الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (90) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (90) الفصل‏ ‏الثانى: ‏فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏

نشرة الإنسان والتطور

الخميس: 8-9-2022                         

السنة السادسة عشر

العدد: 5486

تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ)  [1]

وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”

 بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (90)

الفصل‏ ‏الثانى

فى ‏مقام‏ ‏الحيرة‏، ‏والدنيا‏ ‏تضرب‏ ‏تقلب‏!!

 الأصداء

‏90 – ‏المهمة‏:‏

قالت‏ ‏لى ‏أمى: “‏إذهب‏ ‏الى ‏جارتنا‏ ‏وقل‏ ‏لها‏ ‏هاتى ‏الأمانة‏”. “‏فسألتها‏ ‏وانا‏ ‏أهم‏ ‏بالذهاب‏ ‏وما‏ ‏الأمانة؟‏”. ‏فقالت‏ ‏وهى ‏تدارى ‏ابتسامة‏: “‏لا‏ ‏تسأل‏ ‏عما‏ ‏لا‏ ‏يعنيك‏ ‏ولكن‏ ‏إحفظها‏ ‏عندما‏ ‏تتسلمها‏ ‏كأنما‏ ‏هى ‏روحك‏”. ‏وذهبت‏ ‏إلى ‏جارتنا‏ ‏وبلغتها‏ ‏الرسالة‏ ‏فحركت‏ ‏أعضاءها‏ ‏لتطرد‏ ‏الكسل‏ ‏وقالت‏: “‏يجب‏ ‏أن‏ ‏ترى ‏بيتى ‏قبل‏ ‏ذلك‏”. ‏وأمرتنى ‏أن‏ ‏أتبعها‏ ‏ومضت‏ ‏أمامى ‏وهى ‏تتبختر‏. ‏وانقضى ‏الوقت‏ ‏مثل‏ ‏نهر‏ ‏جار‏، ‏وكانت‏ ‏أمى ‏ترد‏ ‏على ‏خاطرى ‏أحيانا‏ ‏فأتخيلها‏ ‏وهى ‏تنتظر‏.‏

أصداء الأصداء

نرجع‏ ‏فجأة‏ ‏إلى ‏المجهول‏ ‏المعلوم‏، ‏فنتذكر‏ ‏الطفل‏ ‏حين‏ ‏أرسلته‏ ‏أمه‏ ‏ليشترى ‏شيئا‏ ‏من‏ ‏السوق‏ ‏قيمته‏ ‏مليما‏، ‏ينسى ‏الشئ‏ ‏ولا‏ ‏يذكر‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏قيمة‏ ‏المطلوب‏ ‏كانت‏ ‏مليما‏ ‏على ‏وجه‏ ‏التحديد‏ (‏فقرة‏ 22)، ‏هنا‏ ‏نجد‏ ‏الأمانة‏ ‏أيضا‏ ‏مجَهَّـلة‏ ‏تماما‏، ‏ولا‏ ‏يذهب‏ ‏بنا‏ ‏الخيال‏ ‏إلى ‏علاقة‏ ‏أوديبية‏ ‏مع‏ ‏الجارة‏ ‏التى ‏مضت‏ ‏أمامه‏ ‏وهى ‏تتمختر‏، ‏مع‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏جائز‏، ‏لكنه‏ ‏ليس‏ ‏هو‏ ‏المهم‏، ‏المهم‏ ‏أن‏ ‏الذى ‏وصلنى ‏أن‏ ‏ثمة‏ ‏أمانة‏ ‏يحملها‏ ‏الإنسان‏، ‏ولا‏ ‏يعرف‏ ‏طبيعتها‏ ‏تفصيلا‏، ‏وذلك‏ ‏منذ‏ ‏الصغر‏، ‏حتى ‏الأمانة‏ ‏التى ‏ذكرها‏ ‏القرآن‏ ‏الكريم‏ ‏لم‏ ‏يتفق‏ ‏عليها‏ ‏المفسرون‏، ‏فهى ‏مجهولة‏، ‏وستظل‏ ‏كذلك‏ ‏سواء‏ ‏كانت‏ ‏الوعى، ‏أم‏ ‏الحرية‏، ‏أم‏ ‏الإرادة‏، ‏أم‏ ‏المعرفة‏، ‏أم‏ ‏القدرة‏ ‏على ‏الإبداع‏، ‏وأن‏ ‏هذه‏ ‏الأمانة‏ ‏المجهولة‏ ‏لها‏ ‏صاحبة‏ ‏تعرفها‏، ‏وأن‏ ‏من‏ ‏العدل‏ ‏أن‏ ‏ترجع‏ ‏إلى ‏صاحبتها‏، ‏سواء‏ ‏كانت‏ ‏صاحبتها‏ ‏تلك‏ ‏هى ‏الطبيعة‏ ‏أم‏ ‏الحقيقة‏ ‏أم‏ ‏الخـَلـْق‏ ‏نفسه‏ ‏الذى ‏به‏ ‏حملناها‏، ‏بمجرد‏ ‏أننا‏ ‏خـُلقنا‏، ‏ثم‏ ‏إننا‏ ‏معرضون‏ ‏للتلهى ‏عنها‏، ‏بما‏ ‏هو‏ ‏حولها‏ ‏وليس‏ ‏بما‏ ‏هى، ‏ومهما‏ ‏كان‏ ‏التلهى ‏مبررا‏، ‏ولذيذا‏، ‏فإننا‏ ‏نشعر‏ ‏فى ‏داخل‏ ‏داخلنا‏ ‏أنه‏ ‏ليس‏ ‏معنى ‏أننا‏ ‏نحملها‏ (‏الأمانة‏) ‏أنها‏ ‏أصبحت‏ ‏ملكا‏ ‏لنا‏، ‏بل‏ ‏إن‏ ‏صاحبتها‏ ‏الحقيقة‏ (‏الأم‏) ‏تنتظر‏ ‏أن‏ ‏نفى ‏بمسئوليتنا‏ ‏إذْ ‏حملناها‏، ‏فهى ‏تخطر‏ ‏ببالنا‏ ‏طول‏ ‏الوقت‏ ‏وتنتظر‏ ‏منا‏ ‏ما‏ ‏لا‏ ‏نفعله‏، ‏فهل‏ ‏نفعل؟

‏(‏قارن‏ ‏كيف‏ ‏تلهى ‏الفتى ‏بالاستعداد‏ ‏مع‏ ‏الجارية‏ ‏عن‏ ‏الوعد‏ ‏مع‏ ‏سيدتها‏ ‏فقرة‏ 22) ‏ [2] 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية  2018  – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح  فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net

[2] – يحيى الرخاوى: نشرة الانسان والتطور، بتاريخ 27-5-2021 .

تعليق واحد

  1. شعرت و أنا اقرأ الاصداء بتعدد الأمانات ، فحمل الرسالة أمانة و أبلاغها أمانة و الحفاظ عليها أمانة و توصيلها لصاحبها أمانة و إحترام تحمل عنصر الغيب و الجهل بمهيتها أمانة و أيضآ إحترام توقيت و انتظار صاحب الأمانة أمانة
    و بين هذا الكم من الأمانات فى رحلة أداء أصل الأمانة يتباين أداء الإنسان فى مسيرة إنهاء مهمته ربما يؤدي هذا و يتعثر فى هذا و تلهيه الدنيا عن ذاك و لكن يبقى الأمل بتمام أداء المهمة على الوجه المكلف به طالما ان صاحب الأمانة لم يغب عن الخاطر ……….
    مولانا الحكيم إن كانت الاصداء مبدعة ف أصداء الاصداء ملهمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *