الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (67) الفصل الثانى: فى مقام الحيرة، والدنيا تضرب تقلب!!
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (67) الفصل الثانى: فى مقام الحيرة، والدنيا تضرب تقلب!!
نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 31-3-2022
السنة الخامسة عشر
العدد: 5325
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (1)
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (66)
الفصل الثانى: فى مقام الحيرة، والدنيا تضرب تقلب!!
الأصداء
67 – المعركة
”رجعت إلى الميدان بعد زيارة للمشهد الحسينى، رأيت زحاما يحدق براقصة وزمار، الزمار يعزف والراقصة تتأود لاعبة بالعصا، والناس يصفقون والوجوه تتألق بالسرور والنشوة، فكرت غاضبا كيف أفض الجميع، ولكن فى لحظة نور رأيت فى مرمى الزمن الجميع وهم يهرولون نحو القبر، كأنهم يتسابقون حتى لم يبق منهم أحد، عند ذلك ولـّيتهم ظهرى وذهبت”.
أصداء الأصداء
لم يجذبه زحام النشوه فى ميدان المشهد الحسينى كما اعتاد، ويبدو أنه نجح أن يغطى الرغبة بعكسها، فوقف موقفا أخلاقيا رافضا رغم اعترافه أن الوجوه كانت تتألق “بالسرور والنشوة”. وحين عجز عن أن يتمادى في الرفض: ظهرت وسيلة أخرى تحميه من المشاركة، وهو أن يرى أن كل هذا زائل (وقبض الريح) فالجميع سوف ينتهون إلى الموت، فما جدوى أى شيء، فتركهم وذهب: مادامت هذه هى نهايتهم فهذا يكفى.
بدا لى هذا الموقف – هكذا – غريبا وخاصة إذا قورن بما غلب على الأصداء من حب الحياة والنصح بالإستجابة إلى نداءات النشوة وساعات الحظ، ويلاحظ هنا أن الكاتب لم يؤيد نزعة الانسحاب، ولا وافق على الموقف الحكمى الأخلاقى الفوقى الذى يرفض ويشجب الرقص والتأود والنشوة والفرحة، ولكنه فى نفس الوقت لم يشارك فترك الأمور للزمن، بالرغم من أنه لم يكسب هو مكسبا ظاهرا.
وقد خيل إلى أن هذا أقرب إلى موقف الخوف من اللذه، أو ما يقال عنه عدم القدرة على التمتع anhedonia، لكن لا يمكن الاكتفاء بذلك وعنوان الفقرة هو “المعركة”، أية معركة وهو لم يواجه أى آخر بالخلاف أو بالاختلاف؟ فهى المعركة الداخلية : يِقدم؟ يشِارك؟ يواصِل؟ فى مقابل: يدمغ؟ يؤجل؟ ينسحب؟
وحين انسحب، لم تنته المعركة، لأنها داخلية، ولأن أى جانب من كل هذا لم يرجح بوضوح.
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net
2022-03-31