نشرت فى روز اليوسف
13- 1- 2006
سلسلة الإنسان
أ.د.يحيى الرخاوى
أما قبل
منذ بدأت تحرير هذا الباب وأنا أحاول أن يتميز بتحريك الوعى دون الإسراع بتسكينه، وأن يطرح التساؤلات أكثر من أن يتصدى للفتوى. لم يصلنى ما يطمئننى أن أيا من قرائه قد قبل الدعوة. فى العدد الماضى نبهنا أن موضوع “تعدد الكيانات” داخلنا ثم خارجنا سوف يكون من أربعة أجزاء، وبعد تقديم مقتطف من “نص بشرى”: حالة تبين كيف تتعدد الذوات، أثناء العلاج الجمعى: مقاومة ثم تحريكا. أنهينا الجزء الأول بطرح لعبة من سلسلة لعبات عرضت فى برنامج “سر اللعبة” فى القناة الثقافية”، وطلبنا من القراء أن يحاولوا الاستجابة لها قراءةً، ثم الكتابةً إلينا تفضلا، ما أمكن ذلك، ونظرا لضيق الوقت بين صدور العدد الاضى والتزامى بإرسال المقال التالى، وربما أيضا لتواضع تسويق وتوزيع هذه الصحيفة (الأمر الذى ما زلت لا أفهم أسبابه) لم تصلنى أية استجابات، فلنؤجل احتمال الحوار إلى عدد قادم، ونواصل تقديم الجزء الثانى:
تعدد الكيان البشرى هو السبيل إلى النمو(2 من 4):
نتعدد: لنتكامل “بِـنَا”، طول الوقت!
إن مجرد ذكر أننى (أو أنك) اثنين أو ثلاثة، يعرضنى للاتهام بالفصام، ومِنْ مَن؟ من ركن الهواة. (العامة، والدراما المسطحة، والإعلام السوقى، وقشور التدين، وبعض علم النفس وكثير من الطب النفسى) فما بالك باعتراف الرجل بالأنثى داخله (تثريه)، واعتراف المرأة بذكورة داخلها (تكملها لا تحل محلها)؟ ألا يحفز ظاهر هذا الاعتراف اتهام الرجل بالخنوثة، والمرأة بالاسترجال؟ هذه الحلقة لا تقتصر على ذلك، إلا أن هذه القضية هى من أهم ما تطرحه فكرة التعدد فى الكيان البشرى. وقد ظهرت فى استجابات لها دلالاتها.
المتطوعون: الذين شاركوا فى اللعبة هما سيدتان (على المعاش، متزوجتان، وجدتان، فوق الستين أو السبعين، خلّها فى سرك)، وطبيب فى العشرينات ممارس متدرب، ومحام فى الأربعينات.
الأسماء البديلة: السيدة فايقة، والسيدة ريم، والدكتور ممدوح، والأستاذ موسى، بالإضافة للطبيب الكاتب الذى يظهر هنا باسمه الحقيقى على مسئوليته..
اللعبة الأولى
هو أنا واحد ولا كثير، دانا بيتهيألى إنى …………….
1- موسى: هو أنا واحد ولا كثير؟! دانا بيتهيألى إنى 5 أو 6
2- د. ممدوح: هو أنا واحد ولا كثير؟! دانا بيتهيألى إنى كوم لحم جوايا
3- د.يحيى: هو أنا واحد ولا كثير؟! دانا بيتهيألى إنى زحمة أوى
4- م. فايقة: هو أنا واحدة ولا كثير؟! دانا بيتهيألى إنى عالم بأسره
5- أ. ريم: هو أنا واحدة ولا كثير؟ دانا بيتهيألى إنى عدة أشخاص فى بعض
التعقيب: (بعد كل لعبة نطلب تعقيب من يشاء من المشاركين وليس فقط الطبيب)،
قالت م. فايقة: إنها خافت ،
وقال أ. موسى: إنه اطمأن حين رأى هذا الإقرار ببساطة من الجميع بهذا الاحتمال (أن كل منا كتير)
وأبدى د. يحيى دهشته لأنه كان يتوقع مقاومة أكبر من ذلك بكثير.
القراءة (الآن)
(1) نلاحظ أن اللعبة كانت تبدا بسؤال احتمالى، أو بالأحرى بتساؤل محرك، ثم ينساب النص مسبوقا بـ، “بيتهيأ لى”. ربما كانت هذه الطريقة هى التى سهّلت قبول التعدد بهذه السهولة،
(2) ربما أيضا ساهم عدم تحديد هؤلاء الـ”كتير”، وهل هم شخصوص أم ذوات أم مستويات وعى أم أفكار، مجرد “كتير”، ربما كان لذلك فضل هذا الانسياب الخالى من الوصاية العقلانية والتنظير المسبق.
اللعبة الثانية
ساعات الشخص اللى جوايا يبقى نِـفسه …………
أ. ريم: ساعات الشخص اللى جوايا يبقى نفسه يتكلم كلام مش صحيح
م. فايقة: ساعات الشخص اللى جوايا يبقى نفسه مانْـساهوش
أ. موسى: ساعات الشخص اللى جوايا يبقى نفسه يزحزحنى ويطلع يعيش بدالى
د. يحيى: ساعات الشخص اللى جوايا يبقى نفسه يقولى إتلهى على عينك واقعد مكانى
د. ممدوح: ساعات الشخص اللى جوايا يبقى نفسه يطلع مكانى
التعقيب: (بعد اللعبة مباشرة)
أ. موسى: وصلنى صدق د. ممدوح، الظاهر إنها مشكله حقيقية
ب. د.يحيى: وصلنى حاجه غريبه أوى: إننا بنكمل بعض، أو حاجة زى كده.
القراءة (الآن)
(1) نلاحظ أن ثلاثة من الحضور اكتشفوا أن مَن بداخلهم يريد أن يحل محلهم، ولم يبدُ فى التعقيب البَـعدى أنهم معترضون، أو أنهم يقاومون ذلك، أو حتى يخافون منه
(2) م. ريم كشفت عن أن ذاك الذى بداخلها هو أقرب إلى أن يكون طفلا مشاكسا “يتكلم كلام “مش صحيح”، لكن من الذى يحكم على كلامه بأنه “مش صحيح”، أظن أن الشخص الظاهر (م. ريم) هو الذى قرر أن كلام من بالداخل يمكن أن يكون “مش صحيح”.
(3) نلاحظ أن قوة الكيان الداخلى لا تعوقها إنجازات الكيان الخارجى، فما جاء فى تعبير د.يحيى كان “إتلهى على عينك”، وهو أكثر صراحة من تعبير كل من موسى وممدوح، اللذان أعلنا نفس الميل (“يعيش بدالى” ، “يطلع مكانى”) ثم إن الكيان الداخلى عند د. يحيى أدخل الكيان الظاهرى إلى “جوه”، وكأن ظهور الداخل كبديل هو أمر لا بد أن يحدث بعد ذلك تلقائيا”.
اللعبة الثالثة
يمكن الطفل اللى جوايا مش مجرد ذكريات طفوله، الظاهر إنه ……….
