى الآن أنه لا الغريزة ولا العواطف هى مجرد طاقة دافعة إلى غيرها، بل هى برامج بقائية فى ذاتها مهما خفنا منها إذا نشطت منفصلة عن جّماع مسيرة تكاملنا.
ثانيا: إننا نخاف من كلمة العدوان ونخجل من الألفاظ الجنسية، ولا هذا “علم” ولا ذاك “أخلاق”، علينا أن نتناول الظواهر بما هى دون أن نشحنها ابتداءً بمخاوفنا من الشائع عنها، ودون أن نخاف من عمق حقيقة أصلنا.
ثالثا: إن أية كلمة لا تؤخذ إلا فى سياقها فالآية الكريمة “خذ الكتاب بقوة” غير الآيه الكريمة “ قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ “
(ملحوظة: كنت فى الرابعة حين سمعت أبى يقرأ “يا يحيى خذ الكتابة بقوة”، فقلت له “طبْ هاتْ” هو الذى حكى لى ذالك)
رابعاً: المسألة ليست طاقة العدوان وطاقة الجنس تستعمل كوقود لدفع سلوك آخر أو القيام بمهام أخرى مهما كانت راقية وحضارية، المسألة أن كلا من النمو والتطور يحتوى برنامج العدوان (كمثال) فيسمح لبرنامج “العدوان” بشقيه أن يفكك القديم تحريكا ليعيد تشكيل الجديد اقتحاما، وعلى الجانب الآخر فإن التطور أيضا هو الذى يحتوى برنامج التداخل الحميم (الجنس) ليتجاوز به وظيفة التكاثر فيتخلق من هذا التداخل إعادة ولادة الطرفين باستمرار، تواصلا أرقى فأرقى إلى ما لا نعرف.
خامسا: الغريزه البرنامج – سواء الجنس أو العدوان أو غيرها – تصبح مزعجة ومخيفة حين تنفصل عن بقية الغرائز وبقية الوظائف، أما حين تصبح ضمن كلٍّ جديد يتخلق باستمرار، فهى تتحول شئ آخر دون أن تتخلى عن صفاتها البقائية الأساسية الرائعة،
وبعد:
فإنى أوافقك تماما على إشارتك للربط بين نوع الفعل وغائيته ليفتح لنا بابا لوصف حركيته، فأنا معك تقريبا، وإن كانت الجملة شديدة التكثيف تحتاج إلى عودة
د. أميمة رفعت: أحلام فترة النقاهة- الصحة النفسية 8-4-2008
سؤال كان يلح على كثيرا وأعتقد أنه لدى الآن الفرصة لكى أجد له إجابة:
كيف أثرت محاولة إغتيال نجيب محفوظ عليه فى كتاباته؟
هل تكرار تيمة المطاردة فى مؤلفاته الأخيرة لها علاقة بتلك الحادثة الفظيعة؟
د.يحيى:
أوافقك على هذه الملاحظة فى إبداع الأحلام، لقد جمعت هذه المطاردات حتى الآن (حلم 48) وهممت أن أشير إليها فى قراءتى لحلم 47 لكننى عدلت انتظارا للقراءة الشاملة. أما ربط ذلك بالاعتداء عليه فأنا أستعبد ذلك لأسباب سأذكرها حالا.
د. أميمة رفعت:
لقد بدأت أتسائل أول مرة بعد الحادث مباشرة عندما بدأ محفوظ يتعافى ويرد على اسئلة الصحفيين، فقرأت لأحدهم فى جريدة الأهرام عن لسان محفوظ أن \” الكاتب الكبير سامح الشاب الذى اعتدى عليه\”…..لم أستطع فهم هذه العبارة ولم أبلعها حتى اليوم. هل هو كلام جرايد وخلاص؟ هل يرد محفوظ بطريقة دبلوماسية ليتخلص من مطاردة الصحفيين له؟ هل هى طريقة المصريين عامة فى إضفاء بعض القدسية على الشخصيات العامة فيصورون محفوظ كالملاك الذى لا يستطيع ان يحمل ضغينة بداخله؟
د.يحيى:
محفوظ الذى عرفته لم يكن ملاكا ولا إلها، ولا حتى شيخا له مريدون، برغم إصرارى على أنه شيخى الملئ بالانسانية الطيبة الرائعة وبزخم كل ما هو لحم ودم وخوف ونبض وجنس وحب وضعف ونقاء، وإيمان وطيبة وتلقائية وخبث ذكى مفيد.
