الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حالات وأحوال (18) تابع: رحلة التفكيك والتخليق (14) مقابلة غير تقليدية (2) البداية الباكرة: الشعور بالرفض فالعزلة وتغير الذات!

حالات وأحوال (18) تابع: رحلة التفكيك والتخليق (14) مقابلة غير تقليدية (2) البداية الباكرة: الشعور بالرفض فالعزلة وتغير الذات!

نشرة “الإنسان والتطور”

الثلاثاء: 22-12-2015

السنة التاسعة

 العدد: 3035

حالات وأحوال (18)

تابع: رحلة التفكيك والتخليق(14)

مقابلة غير تقليدية (2)

البداية الباكرة: الشعور بالرفض فالعزلة وتغير الذات!

المقدمة:

نواصل بقية المقالة  بتاريخ (28-8-2008)

……………………..

………………………

د.يحيى: ممكن تقول لنا تفاصيل اللى جابك النهاردة وإيه الشوية الحاجات دى اللى إنت بتقول إنت مش عارفها أوى

“محمد”: مش عارفها إزاى؟

د.يحيى: إنت اللى بتقول، يمكن مش واضحه أوى، يعنى مش مفصـَّصْها أوى ولاّ أنا فهمت غلط؟

“محمد”: لأه واضحه معايا اوى، زى مايكون قاعد قدام تلفزيون وشايفها على الطبيعه

د.يحيى: طيب قول لى بيحصل إيه

“محمد”: عادى بنام مع واحده

د.يحيى: إنت؟

“محمد”: أنا

د.يحيى: يعنى بتشوف واحده، ولاّ بتشوف إنك مع واحده؟

“محمد”: أنا بشوف نفسى مع واحده وبشوف واحد مع واحده

د.يحيى: واحد عارفُه؟

“محمد”: لأه ماعرفهوش بس هى فى لقطه شوفتها على موبايل كده، اللقطه ديه سابت فى دماغى حاجة

د.يحيى: لقطه شوفتها على إيه؟!!

“محمد”: على موبايل مع واحد صاحبى

د.يحيى: موبايل ؟!

“محمد”: آه

د.يحيى: هوا فيه حاجات من دى على الموبايلات، أنا باحسبها فى النت بس

“محمد”: لأ، وكتير، عالموبايلات كلها

د.يحيى: معلش أصلى ماباعرفش فى الحاجات الموضة دى، وبعدين؟

“محمد”: وبعدين أفضل أعيش كده مع نفسى، هى فوق وانا تحت، مع نفسينا كده لغاية لما أخلَّص

د.يحيى: يعنى تعمل العاده السريه عليها

“محمد”: لأه أنا نايم كده على الأرض وعايش كده معاها ومع نفسى وأنا نايم كده على الأرض

د.يحيى: لحد ماتقذف يعنى؟

“محمد”: آه هو ده الموضوع اللى تاعبنى دلوقتى

د.يحيى: حاضر يا ابنى، وإنت نايم على وشـَّك ولاَّ وإنت على ظهرك

“محمد”: لأه وأنا على ظهرى

د.يحيى: وهى نايمه فوقك

“محمد”: آه وممكن تكون هىَّ تحتى عادى

د.يحيى: وإنت على ظهرك وهىَّ تحتك، يانهار إسود ! إزاى؟

“محمد”: هاوضح لك اكتر.. أنا بابقى على ظهرى، هى بتبقى فوق، ممكن تكون هى تحت وأنا فوق، باعيش مع الإثنين

د.يحيى: طيب يابنى، معلشى، معلشى بس الحاجات ديه هى جديدة عليك ولاّ إيه؟، يعنى بقالها أربعه خمس شهور بس، ولا من أول المرض؟ ولا طول الوقت؟

