نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 24-10-2012
السنة السادسة
العدد: 1881
تعتعة التحرير
فى حب مصر: شطْحٌ ودموعْ
قالت الأم لابنتها: فيكى من يكتم السر، قالت البنت: فى بئر، قالت الأم: لقد قررت أن أحمل، قالت البنت: أمى؟!! ماذا تقولين؟ انت تمزحين!! قالت الأم: إطلاقا، قالت البنت: وهذه هى المصيبة، ما هذا يا أمى؟ قالت الأم: ألم تسمعى؟ قالت البنت: طبعا سمعت وفزعت كما ترين، لا..لا..لا أنت تمزحين والمصحف، قالت الأم: هذا بدل أن تسألينى: لماذا، وكيف؟ قالت البنت: هل أنت بخير يا أمى؟ هل هذا كلام؟ قالت الأم: فما هو الكلام الذى وهل الحمل عيب يا حبيبتى؟ قالت البنت: ألم تسمعى يا أمى عن مخاطر الحمل بعد الأربعين، قالت الأم: لم أجد حلا آخر، لم أجد أملا آخر، قالت البنت: حل ماذا؟ وأمل ماذا؟ فى ماذا؟ قالت الأم: حل ما نحن فيه، قالت البنت: هل أنت تتكلمين جدا يا أمى؟ هل أخذت رأى أبى؟ قالت الأم: وهو ماله؟ قالت البنت: أليس هو والد السعيد القادم؟ قالت الأم: نعم، ولكننى أنا صاحبة القرار، قالت البنت: وأبى؟ قالت الأم: سوف يتفرج، ويقبل بالأمر الواقع مثلما قبل الثورة والثوار، ثم مجلس الشعب والرئيس، قالت البنت: أنا لا أعرف أن أبى قبل كل هؤلاء، هو فقط لم يشأ أن يشغل نفسه بما لا يفهم فيه، قالت الأم: بل قَبِلَ وأقرّ، وضرب تعظيم سلام وانتخب الإخوان، قالت البنت: أبى يا أمى رجل طيب مهموم بتوفير ضرورياتنا، قالت الأم: لهذا لا حاجة بى لرأيه، قالت البنت: وحين يجد أنه أب لطفل جديد وهو فى هذه السن، قالت الأم: غاية ما سيبادر به هو أن يسألنى عن الاسم الذى أختاره له، قالت البنت: وأى اسم ستختارينه قالت: سأسميه “المهدى”، قالت البنت: هكذا إذن!! وهل هذا هو من “ننتظره”، قالت الأم: هأنذا أحمل مسئولية العالم، فلماذا تتعجبين “الحمل هو الحل”. قالت البنت: كفى مزاحا يا أمى، قالت الأم: لقد يئست منك، ومن أخيك، ومن أبيكما، ومن الحكومة، ومن الكلام، ومن البرامج، بل ومن الأحلام ومن الوعود ومن التصريحات ومن … قالت البنت مقاطعة: كفى كفى يا أمى، انت التى علمتينى أن اليأس هو رفاهية الجبان، قالت الأم: ولهذا اتخذت قرارى وحدى وأنا مسئولة عنه، شعرت أن علىّ ولو وحدى إنقاذ مصر وإنقاذ العالم كله، قالت البنت: أكملى يا أمى أكملى، “فى مائة يوم” مثل رئيسنا الدكتور مرسى، ما هذا؟! قالت الأم: بل فى تسعة أشهر، وهنًا على وهْن، إلى نهاية الدنيا!! قالت البنت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، لقد كنتِ قدوتنا يا أمى أنا وأخى طول العمر.
*****
قالت البنت لأبيها: أمى يا أبى!!، قال: مالها يا حبيتى قالت: ألم تقل لك، قال: قالت لى ماذا؟ قالت: ما تنويه، قال: تنوى ماذا؟ قالت: لكنها أوصتنى أن يظل الأمر سرا بينى وبينها، لكننى لم أعد أستطيع أن أتحمل، قال: تتحملين ماذا يا حبيبتى قالت: السر، قال: سر ماذا؟ قالت: أمى قررت أن تنجب من جديد قال: وأنا مالى؟ قالت البنت: ماذا تقول يا أبى؟ أنت مالك!! قال: طبعا أنا مالى هى التى قررت وهى التى ستنجب، قالت: ألست والده يا أبى؟ قال: أنا؟!! والد مَن؟ قالت: يا ذى المصيبة!!! إذن من سيكون والده؟ قال: إسأليها: هى التى قررت وهى حرة، وهذا هو أحد مطالب ثورتكم المجيدة، لقد آن الأوان أن نقسم مهام تحقيق مطالبها، أنا أحقق ثلث مطالب الثورة: علىّ “العيش”، وأمك عليها “الحرية”. وأنت وأخيك عليكما “العدالة الاجتماعية”، قالت: يا أبى إياك أن تسخر من مبادىء ثورتنا ومطالبها، ولا تنس أنك انتخبت الإخوان، أنت تمزح وأنا أتكلم بمنتهى الجدية، قال: وهل هذا مزاح أن أركز فى ثلث المطالب: توفير “العيش” لكم، قالت: لدرجة أن تهمل كل هذا الذى أقوله لك؟ قال: هو إبنها وهى حرّة فيه، قالت: ابنها وحدها وليس ابنك؟ قال: وهل أنا ناقص؟ قالت: أنا أكاد أجن، ما هذا يا أبى؟ طيب لا تنس أنه سيكون فى إطار واجباتك أن توفر لأخى القادم العيش أيضا قال: كله على الله، سوف يحدث كما حدث معكما، وهل أنا لو كنت أعرف أن ما جرى سوف يجرى هكذا كنت أنجبتكما من أصله. قالت: إعمل معروفا يا أبى! ألا ترى أن الأمور الآن أسوأ من أيام ما قررتما أن تنجبانا؟ قال: إرحمينى يا ابنتى أنا لم أعد أميز السئ من الأشد سوءًا قالت: وهل هذا ينسحب على قرار أمى؟ قال: نعم.
*****
قالت البنت لأخيها: هل فاتحتَ أمى؟ قال: طبعا لا، قالت: أنا قلت لك غصبا عنى فما رأيك أنت؟ قال: فى ماذا؟ قالت: فى كل ما يجرى، قال: لايوجد ألعن مما نحن فيه، دعيها فى حالها، ثم لعلها تقتدى بالفلسطينين وهى تتسلح بسلاح “الإنجاب” ضد “العولمة”، قالت: سلاح ماذا؟!! قال: لا عليك، لقد فاض بأمنا، هذا كل ما فى الأمر، قالت: إياك أن تلمّح لأمى بالموافقة إذا سألتك، قال: أنا سوف أوافق على شرط واحد قالت: أى شرط؟ قال: أن يبدأ أخى هذا رحلة الإصلاح بمواجهة الغول المالى الشركاتى الأمريكى، ثم خبثاء الناتو مفترسو الأمم الضعيفة، هذا هو الإرهاب العوْلمى الجديد، قالت: ونحن؟ قال: ساعتها سأطمئن أن حالنا سينصلح بعد أن يستأصل أخى “المهدى” جذور الشر، سوف يكون آخر فصل فى مهمته لصالحنا، قالت: لكني أظن أن أمى لن توافق أن تضعنا فى آخر القائمة، فأنت تعرف كم تحب مصر، وأن ما خرج بها عن توازنها إلا ما آل إليه حالها، قال: أنا أعرفها أكثر، أمى إنسانه واعية تعرف مصدر البلاء، وإلى أى مدى يواصل هذا المصدر العمل على خراب العالم كله، ولهذا جـُنّت قالت: بعيد الشر، ماذا تقول؟، قال: أعرف أنها شطحة جسيمة، أمى سيدة العاقلين، لقد قلتُ ما قلت حتى أسُكتك فقط،
قالت الأخت: أنا عندى حل أسهل. قال: إياك أن تقررى أن تحملى انت الأول؟ قالت: إخرس يا قليل الأدب، قال: فما هو حلك الأسهل: قالت: أن نكف عن حب مصر، ما رأيك…؟
………….
قالت الأخت: (بعد فترة صمت طويلة وهى تقّبل رأس أخيها وتربت على ظهره:)،
جفـّفْ دموعـَك أولا….!
قال أخوها: وأنتِ أيضا.