محفوظ –على قدر ما بلغنى- قد غفر للشاب المعتدى فعلا وأشفق عليه وكان صادقا فى ذلك، لكن ليس معنى هذا أنه احترم فعلته أو قبل مبرراته، وليس معناه أيضا أن الحادث لم يترك أثره فى هذا الإنسان الرقيق العظيم كما نبهتنا ملاحظتك وتساؤلاتك، لكننى أختلف معك فى أننا نحتاج لمثل هذا الحادث لنكتب عن المطاردة، أو الاضطهاد أو المتابعة أو الملاحقة، هذه “تيمة” منغرسة فى برامج البقاء البشرى كما تعلمين، (“الموقف البارانوى” – ميلاتى كلاين – العلاقة بالموضوع) وهو موقف أساسى فى نمو الكائن الحى، وهو يتجلى فى الابداع والأحلام والمرض على حد سواء [كتاب دارسة فى علم السيكوباثولوجى]
أوافقك أنه قد يستثير هذا الموقف البارانوى الأساسى فى وجودنا، قد يستثيره حادث ما، ولكننى لا أجد مبررا لأى ربط سببى خصوصا وأن مثل ذلك يثير تحفظى ضد “الحتمية السببية“ التى زاد انتشارها على حساب“الحتمية الغائية” بسبب فرويد، أو على الأقل بسب سوء فهمه.
د. أميمة رفعت:
ربما تأتى المغفرة بعد زمن، فيكون محفوظ قد استوعب الموقف ووضعه فى حجمه ومكانه الصحيحين ثم قرر ان يسامح هذا الشاب، ربما.
أنا لا أتصور إنسانا يتعرض للتربص، ليس بهدف السرقة مثلا، ولكن كراهية وحقدا وإصرارا على الأذى بل والقتل، لا أتصور إنسانا يتعرض للخداع فيمد يده تحية للقادم فيتلقى التحية سكينا فى عنقه تصيبه بعجز فى يده التى يكتب بها وهو كاتب، ثم لا يغضب، لا يخاف، لا يرتعب، يمر كل هذا وكأن شيئا لم يحدث….
د.يحيى:
من قال أن محفوظ لم يغضب ولم يخف ولم يرتعب، محفوظ كان انسانا فيه كل هذه المشاعر الإنسانية الأساسية طبعا، أما طريقة التعبير عنها أو توظيفها فهى تختلف حسب الموقف والسياق والمجال أيضا: حكيا أو إبداعا أو حلما أو معاناة أو غير ذلك.
الغفران الذى سامح به محفوظ المعتدى كان صادقا طول الوقت، لكنه بنبله وحكمته رفض أن يتدخل فى حكم القضاء وحكم الشرع لا أكثر ولا أقل
د. أميمة رفعت:
هل هناك من كتب عن سيرة نجيب محفوظ الذاتية وتأثيرها فى أعماله؟ أرجو أن تدلنى على هذا الكتاب لأقرأه. هذه النوعية من الأدب تقرب القارىء كثيرا من الكاتب موضوع الحديث، فى حين إخفاء نقاط ضعفه وتحويله إلى تابو تُفقد القارىء التواصل معه.
د.يحيى:
الذين كتبوا فى ذلك عشرات، ليس بالضرورة فى تأثير سيرته على ابداعه، بما فى ذلك عن قرب شخصية كمال أحمد عبد الجواد من محفوظ، هو نفسه اعترف لى، حين أعلنت له أننى لم أوافق على ظهور الشيخ عبد ربه التايه فى النصف الثانى من أصداء السيرة، اعترف لى أنه – تقريبا- وشخصيا تلبس هذا الشيخ فى معظم حضوره، وبرغم ذلك فقد رفضت ذلك، ليس من حق المبدع نفسه أن يقرر أنه أحد أبطال رواياته حتى لو شعر هو بذلك، ثم إن محفوظ رفض طول عمره أن يكتب سيرته الذاتية بشكل مباشر وبالتالى : من الذى يدعى إلمامه بعلاقتها بإبداعه، وأذكرك من جديد أن الأصداء ليست إلا أصداء برغم ارتباطها بسيرته
د. أميمة رفعت:
سيدنا موسى إنفعل، غضب، قاتل فقتل، ثم بكى وندم وكاد يقتله الذنب فغفر الله له. أتوقف أمام هذه الواقعة أكثر مما أقف أمام شقه البحر نصفين. فالأولى تشعرنى بإنسانيته وتهون على ضعفى وتزيد من إيمانى بالله، ضعف موسى يزيد من تواصلى معه لأننى أستطيع قياسه بمقياسى البشرى ….هذا ما أريده فى التواصل مع الكاتب، لا أريده مقدسا منزها لا أفهمه.
هل يمكن لمطاردات أحلام فترة النقاهة أن تكون إنعكاسا لخوف دفين، أو إعادة لسيناريو الحادث مثلا، أو ربما أعمق قليلا فتكون مطاردة الفكر الجاهل التكفيرى لفكر الكاتب الحر المستنير، ولم يجد الكاتب لها مخرجا فى هذا الزمن المعبأبضباب الجهل والأمية بكل أنواعها. إذ أننى لاحظت أن المطاردة لم تنته أبدا (حتى الآن) لصالح الكاتب، بل أن بعض هذه الأحلام كانت أشبه بالكابوس مثل الحلمين 23- 24 .
د.يحيى:
مرة أخرى أؤجل الرد الشامل لمرحلة النقد التالية التى اسميتها مؤقتا: “الدراسة النقدية المشتملة”، فقط افرح بملاحظتك ورصدك تلك للمطاردات خاصة حلمى 23، 24 وغيرها، لكننى مرة أخرى أتجنب بإصرار ربط أى من ذلك بحادث الاعتداء، وايضا أنا اتحفظ على حكاية “مطاردة الفكر الجاهل لفكر الكاتب الحر” هذا النوع من الترميز فى النقد بهذه المباشرة يقلقنى، وإن كنت أضطر إليه أحيانا كما تتابعين.
د. أميمة رفعت:
أتوجه بأسئلتى لك وقد كنت رفيقا له حتى وفاته، وأنت الطبيب النفسى، والمفكر، والأديب. فكم عدد إحتمالات أن تتكررلى هذه الفرصة لأجد إجابة؟
د.يحيى:
لعلنى فى إجاباتى السابقة، قد اجتهدت ببعض ما وصلنى دون إغلاق الباب لاجتهادات أخرى تتفق أو تتختلف معى، والآن دعينا يا أميمة ننتقل إلى موضوع العلاج.
د. أميمة رفعت:
فى إحدى جلسات العلاج الجمعى (التى أمارسها) أثير موضوع “الغيرة) “بين المريضات) لدى سبع مريضات لا يوجد مرضى رجال إذ أننى أعمل بقسم سيدات مجانا، معظمهن ريفيات من وجه بحرى، تعليمهن بين المتوسط والأمية، والأعمار بين 32-61عاما، كلهن ذهانيات تشخيصات مختلفة. عند إثارة موضوع الغيرة لم يخطر ببالهن سوى غيرة الرجل على المرأة والعكس، وقد رأين أن هذه الغيرة ربما كانت مرضية وربما لا. وقد شعرن بنوع من الإرتباك بين الإحتياج لهذه الغيرة من الرجل( فهى تشعرهن بالإهتمام ويبدو أنها للبعض مثيرة جنسيا) وبين الخوف من الغيرة التى تصل إلى درجة الشك. بل أن إحدى المريضات إعترفت بأنها هى التى تغير لدرجة الشك على زوجها فعلا. كان الحوار ثريا فى هذا النطاق الضيق، ولكن ما أن طرحت سؤالا عن الغيرة بين الأصدقاء، او الغيرة من نجاح الآخرين، أو حتى الغيرة من الأخوة أثناء الطفولة كانت الإجابة من نوع: (أنا ما عنديش حتة الغيرة أبدا) أو ( أنا طيبة واللى فى إيدى لغيرى) أو (هم اللى بيغيروا دايما منى) أو ( لأ يا دكتورة ده مرض)، ويبدو أن هناك مشاعر معينة أكثر إيلاما عند الوعى بها عن غيرها، فالشعور بالذل وبالغيرة أصعب من الإعتراف للنفس بالغضب أو الذنب مثلا. ولست ادرى ما السبب؟ هل هو من تأثير المجتمع بدءا من الأسرة (عيب تغير من أخوك) فى حين التعبير عن الغضب والإنتقام مسموح به إلى حد ما ( اللى يضربك إضربه). أم أن الغيرة والذل يشعران صاحبهما بالدونية فلا يستطيع قبولهما، أما الإنتقام فيشعره بالتفوق، والذنب مثير للشفقة فيمكن قبولهما؟
الوعى بالغيرة لا يختلف عند المرضى عن الأسوياء، فيكاد لا يمر يوم لا أرى فيه شخصا يغير من آخر وخاصة فى العمل، وتترجم غيرته إلى أذى كلامى أو نفسى (وأحيانا بدنى) وهو لا يشعر بنفسه، ولا يمكن لفت نظره أنه ببساطة يَغَار وهذا ليس عيبا …
هل يمكنكم الأخذ فى الإعتبار هذا الموضوع فى سر اللعبة، أعتقد أنه سينقذ الكثيرين من (نارها). على فكرة أنا أغارمنك لأنك إستطعت بهذه البساطة الإقرار بغيرتك من أحلام مستغانمى.
