نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 8-6-2023
السنة السادسة عشر
العدد: 5759
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (129)
الفصل الثالث
“إبن حظ”: طفل تائه (يا أولاد الحلال)
فى ثوب كهل يعبد ربه
الأصداء عودة إلى النص:
129- الخلود:
قال الشيخ عبد ربه التائه
وقفت أمام المقام الشريف أسأل الله الصحة وطول العمر، دنا منى متسول عجوز مهلهل الثوب وسألنى “هل تتمننى طول العمر حقا؟ “.
فقلت بإيجاز من لا يود الحديث معه
- ومن ذا الذى لا يتمنى ذلك؟
فقدم لى حُـقا صغيرا مغلقا وقال
- إليك طعم الخلود، لن يكابد الموت من يذوقه!
فابتسمت باستهانة، فقال
- لقد تناولته منذ آلاف السنين ومازلت أنوء بحمل أعباء الحياة جيلا بعد جيل.. فغمغمت هازلا:
- يالك من رجل سعيد!
فقال بوجوم
- هذا قول من لم يعان كر العصور وتعاقب الأحوال ونمو المعارف ورحيل الأحبة ودفن الأحفاد.
فتساءلت مجاريا خياله الغريب
- ترى من تكون فى رجال الدهر؟
فأجاب بأسي
- كنت سيد الوجود، ألم تر تمثالى العظيم؟ ومع شروق كل شمس أبكى أيامى الضائعة وبلدانى الذاهبة وآلهتى الغائبة!
أصداء الأصداء
هنا إيجاز يكاد يكون مباشرا لفصل “جلال صاحب الجلالة” فى ملحمة الحرافيش، مع اختلاف النهاية، ومن يرجع إلى حوار جلال مع شاور الساحر يجد الحوار هنا يكاد يتطابق، الفرق الوحيد الذى يستأهل وقفة ما، هو أن الخالد هنا كان سيد الوجود، حتى غابت آلهته فلم يبق إلا هو، وأن هذا الخالد لم يدفع ثمن هذا الضلال الذى اختاره كما دفعه جلال صاحب الجلالة. فقط عوقب بالتسول والحرمان من دورات النهاية البداية.
نلاحظ كيف تأتى هذه الفقرة هنا بعد تمنى الموت الراضى، ونداء الصعود التكاملى، فى مقابل الخلود الغبى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net
كيف حالك يامولانا:
المقتطف : تمنى الموت الراضى، ونداء الصعود التكاملى، فى مقابل الخلود الغبى.
التعليق : أما عن الموت الراضى ،والصعود التكاملى ،فقد حضرتك وأنت تعيشهما ،إنما ” الخلود الغبى ” فأظن أننى بحاجة إلى معاشرته قليلا ،لعله يكون مفتاحا لمغارة الغباء كله عندى ،أو عند غيرى ؟!