واضح أن ما يراه، هو أقرب إلى الصور الخيالية منه إلى الهلوسات، وأنها استثيرت من مثير واقعى على الموبايل، وكأنه ثم ما يشبه ظاهرة الطبْع(1) حيث ينطبع المُدْرَك بيولوجيا ثم يُتَعْتَع (ليس من خلال الذاكرة!) مع حركية التفكك الذهانى، بمعنى أنه نظرا للانهاك الذى يعيشه المريض (طربقها) والحرمان معا، انطبعت الصورة المثيرة فأثارت ما يقابلها مما هو مكبوت، وأصبحت مصدرا لتعويض خيالى، لكن درجة التجسد التى يحكى بها خبرته تكاد تقترب من الهلوسات الحسية لدرجة انهاء الفعل الجنسى حتى الذروة، وبهذا التصوير يمكن ألا نعتبر هذا العرض هلوسة ناتجة من إطلاق الداخل إلى الخارج، وإنما نوع من التعيين النشط(2)

“محمد”: من زمان

د. يحيى: يعنى من امتى تقريبا

“محمد”: أكتر من ثلاث اربع اشهر، يمكن اكتر

د.يحيى: 7 شهور مثلا؟

“محمد”: آه ممكن حاجه زى كده

د.يحيى: هو الجروب بتاعنا خلص إمتى

“محمد”: مش فاكر

د.يحيى: خلص إمتى يا ياسمين (طبيبة حاضرة المقابلة وكانت متدربة بنفس المجموعة العلاجية التى حضرها “محمد” “الجروب”)

د.شريف: من سنة وتلات اشهر

د.يحيى: سنة وتلات شهور! طيب يا محمد تبقى، الحاجات دى ظهرت من بعد ماخلص الجروب بأد إيه

“محمد”: مش فاكر

د.يحيى: يعنى شوية كتار حسب كلامك

“محمد”: آه

د.يحيى: تفتكر بعد ماخلص الجروب وإنت كنت جدع أوى أثناء الجروب واشتغلت واخدت واديت، ولسه برضه جدع اوى لحد دلوقتى ، بأمارة إنك رغم كل شىء لسه بتشتغل

“محمد”: أهوه باحاول على قد الإمكان

د.يحيى: لأه، اسمع واحده واحده، أصل كله إلا الشغل

“محمد”: ماشى

د.يحيى: أصل فيه كلام أنا فاكره من أول جلسة، وأنا شكيت إنه حصل، فاكر؟ أنا قريته إنَّهَارده قبل ما آجى أقابلك، فاكر إنى شككت فى الحكاية اللى حصلت فى الجيش

“محمد”: آه، كان فى أول جلسه مع بعضينا

د.يحيى: بالظبط شكيت فى اللى حصل وقلت لك يمكن بيتهيالك، من كتر الخوف

“محمد”: لأه ده حقيقه

د.يحيى: بس ساعتها قلت لك إن فيه حاجات بتبقى قديمه بتتقلب من كتر مخاوف الواحد تروح نطّه فى مخه كإنها حصلت، وهات يا هرب وهات يا شكوى، وبتبقى فضائح أهو برضه اللى انت بتحكيه ده يمكن بيتهيأ لك

“محمد”: بيتهيألى؟ يمكن! بس هوّا حقيقة

د. يحيى: طيب طيب بس هوّا ما ظهرشى إلا لما الجروب خلص وبعدها اشتغلنا فى محمد طربقها ومحمد فركشنى

“محمد”: ومحمد دلوقتى

د.يحيى: عليك نور أنا فرحت إنك انت اللى قلتها، بس إنت عرفت ليه أنا رفضت محمد نفسيه وقبلت محمد دلوقتى

“محمد”: لأ ماعرفتش

د.يحيى: لقيت محمد نفسيه حايقلبها لنا حكاوى وشكاوى، إنما “محمد دلوقتى” بيجرجرنا للأرض، للواقع، ويمكن يبعدنا عن الخيالات دى

