نشرة “الإنسان والتطور”
2012-4-29
السنة الخامسة
العدد: 1703
تعتعة الوفد
أيهما أولى بالاستبعاد: الجنسية الأمريكية أم التبعية الأمريكية
ماذا كان يمكن أن تؤثر به المرحومة السيدة الفاضلة نوال نور والدة المرشح المشتاق المتحمس الشيخ السياسى المحامى حازم صلاح أبو اسماعيل؟ لم أكن ضده جدا، ولم أكن معه أبدا، أنا اريد الخير لمصر، ولكل الناس عبر العالم، يقوم به من يتصدى لحمل الأمانة، مواطنا عاديا مثلى أم رئيس جمهورية محتمل مثله، كلنا آتيه يوم القيامة فردا، كل واحد مسئول أمام رب العالمين وناسه عن كل الناس حالة كونه يحمل هم نوعه، تماما كما يحمل كل طائر نورس أو ضفدع أمانة بقاء نوعه، لكن الله أكرم البشر وامتحنهم بوعى وعقول، فتصدوا لتخطيط أمانة البقاء أحياء وأن يحافظوا على البشرية مكرمة بالعدل والإبداع، ليكن الإسلام هو الحل للمسلمين وغير المسلميين. تسلم المسلم إسلامه بفضل الله عبر والديه، فعليه أن يحمد ربه على هذه النعمة بأن يحسن حمل هذه الأمانة لأصحابها: كل الناس. المسلم مسئول عن غير المسلم أمام رب العالمين، ليس مسئولا عنه أن يمسلمه، أو أن يتفضل عليه بمعاملة المثل، ولكنه مسئول عنه لكونه بشرا مكرما من أى دين وملّة، تحتد هذه المسئولية وتشتد خاصة بعد هجمة الشياطين الماليين (المفترسين) الجدد عبر العالم على كل الناس، وليس فقط على المسلمين، من هذا المنطلق كنت أسمح لنفسى أن أقبل كل من تقدم ببرنامج، أو تفضل بتضحية التصدى للقيادة وهو يؤكد مسئوليته تحت شعار منظومته، وأقول دعنا نرى أداءه إن أتيحت له الفرصة.
حين عدت أنظر فى حالة المواطن المسلم حازم صلاح، وما أثير حول جنسية المرحومة والدته، جاءنى هذا السؤال الذى بدأت به المقال وهو: كيف يمكن أن تؤثر هذه السيدة الفاضلة، حتى بعد رحيلها، على أداء ابنها المواطن المصرى المسلم: المتحمس لتسخير دينه لقيادة بلده معتقدا أنه المنقذ الأفضل لها مما آلت إليه؟
فى محاولة استيفاء معلومات أكثر وأوثق دخلت إلى صحن مولانا “جوجل” أتزود من عنده بما تيسر، فإذا بى أمام ثروة من المعلومات ، اخترت من بينها حديثا مصورا مع الأستاذ حازم صلاح مع والدته المرحومة السيدة نوال نور فى قناة إقرأ سنة 2004 ، حوالى خمس دقائق لا أكثر، كانت كافية، فرحت بهذه الدقائق فرحا شديدا لأنها كانت بالنسبة لى أبلغ من عشرة تصريحات، وعشرين توك شو، ومائة مستند، هذه السيدة الفاضلة المثقفة، لعلها انتهزت فرصة زياراتها المتكررة لابنتها للحصول على جنسية زيادة، ربما لتسهيل إجراءات السفر، أو للاحتماء بقوانين بلد متحضر، ولو من الظاهر، ضد ظلم كاسح محتمل من أهل الباطن والظاهر فى بلدها الأصلى، بالله عليكم، كيف يمكن أن تؤثرهذه السيدة الكريمة على ابنها بعد أن يتولى منصب رئيس الجمهورية وقد رحلت منذ بضع سنوات؟ وحتى لو لم تكن قد رحلت، فكيف كان يمكن أن تؤثر عليه مقارنة بتأثير سيدة مصر الأولى السابقة، وهى مصرية بالرقم القومى وجواز السفر معا، وقد أورثت ولديها جنسيتهما المصرية جدا، قبل أن تلوح لها فرصة توريث أحدهما مصر كلها بالمرّة ؟!
رحت أتابع الوجه السمح للسيدة الأم – رحمها الله– وهو تجيب المذيع إجابات سليمة صريحة قوية مختصرة، تجيبه عن سؤاله عن صورة الإسلام والمسلمين بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر، وهل تم تشويه صورة المسلمين؟ فتجيبه (دون نقل حرفى، للإيجاز): “أنْ، أبدا إطلاقا، ..سبحان الله، …….بل زاد معرفة الناس بالإسلام الصحيح، وزادت الثقافة الإسلامية ..وضوحا للمسلمين، وغير المسلمين”، فيسأل المذيع: يعنى هذا الحادث: ألم يغير من صورة الإسلام فى أمريكا، فتجيب الفاضلة : ” لا إطلاقا، لأنه حتى أصلا ما ثبتشى إن المسلمين هما اللى عملوها، وما فيش تحقيق حتى، فهما كانوا مستغربين إيه اللى حصل، فابتدوا يتعلموا هو الإسلام إيه، وهل هو ممكن يعمل حاجة زى كده، فلقوا ما فيش حاجة…..،
وهكذا تتفق هذه السيدة مع عشرات الكتب التى كتبت لتثبت حقيقة تلك المؤامرة المدبرة لتشويه صورة الإسلام والمسلمين، ثم لتبرير الهجمة التتارية على بلادهم، وموادهم الخام، واقتصادهم، تحت زعم محاربة الإرهاب بالحروب الاستباقية وقتل الأبرياء …..إلخ.
يلتفت المذيع بعد ذلك إلى ابن السيدة الفاضلة الأستاذ حازم سائلا: سيدى، هل توافق على هذه الصورة التى تقول بها السيدة الوالدة؟ فيجيب الإبن الطفل السمين فورا، مثل أى إبن جميل يعاكس أمه أن “لا …” ويضحك الثلاثة ، وحين يستطرد الإبن نجد أن كلامه يكاد يكون مطابقا لكلام أمه الطيبة الذكية فأين الاعتراض؟ فهو يقول “….هو شوف حضرتك، هو فيه فارق بين أن تطرح القضية الحقيقية وأن تطرح القضية المصنوعة إعلاميا ، ..وأنا واحد من الناس أتصور أن هذه الأحداث صنعت أصلا كجزء من خطة متفبركة أن تعالوا نعرض لكم كيف أن الإسلام هو كذا وكذا”، .. ثم أكمل الإبن وجهة نظر لا تختلف كثيرا عما قالته أمه الفاضلة، بعد أن أشار إلى أن ضحايا فريق الاتهام الأمريكى من أبرياء المسلمين وغير المسلمين عبر العالم هم أكثر بكثير من ضحايا البرجين ، وأن السلطات فى أمريكا ما زالت مصممة على عدم إجراء تحقيق ..إلخ.
راح خيالى بعد ذلك يمارس هوايته وهو يصور لى أنه لو كانت هذه السيدة الفاضلة تعيش حتى الآن، وتولى ابنها رئاسة مصر، إذن لكانت عونا له فى إدارتها، ليس بمعنى أنها كانت سوف تتدخل فى قراراته، ولكن ما وصلنى هو أنها كانت سوف تحبه بهذا الوجه الجميل الصبوح، والقلب المصرى الطيب الذى رأيته فى الفيديو، وأظن أن حبا من مثل هذه الأم المصرية المسلمة الحنون، هو جدير أن يدفعه أن يهتم بكل الناس، كما أمره رب الناس ملك الناس إله الناس، ومن ضمن ذلك كان سيهتم بالأمريكيين أنفسهم كما يهتم بالأفغان، هذا بعد أن ينجح فى الاهتمام بمصر، بما تستحق، وبما أنها هى التى سمحت له بولايتها.
أفقت من خيالى وعدت إلى قرار لجنة انتخابات الرئاسة: باستبعاده مع آخرين، وقبلت القرار احتراما للقانون وتصورت أن هذه الهيئة الموقرة ربما أوصت، أو سوف توصى، فى حيثيات هذا الحكم بالعمل على تعديل هذا القانون أو تغييره، أو وضع استثناء هنا أو هناك، ولكن هذه الإضافة أو ذلك الاستثناء يحتاج إلى نص جديد وتشريع جديد أى قانون جديد، التزاما مرة أخرى بمبدأ الشرعية أنه “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص” (وأضيف ولا استثناء أيضا إلا بنص).
نرجع مرجوعنا لبقية العنوان وبقية السؤال عن ضرورة البحث عن التبعية الأمريكية، لكل المرشحين وغير المرشحين، ونكتفى بالتساؤل :
- كم من المرشحين الباقين، والمستبعدين، هو تابع لتوجيهات، وتصريحات، ثم إيحاءات، أمريكا العظمى؟شعوريا ولا شعوريا؟ وجميعهم يحملون الجنسية المصرية الخالصة؟
- وكم من الكتاب والمعلقين والساسة والأحرار يقوم بفحص هذه الديمقراطية الأمريكية المستوردة والمدعومة ليتبين إن كانت هى الديمقراطية الأصلية، أم أنها ديمقراطية “مضروبة” ؟
- وكم من الرؤساء الذين يجهزون أنفسهم لحكمنا يتابعون الصراع القائم الآن بين الرأسمالية الوطنيةوبين المالية العولمية المفترسة بلا وطن وبلا ضمير، وهى التى تسيرها الإمبراطورية الأمريكية الحقيقية أساسا وليس الحكومة الأمريكية فقط؟
- وكم من هؤلاء الرؤساء صرح بحذر شديد وتعهد بأيمان مغلظة أنه حافظ للعهد بالإبقاء ليس فقط على معاهدة السلام ، وإنما أيضا على تنمية وترويج ثقافة السلام، التى سمحت لمفتى الديار المصرية أن يزور القدس لأسباب شخصية وصلتنى من تصريحاته من بينها حرصه على أن تحسب له الركعة بخمسمائة ركعة، فلم يقصر الصلاة للسفر، مع أن الله سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه؟
- وكم من كل هؤلاء قرأ الخطط المرسومة منذ سنوات لتفكيك الشرق الأوسط لحساب هذه المالية العولمية المفترسة، قرأها واستطاع أن يبقى ممتنا شاكرا للشباب ، لكن الاعتراف بالفضل لم يمنعه أن يبحث عن الأيدى الخفية وراء ما كان، ليحسن حسبة أموره وأمورنا فيحوّل دفة الجارى إلى وجهته الصحيحة لبناء اقتصاد أقوى، واستقلال حقيقى، ومياه رى وشرب كافيتين، وليحافظ على ثرواتنا تحت الأرض وفوق الأرض، وعلى عقول علمائنا ومبدعينا الأفذاذ داخل مصر وخارج مصر لصالح الناس، ناسنا أولا، ثم كل الناس ابتغاء مرضاة رب الناس، ملك الناس إله الناس؟
التبعية، لأمريكا الرسمية، التى هى بدورها تابعة للعولمية الأمريكية المالية العالمية المفترسة تجرى عندنا على قدم وساق فى كل مجال: فى اللغة، والعادات، ونظم الانتخاب والاقتصاد، ومناهج البحث العلمى، وسياسة التداوى، وإشعال الحروب الاستباقية وغير الاستباقية، وأظن أن كل ذلك ليس له علاقة بجنسية أم المرشح، وإنما بتبعية المرشح ظاهرا وباطنا، أعمى أو بصيرا لأمنا الغولة أمريكا المالية الانقراضية، وليس للفاضلة الأم نوال نور، رحمها الله.