د. ممدوح: يمكن الطفل اللى جوايا مش مجرد ذكريات طفوله، الظاهر إنه عايز يطلع دلوقتى لبره
د.يحيى: يمكن الطفل اللى جوايا مش مجرد ذكريات طفوله، الظاهر إنه حقيقه واقعة
أ. ريم: يمكن الطفل اللى جوايا مش مجرد ذكريات طفوله، الظاهر إنه حقيقة واقعة فعلا
أ. موسى: يمكن الطفل اللى جوايا مش مجرد ذكريات طفوله، الظاهر إنه هو أنا
م. فايقة: يمكن الطفل اللى جوايا مش مجرد ذكريات طفوله، الظاهر إنه عايش معايا وبيتهيألى إنى باحبه
التعقيب (بعد اللعب مباشرة)
م. فايقة: حسيت إنى متونسة بحاجه جوايا مصاحبانى
أ. ريم: أنا شفت إن الطفولة أنا مابعدتش عنها
القراءة (الآن)
(1) نلاحظ إقرار تجسيد ما ندعى أنها ذكريات فى شخوص حية “هنا والآن”
(2) السيدة ريم والطبيب المسؤول (يحيى) أقرا أنها “حقيقة واقعة”، مع استبعاد الإيحاء بملاحظة أن السيدة ريم أضافت “فعلا”، ثم عقبت بعد اللعبة بـأنها “شافت” أنها لم تبعد عن الطفولة.
(3) السيدة فايقة تجاوزت الإقرار بأنها حقيقة، إلى الاعتراف ليس فقط بأنه كائن حى، ولكن أيضا بأنها تحبه وتقبله، يزيد من قبول رؤيتها أنها تقول “بيتهيأ لى” ولاتجزم.
(4) فى نفس الاتجاه يقرّ أ. موسى أن طفله الداخلى ليس فقط موجودا، بل هو ذاته نفسه: “أنا”.
(5) أما د. ممدوح، فإن الإقرار بوجود هذا الطفل الداخلى تجاوز الاعتراف إلى التقاط رغبة التحريك والإعلان والخروج إلى ظاهرالشعور والفاعلية الآن وليس بعد.
اللعبة الرابعة
طيب لو أنا كتير كده، إمال بارفض ليه يمكن…………….
د. ممدوح: طيب لو أنا كتير كده، إمال بارفض ليه يمكن لو سبت اللى جوايا يشاركنى يستريح
أ. موسى: طيب لو أنا كثير كده، إمال بارفض ليه يمكن خايف لو طلع يبقى مشكله
أ. ريم: طيب لو أنا كثير كده، إمال بارفض ليه يمكن لو طلع أخجل منه
م. فايقة: طيب لو أنا كثير كده، إمال بارفض ليه يمكن باخاف اللى قدامى ما يشوفش كويس
د. يحيى: طيب لو أنا كثير كده، إمال بارفض ليه؟ يمكن جبان
التعقيب (بعد اللعب مباشرة)
د. ممدوح: أنا مستريح،
م. فايقة: أنا متألمة.
موسى: أنا حاسس بالراحه والألم مع بعض، بس الألم أغلب
القراءة (الآن)
(1) نلاحظ أن الاعتراف بالداخل (بكثرته) هو ممكن ولا يحتاج لتحديد هذا الداخل تفصيلا (بدون تحليل نفسى ولا يحزنون)
(2) ترتب على احتمال هذا الاعتراف مشاعر مختلفة تراوحت بين الاعتراف بالداخل عاما، يتراوح بين ” الخجل (م. ريم) والجبن (د. يحيى) والخوف من المشاكل (أ.موسى).
(3) لكن د. ممدوح بدا وكأنه يريد أن يريح هذا الذى بالداخل، وأن الاعتراف بحقه هو السبيل إلى ذلك، لم يقتصر ذلك على إراحة من بالداخل بالاعتراف به، بل إنه أقر (فىالتعقيب) أنه شخصيا قد شعر بالراحة بعد اللعبة.
(4) أما م. فايقة فقد تبينتْ أن الخوف ليس من جانبها أساسا، وحددت خوفها من رؤية الآخرين لهذا الداخل، سواء كانت رؤية خاطئة، أو رافضة، أو جزئية.
اللعبة الخامسة
السِت(الراجِل) اللى جوايا بيـقول لازم…………….
د. ممدوح: السِت اللى جوايا بتقول لازم تفتكرنى
م. فايقة: الراجِل اللى جوايا ييقول لازم تعيشى
أ. ريم: الراجِل اللى جوايا ييقول لازم تفتكرينى دايماً
أ. موسى: السِت اللى جوايا يتقول لازم تدينى حقى
د. يحيى: السِت اللى جوايا بتقول لازم تهمد شويه لأنى أحلى منك 100 مرة
التعقيب (بعد اللعب مباشرة)
أ. ريم: كنت مابافكرش فى الحاجات ديه خالص من قبل
أ. موسى: أنا عايز أقول إنى صاحبت الست اللى جوايا
القراءة (الآن)
(1) هكذا ببساطة، ومباشرة، نقترب من كل من يونج (كارل جوستاف يونج) والحدْس الشعبى، الأول ينبهنا على الانيما anima(الأنثى التى فى داخل الرجل)، والأنيماس animus (الرجل الذى فى داخل الأنثى)، وهو أمر يبدو بديهيا للناس الطبيعيين البسطاء، وأحسب أنه يعلـنُ فيما يصدر فى الحدْس الشعبى حين يقع الصبى على الأرض، فتفقـز أمه صائحة “اسم النبى حارسك، وضامنك، وقعت على أختك تحت الأرض، أحسن منك” (فإذا كانت صبية هى التى وقعت، قالت الأم: وقعت على أخوك ..إلخ). أترجم تعبير ما هو “تحت الأرض” إلى ما هو “تحت الشعور الظاهر”، كما أفرح وأنا أقرأ هذا الحدس الشعبى الذى يتفق مع معلومات علمية دالة: الوقعة على الأرض هكذا يمكن أن يترتب عليها ما هو “ارتجاج ما فى الدماغ”، الحادث قد لا يستغرق أكثر من ثوان لكن يترتب عليه أن يقفز “مَـن بالداخل” (ذواتنا الأخرى) دون استئذان، ومـِـن ثم يترتب عل هذا الارتجاج ارتباك مفاجئ فى الشخصية نتيجة لصعوبة تمثـّل زحمة الذوات التى قفزت معا إلى الخارج إثر الارتجاج، فتكون النتيجة هى ما يسمى فى الطب النفسى “اضطراب الشخصية عقب الخبطة الصادمة “Post Traumatic Personality Disorder إن الحدْس الشعبي إذْ يعترف بهذا الكيان الذى “تحت الأرض” وإقراره بوجوده، وأنه “أحسن منه”، وكأنه يرشوه حتى لا يتمادى بغير حساب، هو بمثابة محاولة تجنب لصراع عشوائى بين الذوات (هذا تفسيرى) قد ينتهى إلى تسوية سيئة بينها (الذوات) اللتى تحركت فجأة هكذا بسبب الجادث، بعكس تحريكها المتناوب أثناء النمو.
(2) ما زالت إشكالة الصراع الحقيقى بشأن التمييز الذكورى تمثل تحديا علميا وسياسيا وتطوريا يستحق مواصلة العمل فيه من أكثر من جانب، لذلك أفضل أن أتناول استجابات المتطوعين فى هذه اللعبة الخامسة بتفصيل واحدا واحدا:
1- د. ممدوح: أحسن الاستماع إلى الست اللى جواه وهى تقول “لازم تفتكرنى”. فنشعر معه أن البداية هى تذكّـر أنها موجودة. هى لم تطلب الظهور، لم تطلب حقوقا، لم تطلب أن تحل محله. إن الرجل حين يتذكر هذه الحقيقة البسيطة (الواقعية) لا بد أن يشعر أنه أجمل وأكمل، وربما ساعده ذلك على التراجع عن غبائه الذكورى المغترب، مجرد أن يتذكر أنه ليس هو إلا بها، يقربه من نفسه، ومن ثم من عدل محتمل، واحترام واجب.
2- التصالح الذى بدا من م. فايقة فى اللعبات السابقة من حيث مطالبة الشخص “إللى جواها” الهادئة “ألا تنساه” (“نفسه ما انساهوش، اللعبة الثانية) أو حين تقر علاقتها بطفلها وأنه ” عايش معايا وبيتهيألى إنى باحبه”، هذا التصالح يتأكد هنا أيضا بشأن علاقتها مع “الراجل اللى جواها” . فى هذه اللعبة الأخيرة يأتى التصالح من الداخل للخارج. الرجل الذى بداخل هذه السيدة هو الذى يدفعها “أن تعيش” 0(ييقول لازم تعيشى)، لا أن يعيش هو بدلا منها (كما لاح لآخرين فى لعبات أخرى) . كأننا نتعلم من ذلك أن التصالح ليس استبدالا، وإنما تعيش الأنثى أعمق أنوثة وأقوى حضورا بالرجل الذى فى داخلها لتكون هى هى به، لا ليحل محلها. إن الاعتراف بالضد لا يحقق الضد، ولكنه يملأ الفراغ الذى لو لم يملأ لعاش أى منهما فارغا من بقيته.
3- استجابة السيدة ريم تبدو فى نفس الاتجاه، وإن شملت أيضا الاتفاق مع استجابة د. ممدوح، (لازم تفتكرنى)، والسيدة فايقة. إضافة “دايماً” لم تبد لى ثانوية. الكيان الداخلى (الذكورى هنا) ليس تزيـّـنا (إكسسوار) يستعمل بعض الوقت، أو فى المناسبات التى تستدعى صفات ذكورية، وإنما هو يشير إلى أن حضور الذكورة فى الأنوثة (وبالعكس) هو تكامل سلس، حتى لو بدأ الحضور “بالاعتراف”، والتذكر كخطوة مبدئية.
4- استجابة أ. موسى أعلنتْ معالم بداية موقف ثورى، إلا أن الثورة الحقيقية هى التى تنتزع الحق، لا تستأذن فى طلبه “لازم تدينى حقى”. على أى حال هى بداية طيبة. إذا كانت الست داخل د. ممدوح رضيت بمجرد أن “يفتكرها”، فالسِت التى بداخل أ. موسى تطالب بحقها، ولا ترضى بمجرد التذكر. فما هو موقف الطبيب الأكبر المسؤول عن إدارة الحلقة؟
5- ظهرت الست من داخل د. يحيى بحضور واثق، تأمره أو تنصحه “أن يهمد شوية”، البداية تشير كيف أن ظاهر هذا الرجل “لايهمد”، لماذا؟ ربما لأنه يتصور أنه لو همد “لن يكون “هو”. فمن هو؟ لن يكون من؟ لن يكون هذا الرجل المبادر الملاحِق الذى لا يكف عن الإنجاز والحركة. كأنه يخاف أن يهمد فتقفز منه “الست إللى جواه” كما يتصورها، ربما يتصور أنها نقيض المبادأة والإنجاز واللهاث وقلة الهمدان. اللعبة هنا سمحت لهذه الست (إللى جواه) ليس فقط أن تنصحه، أو تأمره، ولكن أن تبيـّن له أنها ليست كما يتصور، وأنها أولى به، وأنه حين يهمد سوف يصبح أحلى بها لأنها “أحلى منه 100 مرة”
تعقيب جامع:
إن هذه القضية “ثنائية الوجود البشرى بين الذكر والأنثى”، ” قد تعرت فى لعبة عابرة، وبشكل تلقائى، مع مجموعة من مختلف الأعمار، ومن الجنسين، ومن مختلف التخصصات، تعرت دون تنظير مسبق أو محاضرة تلقينية، أو تحليل نفسى معقد، هذه القضية تبدو من بديهيات الوجود البشرى. صحيح أن التكامل من خلالها هو أمر بعيد حاليا عن متناول كل من الرجال والنساء حسب البرمجة الاجتماعية الممتدة من تاريخ قهر قديم، والتى تتعرض لها المرأة ا لتعميق الفروق الظاهرة، لتصبح هى غاية المراد ومبرر التمييز، وليست بداية الانطلاق إلى التكامل. إن هذه اللعبة على اختصارها وتواضعها تضعنا أمام قضية أساسية يحاول العلم والممارسة والنقد والإبداع عبر العالم أن يتجاوزوها.
الإبداع وتطور المرأة على مسار النمو البشرى
فى فرض قديم بعنوان ‘تحرير المرأة وتطور الانسان” نشر فى مجلة المركز القومى للعلوم الاجتماعية والجنائية عدد المجلة الثانى فى عشر عدد سبتمبر 1975، قدم الكاتب مداخلة شرح فيها كيف أنه لابد من إعادة تعريف المفاهيم الخاصة والعامة للمرأة والرجل، وأن مسألة الأنوثة والذكورة هى ذات أهمية من حيث تحديد نقطة بداية تطور كل منهما، ولكنها ليست تفرقة تميزية نهائية، ولا هى تصنيف ساكن، كما أنها ليست مبرر لأى تمييز نوعى لأى من الطرفين. إن تعميق الفروق فى بداية مسيرة النمو، مع اختلاف المسار، جدير بأن يسمح للرجل أن يصالح أنوثته ويتكامل بها، وللمرأة كذلك. بدأ الفرض الذى قدمه الكاتب أنذاك من مقولة وينيك Winnicot بأن المرآة تبدأ من فعل الكينونة To be لتنطلق إلى التكامل وهى تتحقق بتعميق كينونتها التى ينطلق منها الفعل TO Do أما الرجل فيبدأ بالحركة القلقة من الفعل TO do ليتحقق من خلال استيعابه إنجازه حتى لا يظل خارجا عنه فيزيده ذكورة منفصلة غبية ، To Be، الرجل يتكامل إذا امتلأ بإنجازه “ليكون” To be، لا ليزداد به إنجازا خارجا عنه.
انطلاقا من فرض وينيكوت بينت أطروحة الكاتب (1976)، أن أهم ما يميز الإنسان هو أنه كائن يتكامل نموا بإبداع ذاته، وكلما كان داخل الانسان (الذى يبدو نقيض ظاهره) أقرب إلى التناول فى وعيه الظاهر، كان الإنسان مبدعا. وكلما كانت مسامية الإدراك نافذة للتحرك بين الداخل والخارج كان الانسان مبدعا، وكلما كانت مرونة الفعل لديه أكثر طواعية كان مبدعا بالمعنى التطورى للنمو البشرى كما ذكرنا.
يبدو أن هذه اللعبة الخامسة كما قدمناها قد تسهم فى إثبات هذا الفرض، مع اتساع مفهوم الإبداع ليشمل النمو الذاتى للشخص العادى، فالمرأة فى اللعبة بدت أقرب وأكثر تكاملا باقترابها من الرجل فى داخلها وتصالحها معه. كذلك بدا الرجل أكثر امتلاء بنفسه حين اعترف واقترب من المرأة فى داخله .. ربما لنفس الهدف.
وقفة وتجديد الدعوة:
نتوقف هنا ونؤجل قراءة الخمس ألعاب الباقية فى نفس الموضوع “أنا واحد ولا كتير”، ، بالإضافة إلى ما يمكن أن يصلنا من استجابات، مع تكرار طلب الاستجابة للخمس ألعاب الأولى أيضا.:
6- طيب لو أنا أكثر من واحد؟ يبقى مين فينا المسئول أنا شايف……………..
7- المسألة مش مسألة صراع ولاَ خناقه، المسألة إنى لو كثير يمكن…………..
8- يكونش الكثير اللى جوانا هو الجن اللى بيقولوا بيلبس الناس معنى كده بقى….. (أكمل من فضلك،ن شفاهة ثم كتابة وأرسلها لنا إن شئت)
9- أنا كده اتلخبطت، لكن يتهيأ لى ممكن أستفيد بإنى…………
10- أنا نفسى الكثير اللى جوايا يتصالحوا مع بعض، بس مش على حساب…….
(أكمل كل لعبة من فضلك، شفاهة مع نفسك، ثم كتابة وأرسلها لنا إن شئت)