د.يحيى:
أتابع يا أميمة ما يصلنى منك من ملامح تجربتك واجتهاداتك المتواصلة مع العلاج الجمعى للذهانيين خاصة، ولا أستطيع أن أعقب على مقتطفاتك لأنها مجرد عينة لا تنقل الخبرة مهما حاولنا، ولقد عانيت من ذلك كثيراً حتى تيقنت أنه يستحيل نقل الخبرة من مقتطف محدود، ولا حتى من تسجيل صوتى مرئى، ماذا نفعل يا أميمة، لكن هذا لا يمنع من عرض عينات بتحفظ مناسب.
د. محمد أحمد الرخاوى: مبلغهم من العلم 5-4-2008
مبلغهم من العلم
يلهث الناس الى غيبوبة كى يطمسوا محاور وجودهم
يستغشون ثيابهم
يثنون صدورهم
فيتحولوا كتلا عدمية
انقسم العالم الي:
1- ظاهر علم منسلخ عن غائية يطحن اصحابه الى دوامة مغلقة
2- ظاهر ايمان منسلخ عن غائية يطحن اصحابه الى صدى اصواتهم لا تتعدى حدود اجسامهم
شياطين الانس تستغل هؤلاء وهؤلاء الى قيادتهم ان يصبحوا كتلا استهلاكية فيغرم الجميع الى لاشئ!!!!
د.يحيى:
كلاكيت عاشر مرة !!
أشكرك يا محمد
أوحشتنا
****
د.يحيى:
والآن فقرة عن لعبة المفاهيم الأساسية دون تعليق، إذْ لم يصلنى حتى اليوم (الأربعاء إلا هاتين الاستجابتين بالاضافة إلى استجابة الصديق جمال التركى بلهجته التونسية الجميلة، وسوف أثبت ما وصلنى دون تعقيب أملا فى أن أعقب عليها مع ما قد يصلنى لاحقا)
أولاً: د. أميمة رفعت:
1- أنا رأيى هو إن البنى آدم (الإنسان يعنى) باختصار هو يعنى اللى بيفكر وبيحس بنفسه وبالآخرين
2- عشان الواحد يبقى بنى آدم (يعنى إنسان يعنى) بحق وحقيق الأصول يحس بالناس ويعرف يتعامل معاهم
3-الإنسان الصحيح نفسيا هو إللى.بيعرف يتكيف مع أى موقف عاجلا أو آجلا ويعرف كمان يتكيف مع نفسه بعيوبها ومميزاتها.
4- ما هو الصحة النفسية حاجة نسبية برضه، بس يعنى أنا شايفاها التكيف بس.
5- أنا أعتبر نفسى مريض نـَفسى بصحيح لمّا أستخبى تحت البطانية وما أعملش أى حاجة فى حياتى.
6- ما هو كل الناس مرضى نفسيين ، أنا قصدىبينزلوا تحت البطانية من وقت للتانى.
7- يبقى بقى العلاج لازم يكون إزاى نعرف إمتى وإزاى نطلع من تحت البطانية دى.
8-بصراحة حكاية المرض النفسى دى بقت يعنى موضة
9-طب هما الدكاترة النفسيين بجلالة قدرهم هما يعنى سلام قوى ؟؟
10-لا يا عم المرض النفسى حاجة تانية خالص، قصدى إنه عذاب نفسى وعمى كامل فى البصيرة.
ثانياً: د. محمد أحمد الرخاوى:
1) انا رأيى هو ان البنى ادم(الانسان يعني) باختصار هو يعنى ضعيف مهما يتهيا له انه قوي
2)عشان الواحد يبقى بنى آدم (يعنى انسان يعني) بحق وحقيق الاصول انه يعرف هو اتخلق ليه
3) الانسان الصحيح نفسيا هو اللى ما يقولش انا عارف كل حاجة
4) ما هو الصحة النفسية حاجة نسبية برضه بس يعنى انا ما بادعيش انى صحيح نفسيا بس باحاول طول الوقت على قد ما اقدر
5) انا اعتبر نفسى مريض نفسى بصحيح لما اكتشف انى كنت باضحك على نفسى او ان نفسى ضحكت علي
6) ما هو كل الناس مرضى نفسيين انا قصدى لو بطلوا يسعوا نحو الصحة النفسية
7) يبقى العلاج لازم يكون ان احنا نبطل نصدق ان احنا عارفين كل حاجة عشان ما نضحكش على نفسنا
8) بصراحة حكاية المرض النفسى دى بقت يعنى موضة لو ما كانش المرض دة مرحلة فى طريق الصحة
9) طب هما الدكاترة النفسيين بجلالة قدرهم يعنى ما هماش بنى ادمين زينا
10) لا يا عم المرض النفسى حاجة تانية خالص قصدى انه يمكن يكون سكة الصحة النفسية اللى بجد!!!!!
د. يحيى :
ثم نعرض الاستجابة للعبتين قديمتين غير هذه لعبتهما صديقة – شيرين سعيد- بعد فترة من نشرهما:
د. شيرين سعيد: حوار بريد الجمعة 21-3-2008
اسمح لى يا سيدى: بأن العب لعبتين لا أتذكر إن كنت قد لعبتهما من قبل أم لا
لعبة أنا واحد ولا كتير:
1) هل أنا واحد أم كثير، أنا يخيل إلى اننى اكثر من حاجة فى نفس الوقت بس كلهم فى الآخر أنا
2) أحيانا أشعر أن الشخص الذى بداخلى يكون موجود علشان يفوقنى “يصحينى”
3) من الجائز أن الطفل الذى بداخلى ليس مجرد ذكريات طفولة ويبدو أنه امتداد للطفولة بداخلى
4) لو أننى هؤلاء الكثيرين، اذن لماذا أرفض ذلك ألا يجوز أن أقبلهم ومن ثم أقبل نفسى
5) الرجل (المرأة) الذى (التى) بداخلى تقول لى إنه من الضرورى أن أعيش الحياة كما هى
6) طيب لو أننى أكثر من واحد، من فينا هو المسئول، أنا أرى أن المسئول هو كلهم
7) المسألة ليست مسألة صراع أو خناقة، المسألة أننى لو “كثير” فقد يجوز أن أكون اتجننت بصحيح
فقد يجوز أن أفق مع نفسى واختار واحد منهم بس أعيش بيه ومعاه
8) ألا يجوز أن يكون من بداخلنا هكذا هو “الجن” الذى يتكلمون عن أنه يلبس الناس معنى ذلك إذن أنه لابد من التخلص منه
9) أنا هكذا ارتبكت لكن يخيل الى أنه من الممكن أن أستفيد بأن أواجه نفسى بالحقيقة وإن كانت مرة
10) أنا أتمنى أن هذا الكثير بداخلى يتصالح مع بعض البعض ولكن ليس على حساب من أحب أو الناس أو نفسى
لعبة التحكم:
1) يا خبر!!! لو أننى تركت لنفسى العنان فقد يمكن أن أفقد صوابى وأخطأ
2) لو أننى ضمنت أن يتحملنى أحد فعلا، قد أستطيع أن أترك نفسى على سجيتها وساعتها اقبل اللى أنا هأوصل ليه
3) لماذا أغامر وأترك زمام نفسى !! بل اننى يجب أن أغامر بل اننى يجب أن اتملكها واتحكم فيها
4) مادام الأمر أنه يمكن أن أترك لنفسى العنان حقيقة، أنا من الممكن إذن أن أجرب
5) حتى فى الحلم أنا لا أستطيع أن أترك نفسى على راحتها خوفاً من أن أخطئ وأتمادى فى خطأى فى الحقيقة “الواقع”
6) ابدأ أنت بالتنازل عن التحكم فى نفسك وأنا ساعتها سوف أقول لك رأيى
7) أنا يستحيل أن أتنازل عن التحكم فى نفسى إلا إذا عرفت هأوصل لحد فين
8) إن ما يمنعنى أن أترك نفسى على راحتها هو الوقوع فى الخطأ أو مجرد التفكير فيه يعرضنى أن أخسر من أحب
9) لا يا سيدى! أنا لامم نفسى بالكاد، لكن هذا لا يمنعنى أن أفكر
10) من الضرورى أن أعرف أين أنت، ومن أنت قبل أن أتنازل عن تحكمى فى نفسى ذلك أن المسائل أيضا متشابكة
ثالثاً: جمال التركى: لعبة الطب النفسى والإيديولوجيا
عزيزى يحيى، مرة أخرى أشارككم لعبة هذا الأسبوع عن “المرض النفسي” وبالعامية التونسية لو سمحتم، مع إضافة الإجابة بالفصحى لتقريب الفهم.
1- أنا رأيى أن بنادم باختصار يعنى المخلوق اللى ميزوا ربى بالعقل ( المخلوق الذى ميزه الله بالعقل والحكمة)
2- باش الواحد يكون بنادم بالحق، الأصول أنه يسخر اللى ميزوا به ربى باش يعمر ويسعد الآخرين موش باش يخرب ويشقى غيره (أنه يسخر ما وهبه الله به للتعمير وإسعاد الآخرين لا للخراب والشقاء)
3- الإنسان اللى لا باس عليه نفسيا هو اللى عنده القدرة باش يفرح ويحزن ويخدم ويحب ( من له القدرة على الفرح والحزن والعمل والحب )
4- إذا كانت الصحة النفسية حاجة نسبية، زعما أنا كيفاش نفرق بين المريض واللى ماهوش مريض ( كيف أستطيع أن أفرق بين المريض والسوى )
5- أنا نعتبر روحى مريض نفسانى بالحق كيف ما نجمش نحس بروحى وبالناس وما نجمش نتأثر باللى يدور حولى وكيف ما نجمش نعمل اللى نقوم به العادة. ( لا أستطيع أن أشعر بذاتى وبالآخرين ولا أستطيع أن أتأثر بما يدور حولى وعندما أعجز عن القيام بما أقوم به عادة )
6- هو موش كل الناس مرضى نفسانيين أنا نقصد ما ثماش شكون لاباس مية بالمية لازم فى كل واحد منا حاجة موش قدقد فى شخصيته. ( لا يوجد من هو سوى مائة بالمائة، أكيد فى كل إنسان جانب من شخصيته يفتقد إلى السواء)
7- مالا يولى العلاج لازم يكون للناس الكل ( لكل الناس )
8- بصراحة حكاية المرض النفسى هذية ولات تعنى الناس الكل ما ثماش واحد يمكن يقول أنا خاطينى مايجينيش ومحمى منه ( أصبحت تعنى كل الناس ولا يوجد من يستطيع الإدعاء أنه غير معنى به أو له حماية ضده )
9- هما الأطباء النفسانيون وما أدراك ما هوماش محصنين من المرض النفسى ماهم بشر كيفنا كيفهم ( ليسوا محصنين ض المرض النفسى )
10- لا ياسيدى المرض النفسى حاجة أخرى بالكامل نقصد أنه موش كل واحد عند واضطراب فى شخصيتوا هو مريض نفساني. ( ليس كل من له اضطراب فى جانب من شخصيته هو مريض نفسى )
رامى عادل: حوار/بريد الجمعة 4-4-2008
….. ايقظت بى رؤى لكوكب بمبى اللون _فى ظلام غرفتي_ طالما ما غمرنى بريحها(صديقتي) واشعرنى انها لم تغادر. واخيرا يحضرنى توا ان والدتك _رحمهاالله_ قد البستك ملابس بناتى فى بعض طفولتك ,انا كمان لم انسى بعض عرى طفولتي.هذا الكلام ممكن اتعور بسببه.
د.يحيى:
ولا تتعوّر ولا حاجة، وأنا ذكرت هذه الواقعة من تاريخى الشخصى للأمانة لا أكثر، وأنا لا أرفض الإشارة إليها من أى أحد مرارا وتكرارا، لكننى أكاد أكون متأكدا أنها لا تمثل لى حادثا فريد له أيه دلالة خاصة، بل ربما هى أفادتنى فى كثير من محاولاتى التنظيرية لتكامل الجنس داخلنا “نساء ورجالا” كما وردت فى قصتى التى أحسن نقدها الصديق جمال التركى، برجاء الرجوع إلى تعقيبى فى بريد اليوم.
رامى عادل: 7-4-2008
التنمية والمواربه بل والتخفى احيانا _همو _ بعض اللغه حين تنصهر المثيرات والقضايا فتتكور وتتحور وتتشقلب جوه الفاظ متلاعبه بنا معنا
د.يحيى:
سأحيلك إلى محمد ابنى فهذا تخصصه وهو وشطارته
إن استطاع الرد عليك، لأتفرج عليكما معا.
* * *
د. شيرين سعيد: عن الإبداع والعدوان 19-3-2008
فى رأيى أن: كل انسان ولد ومعه العدوان فى جيناته الوراثية ولكنه لا يستخدم هذا العدوان إلا فى مراحل وظروف معينة وربما لا يستخدمه نهائياً، ويبدو الشخص وكأنه ملاك من السماء ولكن بداخله آلام مبرحة يحاول أن يخفيها بصورته الملائكية ونحن بشر ولسنا بملائكه
وفى رأيى أنه يوجد عدوان صحى وآخر مرضى حسب سبب وظروف ظهور كل عدوان وتطوره.
د.يحيى:
لم أعْنِ ذلك تماما، ولكنها وجهة نظر إضافية، ….. تسمح لنا بالاتفاق على بذل الجهد المناسب للبحث فى كل ما نشيع عن العدوان من أنه سلب محض.
د. شيرين سعيد:
يا د. يحيى فى رأيى أن تواصل اللعبات لأنها تساعدنا أن نرى أنفسنا وكيف يرانا الآخرون وأين نحن من كل هذا. والتعقيب عليها يكون إجمالا، وسوف يكون أفضل، ولكن لا غنى عنه وإلا كيف نعرف أين نحن!
وفى رأيى اللعب بالعامية أفضل من الفصحى لأنها تعكس ما بداخلنا دون تجميل فهى تعكس أحاسيسنا قبل لغتنا
د.يحيى:
حاضر
ولكننى أفضل الاستجابة لأقتراح الصديق جمال التركى
برجاء الرجوع إلى الحوار معه فى بريد اليوم .
* * *
د. عدلى الشيخ: “الإبداع والعدوان”
أظن أن المشكلة فى الكلام عن العدوان كغريزة بشرية هى رفض كل الأديان للعدوانية (مظاهر العدوان الضارة الصريحة) التى إن اجتمعت على شئ فهو “إيذاء الآخر”.
على عكس “التنافس” مثلا، وقد ذهب بعضهم إلى قول أن العدوان شئ حرام وخارج على الطبيعة البشرية؟
د.يحيى:
الأديان تقوم بدور هام جدا للضبط والربط، وهى تحترم الطبيعة البشرية، لكنها تركز على الأوامر والنواهى المشتركة التى تنظم العلاقات فيما بين الناس، وهى تحفز فى نفسى إلى تعمير الأرض، اما مهمة تنمية الطبيعة البشرية بكل تاريخها إلى كل وعودها؛ فهى مهمة كلُّ واحد منا مستهديا بدينه، جنبا إلى جنب مع ضرورة الأخذ من كل مناهل المعرفة والبحث والإبداع، هذه المعرفة هى جانب آخر من التوجه الإيمانى المعرفى، وهو ما ننسى أن الأديان لها إسهامها فيه – قبل أن تتشوه – إذْ تنظم بعض الطرق إليه، ويظل بعد ذلك جهد الفرد، وإبداع ذاته فى الكون، والبحث عن الكون فى ذاته جهدا متصلا، وجهاداً أكبر، وكدحا بلا نهاية.
من هنا أتصور أن البحث فى معرفة أكثر فأكثر للطبيعة البشرية هو عبادة رفيعة، لأنها قد تساعدنا على توجيهها نحو غايتها.
د. عدلى الشيخ
العدوان كان برنامج ضرورى للإنسان الأول (الحجرى) ليمكنه من البقاء.
بس الإنسان الحجرى راح لحاله والعدوان لسه موجود يبقى أكيد له وظيفة تانية فى عملية البقاء.
د.يحيى:
الإنسان الحجرى مازال بداخلنا يا عم عدلى، وشطارتنا هى فى أن نحتويه لنا، لا أن ننكره ولا أن نهمشه ولا أن نسمح له بالعمل مستقلا.
د. عدلى الشيخ
أظن هى دى اللى حضرتك بتشاور عليها فى “الولادة الذاتية”.
د.يحيى:
يجوز
د. عدلى الشيخ
بس أنا أظن إن العدوان له دور أكبر من كده بكتير يكاد يكون هو “البنزين” ورا كل حركة … حضرتك لمحت ليها فى “الموقف الإبداعى الحياتى المتجدد”
د.يحيى:
يا عدلى ويا أسامة ويا كل الناس: فى رأيى أن الغرائز برامج بقائية، وهى أدوات معرفية تقوم بعمليات تنظيمية فى ذاتها أكاد أقول إنها تقوم باعتمال المعلومات بذاتها بطريقتها Processing Informationلكنها فى نفس الوقت تتواءم وتتضفر مع أى برامج أخرى (أنظر الحوار مع د.أسامة عرفه).
د. عدلى الشيخ
إذا سمحت لى حضرتك أعبر عن رأيى المتواضع :
أنا بفهمها “لعبة سباق سيارات”
– شرط أساسى البنزين (الجنس أو العدوان) متداس على طول علشان عنصر الوقت (النمو Growth
– والشاطر اللى يعرف “يحود” (التسامى Sublimation) من غير ما يضطر يدوس على الفرامل كتير (الكبت Repression)
– وفيه سلطة عليا تمنع دوس البنزين من غير تحويد (الدين ومظاهر العدوانية الصريحة)
د.يحيى:
شعرت أنك تصفق للتسامى أكثر من الكبت بكتير، ليس عندى اعتراض مبدئى، لكن عندى تخوفات : أنا أعامل كل الميكانزمات باحترام ورفض فى آن، وبالنسبة للتسامى بالذات الذى صفق له فرويد (أو أتباعه) كثيرا أرى أنه أخذ أكثر من حقه، حتى أننى أتصور أن عمر الكبت أقصر من عمر التسامى لو أن النمو مستمر فى اتجاهه الصحيح،
لا أحد يطيق استمرار الكبت طول العمر، لكن أغلب الناس يمكن أن يستعملوا التسامى، (قال ماذا) لبناء الحضارة،
كل الميكانزمات هى ضرورات مرحلية، حتى تأتى فرص أفضل للتخلص منها، وكأنها (الميكانزمات) تساعدنا بحضورها حتى نتهيأ للإقلال منها باستمرار مع استمرار النمو
لهذا أتحدث عن السمو بالجنس وليس التسامى عنه لبناء الحضارة
وعن السمو بالعدوان، وليس مجرد إبداله بمظاهر التنافس والرياضة ومشاهدة مناظر العنف وكذا وكيت!! ولى فى ذلك عودة تفصيلية طبعا.
د. عدلى الشيخ
أظن أن الدين حرم عدم التحويد مش دوس البنزين،
تفضل حاجة واحدة أنا مش بفهمها وهى السمات العليا اللى بتتكلم عليها الأديان زى “التواضع”. هل هى المقصود بيها الأخذ عن طريق العطاء (Altruism) ولا المقصود بيها أمل محفز للاستمرار فى اللعبة صعب الوصول الحقيقى ليه ..؟!
د.يحيى:
الأثنين غالبا
د. عدلى الشيخ
أعجبتنى كثيرا نظره إريك فروم وتفسيره للحروب وكل ما هو قتل بين الإنسان على إنه رؤية فوقيه من المعتدى فى قوله “هل الإنسان نوع واحد؟”
وأظن إنها تتماشى مع الحرب العالمية – الحرب الأهلية فى أمريكا وأغلب الحروب تقريباً .
د.يحيى:
وأنا كذلك أعجبتنى لهذا اقتطفته
د. عدلى الشيخ
توضيح “الذكوره والأنوثة والإبداع والعدوان” قد وعدتم بالكتابه عنهما ولم أجد ما يشبع جوعى
د.يحيى:
ربنا يسهل وأوفى بوعدى، مرحليا أرجو أن ترجع فى بريد اليوم لنقد صديقى جمال التركى لقصتى (بدون عنوان)
د. عدلى الشيخ
توضيح أهمية العدوان للجنس … حضرتك بتقول ما فيش جنس من غير عدوان ؟!
د.يحيى:
أنا لم أقل هذا، أو ليس هكذا تماما، على ما أذكر ، أرجو أن تحدد المقتطف كله الذى أوصل لك مثل ذلك، وسأرد عليك لاحقا،
مؤقتا الجنس الايجابى إذا التحم بالعدوان الإيجابى لايعود جنساً ولا يعود عدوانا بل جنسا من أرقى ما يمكن
ولنا عوده
ملحوظة: سؤالك عن العلاج الجمعى وتناسب جرعة عرض السيكوباثولوجى مع جرعة العلاج لايمكن أن يستفيد من الرد عليه إلا من حضر وشاهد العلاج الجمعى الذى نقوم به فى قصر العينى.
عذراً.
د. نعمات على : حوار بريد الجمعة 4-4-2008
وصلنى أن التغير هو الأصل هذه نقطة لم أفكر فيها من قبل وعندما فكرت فيها عرفت أن الوعى بالتغيير معطل إذن ماذا أفعل؟؟
د.يحيى:
يبدو يا نعمات أن هذا صحيح جدا، ومع ذلك مجرد محاولة شرحه يصبح تحديا لا حل له،
تصورى لو أن الأحياء كانت تعى أنها تتطور، هل كانت سوف تنجح فى التطور حتى تصل إلى مرحلة الإنسان؟
هل وصلك حجم الصعوبة مصداقا لما تقولين؟
د. نعمات على :
إن بداية التغير هو الخوف منه ورفض التغيير.
د.يحيى:
قولك هذا أصدق من زعم التغيير ” بالكلام”، “والنوايا الحسنة”
يبدو أن التغيير يظهر علينا فنكتشفه، فهو لا يعلن فى صفحة الاجتماعيات،
التغير خطوة نحو المجهول،
فكيف لا نخافه وحتى نرفضه،
لكن مادام هو حتم النمو، فلا ينبغى أن يكون هذا الخوف والرفض إلا البداية نحو الأفضل، وعلينا أن ندفع الثمن فهو شرف الوجود.