الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / حالات وأحوال: نقصٌ عقلى أم نص (سكريبت) مُعَادْ

حالات وأحوال: نقصٌ عقلى أم نص (سكريبت) مُعَادْ

“يوميا” الإنسان والتطور

26-8-2008

العدد: 361

حالات وأحوال

 (سوف نكرر فى كل مرة:  أن  اسم المريض والمعالج وأية بيانات قد تدل على المريض هى أسماء ومعلومات بديلة، لكنها لا تغير المحتوى العلمى أو التدريبى).

نقصٌ عقلى أم نص (سكريبت) مُعَادْ

مقدمة:

كيف تقرأ هذه الحالة:

هذه محاولة جديدة فى سلسلة محاولاتى أن أوصّل خبرتى من واقع ما خبرنا معا، ثم نرى الآن سويا:

هى محاولة لم أتبين حجم صعوبتها الحقيقى إلا بعد أن دخلتها.

كنت دائما أطلب من طلبتى وزملائى وزميلاتى الأصغر أن يكتبوا الحالات التى نسجلها (بالصوت والصورة) منذ أكثر من عشر سنوات (هى والعلاج الجمعى) وكانوا لا يستجيبون، فتصورت أنه الكسل، وحين دخلت التجربة الآن عرفت السبب، تبينت أنه يكاد يستحيل أن يكتبها إلا شخصى شخصيا لأسباب سوف نراها من أول حالة (اليوم وغدا وفيما بعد).

تذكرت أن سيجموند فرويد لم يكتب إلا خمس حالات طويلة (على قدر علمى) ومع ذلك كان لها تأثيرها المناسب، وأعيدت قراءتها عدة مرات، بما فى ذلك التشخيص، والتفسير، فكيف كان يمكن أن يثرينا هذا العظيم أكثر فأكثر لو أنه كانت عنده الآليات الأحدث التى بين أيدينا الآن، وما العمل وعندى حالا مئات الحالات مسجلة بالصوت والصورة  (ليس هناك خطا، فعلا مئات) ولا حالة واحدة مثل الأخرى ؟

تأكدت من صدق ما أكرر من أننى استقيت أغلب معرفتى بالإنسان، وبنفسى، وليس فقط بالمرض والمرضى، من مرضاى، وأننى أمارس الطب النفسى بما أسميته “نقد النص البشرى”، بهدف إعادة تشكيله بمشاركة النص ذاته (المريض) ناقدا ومبدعا.

حين كانت مجلة “الإنسان والتطور” تصدر  طوال العشرين سنة التى صدرت فيها كان باب “حالات وأحوال” من أهم أبوابها، لكننا كنا نعتمد على ما كتب فى المشاهدة (الشيت) وما تبقى فى الذاكرة، لم يكن ثَمَّ تسجيل ، ومع ذلك لقى الباب ترحيبا دالا، وثار حوله نقاش جيد، وهو سيصدر قريبا فى كتب متتابعة. أمّا الآن، وبعد أن أصبحت بين أيدينا كل هذه المادة المسجلة صوتا وصورة، فالمسألة تلوّح بوعود أكثر ثراء، وأدق منهجا، وأتمنى أن نرى ذلك سويا.

تخوف:

بعد أن كتبت المسودة الأولى لحالة اليوم، قرأتها، وتقمصت بعض الأصدقاء القراء، وبصراحة شعرت أننى قد أكون قد عجزت عن توصيل ما أريد، أو أنه سوف يصلهم من الحالة  غير ما أتصور أننى أريد إبلاغه، هذا  إذا هم قرأوها كما اعتادوا أن يقرأوا قصة أو رواية، أو قرأوها على خلفية تقليدية عن ما يعتقدون أنه المرض النفسى أو الجنون.

 فخطر لى أن أعرض بعض التوصيات، غير الملزمة، فكل واحد – فى النهاية – يقرأ ما يشاء كما يشاء

توصيات غير ملزمة:

1)أرجو ألا يشغلك موضوع التشخيص مبكرا، حتى لو جاء اسم هذا المرض أو ذاك فى المتن، (توصية لها وضع خاص بالنسبة، للزملاء الأطباء)،

2)بل : لا تحاول البحث عن تشخيص أصلا فهو غير مفيد، ثم هو قد يحد من مساحة التلقى لاحتواء الحالة،

3)ثم إن التشخيص ، مجرد لافتة، فى هذه الحالة بالذات ليس إشكالا، ، فهو “الفصام”، يصل إليه أى مبتدئ بكل التصنيفات المتاحة، لكن هذا – كما سترى- لا يعنى شيئا فى ذاته، فلماذا؟

4)لا تحاول أن تترجم ما تقوله المريضه إلى أعراض (مثل الهلوسة أو الضلالات أو حتى الاكتئاب)

5)تجنب ما أمكن ذلك (وهوغير ممكن غالبا) مشاعر الشفقة، وأيضا التحفّز للاتهام

6)تجنب أيضا الانشغال بالبعد القانونى، وهل هى مسئولة أو غير مسئولة، فهذا سؤال يطرح فى سياق آخر.

7)لا تحاول أن تقيس ما تقرأ، أو ما يصلك،  بمشاعرك كما تعرفها، (وقد يكون مناسبا أن تستعد  أن تطرأ عليك – مثلى-  مشاعر لا تعرفها)

8)لا تحاول أن تسارع بالفهم، خصوصا الفهم التعليلى  (كذا بسبب كيت) ، مع أنه وارد نسبيا لاحقا

9)الأهم:  لا تحاول أن تسارع بالتفسير، والتفسير المطروح هنا ليس هو الاحتمال الأوحد، هومجرد فرض عامل، قابل للتغير مع مزيد من المعلومات، والمتابعة، والمناقشة والنقد. ليس مهما أن تقبل التفسير المطروح أصلا، لكن ليس مفيدا أن ترفضه برمته، (وهكذا سوف يكون الحال فى معظم الحالات) ولك تفسيرك الخاص دائما، مع التوصية أن يكون مرنا متجددا لصالحنا جميعا

10)  هذه الحالة التى لا تحتاج إلى شفقتك، كما أوصينا، وأيضا: التى لا ينقصها اتهامك، هى تحتاج أكثر كثيرا إلى احترام تجربتها، وآلامها (معلنة أو خفية) وآلام من حولها، وآلامنا بكل معنى الكلمة.

11)  الكلمات الغريبة التى تصل إليك  على لسان الحالة، كتبناها كما نطقتها المريضة، فلا تسارع بالبحث عما تعنى من حيث المبدأ نوع مما يسمى :  ” الجـّـدْلَغَــَـةْ” (كلمة نحتها شخصيا مقابل كلمة إنجليزية مضغمة هى  Neologism ، وهى تعنى اختراع لغة جديدة) فلا داعى أن ترفض كلمات لم تسمعها أبدا من قبل، وأيضا لا داعى للمبالغة فى البحث عن دلالتها المرضية مبكرا.

ملاحظات واعتذار:

  • المادة المعروضة هنا من هذه الحالة هى نتيجة مقابلة واحدة، ومناقشة واحدة، استغرقت  مدة ثلاث ساعات تقريبا، وهو ما يجريه الكاتب مع تلاميذه وزملائه  كل خميس فى قصر العينى منذ حوالى أربعين عاما (هذا غير الوقت الذى استغرقته كتابة المشاهدة من الزميل مقدم الحالة)
  • التسجيل يجرى بعد أخذ موافقة المريض، يضاف إليها موافقة أهله أحيانا، وتسجل المواقفة بالصوت والصورة كل مرة.
  • الأسماء، حتى أسماء بعض الأطباء ليست حقيقية،(لحين استئذانهم والاستقرار على الأنسب لهم وللمريض، وذلك باستثناء اسم د. يحيى)، وكذلك العناوين عادة
  • التفريغ تم حرفيا تقريبا، ولكنه حين الإعداد للنشر لم يكن كذلك تماما ليس كذلك مائة فى المائة، فى كل مواضع التقديم، فهو حرفى مائة فى المائة بالنسبة لكلام المريض أو أهله، وهو أقل بالنسبة لكلام الزملاء، وهو أقل فأقل بالنسبة للشرح، ويتم حذف الاستطرادات البعيدة جدا عن الحالة عادة، لكنه فى النهاية هو ينقل ما جرى تماما، أما التنظير اللاحق فقد يتم هنا فى النشرة، أو لا يتم.
  • تمت ترجمة معظم الكلمات التى نطقت بالإنجليزية (ذلك من عادة الأطباء للأسف) أثناء التقديم والمناقشة إلى العربية، وهذا ألجأنا إلى بعض الإضافات أو الحذف لضبط السياق
  • كلمتان قد تظهران معربتان لأسباب التعود هما كلمتا “جروب” group وكلمة “شيت” Sheet دون ترجمة، وذلك لفرط استعمالهما هكذا منذ سنوات،  فعذرا ، الكلمتان تترجمان إلى “العلاج الجمعى” (جروب) و “ورقة المشاهدة” (شيت) فعذرا مؤقتا.
  • المعلومات المتاحة هى معلومات مشاهدة واحدة (شيت) قام بكتابتها زميل طبيب مقيم بقسم الطب النفسى ، قصر العينى، تغير اسمه إلى محمود، وهى خامس حالة يقدمها لى شخصيا فى هذا اللقاء الأسبوعى الإكلينيكى لعرض الحالات ومناقشتها بطريقة ليس لها علاقة بالامتحانات نهائيا، بل لعل العكس هو الصحيح، بمعنى أن ذكر الأفكار والآراء التى ترد فى هذه اللقاءات فى الامتحان قد تُنقص من درجات الممتحَن أو تعرضه للرسوب ( لا تحيزا ضد المنهج، أو ضد الآراء، أو صاحبها ولكن لصعوبة إثباتها تقليديا، ربما)
  • إن حضور هذه اللقاءات هو اختيارى محض، ليس فيه إثبات غياب، ولا علاقة له بالتقدير الروتينى فى الامتحان أو التعيين (كما ذكرنا) .

طريقة عرض الحالة هنا:

بصراحة، لقد فوجئت، ربما مثلما سيفاجأ القارئ حين بلغت صفحات عرض الحالة كاملة  ثمان وستين صفحة، وكان الاحتمال الأول أن تخرج على حلقات، اثنتين أو أكثر، ولكننى بعد أن أنهيت المسودة الأولى، وجدت أن فى ذلك بتر قد يخل بالتسلسل المطلوب ، فكثير من التساؤلات التى قد تقفز إلى القارئ قد تخفُتُ أو ينساها  إذا ما انتظرت إلى اليوم التالى، وخاصة وأن بعض التساؤلات قد تكون مستثارة من ميكانزمات دفاعية (لا أبرئ نفسى منها). هذه واحدة، أما الثانية فهى أن القارئ الجاد والمهتم قد يضطر إلى الرجوع إلى ما نشر فى اليوم السابق حتى يمكنه أن يسلسل السياق، وأن يتذكر الأحداث، وبما أنها تجربة ، وبما أن النشر الإلكترونى هو النشر الإلكترونى، يسمح بكل شىء، فقد خطر ببالى أن أعرض الحالة برمتها فى أول يوم، ثم أعرضها جزءا جزءا فى الأيام التالية، مع المناقشة حسب ما يرد إلينا من نقد وتساؤلات، أو بدون مناقشة لشرح ما غَمُضَ أو أُجْـمِلَ فى الشرح الأول. فى أيام متتالية (ما أمكن ذلك)  بمعنى أن أعيد عرضها كل مرة مع الشرح المناسب أو الرد المناسب، أو الإضافات المناسبة، حسب ما يقتصى الحال

ثم إننى لم أستقر بعد : هل أعرض الفروض العامة كلها فى البداية، أم أعرض فرضا أساسيا ثم يتفرع منه ما يتفرع، أم أؤجل عرض الفرض الذى انتيهنا إليه إلى آخر مرحلة؟

وبما أننا نجرب ، فدعونا نحاول كل ذلك

أو بعض ذلك

ثم نرى

خطوات العرض:

سوف يتم العرض على الوجه التالى :

  1. المشاهدة كما كتبها الزميل مقدم الحالة حرفيا، مع تكرار بعض مقاطع كلام المريضة، أو المعلومات عنها باللون الأحمر استعدادا للمناقشة لاحقا.
  2. نص التعقيب المبدئى على المشاهدة
  3. نص مقابلة المريضة حرفيا (تقريبا)، وتشمل مقابلة أخيها
  4. نص الشرح بعد المقابلة
  5. نص مقابلة المريضة وأخيها بعد المناقشة
  6. تعقيب عام وتساؤلات

الحالة (وأحوالها)

نقصٌ عقلىّ، أم نصٌّ مُعَادْ

أولا: المشاهدة (كما كتبها الزميل بالنص، وقرأها أمام الأستاذ وزملائه)

التعريف المبدئى:

حميدة (ليس اسمها الحقيقى) 42 سنة، أرملة، من شمال شمال الصعيد، ولها ولد واحد (حاليا)، وقد حضرت للاستشارة الطبية مع أخيها، وهى موافقة على طلب العلاج .

وقد كانت شَكواها تلقائيا كالآتى (بالنص)

الأنفـُسِى هى شر اللسان، وشر النفس، بتغيظنى بواحدة جاهلة اسمها مريم،  دى أصلاً مرات عمى.  وكل أما أعمل لقمة  تهضمها لى، أو تحط لى نمل تحت الطبق.

(إعادة)

الأنفـُسِى هى شر اللسان

 وشرّ النفس

 بتغيظنى بواحدة جاهلة اسمها مريم،

 دى أصلاً مرات عمى.

  وكل أما أعمل لقمة تهضمها لى

 أو تحط لى نمل تحت الطبق.

الأنفـُسِى ماسكانى من عند معدتى، وبتحاربنى فى الصوم والصلاة، من عند ختمى من أمام ومن وراء علشان هيه عاصية وكافرة.

(إعادة)

الأنفُسى ماسكانى من عند معدتى

 وبتحاربنى فى الصوم والصلاة من عند ختمى من أمام ومن وراء

 علشان هيه عاصية وكافرة.

دى عاملة زى طاقية الإخفا، بتحاربنى من غير ما أشوفها، كان عندى وجع فى ختمى وربنا قنعنى من ناحية زوجى.

(إعادة)

دى عاملة زى طاقية الإخفاء

 بتحاربنى من غير ما أشوفها،

 كان عندى وجع فى ختمى وربنا قنعنى من ناحية زوجى.

بعد ما مات أنا اتجوزت ملك الأحياء والأموات الذى كان يعطينى هوا حنان فى ختمى.

(إعادة)

بعد ما مات أنا اتجوزت ملك الأحياء والأموات

 الذى كان يعطينى هوا حنان فى ختمى.

وجاتلى الشهوة ناحية ابنى مرتين مرة وانا علىّ الحيض ومرة وأنا متشطفة وساعاتها كنت عاوزه اقتله علشان مفيش أم تتجوز من ابنها، وده حرام.

(إعادة)

وجاتلى الشهوة ناحية ابنى مرتين:  مرة وانا علىّ الحيض، ومرة وأنا متشطفة

وساعاتها كنت عاوزه اقتله علشان مفيش أم تتجوز من ابنها

 وده حرام.

كان فيه نفوس حلوة تجيلى من عند ربنا فى نفسيتى الساعة واحدة بالأخص.

(إعادة)

كان فيه نفوس حلوة تجيلى من عند ربنا فى نفسيتى الساعة واحدة بالأخص.

* * *

وعند سؤالها عن تفصيل أكثر لما تشكو منه (كمان) قالت:

النفوس بتاعة الحياة والشر باسمع صوتهم، وعاوزين ياخذوا البيت منى أو يضربونى،  دول ما بيبطلوش كلام بالنهار أو الليل.

(إعادة)

النفوس بتاعه الحياة والشر

 باسمع صوتهم وعاوزين يأخذوا البيت منى أو يضربونى

 دول مابيبطلوش كلام بالنهار أو الليل.

مريم..،..دى  واحدة من نسوان اعمامى عايشين جنبنا وعاوزين يحاربونى فى المعيشة عشان أسيب البيت وأطفش.

(إعادة)

مريم..،.. دى واحدة من نسوان أعمامى عايشين جنبنا وعاوزين يحاربونى فى المعيشة عشان أسيب البيت وأطفش.

أنا لا آكل خالص علشان الأنفسى اللى معايا تقول لى أنه ياكل الأكل بتاعى وهو بيتحكم فى بطنى وبيسمّعنى صوته يقول لى أنه يأكل أكلى،  ويتقلب علىّ فى شهوتى ويقول لى إنه عاوز يتجوزنى.

(إعادة)

أنا لا آكل خالص علشان الأنفسى اللى معايا تقول لى أنه يأكل الأكل بتاعى

 وهو بيتحكم فى بطنى وبيسمعنى صوته يقول لى أنه يأكل أكلى

 ويتقلب علىّ فى شهوتى ويقول لى أنه عاوز يتجوزنى.

أنا مش بانام لأنه عاوز يتحكم فى نيتى ويحاول ينيمنى عشان يعمل أفعاله الوحشة معايا.

(إعادة)

أنا مش بانام لأنه عاوز يتحكم فى نيتى

 ويحاول ينيمنى عشان يعمل أفعاله الوحشة معايا.

أنا كنت بانام تانية الركبة عشان جوزى مايلمسنيش وانا نايمة لكن بعد ما مات نمت كده برضه عشان محدش يتجوزنى وانا نايمة.

(إعادة)

أنا كنت بانام تانية الركبة عشان جوزى مايلمسنيش وانا نايمة

 لكن بعد ما مات نمت كده برضه عشان محدش يتجوزنى وانا نايمة.

أنا نفسى أموت وارتاح أنا مش عارفة آكل أو أشرب او أنام لكن مش عارفة إزاى أموت.

(إعادة)

أنا نفسى أموت وارتاح أنا مش عارفة آكل أو أشرب أو أنام

 لكن مش عارفة إزاى أموت.

فيه نفوس طاهرة بيضاء باشوفهم وقت الصلاة فقط، وهمّ قد الكف وبيطيروا واحد أو اثنين شبه العصافير ويقولولى استغفرى.

(إعادة):

فيه نفوس طاهرة بيضاء باشوفهم وقت الصلاة فقط

وهم قد الكف وبيطيروا واحد أو اثنين شبه العصافير، ويقولولى استغفرى.

وكانوا يقنعونى فى الأكل ولما آكل لقمة زيادة كان يقنعنى فى الأكل ويقوم يمررها فْ حنكى.

(إعادة):

وكانوا يقنعونى فى الأكل ولما آكل لقمة زيادة، كان يقنعنى فى الأكل ويقوم يمررها فْ حنكى.

خلفت 9 أطفال و2 تسقيط لكن كلهم ماتوا موته ربنا بعد كام شهر.

خلفت 9 أطفال و2 تسقيط

لكن كلهم ماتوا موته ربنا بعد كام شهر.

عادل ابنى ماكانش بيتحرك خالص وكان بيتشنج على طول وكانوا يحاربونى فيه فقلت بسم الله ورميته من فوق السطح وقت صلاة الجمعة وكنت حارمى نفسى كمان لكن الرجالة لحقونى.

(إعادة)

عادل ابنى ماكانش بيتحرك خالص

وكان بيتشنج على طول

وكانوا يحاربونى فيه

فقلت باسم الله ورميته من فوق السطح وقت صلاة الجمعة

 وكنت حارْمى نفسى كمان

 لكن الرجالة لحقونى.

الشكوى من المرافق:

(الأخ): مبلط، يحمل الإعدادية، عمره 38 سنة،اسمه “حسن” (ليس اسمه الحقيقى) ، متزوج وله ثلاثة أولاد، متعاون، مهتم

من سنين تقريبا بعد ما باعت نصيبها فى الورث من الأرض وأعطت الفلوس لجوزها فهوه استخدم جزء من الفلوس فى بناء البيت بتاعهم والباقى تاجر فيه وخسرهم، وبعدها حالتهم المادية تدهورت وبقت حاسة أنها أقل من الناس اللى حواليها، وبقت تكلم نفسها فى الشارع ورحت انا وأمها نزورها بعد ما خلفت ورفضت تدخلنا البيت وقالت أنتو ها تموتوا العيال.

ومن 4 سنوات كانت حالتهم المادية بتسوء أكثر فى أكتر، خصوصا بعد ما جوزها حالته الصحية تعبت شوية ،

من ساعتها بدأت حميدة تتعب قوى وتقول موضوع الأنفسى اللى بتتحكم فيها

 وكانت تشك فى مرات عمها مريم أنها تريد إخراجها من البيت

 وكانت بتقول إنها بتشوف أشكال وحشة على الحيطة وعلى مرتتات أعمامها

 وكانت بتقول أنها بتسمع أصوات فى ودانها  ومابقتش تهتم بنظافتها الشخصية ومابقتش تعمل أى حاجة فى البيت

ومن ساعتها بدات المشاكل بينها وبين جوزها لكن ماكانتش بتقول لنا عنها وعلشان كده ماكناش بنتدخل.

من سنة ونص تقريبا عرفنا إنها رمت ابنها اللى مش بيتحرك فيه إلا عنيه، رمته من فوق سطح البيت بعد صلاة الجمعة،  وساعتها قلنا إنها اتجننت بجد،  وأخدناها معانا البيت وكانت تبكى وطلبت إننا نطلقها من جوزها لكن هو اتوفى بعد الحادثة بكام يوم.

ساعتها ماكنتش زعلانة عليه (على جوزها) خالص ولا على الواد اللى مات، وكانت بتضحك بهبل كده وكانت تقول أنا مش عاوزة أشوف إبنى (إللى فاضل : عبد الرحمن)

 وحاولتْ ترمى نفسها من فوق سطح البيت أكثر من مرة لكن كلنا بنلحقها وبقينا نراقب نظراتها.

أخذناها مستشفى العباسية علشان تتحجز لكن رفضت تمضى وأخذت علاج من هناك وبقينا نعطيه لها بالضغط،  لكن بعد كده عرفنا أنها بقت ترميه فى عين الحمام، والحالة ما اتحسنتشى كتير، فأخذناها على القصر العينى علشان تأخذ جلسات كهرباء وأخذت 4 جلسات واتحسنت قوى لمدة 4 شهور: الكلام فى موضوع الأنفسى قلّ، والأصوات اللى بتسمعها والأشكال الوحشة دى اختفت، وبقت تهتم بنظافتها وبقت تسأل على ابنها دائما وتطمئن عليه، وساعتها مكانتش بتاخد أى أدوية.

لكن من 6 شهور تعبت مرة تانية زى الأول فأخذناها على القصر وبدأت تأخذ دواء.

الأحوال المعيشية الحالية:

عايشين فى بيت حجرتين وطرقة وحمام ومطبخ، فيه كهرباء بدون مياه أو صرف صحى

التاريخ السابق:

لا يوجد تاريخ سابق للمرض النفسى غير المرض الراهن

دخل الأسرة حوالى خمسة جنيهات يوميا صدقة من المسجد

كانت المريضة تبيع لعب أولاد أمام المنزل، وتكسب بعض المكسب الذى  تساعد به فى مصاريف المنزل.

التاريخ الأسرى:

  1. إبن العم كان يتعاطى البانجو ، ويتصرف تصرفات شاذة ويتكلم بغير ترابط ودخل العباسية لفترة، ولم يشف تماما
  2. إبن ابن العم كان يتصرف تصرفات شاذة، ودخل أيضا مستشفى العباسية

التركيب  الأسرى:

الوالد: (كما وصفه أخوها ، وأقرت المريضة تقريبا):  كان رجلا طيبا ، أتم المرحلة الابتدائية، يحسن الكتابة والحساب (وبهذا عَمِل كاتب فى فرن) ، متدين منتظم فى الصلاة والصوم، عطوف، راعى، لا يفرق فى المعاملة بين الأولاد. مات بالسرطان فى سن الستين، وكانت المريضة سنها عشر سنوات تقريبا (مات سنة 1978) ويقولون إنها لم تشارك فى الحزن عليه، وربما لم تحزن عليه أصلا (ملاحظة أخيها برغم أنه الأصغر، كان سنه 8 سنوات (!!!).

الوالدة: عجوز عمرها 74 سنة، ربة منزل، عملت بعد وفاة زوجها بائعة خضار بعض الوقت، ولها خمسة إخوة وأخوات، وهى لا تصلى لكنها تصوم. طيبة ومسئولة (كلام الأخ) لكن تقول عنها المريضة:

أمى مكانش فيه تفاهم معاها وماحستش من ناحيتها حب أو حنان

يذكر الأخ أن المريضة كانت تقوم بكل عمل المنزل، بما فى ذلك رعاية إخوتها الأصغر، وكانت علاقتها بأمها سيئة، وساءت أكثر بعد زواج المريضة.

الإخوة والأخوات:

خمسة:

1)  ذكر 49 سنة (مبلط)

2) المريضة

3) ذكر 38 سنة (مبلط)

4)  أنثى 35 سنة متزوجة ولها خمسة أولاد

5) أنثى 30 سنة متزوجة ولها ستة أولاد

عن العلاقة بينهم تقول:

إخواتى البنات ساكنين بعاد عننا لكن  الولاد حسن ومحمود كويسين معايا.

التاريخ الشخصى:

كانت الثانية، وكان الحمل مرغوب فيه، تأخرت فى المشى، لكن بعد إعطائها عددا من الحقن، أستطاعت أن تمشى (ربما نقص فيتامين د)

لم تظهر على المريضة أى تصرفات عصابية أو سمات نزوية أثناء الطفولة

المدرسة:

استمرت حتى رابعة ابتدائى، وقد تركت الدراسة لتعتنى بإخوتها ولأنها لم تتقدم فيها أيضا.

العمل:

كانت تبيع كشرى أمام المنزل وتساعد زوجها فى المصاريف

وبعد وفاته كانت تبيع حصالات أطفال فخار أمام المنزل أيضا

التاريخ العاطفى:

لا معلومات كافية

التاريخ الجنسى :

لا معلومات كافية (إلا فى الحياة الزوجية، ومن خلال الأعراض)

التاريخ الزواجى:

زواج تقليدى، الأسطى إبراهيم ، سمكرى، فارق العمر عشرين عاما، هى 20 وهو 40 ، هو أمى، لا يصلى ولا يصوم

تقول عنه:

كان يضربنى فى بطنى وفى رأسى ساعات وماكنش فيه معاونه ولا تفاهم بينا،

كان يصرف الفلوس كلها على الأكل والشرب واللبس وكان لا يعطينى فلوس حتى أَوِد الجيران بيها.

ماكنش عاوزنى أركـّب أى وسيلة وكان عاوز يخلف كل سنة ذكر أنا صحتى كانت تعبانة.

العلاقة الجنسية كانت مُـرضية على حد كلام المريضة ، مرتين ثلاثة فى الأسبوع،

 ولكنها توقفت منذ خمس سنوات بعد أن بدأت تشعر بآلام أثناء الجماع، وأيضا بسب سلس بولى، (على حد قولها)

الأولاد:

انا ماكنشي لىّ نصيب فى الخِلفة ودى حكمة ربنا

كلهم كانوا بيموتوا علشان ماكنش فيه معاونة وانا صحتى ضعيفة وكانوا يحاربونى فيهم،

 إبراهيم (زوجها)  زى أبوه يصرف كل فلوسه.، ما نعرفشى فين.

(إعادة)

انا ماكانشى ليه نصيب فى الخلفة

 ودى حكمة ربنا

 وكلهم كانوا بيموتوا علشان ما كنشى  فيه معاونة وانا صحتى ضعيفة وكانو بيحاربونى

وإبراهيم  (زوجها) زى أبوه يصرف كل فلوسه، ما نعرفشى فين

سعد: مات بعد الولادة مباشرة

أمينة: ماتت سن تسعة أشهر: وقعت على راسها، بيقولوا ارتجاج فى المخ؟؟

هند: ماتت سن ثلاثة أشهر

منى: ماتت سن شهران

عبد الرحمن: هو الوحيد الذى عاش وسنه الآن 14 سنة، أولى إعدادى، وقد وقع وعمره عام ، وأصيب بارتجاج فى المخ، وفقد الوعى وكسرت ساقه، لكنه الآن عادى.

خديجة: ماتت سن 3 شهور

عادل:  بلغ من العمر تسع سنوات، وكان مشلولا ، لا يتحرك، يتشنج باستمرار، ومتخلف تماما (بله غالبا، وهو الذى ألقته من على السطح)

التاريخ الدينى:

– ربنا بيحبنى ويرسلّى نفوس طيبة تقول لى خليكى مع ربنا.

– أنا مش عاوزة أموت كافرة، لكن بيحاربونى على معيشتى.

– وبيحاربونى عن الصلاة والصوم

الشخصية قبل المرض:

كانت تحب النظافة وكانت موسوسة فى النظافة وكانت تغسل لنفسها ولو حد غسل لها تعيد عليه الغسيل، وكانت دايماً فى البيت من غير أصحاب ولا أصدقاء تعمل شغل البيت وكانت دايما منعزلة.

الحالة العقلية الراهنة:

برجاء الرجوع إلى الشكوى أولا:

فضلنا عدم إثبات هذا الجزء من المشاهدة كما ورد  حرفيا،  حتى نتجنب ترجمة الشكوى إلى أعراض تعطل فهم الحالة بالمنهج المعروض حاليا، ونكتفى بإضافات المعلومات التالية لأهميتها الخاصة،  دون ترجمتها إلى أعراض محددة ، ونكتفى باقتطاف ما يلى:

المظهر العالم : هادئة متعاونة ، لا تركز نظرها فى المتحدث، لا تظهر حركات غير طبيعية، تعرف الزمان، والمكان والأشخاص، ذاكرتها القريبة والبعيدة سليمة.

التفكير: يخرج عن مساره كثيرا، لكن لا يصل بوضوح أو بشكل دائم لخلل فى التركيب الجوهرى (Formal thought disorder)،  وبالنسبة لمحتوى التفكير نحيل القارئ إلى أول المشاهدة وشكوى المريضة حتى لا نُسَمِّى الأعراض.

المزاج والحالة الانفعالية:  كانت خليطا من اللامبالاة، والاكتئاب، والانشغال، وعدم الاتساق أحيانا مع محتوى الفكر.

الذكاء : اختلف التقييم الإكلينكى من المقابلة، عن نتيجة اختبار الذكاء التى أجريت للمريضة، ففى حين كان التقييم الإكلينكى أن ذكاء المريضة فى حدود الحد الأدنى للمستوى المتوسط، جاء اختبار الذكاء يحدد ذكاءها أقل بكثير، حتى درجة التخلف العقلى البالغ (وهذا الموضوع سوف تتم مناقشته تفصيلا لأهميته فى طريقة عرض الحالة)

استدراك واقتراح

دون تراجع  عما جاء فى المقدمة، ودون حذف أى جزء، قررتُ فى آخر لحظة أن أتوقف عند هذه المرحلة لإمكان استيعاب ما قد تثيره الحالة كما كتبها مقدمها من أسئلة، ثم نعرضها هى هى غدا قبل الشرح والمناقشة أو نحيل القارئ إلزاما إلى اليوم السابق، إصرارا منا على تكامل وتواصل العرض، ومع أن هذا قد بدا لى نوعا من التعسف، لكننى أتصور ولو مؤقتا انه ضرورى لو أردنا أن نقدم ما يمكن أن نتعلمه من خلال هذه الحالة بشكل يحتاج إلى بذل الجهد المثابر

عذرا

فالتجربة جديدة

والمعرفة تستأهل.

أما الاقتراح فهو أن نتلقى أولا بأول أية استفسارات واقتراحات ، بعيدا عن طلب معلومات إضافية، فليس عندنا إلا ما عرضناه فى الوقت الحالى، وأيضا بعيدا عن التوقف عند مناقشة التشخيصات المحتملة، فهذا- فضلا عما ذكرناه فى المقدمة- ليس قضيتنا الحالية.

* * *

ملحوظة هامة :

بالرغم من الاستبعداد الإكلينيكى لكل الاحتمالات العضوية فإنه يجرى حالياً استكمال الفحوص اللازمة الأكثر دقة لهذه الاحتمالات جميعاً، وسوف ننشر أية نتائج دالة فى حينها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *