نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 25-5-2023
السنة السادسة عشر
العدد: 5745
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (127)
الفصل الثالث
“إبن حظ”: طفل تائه (يا أولاد الحلال)
فى ثوب كهل يعبد ربه
الأصداء عودة إلى النص:
127- الرقص فى الهواء:
ومرة قال لى الشيخ إن القصص التى تنشر ليست بالقصص الحقيقية، وأراد أن يقدم لى قصة صادقة فقال:
فى أحد أصابيح الربيع جذبتنى ضجة نحو الباب الأخضر. خضت حاجزا من البشر يلتف حول رجل وامرة قيل أنهما كانا من مجاذيب الحسين، ثم أغواهما الغرام فهجرا دنيا الأسرار إلى دنيا العشق، ورئيا وهما يترنحان من السكر ويترنمان بالأغانى الساخنة.
وكاد الناس يفتكون بهما لولا تدخل الشرطة.
ونسى الأمر مع الزمن. وذات صباح وأنا أسير فى الصحراء رأيت سحابة تهبط كالطائرة أو السفينة حتى صارت فى متناول الرؤية الواضحة، ورأيت على سطحها رجلا وامرأة يرقصان وسمعت صوتهما قائلا:
- متى تصعد يا عبد ربه!
أصداء الأصداء
تتكرر هنا فكرة الغفران للخطاة، لا، ليس هذا فحسب، بل إن الذى يريد محفوظ توصيله المرة تلو المرة هو أن الخطاة، أو الذين يسمونهم خطاة، هم فى أعلى عليين وأن الشيخ عبد ربه نفسه يتوق إلى مرتبتهم.
هذا وقد استقبلت نداء “متى تصعد يا عبد ربه” باعتباره إسقاطا منه وحنينا للصعود، للموت التكاملى، دون رغبة فى الموت الذى نعرفه، وهو ما يؤكد ما ذهبت إليه من أن تمنيه طلب الموت -لا الحياة من الهابط من السماء،-(فقرة 125) هو طلب للحياة أكثر منه هربا فى الموت، ولا أملك إلا أن أكرر بإلحاح مرة أخرى أن الموت هنا ليس هو الموت النهاية، وليس هو الموت العدم، ولكنه الموت الرضا، الموت الـْكـَـفـَـى شبعا وحمدا،…الموت الصعود.
ــــــــــــــــــــــ
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net