“نشرة” الإنسان والتطور
16-5-2009
السنة الثانية
العدد: 624
تعتعة
تحديث أرجوزة :عن المفاوضات وخطة الطريق
لظروف خاصة، وصعوبات تكنولوجية، اضطررت أن أؤجل تعتعة اليوم عن الخنازير البشرية، وفيروسات القتل الإعلامى مع سبق الإرعاب والإلهاء، هذا الإرعاب المنظم الذى يجعلنا – عبر العالم – نرتد إلى الخوف على سلامة أجسادنا (قال يعنى هى سليمة أصلا) ، حرصا على صحتنا التى لا نعرف ماذا نفعل بها لنا، مع أن الاهتمام بصحة أجسادنا هذه لا تعنيهم إلا بقدر ما يستعملوننا لتنمية ثرواتهم على حساب كل ما هو إنسانى كريم.
فهمت أكثر فأكثر من هيجة الخنازير الأخيرة، بعد لعبة الطيور والانفلونزا، كيف أن شركات الدواء هى اللوبى السياسى الثانى فى أمريكا (وربما العالم) بعد شركات السلاح، كما تصورت أننى أدركت أوضح علاقاتهم ببعضهم البعض.
أجلت الكتابة عن كل ذلك لحساب تحديث هذه الأرجوزة القديمة التى وجدتها بين أوراقى، فهى تكاد تصف الجارى حولنا حرفيا، الجارى من مؤتمرات ولقاءات واتفاقات وتصريحات وتهدئات.
سمعت هذه الأرجوزة القديمة القديمة، وحفظتها طفلا، وحين حضرتنى هذه الأيام، وجدتها تنطبق تماما على كلِّ من حوار الصم، وتصريحات العُمْى، التى تصلنا يوميا من كل ما نتابعه من مؤتمرات قمة، ولقاءات رؤساء، واتفاقات تعاون ..وخطة طريق، إلخ ؟!؟!،
شرح تمهيدى
لأن الأرجوزة قديمة (منذ أن كانت العملة تلاتة فضة –نصف قرش تعريفة) ولأنها مهجورة وشفاهية، لابد من تقدمة شارحة:
الأرجوزة تحكى عن ثلاثة من الحِبـشْ (أحباش، رمزٌ شائع) يقفون على تل لِـبْشْ (اللبش: ربما إشارة إلى لبش القصب) وأن بكل واحد منهم إعاقة أو عجز ما، وفى نفس الوقت هم يبدون وكأنهم يجتهدون ليتعاونوا على الوصول إلى اتفاق يصلح لحراسة قيراط أرض (الوطن) ، وكل منهم يحاول أن يساهم بما لا يملك.
كلام الأرجوزة ينبغى أن يـُـقرأ ببطء، حتى ندرك كيف أن اختلاف الوصف، لم يكن إلا فى الألفاظ، وأن الجميع ، فى النهاية، مثل الجميع، يدورون فى حلقة مفرغة، وهم يتصورون أنهم يسعون جاهدين لتحقيق اللاشىء.
تحذر الأرجوزة فى نهايتها أن يكون حراس الأرض (الوطن) هم عجزة، يدعى كل منهم ما لا يستطيع:
نص الأرجوزة القديمة:
كانْ فيهْ تلاتـَـهْ حِـبْـشْ
واقفين على تــلّ لِــبْشْ
اتْـنِينْ عُمْـى، وِوَاحِدْ ما بـيْشُوفشْ
إللي ما بيشٌوفشِ لَــقَى تلاتهْ فضّــةْ
اتنــين ما سحـِيــنْ، وِوَاحِدْ ما بِيْروحشْ
إللى ما بِيْروحشْ اشتروا بيه تلاتْ قراريط،
اتنين باروا، وِوَاحِدْ ما طلعشْ
إللى ماطلعش وقّـفوا عليه أربعْ حـُـرّاس
أطرشْ، وأعمى، ومكسَّح، وعِـريان.
الأطرش قال: “حسّ خيلٍ دبَى”
الأعمى قال: “بايِنّـهُـم سبعة ثمانية”
المكسح قال: ياللا بْنَا نجرى
العريان قال: وكل إللى تجيبوه هاتوه فى حجرى
نـلاحظ فى نهاية الأرجوزة أن الأطرش هو الذى سمع دبيب وقع أقدام خيل العدو، وأن الأعمى هو الذى رآهم حتى عدّهم عدّا، وأن الكسيح هو الذى أشار عليهم بالعدو هربا، أما العريان فهو يدعوهم أن يضعوا مكاسبهم فى حجره !!!! هل رأيت أبلغ من ذلك سخرية من العجز مع الادعاء؟
أليس هذا هو ما يجرى هذه الأيام طبق الأصل؟؟
قمت بتحديث نفس الأرجوزة وأنا أتابع مؤتمرات ومفاوضات تحصيل الحاصل، كما يلى:
كان فيه ثلاثةْ هِـبْل، ماشيين عالْحبْل
اتنين خابُوا، وِوَاحِدْ مانفعشْ.
إللى مانفعش زرع تلات خُطَبْ
اتنين زعيق، وواحدة ما تقالتشى.
إللى ما ما اتقالتشى سجّلوها على تلات شرايط:
اتنين اتمسحوا وواحد ما دارْشْ.
اللى ما دارشى أعلـن تلات قرارات :
اتنين اتأجّلوا، وِوَاحِدْ ما اتنفذشْ.
ثم إنى رحت أحدثها من جديد، وأنا أتابع ألاعيب مندوبى الولايات المتحدة، وممثلى الأمم المتحدة، والاتحاد الأوربى فى نفس الشأن كالتالى :
كان فيه تلاته لـَبَـطْ، سايقين الـعـبـَطْ.
اتنين قتّالين قٌـتَـلَة، وواحد ما تابشْ
اللى ما تابش قدِّم تلاتْ اقتراحات :
اتنين باظوا، وواحد ما نـْفِعـْشْ
إللى ما نفعشِى شكِّلْ تلات لجان :
اتنين اتلـغُـوا، وواحدةْ ما اجتَـمَعِـتشْ.
إللى ما اجتمعتش وافقت على تحرير تلات مناطقْ :
اتنين زى ما همّه، وواحدة ما اتحررتشْ.
إللى ما اتحررتشِ قرروا إن قدامها تلات مراحلْ:
اتنين مالهومشى آخرْ، وواحدة ما بدأتشْ.
وبعد
أرجو أن نحترم الخنازير أكثر ونحن ندعو لها بالسلامة، ففى الطالب هى ستتجاوز محنة الانفلونزا –إن وجدت أصلاً- قبل أن نفهم نحن مغزى الأرجوزة.