نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 1-9-2022
السنة السادسة عشر
العدد: 5479
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (89)
الفصل الثانى
فى مقام الحيرة، والدنيا تضرب تقلب!!
الأصداء
89 – الثابت المتغير
ذهبوا إلى السوق وبقيت فى البيت وحدى. وجاءت صغيرة ذات ضفيرتين تتضرع منهما رائحة القرنفل، تحمل طبقا فارغا، مرسلة من قبل أمها بمهمة خاصة. ولما لم تجد أمى همت بالذهاب ولكنى دعوتها للانتظار فانتظرت. وذاب المتسوقون فى السوق وزقزقت العصافير طويلا يظهرها الصيف ويخفيها الشتاء وقلت لها لأملأ الزمن: “تخففى من ثيابك فهو أطيب لك”. فقالت بحياء: “عندما يحين الموسم”، “وهكذا جمعنا الزمان والمكان والشوق، أما الزمان والمكان فلا ثبات لهما وأما الشوق فلا يورث إلا الحزن”.
أصداء الأصداء
القصائد تتلاحق والمقامات تتداخل، والعمق يزيد، لم أعد أستطيع، أمرى إلى الله. نبدأ هنا أيضا من الآخر، “الزمان والمكان لا ثبات لهما”، “أما الشوق” قلا يورث إلا الحزن”.
فمن ناحية كانا فى البيت لكن يبدو أن البيت هو جزء لا يتجزأ من الشوق.
ومن ناحية ثانية كانا وحدهما، لكن العصافير كانت تحيط بهما مزقزقة حتى حين تختفى فى ثنايا الشتاء.
وفى هذه الفترة الوجيزة – حتى يرجعون من السوق- تداولت فصول السنة، ومع ذلك لم يملأ هذا التداول الزمن، مما أدى به إلى محاولة ملئه بالغوص فى عرى الحقيقة، وبدا أن طلب التعرى (أو النصح بالتخفيف) جاء لمجرد ملء الزمن رغم ظاهر الحفز للكشف، لكن الرد جاء يعلن أن التناسب هو الذى يحدد التوقيت وجرعة الرؤية. التناسب، وليس التداول، فلا يكفى أن يتبادل الصيف والشتاء ليكون زمنا، ولا يكفى أن يـملأ الزمن باقتحام مغامر فيمتليء، إذ لابد من أن تلتقى النغمة المناسبة بالنغمة المناسبة فى لحظة مناسبة “عندما يحين الموسم”، ومادامت اللحظة لم تأت فسيظل الشوق ملحا يورث الحزن!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net