نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 20-7-2023
السنة السادسة عشر
العدد: 5801
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (135)
الفصل الثالث
“إبن حظ”: طفل تائه (يا أولاد الحلال)
فى ثوب كهل يعبد ربه
الأصداء عودة إلى النص:
135- سيدتى الجميلة
قال الشيخ عبد ربه:
حدث ذلك وأنا أسير بين الطفولة والصبا.
رأيت فوق الكنبة الوسطى تحت البسملة امرأة جالسة، لم أشهد فى حياتى شيئا أجمل منها. ابتسمت لى، فذهبت اليها فحنت على وقبلتنى ووهبتنى قطعة من الملبن، وكتمت السر ليدوم العطاء، وكلما ذهبت إلى الحجرة رجعت مجبور الخاطر بقبلة وقطعة من الحلوي.
ويوما ذهبت كالعادة فوجدت الحجرة خالية
هل أفقد الجمال والسعادة؟
وسألت أمى عن الضيفة الجميلة الكريمة.
فدهشت لسؤالى، كما دهش أبى، وجعلت أحلف بأغلظ الإيمان، ولم يصدقا حرفا مما حكيت وساورهما القلق طويلا، وظلت الكآبة كامنة فى الأعماق حتى هلت ليالى القمر.
أصداء الأصداء
هل لاحظت كيف أن هلوسة الأطفال خيال مشروع، وخيال الأطفال واقع أوقع من الواقع، لذا لزم التنويه.
فقط أود أن أضيف أننى استقبلت ليالى القمر وهى تهل داخلة كإعلان رائع لنجاح تمثـُّـل خبرات الطفولة بعد جرعة من التأجيل الواجب، بمعنى أنه بعد أن كبت خياله استجابة لرعب (وقمع) الوالدين، حبس خياله طويلا حتى تمثله فأشرق به ومعه. هذه المسيرة التى تحول خيال الطفل إلى إبداع المتكامل هى الحل الأمثل للكبت الضرورى أحيانا، بمعنى أنه لو سمح له أن يتمادى فى تلقى الملبن والقبلات دون خوف الوالدين أو رفضهما، لظل طفلا دون كآبة كامنة، وأيضا لما هلت ليالى القمر داخله تضئ له وبه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net