الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تعتعة الوفد : أحلام الشباب وكوابيس الواقع

تعتعة الوفد : أحلام الشباب وكوابيس الواقع

نشرة “الإنسان والتطور”

16-10-2011

السنة الخامسة

العدد: 1507

 

تعتعة الوفد

أحلام الشباب وكوابيس الواقع

هذا المقال هو تحديث وإكمال لبعض ما نشر منه فى ما سمّى هنا بالجزء الأول ثم حُجِب الجزء الثانى (!!)، فانقطعت الرسالة، فقمت بتحديث ما نشر، وإكماله بالجزء الثانى بعد التعديل بما جعله مقالا واحدا متكاملا جديدا.

قالت البنت لأخيها: هل سيحاسبنا الله سبحانه وتعالى على أحلامنا

قال: طبعا ، الله سيحاسبنا على كل شىء، وما تخفى الصدور؟

قالت: وهل الأحلام هى مما تخفى الصدور؟

قال: طبعا، وإلا فمن أين تجىء لنا؟

قالت: رجحت أن الفلول هم الذين حشروا هذا الحلم فى نومى حشرا

قال: فلول ماذا ؟ وحشروا كيف؟ إحكى يا شيخة إحكى خلنا “نتسلى”

قالت: نتسلى؟ أنت أيضا ؟ حاسب، فهذه الكلمة خلعت رئيسا ظل كابسا على أنفاسنا ثلاثين عاما، أنا خائفة

قال: طول عمرك جبانة ، ما هذا؟

قالت: الله أرحم منهم مليون مرة، وأعدل، وهو يعرف أن هذا الحلم هو من وسوسة الفلول

قال: زدِْتنى فضولا، إحكى يا شيخة إحكى

قالت: ولكن قل لى أولا: هل المجلس العسكرى سوف يحاسبنا على الأحلام

قال: ألم يبلغك أنهم ألغوا المحاكمات العسكرية للمدنيين

قالت: لا يا عم !! الاحتياط واجب

قال: والله العظيم يخيل إلى أنك تؤلفين، ولا هو حلم ولا يحزنون

قالت: رأيتَ كيف!! أنت تتهمنى حتى قبل أن أحكيه، بل ربما تبلغ عنى السلطات

قال: سلطات ماذا ؟ الله يسامحك، أنت تعرفين أننى أكتم أسرارك حتى عن والدينا

قالت: تحلف لى أولا أنك لن تحكيه لأحد

قال: والله العظيم ثلاثا لن أحكيه لمخلوق

قالت: حلمت يا سيدى أن المجلس العسكرى قدم استقالته للدكتور عصام شرف، فلم يقبلها واشترط موافقة المجلس العسكرى نفسه، وأن هذا كان بناء عن استشارة الدكتور يحيى الجمل، فعاد المجلس ورفض استقالة نفسه، لكنه لم يسحبها بناء عن تعليمات أعلى، وأحالها إلى مجلس الأمن الذى قبل الاستقالة بالأغلبية، وامتنعت إسرائيل عن التصويت، فاستعملت أمريكا الفيتو، وأجلت قبول الاستقالة حتى تتأكد من ولاء المجلس المجهول، وأن مبارك قد تاب وأناب عن محاولات الاستقلال عن أمريكا، أو “الفلفصة” من العولمة