“محمد”: انت عارف أنا قلت محمد نفسيه ليه

د.يحيى: علشان لاقيت يافطة النفسيه برة

“محمد”: لأه علشان تعبان نفسياً على طول

د.يحيى: أنا بقى ضد الكلام ده، أنا بأجى هنا كل يوم خميس علشان أنبه أولادى دول إنه ماينفعش نقلب المشاعر الحقيقية والآلام والوحده لألفاظ نفسيه، علشان كده رفضت كلمة نفسيه، إنت عاوز تلزقها فى أى إسم مرض بقى وتأخذ دوا وخلاص، أهو انا رفضت محمد نفسيه عشان نركز فى محمد بتاع ربنا، فى محمد دلوقتى، فى محمد محاوله، محمد جدعنه، أى حاجه  إلا نفسية

“محمد”: طب وبعدين

  • نلاحظ محاولة الربط بين الفراغ النسبى الذى حدث بعد انقطاع محمد عن العلاج الجمعى، وعن المتابعة، وبين انطلاق الخيال التعويضى الذى تجسد لدرجة التعيين فالهلوسة الحسية والنفسية، (وهذا ربما يتأكد فى آخر هذه المقابلة).
  • كما نلاحظ أنه بعد هذه المدة (أكثر من سنة ونصف) يمكن مراجعة ما حدث فى العلاج الجمعى كجرعة تنشيطية، ثم إن محمد هو الذى أضاف محمد دلوقتى وكأنه مازال مستمرا فى تخليقه من كل هذه المحمدات، ولم يُفرض عليه من خارجه.
  • أما الإسراع بالتذكرة برفض التجريد حتى فيما هو نفسية، فهو يبدو كمحاولة للتذكرة بالعمل على الحيلولة دون الانسياق وراء تخليق أعراض جديدة قد تعوّق إكمال مسيرة تخليق التشكيل الوليد.
  • وكل هذا ليس مرتبطا بنظرية نفسية معينة تفرض نفسها بقدر ما هى معايشة لما يتبقى فى الوعى الشخصى والبينشخصى فى رحم الوعى الجمعى.

د. يحيى : هوّا فيه حاجة انت كنت عايز تقولها وماقلتهاش

“محمد”: آه موضوع الست اللى كنت باحبها ديه والموقف اللى حصل ومش عارف إيه

د.يحيى: إيه موضوع الست اللى كنت بتحبها دى؟

“محمد”: ديه واحده قريبتى كده حبيتها وبتاع

د.يحيى: بنت عمك؟

“محمد”: آه، يعنى أبويا يبقى خال أمها

د.يحيى: المهم قريبتك، وبعدين

“محمد”: بس هى مش ست من الستات الجامده هى حاجه كده صغيرة يعنى

د.يحيى : حصل إيه يعنى

“محمد”: ماحصلش حاجه

د.يحيى : وقلت لها أنا بحبك

“محمد”: لا .. لا .. لا،  ولا قلت لها ولا أى حاجه

د.يحيى : ولا اتقدمت لها

“محمد”: ولا اتقدمت لها ولا أى حاجه

د.يحيى : إمال حصل إيه بقى

“محمد”: بس موقف محرج شويتين

د.يحيى : هو إيه الموقف

“محمد”: (بعد فترة صمت طويلة نسبيا) عادى، كنت باروح عند ابوها كان فاتح محل حلاقه وكده

د.يحيى : وبعدين؟

“محمد”: فكنت على طول باروح هناك بقعد معاه شوية ومش عارف إيه وكده

د.يحيى : مع أبوها

“محمد”: آه فحبيت الناس ديه، حبيتها أوى يعنى، ولغاية دلوقتى

د.يحيى : حبيت الناس ولا البنت

“محمد”: الناس كلها، عيلتها كلها

د.يحيى : كلهم على بعضهم

“محمد”: ايوه العيله كلها، بس كنت باروح كده مثلاً أتردد عليهم نصف ساعه ساعه إلا ربع

