الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تعتعة الوفد ماذا حدث للمصريين؟ كله إلا تداول السلطة!!!

تعتعة الوفد ماذا حدث للمصريين؟ كله إلا تداول السلطة!!!

نشرة “الإنسان والتطور”

18-10-2009

السنة الثالثة

العدد: 779

       تعتعة الوفد

ماذا حدث للمصريين؟ كله إلا تداول السلطة!!!

فى نفس اليوم الذى نشر لى مقال الأسبوع الماضى بعنوان “ماذا يحدث للمصريين” (الأربعاء 7 الجارى) عقد قسم الطب النفسى جامعة الأزهر برئاسة الإبن الفاضل الأستاذ الدكتور محمود حمودة المؤتمر السنوى للقسم، وبعد احتفالية الوفاء بتكريم رموز رواد الطب النفسى فى مصر، عقدت ندوة بعنوان: “ماذا حدث للمصريين”، وقدم ْ رئيس المؤتمر صاحب الفضل بحثا أظهر كما من سلبيات ما حدث بشكل واضح، كما كانت أغلب كلمات المتحدثين تكرر نفس النغمة التى سادت مؤخرا لشجب ما آلت إليه حال المصريين من تدهور فى الأخلاق، وتراجع فى القيم، وقد حذرتُ فى كلمتى من التمادى فى هذا الاتجاه سواء فى البحث العلمى، أو فى كتابة الرأى فى مقالات أو كتب.  

قبل أن أطرح منهجا بديلا يمكن أن يحل محل مجرد الاكتفاء بالاستجابة بـ: “نعم – لا” أو “موافق جدا- “موافق فقط”، إلخ، دعونا نقرأ باحترام شديد مقتطفات من مقال الأستاذ “أسامة أنور عكاشة” الذى ظهر فى الوفد أيضا من أسبوعين فقط فى نفس الموضوع.

  لا أحد يمكن أن يشك فى حب الكاتب الكريم لمصر والمصريين وحرصه على إيقاف ما يجرى بكل الوسائل بدءا بالحفاظ على الحلم، ومع ذلك، ليس هكذا، دعونا نقتطف قوله أن: “…المدقق فى النظر إلى أحوال الأمة المصرية الآن لابد وأن يصاب بذلك الاكتئاب الناجم عن سيطرة الوجوم وعلامات الهم والكدر على وجوه المصريين باختلاف طبقاتهم وفصائلهم وانتماءاتهم الاجتماعية والاقتصادية، وهى حقاً حالة لم يسبق أن مر بها المصريون حتى فى عهود الظلام التى اكتووا بنارها إبان الحقبة المملوكية – العثمانية تلك الحقبة التى امتدت فى عمر مصر لما يقارب الثمانية قرون من بداية حكم المماليك على يدى عزالدين أيبك التركمانى وحتى حكم الأسرة العلوية بولاتها وخديواتها فى القرن التاسع عشر” (انتهى المقتطف الأول)

يمكن أن أتلمس للكاتب العذر فى الجزء الأول من المقتطف، وأحملنا نحن النفسيين مسئولية وصف المصريين هكذا حتى ظهر تعبير غير علمى يتحدث عن ما أسموه تعسفا “الاكتئاب القومى”!! نعم وصل الأمر ببعضنا أن يورد أرقاما تصل إلى أن  20 % من الشعب مصاب بهذا الاكتئاب، عرضا أو مرضا، فتجاوز بذلك تعريف الاكتئاب المرضى، وجعلنا ننسى حفز الحزن وجلاله، كما علمنا صلاح جاهين وهو يقول: الحزن ما بقالهوش جلال يا جدع، الحزن زى البرد زى الصداع!!

أما الجزء الأخير من مقتطف الكاتب، عن المقارنة بالقرون الثمانية، فقد افتقدت ما قال فيما أعلم، ثم إن علاقتى  بالتاريخ حذرة وضعيفة!! فاكتفيت بما وصلنى من رواية فتحى امبابى “نهر السماء” كمثال، لعل سيادة الكاتب قرأها.

أنا أدعو باستمرار أن نستلهم التاريخ الأهم من إبداع المبدعين أكثر من علماء التاريخ، الواقع الإبداعى عندى أهم من الواقع التاريخى، ولعل “ليالى الحلمية” خير دليل على ذلك، ربما لهذا زاد عجبى حين تحفظ الأستاذ أسامة بهجوم استباقى على ناقديه وهو يحذرهم ألا يتهموه بـ: “… اتهامات مثل النظرة التشاؤمية والإغراق فى الاستسلام لمشاعر اليأس ….. وأن هناك إيجابيات كثيرة يجب أن نسلط عليها الأضواء ….إلخ” ثم أضاف سيادته رفضه أن يكون مثل ناقديه واصفا إياهم هكذا: “… أرفض أن أرقص على حبال الوهم وأن أنافق مشاعر ملفقة …..”

بصراحة أنا لا أوافقه، مع احترامى لمشاعره وحرصه على ناسه، وفى نفس الوقت أعتقد أننى لا أرقص على حبال الوهم ولا أنافق مشاعر ملفقة حين لا أوافقه، فأعلنها  بكل وضوح أن المسألة ليست أن نرى نصف الكوب الملىء دون الفارغ، ولكن المسألة أن نتعلم كيف يكون على المتفائل أن يتحمل مسئولية تحقيق تفاؤله، وأن نرفض بشكل واضح ما أسميه “رفاهية اليأس”، أما الإحباط فهو خيبة القاعد فى محله يمارس طق الحنك، سواء كان متفائلا نظريا، أو يائسا ساخطا.

إذا كنا نريد أن نضيف وأن نصحح، فعلينا أن نبدأ بما تبقى فينا مما حدث، ومما يحدث، فلا نتوقف عند التبرير والنعابة على ما حدث، وقد خطر أن أطرح أسئلة، وملامح منهج عملى، مما قد يساعد على مثل هذه النقلة إلى تحمل المسئولية فردا فردا، حتى يأذن الله فتكون لنا دولة مسئولة بالسلامة

أما عن الأسئلة المقترحة، فإليك هذين السؤالين:

1) ما هى الأسباب الحالية المسئولة عن استمرار وتفاقم الظاهرة  السلبية الفلانية “هنا والأن”؟  

2) ما هى مسئوليتى شخصيا (صاحب الرأى أو الرؤية أو البحث) فى استمرار هذه الظاهرة السلبية هكذا؟

أما عن ملامح المنهج البسيط الذى أقترحه، فهو أن يمارس صاحب الرأى، أو أى منا، شيئا أشبه “بالميكرو دراما” (نسميه لعبة: فى العلاج الجمعى)، فيذكر الظاهرة السلبية التى يختارها: اختفاء الشهامة مثلا، ثم يقوم باللعب – تمثيلا- هكذا:  

“…الظاهر أنا برضه مسئول عن إن المصريين ما عادشى عندهم شهامة، على كده أنا بقى لازم.. ….” (ثم يكمل أى كلام يؤلفه عفو الخاطر)

وهاكم  لعبة أخرى (لعل الاقتراح يتضح) يقول وهو يمثل ما يقول:

 “…إذا كانت قلة الشهامة  وصلت لحد كده، ولو حتى ما حدش غيرى عمل حاجة، أنا ممكن (ثم يكمل أى كلام)

وبعــد

أعلم تماما أن الحلول الفردية لا تجدى، وأعلم أن الحال يحتاج إلى ثورة أخلاقية وتربوية شاملة كاملة، ولكن دعونا نبدأ الآن فردا فردا، كتبة وقراء، حتى نعرف سبيلا نفرض من خلاله على المسئولين أن يقوموا معنا- لا عنا- بما ينبغى،

 فإن لم يفعوا فلنتسبدل بهم قوما يفعلون..                

(تعنى تداول السلطة!؟ يعنى ماذا؟

هذا هو الكلام العيب نفسه، وهذا بعض ما حدث للمصريين)

فكيف نغيره حتى لا يكون عيبا لو سمحتم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *