نشرة “الإنسان والتطور”
7-8-2010
السنة الثالثة
العدد: 1072
تعتعة الدستور
وصيـة!!
حضر إلىّ وهو فى كامل قواه العقلية، يسألنى: هل أنا مريض يستحق الحجر عليه؟
قلت له: هل تشكو من شىء؟
قال: لا، ولكننى صاحب مؤسسة ناجحة كتبت وصية لأولادى وبناتى، وأنا أقترب من الثمانيين، وهم أولاد وبنات طيبون، يمارسون حياتهم بحماس وإيجابية، ونجاح، أهديتهم وأنا حى بعضا مما أفاءه الله على، وفى رأيى أن كلا منهم يريد أن يكون مواطنا صالحا منتجا عارفا ربه كما ربيته ووجهته.
قلت له: وماذا فى هذا كله، هل اعترضوا على الوصية مثلا؟
قال: أبدا، لم يعترض أحد منهم، لكننى شخصيا حين أعدت قراءة الوصية فزعت، وحضرت إليك اسألك السؤال الذى بدأنا به اللقاء،
قلت له: هل معك الوصية،
فناولنى إياها وهذا نصها:
***
تمهيد:
برجاء محاولة الإجابة، مع تجنب الإجابات التقريبية (مش عارف قوى)، والتأجيلية (أما نشوف، كله على الله، إنشاء الله سلبا)، والتبريرية، والهروبية – (اللاشعورية = أبى قد جـُن والذى كان قد كان….!!)، والإحالية: إلى رأى من خارجك، (فتوى رسمية مثلا) تبرر بها ما تنوى
أولا: الهدف
ما هو هدفك من الحرص على تولى أمر هذه المؤسسة، أو امتلاك هذا المشروع، أو حيازة هذه الأملاك، أو ولاية هذا المنصب؟ أو شغل هذا المقعد؟
o أن تحصل على أموال أكثر؟
o أن تساهم فى جعل الحياة فى المؤسسة أو خارجها أحسن؟
o أن تشارك فى تدريب الناس فيه حتى يتقنوا عملهم أفضل؟
o أن تفتح بيوتا تأكل مالا حلالا أكثر؟
o أن تورّث أولادك – بالتالى- ميراثا أضخم؟
o أن تتاح لك فرصة معرفة أكثر؟
o أن تعبد الله من خلالها أفضل؟
o أن تتقن عملك/مهنتك أمام ضميرك وربك أحسن؟
o أن تنافس المشاريع المماثلة وتتفوق عليها جدا؟
o أن تحقق ما تتصور أنه الأصلح عن طريقها لصالح الناس خارجها وفى كل مكان؟
o أن تشعر أن غيرك لم يأخذ حقا أنت أحق به؟
o أن تدفع ما عليك من دين لوالديك بعد أن أسديا إليك ما أوصلك إلى ما أنت فيه؟…الخ.
ثانيا: المراجعة
o كم عمرك الآن من فضلك؟
o كم بقى لك من سنين وأيام (على أطول الفروض)؟
o ماذا سوف تفعل فى هذه السنين حتى تموت (بالسلامة مثلى)؟
o ما هو هدفك النهائى فى هذه الحياة المحدودة الممتدة معا؟
- أن تحصل على مزيد من الراحة واللذة والسياحة والترفيه؟ (وهذا حقك)؟
- أن تترك لأولادك ناتج جهد جدهم ليتمتعوا به بدورهم جدا.
- أن تعمر الأرض، وتنير الوعى، وتضيف الجديد لك وللناس.
o ما هو موقفك مما أعطاك والدك من أموال ومزايا وهو حى (حتى الآن؟)
- أن تحمل أمانة ما وصلك لتوصلها لأصحابها؟
- أن تعين والديك فيما هما فيه فى آخر أيامها؟
o هل ستنفذ وصية والدك (حمل الأمانة ثم تسليمها إلى من هو أحق؟)
- بنصّها وروحها معا (=كما هى، وكما تنبض به)؟
- بعد إعادة تفسيرها بطريقتك الخاصة؟
- من واقع ما سيفتى به شخص لا يعرف أى شىء عن كل ذلك؟
الوصية
أولاً: إن كل ما أعطيتك إياه من حر مالى، سيولة أو مشاريع، هو للناس وأنت أمين عليه، ولست مالكا له، فهو بالرغم من أنه باسمك، فهو كذلك على شرط أن تستعمله لصالح أصحابه (الناس).
ثانياً: حتى ما ستكسبه من عرق جبينك هو أيضا للناس، نفس الأمانة، نفس المسئوليه.
ثالثاً: إذا لم يصلك كل ما سبق بطيبة وقوة، فأرجو ألا تشغل نفسك بى، وأوصيكم بأمكّم خيرا.
رابعاً: وأفوض أمرى إلى الله.
خامساً: والله على ما أقول شهيد.
(انتهت الوصية)
****
قلت له: هل يمكن أن أستعير منك هذه الوصية أعطيها لأولادى وبناتى أنا أيضا
قال: لك ما شئت ولكننى أحذرك مما جئت به إليك، فقد يحجرون عليك.
قلت له: مستحيل أنا أعرف زملائى، أنا مثلك فى كامل قواى العقلية
قال: وأنا أعرفهم أكثر.
قلت له: ما رأيك أن نقترح هذه الوصية على كل من بلغ عمرنا وأكثر، ممن يلى سلطة أو مؤسسة فى أى موقع.
قال: أرجوك يا دكتور أسرع فى استشارة أحد زملائك، يبدو أن حالتك أصعب من حالتى.