د.يحيى : بس هى ماكنتش موجوده فى المحل

“محمد”: طبعا ماكنتش موجوده

د.يحيى : وبعدين

“محمد”: ماهو أنا جايلك فى الكلام أهه، ما هو أنا قولتلك على إسمها على فكرة فاكر إسمها

د.يحيى : لأ والله

“محمد”: اسمها هاله

د.يحيى : عاشت الأسامى، طب يالـّه كمل، إنت بقى روحت بقى عند أبو هاله، وبعدين

“محمد”: رحت المحل عادى وقعدت طبيعى عادى مفيش أى مشكله فقلت له طلبت منه حاجه غريبه

د.يحيى : خير؟

“محمد”: طلبت منه إنى اطلع أسلم عليهم

د.يحيى : على مين؟ على البنت ولاّ أمها اللى أبوك خالها؟

“محمد”: يعنى، بس هىَّ ماكنتش فوق، البنت ماكانتش فوق

د.يحيى : إيش عرفك

“محمد”: ماهو أنا دخلت وقعدت بقى

د.يحيى : آه وبعدين

“محمد”: طلعت، سلمت، دخلت، قعدت، حاطت لى أكل أكلت،

د.يحيى : مين اللى حطت لك الأكل؟ هيّا ولا أمها؟

“محمد”: أمها طبيعى مفيش أى حاجة، ما هيا مش موجودة، ودماغى ما فيهاش أى حاجة، وشربت الشاى وأنا قاعد قام طلع إيه جوزها

د.يحيى: جوز مين

“محمد”: جوز أمها يعنى أبو البنت

د.يحيى: ماشى

“محمد”: وأنا استأذنت

د.يحيى : ماشى

“محمد”: والمهم طلع هو قام واخدنى من إيدى وراح منزّلنى

د.يحيى : كنت قاعد إنت وأمها بس مفيش حد تالت

“محمد”: آه قاعد عادى طبيعى باكل، وعملت لى الشاى، قام هوّا واخدنى من إيدى قام منزلنى، المفروض أنا بقى امشى مارجعش ليه تانى، لأه قابلت هاله وأختها

د. يحيى: فين

“محمد”: فى السكة فى أول الطريق وأنا ماشى وهمّا راجعين

د. يحيى: همّا مين؟

“محمد”: هالة وبنته التانية المخطوبه، إنما هالة هى اللى فى دماغى اللى أنا بحبها، هى كانت متجوزة واتطلقت

د.يحيى : هى هالة اللى كانت متجوزه ومطلقه

“محمد”: أيوه هى ديه

د.يحيى : يانهارك إسود إنت كنت بتحب واحده سكند هاند يالَهْ

“محمد”: غشيم بقى، المهم

د.يحيى : مين الكبيرة فيهم

“محمد”: الكبيره هى اللى أنا باحبها

د.يحيى : هى أكبر من أختها المخطوبه

“محمد”: أيوه أكبر من أختها المخطوبه

د.يحيى : روحت انت حابب المطلقه على طول

“محمد”: اللى حصل

د.يحيى : توكلنا على الله

“محمد”: معرفش بقى، يمكن صعبت عليا بقى

د.يحيى : وهما رضيوا إنك توصلهم

“محمد”: يعنى، بس إيه البنت اللى مطلقه ديه سبقت، الناس فى الشارع مش عارفانى إنى انا قريبهم وبتاع

د.يحيى : أنهى بنت اللى سبقت؟ المخطوبه ولا اللى مطلقه؟

“محمد”: اللى مطلقه

د.يحيى : اللى إنت بتحبها

“محمد”: اللى انا بحبها

د.يحيى : يعنى علقّتك وراحت سابقه وإنت مشيت مع المخطوبه

“محمد”: أيوه كده كملت أوصّل المخطوبة

د. يحيى: قام حصل إيه بقى

“محمد”: ماحصلش حاجه عادى، أبوها شافنى بصِّلـِى أوى كده قمت أنا واخد بعضى وماشى

د.يحيى : فين الحادثه بقى هو اللى إنت بتقول ده كله عشانها، حادثة إيه اللى بتسميها حادثه

“محمد”: طيب ماهو أنا تعبت بعديها، ليه أنا تعبت، بعد ماعرفت إن ده مايصحش وغلط وكده فتعبت فبقيت افكر أنا عاوز أراضى الناس ديه، أنا غلطت وعاوز أصلح غلطى

د.يحيى : غلط فى إيه يابنى؟ مايكنش إنت ساعتها حاسيت بالرفض يابنى إن هالة هيّا اللى سبقت وسابتك مع اختها المخطوبة

“محمد”: لأه ماكنش فيه إحساس، مش فاكر حسيت بإيه

د.يحيى : سبقت ليه

“محمد”: على أساس إن هى مطلقه والناس مش عارفانى إنى أنا قريبهم وكده

د.يحيى : طيب ماهى سابتك مع أختها

“محمد”: مش فاهم، أهو دا اللى حصل

د.يحيى : هى هالة متجوزه دلوقتى ولا لأه

“محمد”: ده بقى اللى أنا معرفهوش دلوقتى، دى حاجه ماتخصنيش

د.يحيى : دلوقتى حسب كلامك الحادثة دى بقالها كتير، من ثلاث اربع سنين، إيه اللى جاب سيرتها دلوقتى

“محمد”: ما هوّا ده أول التعب

د.يحيى : إزاى

“محمد”: قعدت مع نفسى فى البيت 10 ايام بعدها، عايش مع نفسى مع العادة السرية، ومش عارف إيه، ومابأكلش، وكده، حسيت إنى أنا تعبت فجآه كده العشر ايام اللى قعدتهم فى البيت لوحدى دول تعبونى حسيت إنى أنا إنسان تانى خالص

د.يحيى : قعدت 10 ايام لوحدك

“محمد”: آه قعدت 10 أيام فى البيت وكده تعبان مابخرجش، ومش أنا، والناس بره بتتكلم على اللى حصل

د. يحيى: هوّا إيه اللى حصل؟

“محمد”: اللى انا قلتهولك

د.يحيى : التعب إبتدى بقى بعدها، يعنى ومن ساعتها الناس يتكلموا عليك والحاجات اللى حكيتها فى الأول دى كلها.

“محمد”: لأ مش من ساعتها قوى، أنا اتهيأ لى إنى نسيت اللى حصل لحد حكاية الجيش.

د. يحيى: آه الجيش والتحرش اللى أنا قلت لك يمكن بيتهيأ لك

“محمد”: آه، وبعدين لقيت الناس بيتكلموا واسمعهم ساعات وأنا لوحدى

د. يحيى: يا محمد يا ابنى، احنا مش هانقعد نحكى ونمصص شفايفنا، احنا بنحل الحكايات دى بأننا نبدأ واحدة واحدة عكس ما حصلت، الظاهر محمد فركشنى انتهز فرصة إنك حبست نفسك فى الأوضة بعيد عن الناس راح هاجم ولخبط الدنيا، فاحنا ردينا عليه بالناس اللى فى الجروب، اللى شفنا فيه إن الناس لبعضها برغم كل اللى حصل، مش انت لما كنت معانا فى الجروب كل ده راح قرب الأخر

“محمد”: حصل

د.يحيى: خد بالك إن كل دى والأصوات دى اختفت دى جت لك وانت لوحدك، واختفت وانت معانا

“محمد”: هوّا إيه لما كنت معاكوا وإيه اللى راح مش فاهم

د.يحيى : الأفكار الغريبة والحاجات اللى كانوا يحطوها لك فى الشاى، والسم، والكلام ده اللى هو خلانا نتعرف على “محمد فركشنى” و”محمد فركشها”

“محمد”: آه

– نلاحظ  من هذا المقطع أن البداية لم تكن فى الجيش كما ظهرت فى المقابلة الأولى (التى تمت 13/7/2006 ونشرناها فى نشرتى: (نشرة 26-10-2015) (نشرة 27-10-2015) وأن هذا الذى حكاه فى هذه المقابلة يمكن أن يكون بداية العملية الذهانية بعد جرح الرفض أو الترك الذى لحق به من فرط جوعه ووحدته، وليس بالضرورة لأن أحداً تركه أو رفضه، ثم لاحظنا كيف ترتب على ذلك انسحابه، ثم بداية التغير: “حسيت إنى إنسان تانى خالص” هذه البداية بالشعور بتغير الذات Depersonalization  برغم أنها لم تتمادى فى ذهان صريح يمكن أن تعتبر إعلانا بمدى جوعه للاعتراف والقبول، الأمر الذى لم يطرق بابه أصلا، فلا هو صرح للبنت ولا لأبيها ولا لأمها بمشاعره، وربما أنه اختار المطلقة حتى يضمن أنها سوف تقبله، وإذا بها تتركه (ترفضه) قبل أن يبدأ أصلا.

– كما نلاحظ أنه لم يذكر هذا الحادث (وهذه الخبرة) إلا بعد مضى هذا الوقت الطويل من بداية الذهان الصريح الذى أدخل بسببه القسم، ثم ما حدث أثناء العلاج الجماعى .

– يمكن اعتبار أنه بعد تقليب مستويات وعيه فى المجموعة وقبولها الواحد تلو الآخر “معا”، ثم بعد الاطمئنان لاستمرار علاقته مع الطبيب المعالج كما رأينا، كل ذلك قد سمح لأصل من أصول النفسمراضية أن تطفو إلى السطح، بما يسمح لنا أن نفترض أن ما حكاه هكذا فى هذه المقابلة لم يكن مجرد تفريغ لخبرة مؤلمة بقدر ما كان إعلانا للتقريب بين مستويات الوعى بعد الاطمئنان إلى مشاركة وعى آخر ثنائى امتدادا لوعى جماعى، كل ذلك يسمح له بأن يستعيد خبرة الترك أو الرفض (برغم أنه لم يدخلها أصلا)، فى رحاب هذا الوعى الممتد الذى يتخلق مع المعالج، والأرجح أن الوعى البينشخصى بينهما إنما يستمد دعما من وعى المجموعة الجماعية الذى لابد أنه احتل وعى كل منهما وبقى منه ما يدعم العلاقة وينميها.

وإلى الحلقة القادمة فالمقابلة لم تنته.

 

[1] –  Imprinting

[2] – التعيين النشط Active concretization  وصفه سيلفانو أريتى فى كتابه: “تأويل الفصام”

Silvano Arieti: “Interpretation of Schizophrenia”  U.S. National Book Award. 1974

 حين يقوم المريض (الفصامى عادة) “بتجسيد المجرد عيانيا” فيما يُمثل أمام حواسه، والمثل الذى أضربه لشرح هذه الظاهرة هو أن الشخص العادى حين يقف فى طابور الخبز مثلا لساعات، ويرى الناس يتزاحمون بدافع جوعهم وجوع أولادهم: قد يعقب على ذلك أن “الناس تأكل بعضها”أما الفصامى – مثلا- فقد يحكى أنه أثناء تواجده فى الطابور رأى المرأة التى أمامه وهى تقضم ذراع الطفل الذى تحمله امرأة أخرى تقف أمامها، وعلى نفس القياس هنا يمكن أن يتم تجسيد الخيال الجنسى إلى تعيين مجسم يصل إلى الحواس، وكأنه اتنقل من صورة خيالية إلى هلوسة حسية وجنسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *