نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 3-11-2022
السنة السادسة عشر
العدد: 5542
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (98)
الفصل الثانى
فى مقام الحيرة، والدنيا تضرب تقلب!!
الأصداء
98 – حديث من بعيد
فى حارتنا بيت مسكون لا يقربه أحد فهو مغلق الباب والنوافذ مستسلم لعوامل البلى، أمر به فلا أصدق عينى وأقول لنفسى ما هى إلا أسطورة من أساطير الأولين. وفاجأنى المطر يوما وأنا أمر أمام بابه وأسخر منه كعادتى، وإذا بصوت يتهادى إلى هادئا: “إن كنت فى شك بت ليلة فى البيت يأتك البرهان بلا وسيط”، ركبنى الرعب وانعقد لسانى، وتذكرت ما قرأت عن عالم الأرواح فقال الصوت: “كن مع العقل وإلا تعرضت لتجربتنا القاسية”، واشتد المطر فسكت الصوت كأنما قد ذاب فيه.
أصداء الأصداء
لا بد أن تحضر فى وعى من يقرأ هذه الفقرة تكية الحرافيش، وبيت الجبلاوى فى أولاد حارتنا، لكن علينا أن ننتبه إلى أن البحث هنا ليس عن الجبلاوى ولا عن ساكنى التكية، لكنه بحث عن الجانب الأخر الذى هو بعيد عن العقل، بحث عن التفاصيل الغامضة الأكيدة والتى لا تخضع لمنطق له حدود فاصلة، أو لغة محكمة من يخرج عنها يمكن أن يجد نفسه وقد تمادى فى الرطان المـُضـِلّ، ثم تأتى النصيحة من أهل البيت المسكون، بالاكتفاء بالعقل، فتبدو نصيحة نافعة لمن يبحث عن الأمان – لكنها ليست كافية، ولا صائبة على طول الخط لمن يبحث عن المعرفة والكشف، لأن العقل هو الذى كان يدفعه أن يسخر من أى مجهول لا يعرف قواعد لعبته، فأى عقل آخر يمكن أن يكون منقذه الآن،
ولا يرحمه من إعلان قبول النصيحة أو رفضها إلا استمرار هطول المطر واختفاء الصوت، فيتأجل الرد إلى أجل غير مسمى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net