نشرة “الإنسان والتطور”
11-12-2010
السنة الرابعة
العدد: 1198
تعتعة الوفد
مفاجأة الانتخابات! ومأزق الديمقراطية (من الخيال السياسى!)
مقدمة:
كتبت هذا المقال (الذى لم ينشر) قبل إعلان النتائج النهائية بثلاثة أيام.
وقد طلبت منى الصديقة والزميلة د. ماجدة صالح أن أنشر المقال المحجوب هنا اليوم، هذا علما بأن رئيس تحريرالوفد قد اتصل بى وأخطرنى بعدم حجب المقال، وأن الأصل لم يصل أصلا للصحيفة، وطلب منى أن أعيد إرساله لكننى اضطررت لكتابة مقدمة لتتناسب الأحداث.
وفيما يلى المقال الأصلى للموقع كما هو:
اكتشفت أن النور الذى أضاء الحجرة فجأة يأتى من التليفزيون وليس من “الأباجورة” المجاورة، فانتبهت نصف نصف، وإذا بالمذيع يذيع النشرة الجوية، ودرجات الحرارة المتوقعة خلال اليومين التاليين ثم إذا به يذيع درجات أخرى تبينت بصعوبة أنها النتائج النهائية لانتخابات مجلس الشعب، ولم أعرف إن كانت هى النتائج المتوقعة مثل درجات الحرارة أم أنها النتائج الحقيقية بعد أن قدموا الأيام كما يقدمون الساعة لتوفير الطاقة.
حاولت أن أطفئ الشاشة بالريموت فأبت ووصلنى صوت المذيع وهو يعلو تدريجيا بإصرار قائلا بصوت لا يخلو من شماته وإن حاول أن يخفيها:
أعلنت اللجنة العليا للانتخابات النتائج النهائية لانتخابات مجلس الشعب التى جرت مؤخرا فى جمهورية مصر العربية والتى جاءت مفاجأة بكل المقاييس وكانت على الوجه التالى:
– الوطنى : 152 مقعداً
– الوفد : 101 مقعداً
– التجمع : 68 مقعداً
– الناصرى : 54 مقعداً
– الغد : 11 مقعداً
– نهضة مصر : ثلاثة مقاعد
– الأمة : مقعد واحد
– المستقلون والمحظورة (وأحزاب أخرى) : 118 مقعداً
ثم أضاف المذيع أن الحزب الوطنى الديمقراطى قد استغرب جدا جدا، وأن أمريكا فرحت جدا جدا جدا، لكنها كتمت فرحتها، فلم يصرح أى مسئول أمريكى محترم بأى تصريح يدل على أنها نجحت فى مهمتها، ربما خوفا من الحسد، أو من الفوضى الخلاقة.
وقد أرسل رؤساء جامعة الدول العربية (وليس رؤساء الدول العربية) يهنئون بعضهم بعضا على انتصار الديمقراطية فى الشقيقة الكبرى، وطمأنوا بعضهم البعض أن هذا الانتصار لا يخيف أحدا، وأنه لا يعنى أى احتمال لانتشارها فى ربوع البلاد العربية، لأنه مادامت الشقيقة الكبرى تتمتع بكل هذه الديمقراطية، فإن هذا يكفى لإقناع الدول الكبرى المصابة بوسواس نشر الديمقراطية بالعافية، أننا “إذا أردناها فعلناها” ومادامت كل الشقيقات يتمنين لمصر الأخت الكبرى دوام الديمقراطية بالتوفيق بإذن الله فقد تحقق المراد بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن أعضاء جامعة الدول العربية، فكم طالب الناس بالتغيير، التغيير، وها هو قد آن أوان التغيير!! (تصفيق).
لكن لكى يتحقق التغيير لابد أن تكون هناك وزارة، ولكى تكون هناك وزارة لابد أن يكون هناك وزراء لتشكيلها، فكيف يتم ذلك بهذه التركيبة التى لم نعتدها، وبرغم حكايات “المواطنة” و”قبول الآخر”، و”السماح من أهل السماح”، لم يتم القبول بين أى آخر، وآخر، فتعذر تأليف الوزارة بأى ائتلاف توفيقى أو حتى تلفيقى، وكاد عائد هذه المعجزة التى حققتها الديمقراطية على أرض واقع مصر بعد طول انتظار أن يضيع هباء، لكن المذيع أكد أن المعلقين الأجانب مازالوا يدهشون أشد الدهشة وأبلغها لكنهم فى النهاية اعترفوا أن “مصر هى مصر” أولا وأخيراً.
سرح فكرى بعيدا عن “مصر النهاردة” إلى “مصر بكره”، أقصد بعيدا عن التليفزيون إلى انشغالاتى، فوجدتنى مهموما أفكر فى الإسهام فى حل هذا المأزق، لعلنى أكفر عن عدم إدلائى بصوتى، خطر ببالى خاطر شبه علمى، قررت أن أعرضه على رئيس المجلس إن كان سوف يكون له رئيس، وهو أن يطرح على جميع السادة النواب نوعا من الأسئلة ذات الإجابات المتعددة، التى يمكن من خلال نتائجها أن نصل إلى نسبة من التجانس بين عدد منهم، تسمح بتشكيل وزارة تستطيع أن تقوم بتغيير حقيقى ينتظره الناس جميعا، وهى المكافأة الحقيقية عن تكبدوه من مشقة المشاركة فى الانتخابات لتتحقق هذه النتيجة المدهشة.
وفيما يلى بعض تلك الأسئلة التى خطرت لى على سبيل المثال لا الحصر.
السؤال الأول:
- كم عدد المصريين حتى سن العشرين الذين حصلوا على الشهادة الإعدادية وهم يفكون الخط بالكاد؟
1) 10% أو أقل
2) 30%
3) 50%
4) 60%
5) 80% فأكثر
السؤال الثانى:
- إذا كانت إجابتك على السؤال الأول 50% فأكثر فكيف نرتفع بهذا العدد؟
1) بتقليل عدد الفصول.
2) بتقليل عدد تلاميذ كل فصل.
3) بزيادة مرتبات المدرسين.
4) بإغلاق المدارس وإعطاء “بدل نقدى” لكل أسرة وهم وشطارتهم.
5) الاكتفاء بتعليم القراءة بطريقة “برايل”.
السؤال الثالث:
- ما هى أولويات المناطق الأحق بتوزيع نصيبنا من مياه النيل بعد أن نحصل على ما يكفينا بمشيئة الله، وبعد استعادة الثقة بالجيران الطيبين؟
أ ) سيناء
ب) توشكى
جـ) الساحل الشمالى
د) حدائق القرى السياحية والمنتجعات المغلقة
هـ) الصحراء الغربية
السؤال الرابع
- ما هى أولويات البحث العلمى الأوْلى بالرعاية والانفاق فى مصر ؟
أ ) أبحاث توفير الطاقة.
ب) أبحاث تطوير مدى الصواريخ العابرة لمعاهدة السلام .
جـ) أبحاث تفجير الطاقات الإبداعية فى المراهقين والشباب.
د) أبحاث تحليه مياه البحر الأبيض.
هـ) أبحاث تحليه مياه البحر الأحمر.
السؤال الخامس:
- ما الذى يمنع الغش فى امتحان الشهادات الإعدادية، فى الصعيد خاصة؟
أ ) تثقيف الشباب دينيا حتى يذكّروا أهلهم أن الغش حرام.
ب) منع المدرسين الذين يعطون الدروس الخصوصية من المراقبة فى لجان الامتحان.
جـ) منع المصورين الصحفيين من تصوير دموع البنات والأمهات أثناء امتحانات الثانوية العامة.
د) وضع كاميرات مراقبة تصور محتوى “البرشام” الذى ينقل منه الطلبة الإجابات.
هـ) الدعاء على من يغش أو يغشش أن “يروح النار”.
السؤال السادس:
- ما هى الطرق الأكثر ملاءمة لتوفيرة مياه الرى للزراعة؟
أ) الرى بالتنقيط.
ب) دعاء الاستسقاء.
ح) الرى بالرش.
د) تقليص الرقعة الزراعية.
هـ) الرى بمياه الصرف.
السؤال السابع:
- كيف نحل مشكلة البناء فى الأرض المخصصة للزراعة؟
أ ) بأن تزيد مساحة زراعة الأرز حتى لا يتمكن المخالف من وضع الأساسات.
ب) أن ننقل كوردون القرى إلى أقرب صحراء.
جـ) أن نلزم أى مبنى يقام بطريقة غير مشروعه أن يزرع صاحبه فوق سطحه نباتات بنفس مساحة الأرض.
د) أن نصعب خطوات الزواج من الأقارب.
هـ) أن نزيد من مصانع الأسرة ذات الدورين والثلاثة.
السؤال الثامن:
- متى يمكن أن نتخلص من الالتزمات السلبية فى معاهدة السلام مع الاحتفاظ بمزاياها؟
أ ) حين نمتلك القنبلة الذرية.
ب) حين نجند النساء.
جـ) حين يحذق 40% من المواطنين حرب الشوارع وحرب العصابات.
د) حين نمحو الأمية.
هـ) حين تموت قصيدة النثر.
ولم أتبين بعد كيفية تصحيح الإجابات، لكن سوف نجد حلاّ ديمقراطيا حتما إن شاء الله.
وبعد
حتى لا يتأخر تشكيل الوزارة، وإلى أن نعرف نموذجا للإجابة وحسابات التباديل والتوافيق، أقترح مرحليا حل هذا البرلمان غير المتجانس، باعتباره ضد روح الدستور الذى ينص أن تكون لأى بلد ذات سيادة دولة تحكمها مهما كان الخلاف، على أن تعاد الانتخابات فى مدة أقصاها شهر وثلاثة عشر يوما (هو هكذا !!!!)
ويشترط فى انتخابات المجلس الجديد أن يلتزم مرشحوا الحزب الوطنى أن يحصلوا على الأغلبية المطلقة بأية طريقة، حتى لا يتكرر مثل هذا الإحراج.
وفجأة: انتبهت أن الإرسال كان قد انتهى وانطفأ التليفزيون،
فسكتت أفكارى وأنا أردد:
لعله خيرا.
…….
برجاء متابعتنا غداً لتعرف حجم الواقع البعثى مقارنة بهذا الخيال السياسى، وأنا راضِ بحكمك.