قال: يا خبر مهبب أرجوك لا تكملى

قالت: لا، المسألة ليست على كيفك، سوف أكمل غصبا عنك، وسوف تستمع لى، أنا أكاد أجن

قال: أمرى إلى الله، ثم ماذا؟

قالت: انتقل المنظر إلى المحكمة، وقام مبارك فجأة من على السرير وكأنه لم يستلق عليه أبدا، وإذا به كان يرتدى الزى العسكرى تحت “البيجامة” المخططة، واتجه بسرعة ونشاط وهو يشوح بيديه كما اعتدنا على حركته، وإذا بباب القفص ينفتح كأنه قال له كلمة السر، ثم فجأة عاد على أدراجه أكثر نشاطا، واتجه إلى جمال ابنه غاضبا وقال له بصوت واضح: “كنت آحسبك أذكى من ذلك” ، ثم أشار إلى علاء وقال له: “أما أنت فسوف أؤجل حسابك الآن إكراما للمرحوم، لكن بلغ أمك أنه “كفاية”، ثم رجع إلى الباب المفتوح، واتجه إلى منصة القضاء مباشرة دون أن يمنعه الحرس، ثم صافح القاضى أحمد رفعت وشكره، و…

قال أخوها: كفى كفى! كفى تأليفا..

قالت: والله العظيم هذا حصل، والباقى ألعن، وهو ما أفزعنى وأيقظنى مرعوبة

قال: لا أريد أن أسمع الباقى، أشم رائحة دماء كثيرة

قالت: صحيح، إيش عرفك؟ فقد غمرت دماء فيضانية مليونية كأنها الطوفان، غمرت الشوارع والميادين، وبالذات ميدان التحرير، فرحت أعدو خوفا، وموجات الدماء تلاحقنى وتلطخنى من كل جانب

قال: كفى كفى

قالت: كفى ماذا!! أخذت أعدوا أعدوا، أعدوا وأنكفئ وأقوم، حتى وجدت مبنى مكتوب عليه وزارة الإعلام العولمى التآمرى الحديث، فدخلته مستغيثة، فهل تعرف ماذا وجدت؟

قال: ماذا؟

قالت: وجدت حفلا به أغلب المحررين، وأشهر ضيوف التوك شو، ومعظم الكتاب أمثالك، يتسلمون “جوائز العودة المباركية” لأنهم صبروا حتى نجحوا فى المناورة على الثوار، إلى أن عادت الأمور إلى نصابها

قال: الآن تأكدت أنك ألـّفتِ هذا الحلم لتسفيه ما أكتب ففبركتِ كل هذا التخريف الذى لم يكتف بأن يعود مبارك، بل صبغ سلطانه بدموية لم نعرفها فى واقع حكمه كما ظهرت فى حلمك

قالت: أحيانا تكون الدموية أكثر رحمة من التهميش والتحقير والاستهانة فهى برغم ضحاياها، ربما تكون أقصر عمرا، إذ قد تثير ضدها ما يوقفها مبكرا، أما النزيف الداخلى فهو يـُـفرغنا من طاقتنا الاستقلالية والإبداعية فينهكنا طول الوقت حتى نهلك، أو نظل نؤجل ونحن نحلم.

……….

قال أخوها: وهل نحن نفعل شيئا الآن غير ذلك: نؤجل ونحلم!

قالت: أرجوك لا تخلط الحلم بالعلم، إن استطعت أن تحلم مثلى، خذ راحتك، وسوف أكون بدورى سترا وغطاء عليك.

قال: أنا فعلا حلمت أمس حلما أخشى أن أحكيه لأحد

قالت: ألم أقل لك أننى ستر وغطاء

قال: حلمت أن المشير طنطاوى رشح نفسه ونجح رئيسا للجمهورية، فعيننى المرافق الصحفى لرحلاته الخارجية، وقد بدأها فور توليه لإنقاذ الاقتصاد، فشددنا الرحال متجهين إلى الصين أولا، وقد خاف الناس لأنه اصطحب وزير الداخلية وليس وزير الاقتصاد

قالت أخته: عند الناس حق، ثم ماذا؟

قال: لكن الطائرة بدل أن تنزل فى بكين نزلت فى أنقرة

قالت: هكذا يكون الحلم، وإلا فلا! وتتهمنى أنا بالفبركة؟!!؟

قال: والله العظيم هذا حصل، والغريب أن التى كانت فى استقبالنا فى المطار كانت كونداليزا رايس وليست مسز كلينتون، وقال لنا مندوب أردوغان أنه يعتذر لوعكة صحية، وأن الست كوندى تعرف كل شىء، وستتصرّف، مع أنها آخذة على خاطرها من فايزة أبو النجا لأنها لا تسمع الكلام،

قالت: هذه فعلا قلة ذوق تخالف الأعراف الدبلوماسية

قال أخوها: ألم يبلغك أن هذه الاعراف، قد غيرها مجلس الأمن بعد حرب العراق الثانية التى كملت بالغطاء الجوى لحلف الناتو على ليبيا.

قالت أخته: كفى كفى، أستطيع أن أستنتج الباقى

قال أخوها: كيف؟ هل كنتِ معى فى الحلم؟

قالت: أنا حلمى كان سيناريو وإخراج الفلول، أما حلمك فهو نسخة ماسخة معكوسة من التفكير التآمرى، هل لحلمك بقية أم أقول لك تفسيره؟

قال: لا، له بقية وبقية، لقد انتبه الطيار لقلة ذوق أردوغان، وبمجرد أن تزود بالوقود أقلع متجها إلى واشطنون ليقدم احتجاجا لمؤسسة الطيران الشراعى

قالت: الطيران ماذا؟!!

قال: الشراعى، المفاجأة ليست فى ذلك، المفاجأة كانت فى أنى وجدت الآنسة كوندى داخل الطائرة، ولم أجد سيادة المشير ولا وزير الداخلية، فعلمت فى الحلم أننى فى حلم، فلا تقول لى مرة ثانية أننى أفبركه، ثم أخذت السيدة كوندى تتصرف على غير عادتها كسيدة، فشجعتنى أن أسألها عن لماذا صدرت لنا “الفوضى” دون أختها “الخلاّقة” مع أن الصفقة كانت تشترط تصدير الأختين معا، فابتسمت ابتسامة أنثوية غريبة عليها، وقالت ولماذا صدقتمونا ولم تفحصوا الصفقة قبل استلامها.

قالت أخته: إعمل معروفا، كفى تأليفا ومسخرة

قال: كفى كيف؟ سأفعل مثلما فعلت أنت وأكمل غصبا عنك، أنا ما صدقت أن وجدت من يسمعنى!!

قالت: أمرى لله

قال: أعلن الطيار أنه بعد واشنطون سوف يعود فورا إلى طهران، وحين نبهته أن السيد المشير غير موجود بالطائرة، اتهمنى بالعمَى، وزعم أننى أنكرت وجوده كما أجحد فضل وقوفه مع الثورة.

قالت: هذا طيار وطنى يفيقك من غبائك

قال: دعينى أكمل: حين اقتربنا من الشاطئ الشرقى للولايات المتحدة ، أنزل الطيار فوق نيويورك بالضبط مساعده بالباراشوت ليسلم رسالة سرية إلى بان كى مون من طرف محمود عباس، واستمرت الطائرة حتى هبطنا بأمان فى مطار موسكو

قالت أخته: مطار ماذا؟

قال: مطار موسكو

قالت: هكذا كملت، ثم ماذا؟

قال: ثم صحوت على طرق الباب، وإذا بفرقة تستدعينى للمثول أمام الأمن القومى المركزى لشؤون الطوارئ المُعوْلمة، فعرفت أن الطيار قد سرّب أجهزة التصنت إلى لا شعورى دون أن أدرى

قالت: يا خبر اسود، وهل قبضوا عليك؟

قال: لقد بادرت فصفقت الباب فى وجوههم، ثم دخلت إلى سريرى بسرعة، وغطيت رأسى لعلى أدخل إلى الحلم من جديد، لكن كان كل شىء قد اختفى ولم يبق إلا ظلام مطبق

قالت: حلمك الملىء بالظلام أرعب من حلمى الملىء بالدم

قال: يبدو ذلك

قالت: لكننا قدْرها ونصف

قال: يبدو ذلك

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *