نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 27-5-2021
السنة الرابعة عشر
العدد: 5017
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (1)
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (22)
الفصل الأول: الطفل يرحب بالشيخوخة ويغازل الموت
الأصداء
22 – حمام السلطان
حلمت مرة أننى خارج من حمام السلطان، تعرضت لى جارية ودعتنى إلى لقاء سيدتها، ومالت بى فى الطريق إلى حجرتها لتهيئتى للقاء، كما يملى عليها واجبها، وألهانى التدريب عن غايتى حتى كدت أنساها، ولما وجب الذهاب ذهبت إلى السيدة الجميلة وأنا من الخجل فى نهاية، ووقفت بين يديها منهزما وقد علانى الصدأ هكذا تحول الحلم إلى كابوس وكان لا بد من معجزة لتشرق الشمس من جديد.
أصداء الأصداء
لم يظهر الحلم حلما إلا بدءا من هذه الفقرة (وإن كان سيظهر بعد ذلك)، وأيضا وجب التنبيه أن معظم الصور الواردة (مثلا فقرة 19، وفقرة 20) لايمكن تمييزها تحديدا عن ما هو حلم، كذلك لم يظهر الجنس جنسا إلا تلميحا واعدا، أو ضمن ذكرى عاطرة، فنجد أنفسنا هكذا فى حفز الوعد باللقاء مع “السيدة” التى يحتاج لقاؤها إلى تدريبات مناسبة، وإذا بالهدف الأوسط، يحل محل الهدف النهائي.
وسواء كان هذا التحضير بواسطة الجارية نوعا من التدريب على الحب (قارن فقرة 10، وما الحب الأول إلا تدريب ينتفع به ذوو الحظ من الواصلين).، أو كان نوعا من التلهى بمال أو سلطة أو نجاح، فإنه انتهى قبل أن يصل، أو أن صاحبه وصل بعد أن لم يعد به حاجة إلى ماوصل إليه، أو بعد أن لم يعد لديه قدرة للتمتع به أو استيعاب معناه.
وبألفاظ أخرى: إن الأهداف المتوسطة، أو قل: إن الوسائل، قد تستغرق الجهد كله، بل العمر كله، حتى ننسى الغايات التى كنا نستعمل هذه الوسائل للوصول إليها، فالجنس “التحضيرى” (أو القهرى، أو اللَّـذى أو المنفصل)، قد يأخذ كل الطاقه حتى لا يبقى إلا العجز إذا ما وصلنا إلى الجنس الغاية، (أو الجنس الحوار، أو الجنس المعنى)، وكذلك جمع المال كوسيلة إلى الحياة قد يستغرقنا حتى إذا بدأنا نفكر كيف نعيش بما جمعنا لايبقى لنا إلا العجز والخجل من العجز وانتظار المعجزة.
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net